الحكم لا زال بيد أمريكا أيها السادة ..!!

هادي فريد التكريتي

4 تشرين أول 2005

hadifarid@maktoob.com

 

لم تكن الخلافات بين شركاء الحكم ، الائتلاف الشيعي والقائمة الكوردستانية ، جديدة العهد ، والخلاف على من يمثل العراق في الجمعية العمومية ، بين السيد جلال الطلباني رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء ، الذي طفا على السطح ، لم يكن إلا ما يشبه ظهور القيح الذي تفرزه دمامل المرض ، وليس هو المرض الذي استفحل ، إنما علاجه ما عاد قادرا عليه ، طبيبه ،إلا باعلانه للملأ ، فالمادة السادسة والثلاثون من قانون إدارة الدولة صريحة في هذا الخصوص ، حيث نصت على \" تنتخب الجمعية الوطنية رئيسا للدولة ونائبين له يشكلون مجلس الرئاسة التي تكون وظيفتهما تمثيل سيادة العراق ولإشراف على شؤون البلاد العليا .\" إذن سيادة العراق وتمثيلها منوط بمجلس الرئاسة ، أي أن رئيس الجمهورية ونائبيه هم من يمثلون السيادة العراقية في الداخل والخارج ، وما رغبة السيد رئيس الوزراء الجعفري في تمثيل العراق ، إلا إظهار بعض تمرد على المادة الخامسة والثلاثين التي تنص على \" تتكون السلطة التنفيذية في المرحلة الانتقالية من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه \" التي طالب بها رئيس الجمهورية أن توضع موضع التطبيق وأن لا ينفرد السيد الجعفري في رسم وتنفيذ سياسة الحكومة وفق ما يريد ويشتهي ، فرئيس الوزراء ، الجعفري، يرى في إشراك مكتب الرئاسة وبالذات رئيس للجمهورية ، قيدا ثقيلا يحد من توجهاته الطائفية ويحجم من ممارساته التي يريد لها أن تكون بلا قيود طالما هو مدعوم من أكبر كتلة برلمانية ، وهذا ما تمثل بزيارته إلى إيران ، وإبرام اتفاقات لغير صالح العراق ، والتي لم تحض بتأييد ليس من شركاء الحكم في القائمة الكوردستانية فقط بل من غالبية الشعب العراقي التي ترى بالإتفاقيات المبرمة تفريطا بحقوق العراق ووضع ثرواته ، من ماء وبترول تحت تصرف الحليف الطائفي ، بل رب نعمة وسند كل الفصائل الطائفية ومليشياتها التي لا زالت تقبض أجورها وكل ما هي فيه من نعيم من إيران ومؤسساتها المخابراتية ، كما أن إقدام رئيس الوزراء ، الجعفري ، ووزير داخليته جبر صولاغ ، على إطلاق سراح المئات من السجناء الإيرانيين ، المحكومين بمدد مختلفة نتيجة لارتكابهم جرائم عادية ، تهريب مخدرات وأسلحة ، والقيام بنشاطات تخريبية وتجسسية تمس أمن ووحدة وحرية الشعب العراقي ، دون الرجوع إلى أخذ موافقة الرئاسة ، ودون الرجوع إلى المجلس التشريعي لاستصدار قانون بهذا الخصوص ، كما أن السياسة الطائفية التي يتعرض لها الشعب العراقي في مدنه الجنوبية ، على أيادي المليشيات ، قوات بدر وجيش المهدي ، والتدخل الإيراني السافر في الشأن العراقي ، الذي نبه وأشار إليه الغالبية العظمى من الكتاب والمثقفين والمنظمات السياسية والحزبية ، ومنظمات حقوق الإنسان ، العراقية والأجنبية ، أثار كل هذا نذر خلاف وعدم ثقة ، ناهيك من أن التحالف الكوردستاني يتحمل مسؤولية سياسة الحكومة في كل شأن يخص العراق ، ويخضع لحق مساءلة العراقيين الوطنيين له ، عن الإنتهاكات التي يتعرض لها العراق وشعبه ، فالكورد ليس هم شريك مساومات لحكم المنطقة الكوردية فقط ، وإطلاق يد للمنظمات الطائفية في التحكم بباقي العراق ، بل شركاء أصلاء في المسؤولية في كل ما يحدث في العراق وما يصيب المواطن ، والتحالف الكوردستاني ، مطالب بوضع حد للانتهاكات والخروقات التي تحدث في العراق ، من قبل القوات غير النظامية وغير الشرعية ، وكل ما يحدث في العراق من انتهاكات للمواطن وحريته هي من نتاج هذه القوات التي تتمتع بحماية الدولة ، بشقيها الطائفي الشيعي والقومي الكوردي ، فتصحيح هذا الواقع ، والوقوف بمواجهة هذه الإنتهاكات التي يتعرض لها المواطن ، وما يتعرض له الوطن ، من إخلال في سيادته من قبل المخابرات الإيرانية ، وفتح الحدود أمام المواطنين الإيرانيين بهدف تغيير الواقع السكاني للعراق ، كل هذا جزء من هذا الخلافات الحاصلة ، بين السيد رئيس الجمهورية والسيد الجعفري رئيس الوزراء ، ولا يمكن للقائمة الكوردستانية المشاركة في الحكم ، أن تكيل بمكيالين عندما لا توافق على فتح أبواب كوردستان أمام العرب أو القوميات الأخرى للسكن وتغيير الواقع السكاني في كوردستان ، وتغمض العين عن تهجير مئات العوائل من البصرة ، على أساس ديني أو طائفي ، وغيرها من المدن العراقية الأخرى ، ليحل محلهم مئات الآلاف من الإيرانيين لتغيير الواقع السكاني في العراق ، لصالح إيران ، ولرغبة طائفية مقيتة تفرض بالإكراه ، أو التهديد بالقتل ، خصوصا وإن التصويت على الدستور والانتخابات القادمة على الأبواب ، كل هذا يتطلب قمعا للمواطن ، وانتهاكا لحريته ، ومسؤولية تريد أن تعتم عليها حكومة الجعفري والتهرب من استحقاقات المساءلة والحساب عما قدمت وما نفذت من بيانها الوزاري ،، ولا ترى حقا للتدخل من جانب رئاسة الجمهورية ، ولا باقي الحكومة المتمثلة بالوزراء ونواب رئيس الوزراء ..
ما يعانيه الجعفري من خلافات مع الكورد ، وبالذات مع رئاسة الجمهورية ، ليس مصدره رغبة تفرد الجعفري وإطلاق يده في الحكم بالعراق العربي فقط ، بل وأيضا نتيجة أزمة بين وزرائه من قائمة الائتلاف \" الطائفية \" من جهة ، ومن الجهة الأخرى عدم فهم أو استيعاب هؤلاء الوزراء أن لكل منهم اختصاصاته التي لا يحق له تجاوز حقوق أو اختصاصات وزارات أخرى ، مهما كان شاغلها ، قومي كوردي أم عربي طائفي ، أو غيره من الراطنيين بالعربية ، فعندما تشعر دول الجوار ، وبغض النظر عن نظام الحكم فيها ، كالسعودية مثلا ، عن تهديد مصالحها نتيجة ما يجري في العراق ، فينتقد وزير خارجيتها ، أو يحذر الدولة أو الدول ذات الشأن في العراق ، كأمريكا مثلا ، التي لا زالت تراقب أداء الحكم الطائفي وانفتاحه على إيران في كل اتجاه ، وقواتها تجوب الأراضي شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، وعلمها يرفرف على أعلى صارية في الموقع السيادي العراقي وهو القصر الجمهوري ، ويقول وزير الخارجية السعودي بفم ملآن لأمريكا ، إنك تعرضين العراق وشعبه لمخاطر التجزئة والاستباحة الإيرانية ..! فبغض النظر عن صواب أو خطأ ، هذا النقد والتحذير ، وهل يعتبر تدخلا أو لا تدخل في الشأن العراقي ، فهناك من هو مسؤول عن هذا الأمر ويتحمل مسؤولية الرد أو السكوت عنه ، فليس من حق وزير الداخلية ، المهندس بيان باقر جبر صولاغ الزبيدي ، أبو محمد ، ان يرد عليه سلبا أم إيجابا ، و يتدخل في أمر هو ليس من اختصاصه ولا مطلوب منه معالجته ، وغير مسؤول عنه بالمرة ، عليه أن يعالج أمر وزارته وأن يأمن حماية المواطن العراقي ، الذي تدنى أمنه وتقلصت حريته أكثر فاكثر منذ أن تولى مسؤولية وزارة الداخلية ، فقد ازداد عدد الملثمين من قوات بدر وجيش المهدي ، التي تجوب الشوارع والساحات ، وأصبح القتل يجري علنا من قبل هذه المليشيات وهي تلبس الزي الرسمي ، ودون مساءلة ، فإذا كانت قوى الإرهاب الطائفي وأنصار النظام الساقط ، وقوى العربان المتأسلمة الفاقدة لكل القيم ، إذا كانت هذه القوى تقتل على الهوية ، فإن الفساد المستشري في أجهزة الحكم بكل مفاصله ، ولا نستثني منه، ما يجري في وزارة الداخلية التي يحكمها السيد بيان جبر ، يساهم في قتل الناس وتجويعهم على الهوية أيضا , بحرمانهم من وظائفهم ، وعدم استردادهم لحقوقهم المغتصبة على مر العهود الديكتاتورية ، والتي يساهم في اغتصابها الحكم الطائفي الحالي ، من مصادرة لممتلكاتهم ليستولي عليها أزلام الطائفية ..كان على السيد وزير الداخلية أن لا يهرب إلى الأمام في مهاجمة الآخرين ، لغرض في نفسه ، وللتخلص من مسؤولياته بعدم قدرته على معالجة هموم المواطنين المسؤولة عنها وزارته وفيما هو قادر عليه ، ودون الدخول في تعقيد خطوات الحلول التي يساهم فيها المجتمع الدولي ، فالسيد صولاغ ليس من حقه التهجم على السعودية وبكلام رخيص ، ليحرج وزير الخارجية العراقي في موقعه بين ممثلي الدول العربية في جدة ، الساعية لإيجاد حلول تساعد على إنهاء الإرهاب أو التقليل منه ، ليعتذر عن حماقة غيره حاول الإساءة للعراق بدفاعه عن إيران وتدخلاتها في الشأن العراقي التي لم تعد سرا على العالم أجمع ، وإن لم يصدق السيد صولاغ فليذهب إلى البصرة ليرى بأم عينه .. ما كان هناك من مبرر أخلاقي أو مهني من استخدام عبارات جارحة بحق السعوديين ، فهل هو عار إن ركب السعوديون الإبل أو يحلبونها ؟ ألم يسمع بقول الشاعر : ( أنتم خير من ركب المطايا..) فالعربان كلهم ، إن كان صولاغ واحدا منهم ، في سابق عهدهم ، يركبون ويحلبون الإبل ويقتنونها ، ولا زالوا ، يفاخرون بها فهل من عيب في هذا ؟ ، وهل يتذكر السيد بيان جبر موقعه عندما كان في دمشق ، قبل أن يتسلق مركز المسؤولية لتمثيل المجلس ؟ وهل دفاعه عن إيران كان بدافع طائفي أم بدافع قومي أم عن كليهما ، أم هناك أسباب أخرى نجهلها ؟ العراق بمجموعه لا زال من مسؤولية أمريكا والقوات المتعددة الجنسيات ، والحكم بكل تشكيلته خاضع لمسؤولية ورقابة المستشارين الأجانب في كل الوزارات والمؤسسات المهمة ، ومن يريد معرفة المزيد ، مراجعة التقرير الذي أعده الشخصية الثانية في حزب الدعوة الإسلامية السيد جواد المالكي ، أبو إسراء ، رئيس لجنة السيادة في الجمعية الوطنية فسيرى دور المستشارين الأمريكان أو الإنكليز في السياسة العراقية أو القرار العراقي ! فلا تصح المزايدات الطائفية أو الوطنية على واقع لم نملك من أمره شيئا ، فكل شيء بيد قوات \" الاحتلال \" والقوات المتعددة الجنسية ، فلا السيد رئس الجمهورية ولا السيد رئيس الوزراء ولا أي من غيرهما قادر على تغيير النهج والمخطط الذي ترغب بتنفيذه الأجندة الأمريكية ، فالصراع في أجهزة السلطة والحكم ، لا يحله لا الجعفري ولا السيد عزيز الحكيم ولا حتى السيد رئيس الجمهورية الطالباني ، الحل بيد الإدارة الأمريكية ، والولايات المتحدة ربما تسترشد بما يقدمه لها الخبراء والمستشارون من مقترحات ، إلا أن رأيها هو المعول عليه ، ورأيها اليوم أن السيد عادل عبد المهدي هو من تراهن عليه في الفترة الزمنية اللاحقة عندما تحين فرصة انسلاخه من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، ويشكل حزب\" العدالة \" المرتقب ، وليس غريبا على أمريكا أن تلعب على كل الحبال،كما وليس غريبا كذلك أن يقع على السيد عادل عبد المهدي الاختيار ، وهو من تنقل بين كل الأحزاب السياسية العراقية ، فقد جرب حزب البعث والحزب الشيوعي والحركة الإسلامية الطائفية ، ولا مانع من أن يجرب التعامل المباشر مع الأمريكان ، وهم راغبون فيه ، وهو راغب فيهم ، وخصوصا إذا علمنا أن الجعفري قد احترقت ورقته وما عاد تحالف الحكم القديم ممكنا بوجود الجعفري ، فقد سئمت أمريكا حكما طائفيا ـ إيرانيا ، فاقعا ، في العراق يتوطد يوما بعد آخر ، ينزع مصداقيتها في إقرار توجهات ديموقراطية في العراق والمنطقة ، وهي لا تريد هذا ! فعلى الحكم وأركانه أن يتذكر أن امريكا لازالت تحكم العراق ..!!

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com