حقوق الانسان العربي في الميزان الامريكي

 ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

 

نقلت رويترز أن الولايات المتحدة قالت انها تلقت تأكيدات من الحكومة المصرية بأن معتقلا مصريا أعيد من سجن غوانتانامو سيلقى معاملة انسانية. وافادت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) مطلع الاسبوع، أن الرجل، الذي قال محامون حقوقيون انه قعيد كرسي متحرك، يدعى سامي الليثي، 49 سنة، ارسل من غوانتانامو حيث ظل معتقلاً اكثر من 3 سنوات، الى مصر. وقال متحدث باسم البنتاغون: «ان الولايات المتحدة أوضحت أنها لا تطرد أو تعيد أو تسلم افرادا الى دول ترجح انهم سيتعرضون فيها الى التعذيب او الاضطهاد». واضاف قائلا: «قبل اعادة هذا المعتقل الى مصر تلقت الولايات المتحدة تأكيدات وافية من الحكومة المصرية في ما يتعلق بمعاملته عند عودته الى مصر. هذا يشمل تأكيدات بأن هذا الفرد سيستمر في تلقي معاملة انسانية وفقا للالتزامات التي يكفلها القانون المصري والقانون الدولي اثناء بقائه في مصر». وقال البنتاغون ان محكمة خلصت الى ان الليثي ليس «محاربا»، مما مهد الطريق الى اطلاق سراحه. وكان كليف ستافورد سميث محامي الليثي قد رفع دعوى قضائية لمنع نقله الى مصر. وقال مركز الحقوق الدستورية ان المحكمة رفضت الدعوى لكن ستافورد سميث طلب اعادة النظر في القرار. واضاف ان الحكومة الاميركية نقلت الليثي الى مصر دون ان تبلغ مسبقا محاميه أو المحكمة.

الخبر على صغر حجمه، إلا انه يكشف في طياته وبشكل صارخ ازدواجية المعايير والنفاق الامريكي الفاضح. الادارة الامريكية الحريصة ظاهريا وإعلاميا على حقوق المواطن المصري هي نفسها التي انتهكت وما تزال حقوق الانسان العراقي والتي رأينا رأس جبل الجليد منها في ابوغريب وغيرها ونراها في كل حين في قصف عشوائي للمناطق السكانية الآمنة تحت مزاعم محاربة قاعدة الزرقاوي والتي وصلت الى العراق مع الاحتلال الامريكي له. كما ان التقارير الاخبارية والتي نُشرت في صحف امريكية مرموقة كشفت عن ترحيل امريكا لكثير من المشتبه بهم في قضايا الارهاب الى دول تمارس التعذيب مثل اوزبكستان والعديد من الدول العربية للتحقيق معهم بالاساليب الوحشية البدائية. ولعل قضيتي ماهر عرار والالماني من اصل مصري تؤكد تلك التقارير وتسندهما, فالاول رُحل الى سوريا بلده الاصلي ليتعرض فيها الى تعذيب عنيف لمدة تزيد عن عام ليعترف مكرها بانتمائه الى تنظيم القاعدة أما الثاني فقد تم خطفه وتعرض للتعذيب ثم ثبتت براءته.    

الامر المثير للسخرية المبكية في قول المتحدث باسم البنتاغون: أن الولايات المتحدة تلقت تأكيدات "بأن هذا الفرد سيستمر في تلقي معاملة انسانية وفقا للالتزامات التي يكفلها القانون المصري والقانون الدولي اثناء بقائه في مصر». والرجل القعيد من خريجي غوانتناموا, المعتقل الذي شكل وما يزال علامة سوداء في التاريخ الحقوقي الامريكي لدرجة أن شخصيات امريكية على وزن كارتر وكلينتون طالبت بإغلاقه وبشكل نهائي لما يسببه من إحراج لامريكا وإضرار بسمعتها العالمية. غوانتناموا كان وسيبقى مادة خصبة لمنظمات حقوق الانسان العالمية كشاهد يومي على انتهاكات الادارة الامريكية لحقوق المعتقلين والذي جردوا من حقوقهم القانونية وتعرضوا لضغوط هائلة شملت الاعتداء على القرآن والاساءة إليه. ومن بعد ذلك يؤكد المتحدث باسم البنتاغون بأن هذا الفرد سيستمر في تلقي معاملة انسانية فهل لذلك المتحدث أن يفهمنا ما هو تعريف المعاملة الانسانية في القاموس الامريكي عندما يتعلق الامر بالمشتبه بهم من العرب والمسلمين. ثم أن التطمينات الامريكية حول تلقيها لضمانات مصرية بتلقي المعتقل المصري لمعاملة انسانية يشير ضمنا الى علم امريكا الاكيد عن المعاملات غير الانسانية والتي يُعامل بها الموقوفون والمعتقلون في مصر الحليف الرئيسي للويات المتحدة الامريكية في المنطقة مع التذكير بأن الحكومة المصرية تلقت شهادة حسن سلوك امريكية من المبعوثة الامريكية هيوز والتي زارت المنطقة ومصر لتحسين الصور الامريكية البشعة في عيون شعوبها.

أما الامر المؤلم والمحزن حقا هو في موقف حكومات عربية والتي تعطي الضمانات للامريكيين بعدم انتهاك حقوق مواطن مقعد أُفرج عنه بعدم ثبوت براءته من غوانتناموا عوض ان تدافع تلك الدول عن ابنائها وتطالب الادارة الامريكية بإطلاق سراحهم منذ أمد بعيد وفي أضعف الايمان الاعتذار منهم ودفع التعويضات لهم بعد سنوات القهر والاذلال والتي تعرضوا لها في الجزيرة الكوبية النائية.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com