|
سيادة الرئيس طالباني .. شكرا لك أمير علي الساعدي / السويد 1_10_2005 كغيري من العراقيين الذين كانوا توّاقين الى رؤية عراق حر كريم يسوده العدل والإنصاف كنت فرحا متهللا ومسرورا حينما نتجت الانتخابات عن فوز من كنا نرى فيهم الأمل المنشود , أو لكثير منهم إن استثنينا من اسودت أياديهم بمصافحة قتلة شعبي المقهور .. وتتابع الفرح حينما خرجت علينا حكومة منتخبة بعد عقود من القهر والاستعباد من قبل زمرة حاقدة مجرمة حكمت العراق لأكثر من ثلاث عقود مريرة , فشهدنا تحالفا لشريحتين ظلمتا من قبل الحكام المتعاقبين السابقين , وأعني بهما الشيعة والأكراد .. ومرت الأيام ونحن نلحظ بين الفينة والأخرى بوادر لزعزعة هذا النسيج الجميل وتغيير معالمه وقطع خيوطه المتجانسة , ولكن بفضل حكمة الساسة الذين خبرتهم الدنيا لم تنجح الأيادي الخبيثة بفك ذلك الإرتباط الذي نسجوه بخيوط صبرهم ومعاناتهم وتضحياتهم .. وكنا نشهد كيف ذللوا الصعاب وأزالوا ما يعكر صفو العلاقات بين مكونات الشعب العراقي بجميع أطيافه وأديانه ومكوناته .. فالحكومة شكـّلت على أساس التوافق قدر المستطاع والدستور كتب بمشاركة جميع المكونات وتمت مراعاة خواطر أخوتنا السنة العرب وتم إشراكهم بالعملية الدستورية بعدد لا يمكن أن يحلموا به فيما لو جاءوا عن طريق الإنتخابات , وأما الإئتلاف العراقي الموحد الذي يمثل الثقل الأكبر في المعادلة السياسية والمستمد قوته وتأييده من قبل غالبية الشعب العراقي , فلقد كانت له حصة الأسد في التنازلات لبقية القوائهم والشرائح على الساحة العراقية , وكيف لا ؟ وهو الأخ الأكبر ومن عليه تقع المسؤولية في حفظ هذا البلد العزيز وهذا الوطن المعطاء من أن يتفكك وتحل فيه التنازعات ويفشل المشروع الذي حلم به جميع العراقيين على مدى عقود إن لم نقل قرون عديدة .. ولكن للأسف الشديد لم تقدّر هذه التنازلات من قبل الأغلبية اتجاه أخوتهم من كرد وسنة , بل طالب الكرد بأكثر من حقهم وأخذوا يساومون على مطاليبهم مهدّدين بترك العملية السياسية الإئتلافية والتلويح بمطلب الانفصال عن العراق , وهم يعلمون علم اليقين أن ذلك لن يتأتى لهم أبدا ولن يكون بسبب الوضع الإقليمي الذي يحيط بكيانهم المفترض .. وهم يعلمون جيدا أن شيعة العراق يعلمون تلك الحقيقة ويستطيعون أن يلعبوا على وترها مع دول المنطقة , ولكن طيبة الغالبية وأصالتهم المستمدة من معدنهم الأصيل والنابع من فكر قادتهم وأئمتهم يمنعهم من ذلك , بل يريدون أن يعيشوا تحت خيمة العراق متعايشين متكاتفين متعاضدين مع سائر مكونات الشعب العراقي , على الرغم من أنهم قادرون على إدارة شؤونهم وتسيير أمورهم بمفردهم على أكمل وجه . ولكن أبى أخوة يوسف إلا الغدر والمكر والخديعة وبعث قابيل كي ينفذ من جديد جريمته بحق أخيه هابيل .. فها نحن نشهد هذه الأيام حركات مشبوهة من قبل أشخاص مردوا على النفاق واعتادوا على عملية الغدر وصنع المؤامرات في غرف مظلمة مع أطراف ذي وجوه كالحة , وها نحن نسمع ونقرأ بأن تحالفات جديدة ستنشأ بينهم وبين من كنا نحسبهم أخوة لنا في سالف الأيام , فأدركنا أنهم أخوة لنا كأخوة يوسف حينما تركوه في غيابة الجب .. وأصحابا كالصحبة المشار إليها في القرآن الكريم ( إذ قال لصاحبه وهو يحاوره أكفرت ... الخ ) وكنا نحسبهم سهاما صائبات .. فكانوها , ولكن في فؤادي وفؤاد كل فرد من أفراد أخيار العراق .. وهذا اليوم بالتحديد أسمح لنفسي أن أقول كلمتي بصدق دون خوف أو وجل , بعد أن تناقلت وسائل الإعلام العربية خبرا جعلني أخرج عن صمتي وأمسك قلمي بعد سبات لفترة أراها طويلة لأن الأيام الماضية , أحداثها أسكنت اللوعة والحزن والألم في قلوبنا وأحالت أيامنا مسودّة كالحة وليالينا مرعبة مفزعة نترقب كل لحظة خبرا يفجر الدمع من مآقينا ويسكن اللوعة والحزن في أفئدتنا , ونحن نسمع بفقد أحبتنا وأعزتنا على أيدي قتلة مجرمين سفاحين تربوا على أيدي حاقدين مناصبين العداء لمن تشرفت الأرض كي تكون موطئ أقدامهم المباركة .. اليوم بحق