وشهد شاهد من أهلها

الدكتور لميس كاظم

lamiskadhum@hotmail.com

 

  أثارت التصريحات  حول الدور الأيراني في العراق  زوبعة سياسية كبيرة داخل الأوساط السياسية العراقية المحبة والمغيضة للدور الأيراني. وأختلف العقلاء والخطباء من ابناء هذا البلد على الوجود الايراني. كانت تلك التصريحات مدخلا لفتح اوراق الملف الايراني وتعاضم دوره في المشهد السياسي العراقي. فقد تصدت العديد من الأصوات العراقية والعربية والعالمية للوجود الايراني في العراق. وبات الموقف الايراني يشكل احد اشكال المعركة الوطنية القادمة عشية الأنتخابات القادمة. لقد أختلفت ردود فعل الحكومة العراقية من هذا التصريح بين معارض ومؤيد خجول وبدلا من أن تدقق الحكومة طبيعة سلوك المخابرات الايرانية في المناطق الجنوبية ومصداقية المعلومات التي تتحدث عن تنامي الدور الايراني في المدن العراقية، كذبت الحكومة تلك الاخبار وشن بعض ممثليها، حملة شعواء تطلق الاتهامات والمهاترات جزافا على كل من يتهم أيران ويشكك بدورها في العراق. إذ أنبرى أكثر من مدافع وشحذت همة الأقلام عراقية المؤيدة للوجود الايراني مقالاتها لتطلق صفارات الانذار ضد هذا الهجوم. وعلى مدى الايام القليلة الماضية كتب مقالات كان في مظهرها تحمل الحقد والأتهامات ضد دولة جارة، أبدت رايها في الوجود الأيراني اللاشرعي، لكن في جوهر تلك المقالات والتصريحات هو الدفاع المستميد عن أرتباطهم بمصادر تمويلهم الفكري والثفافي والمالي لتكون أنذارات شديدة اللهجة لكل من يساوره قلمه للكتابة ضد دور أيران التخريبي في العراق.

 أنا هنا لست بمعرض الدفاع عن رأي وزير أو دولة أو خبر ما  لكن لا اعتقد ان من العدل أن تشن حملة ظالمة على دولة عربية شقيقة بمجرد تجاوزت الخطوط الحمراء وفضحت الحقائق ضد الدولة الطامحة تأريخيا للهينمة على العراق. ولم يقف هؤلاء الكتاب الوطنيين عند هذا الحد بل راحت أقلامهم تصيغ الجمل والخواطر المهينة والمشككة لكل كاتب عراقي بمجرد تناوله موضوع  دور النظام الايراني في العراق.  ولم يقف عند هذا الحد وحسب  بل وصل الامر الى الاغتيال السياسي وشن أرهاب فكري وأمني ضد كل من تساوره نفسه للتصريح علنا ضد الدور الأيراني.

 أن من يحرص على ممتلكات الوطن وحدوده عليه أن يدافع عنها ضد اي طامع مهما كان،  نوعه عربي أم فارسي... وطني أم اجنبي، لا ان يخفي الحقيقة كلها من جهة ويبكي عند ضفاف شط العرب المغتصبة دفاعا عن الوطن. أن هؤلاء الكتاب  يحاولون أن يستخدموا افضل طريقة للدفاع هو الهجوم المستباح بكل الوسائل الأعلامية المسموحة والمناصب الحكومية المناطه بهم. هذا أسلوب غير بناء وفاقد حيوته في الوقت الحاضر. ان الرد يفترض أن يمتلك الحجج والبراهين والأدلة والمناقشة الموضوعية لا التهكم والمهاترة واللغة الخطابية الحاقدة. ومن يرمي الى الحوار والمساجلة الديمقراطية عليه أن يلتزم بالأسلوب الخطابي المتعارف عليه أعلاميا وأن يدحض الحقيقة المقدمة أمامه لا أن يهرب الى الأمام ويمارس الأغتصاب السياسي والأمني بلغة التهديد والتجريح والسلاح.

 لقد صدرت تصريحات عراقية وأجنبية تتهم أيران مباشرة في عرقلة المسيرة الديمقراطية في العراق وقد أنجلت الحقيقة ساطعة للدور الأيراني المشين في العراق. فهل سيشن هؤلاء الساسة والقادة والكتاب العراقيين الوطنيين، المدافعين عن ايران، حملاتهم الظالمة ضد أبناء وطنهم لمجرد وجهوا أمتعاضهم ضد دولة تحاول أن تسنخ تجربتها الشمولية الفاشلة على العراق. اقتطفت في هذه المقالة ثلاث تصريحات صدرت في الصحف العراقية كان أبرزها: 

 رويترز:  اتهمت بريطانيا أمس ايران بمقتل 8 من جنودها في جنوب العراق من خلال تدبير اعمال عنف يديرها الحرس الثوري والمخابرات الايرانية في البصرة والعمارة.

* اعرب الدكتور أياد علاوي قلقه حيال مظاهر النفوذ الايراني في العراق، واصفا اياها بانها «تعبر عن قلق الاخوة هناك حول وضع ومستقبل العراق». «هناك مخاوف لدى قادة المنطقة بسبب الوجود الايراني وما تحاول ايران تحقيقه في العراق بشكل مباشر وغير مباشر*.

كما تحدث السيد مقتدى الصدر عن النفوذ الايراني داخل العراق وقال «علينا ان نحدد معنى النفوذ الايراني، هل يعني ان ايران لها اصدقاء والان هم يحتلون مواقع متقدمة في الدولة العراقية؟ هذا صحيح.... الملاحظ ان هناك واجهات عديدة داخل العراق ضخت اليها ايران اموالا ضخمة لتؤسس لها وجودا داخل العراق. نعم هناك نفوذ ايراني وهو نفوذ كبير ومؤثر وواضح للعيان...انا استغرب من هذا الوزير او ذاك المسؤول عندما ينكرون وجود النفوذ الايراني. الانكار مسألة سهلة بالنسبة لهم، ولكن ما من عاقل يستطيع انكار النفوذ الايراني، خاصة في مدينة البصرة». انتهى التصريح.

 هذه التصريحات الواضحة لقادة عراقيين والقوات البريطانية المتواجدة في البصرة تدل على الوجود المكثف للمليشات الأيرانية بلباسها العراقي وشكلها المدني المسلح وبات القاصي والداني يعرف ان البصرة اشبه بمسعمرة عسكرية تابعة للقوات الانكليزية أما مدنيا وأداريا وحكوميا وأمنيا فهي مسيطر عليها من قبل ممثلي التنظيمات السياسية والمليشيات الوطنية العراقية التابعة والمسيرة من قبل عناصر الحرس الوطني والمخابرات الايرنية.

 أن حملات التشهير والأتهامات التي يستخدمها الساسة والقادة والأقلام العراقية المدافعة عن الوجود الأيراني، والتي تحاول ان تشوه تأريخ وسجل كل من يكتب ضد الدور الايراني في العراق، أنما هي ممارسة لاديمقراطية وتدخل ضمن الأرهاب الفكري والجسدي والسياسي الذي يحاول أن يخرس الصوت ويكسر القلم العراقي الوطني المدافع عن حقوق الوطن. فالوطن ملك الجميع وكل مواطن شريف يعز عليه أغتصاب قطره واحدة من مياه شط العرب، بات لزاما عليه، الأحتجاج على الوجود الأيراني الفض في فرض سياسته وأخلاقه وحجابه السياسي بلغة السلاح لمنع المدنية والحرية الأجتماعية والسياسية في البصرة وباقي المدن الجنوبية.

 أن الديمقراطية والنظام السياسي القادم سيسمح لطرح كل وجهات النظر والاراء وشكل النظام السياسي للعراق بوضوح تام ومن المفترض على كل من يعز عليه أقامة دولة ولاية الفقية أن يكتب بوضوح أفكاره لأقناع المواطن العراقي برايه. وهذا حق تكفله الديمقراطية وحرية الفكر لكن لايجوز له ولايحق له ان يلجأ الى التشهير والتنكيل والقتل والاغتيال السياسي. أن هذه الأساليب الأرهابية قد ولى عصرها وفي المستقبل القريب ستتثبت سلطة القانون وحرية الفكر والقلم وعندئذ لن يجد هؤلاء القادة والكتاب مكانا يثبتون بها صحة خطابهم ومقالاتهم وستفشل كل ادعاءاتهم. 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com