أسمح لنفسي أن أقول ( سيادة الرئيس جلال طالباني .. شكرا لك ) فلقد أبنت هذا اليوم عن معدنك واستطعنا أن ندرك كنه شخصيتك وما تنطوي عليه نفسك .. هذا اليوم اختصرت لنا الزمن سيادة الرئيس , فكلماتك وتصريحاتك النارية في محميتك (السليمانية) ضد الغالبية من الشعب العراقي التي غلفتها بقولك (خلافي مع الجعفري وليس مع الإئتلاف) لن يمر علينا كسابق أقوالك وأفعالك .. بل هذه هي بالفعل كما عبّرت عنها وسائل الإعلام العربية الحاقدة من أنك قد فتحت النار على الجعفري .. وأنت تعلم بأن الجعفري له امتداد متأصل في نفوس العراقيين النجباء في الوسط والجنوب , وأي اعتداء يتعرض له بقول أو تصريح أو فعل هو اعتداء لكافة من يمثلهم .. ولكن قاتل الله السياسة ومن يجعلها سلـّـما لنيل مطالبه الدنيئة كي يصل الى كرسي حكم تركه من كان قبله بخزيه وعاره إذ لم يحسن استخدامه بما يرضي به ربـّـه جلّ وعلا . قد يعترض معترض ويقول , من أن طالباني له مواقف مؤيدة لشيعة العراق , فأقول رغم أنفه يجب أن يقر بالحقائق هو وجميع الأطراف الأخرى , لأننا وقفنا معهم في محنتهم والتاريخ يشهد لنا بذلك وفتاوى علمائنا المناصرة لهم , خبرها قد بلغ كل أرض على هذه المعمورة .. ولقد غفرنا لهم فعلتهم الشنيعة عام 1991 حينما أعانوا المجرم صدام واشتركوا بجريمته التي نتجت عنها آلاف من المقابر الجماعية التي ضمّت رفاة خيرة أبناء العراق من الأحبة و من بلغنا النصر بفضل دمائهم , بالمصالحة المشهورة بين مسعود وجلال من جهة وصدام وزبانيته من جهة أخرى , وصور لقائك يا سيادة الرئيس مع صدام لا يمكن أن تنسى وتقبيلك له لا يمكن أن يمحى من ذاكرة أبناء ذوي المقابر الجماعية , وتقول معللا تلك القبلات على كتف صدام , بأنها من عادات العراقيين حينما يتصافحون !! متناسيا بأنّك حينما قبّـلت كتف جرذ العوجة كانت آلاف القذائف تدكّ مدن الجنوب والوسط من العراق !! وحينما كنت تضاحك صدام آنذاك وتغازله , كانت ألسنة اللهب تسعر في دور ومدن جنوب ووسط العراق !! وحينما كنت تعقد الصفقات والصلح مع الطاغية العفلقي , كانت حملات الاعتقالات والإعدامات تطال خيرة رجال و نساء العراق في الوسط والجنوب !! فشكرا لك سيادة الرئيس !! على توقيعك على ملفك القديم الذي نحتفظ به في خزانة صدورنا .. ونعلم علم اليقين مدى التحالفات الجديدة مع خصوم الأمس القريب , كل ذلك من أجل ماذا ؟؟ هل هو من أجل كرسي الحكم ؟؟ فأقول لك , تربعك على عرش القلوب خير لك ألف مرة من هذا الكرسي الزائل الذي لم يحفظ لصدام ما كان يأمله .. أم من أجل أموال وثروات تحلم بأنها ستحيطك بالعز والمنعة ؟؟ والعاقل يفهم بأن كنوز الأرض لن تغني الإنسان ولن تجلب له الراحة والدعة إلا بصحة اكتسابها وحسن تصريفها ولن يهنأ إنسان بمال اكتسبه من حرام وطرق ملتوية .. أم من أجل جاه ومنزلة بين الناس ؟؟ واللبيب يدرك بأن المنزلة والجاه لن يكون إلا بحسن الأفعال ومقارنة القول بالعمل . وتحالفك مع من يتأمرون في دول الجوار العربي لن تجلب لك خيرا ولا منفعة , لا لك ولا لشعبك الكردي الذي ائتمنك على مصيره وحفظ هويته وكيانه ومكتسباته التي بلغها بدماء ومعاناة أبنائه وتضحياتهم . وستدرك بعد حين ما مدى الخطأ الذي أوقعت نفسك فيه ومدى الخطل الذي كنت عليه . وعليك أن تدرك من قبل أن يتداركك الزمن , من أنّ التاريخ لن يرحم من نزل عن صهوة جواد أصيل وامتطى مطية جرباء لن تبلغ به سفح الجبل , ولو أجهدت نفسك ومطيتك التي أنت فرح بها هذه الأيام .. واعلم (سيادة الرئيس) وليعلم كل من يرى رأيك ومن تتآلف معهم ومن ترتبط معهم هذه الأيام بخط ساخن معلن وغير معلن , من أنّنا قد امتطينا صهوة خيولنا الأصيلة وتسلّحنا بخير سلاح ورثناه عن رسول ربنا وأهل بيته الأطهار ولن ننزل عن الركاب إلا والحق قد رجع الى أهله والباطل قد عاد الى كيد نحور أصحابه والحاقدون المتآمرون قد رحلوا عن هذه الديار بإذن الله .. والحمد لله رب العالمين
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |