سقيفة محتملة لتهميش الشيعة (1)
من الواضح قد بدات في الآفاق ملامح
لطبخة عربية من قبل مصر والسعودية والأردن وغيرها بعد نجاحهم على مايبدو في
توجيه السياسة الأمريكية , أو على الأقل تخويفها من المستقبل الذي ينتظرها بسبب
" تدخل مزعوم أيراني في العراق" وان شيعة العراق وخاصة أحزابهم وتنظيماتهم
الأسلامية يمثلون أحصنة طروادة لهذا التدخل المزعوم , المذموم , بالقياس الى
تدخلات محمدودة " هلال قزم الأردن , وتفاخر سعود الفيصل في الحث على قتل الشيعة
بمئات الألوف في ألأنتفاضة الشعبانية , ومرورا بتباكي عمرو موسى على مستقبل
العراق بدون بعث صدامي,
وخطورة قيام حرب أهلية في." وعلى ذكر هذه الحرب التي يرددها بعض أقطاب
الدبلوماسية العراقية , ابتداءا بمحاولات التأليب الطائفي ضد شيعة العراق من
قبل ممثلها في أميركا الصميدعي الى تصريحات من مسؤولين عراقيين تحذر من تدهور
"خطير " للأحداث اذا لم يوافق السنة العرب على الدستور , وبتعبيرآخر وكأن لسان
حال هذا المسؤول في الدبلوماسية العراقية يقول ياشيعة العراق عليكم القبول بما
يمليه عليكم ممثلي الملثمين وقاطعي الرؤوس والا فالعواقب وخيمه . متناسيا ان
الحرب الأهلية قائمة منذا أكثر من سنتين ضد الشيعة ومن طرف واحد ومن مفرداتها ,
القتل على الهوية و والتفخيخ وسط حشودهم البشرية وصولا الىتمويل خارجي من دول
الجوار الطائفية ودعم لوجستي من مجاميع مناطقية معروفة وأجهزة صدام المخابراتية
التي تعد بعشرات الآلاف , تتعاون مع مخابرات دول عربية معرروفة ليكمل كل طرف
دور الطرف الآخر باتجاه تعضيد ومضاعفة زخم أيذائهم للأغلبية الشيعية ,لبث اليأس
عبر انتاج الرعب في قلوبهم لأيصال رسالة الى العالم الغربي بأنهم اي السنة
العرب هم الرقم الأرهابي المخابراتي الصعب , وهم ضمانة أستقرار العراق والمنطقة
وبالتالي حماة المصالح الأمريكية فيها كما كانوا في السابق . ان هذا التحليل لا
ينطلق من فراغ وانما أمعنا في شرحه سابقا" انطر مقالة غزل الدليمي وعروض الضاري
.."
- هناك سؤال يردده الكثيرون : لماذا لم تستفاد الأغلبية الشيعية من سقوط جلادها
صدام ونظامه لهذا الوقت ؟
الجواب :ان ما رسخ حالة السلبية عند المواطنين بعد سقوط صنم النظام ماظهر ان
ذلك السقوط لم يكن نهائيا لمنظومة البعث المجرمة، ولم يعطى الشعب المجال كي
يكمل مهمة تطهير المجتمع من ذلك الطاعون، بل شاهد عودة البعث الى السلطة بحلتة
الوفاقية العلاوية، ليزداد المواطن المسكين توجسا ويبقى البعض مشلولا من ذلك
الخوف المزمن من عودة العفالقة الى السلطة واسئنافهم عمليات الأبادة والمجازر
الوحشية، وساعدت على ذلك الممارسات غير الشفافة والأستغراق في الفساد الأداري
والمالي وبروز فاضح للمحسوبية والمنسوبية والرشوة التي نخر الجهاز الحكومي الى
حد العظم، ليجد المواطن نفسه مهجورا معزولا غائبا عما يدور من احداث ومجريات
سياسية، مما ادى الى انكفاءه لهمه اليومي الذي اخذ ابعادا كارثية بسبب الأرهاب
والبطالة وتدهور كبير بالخدمات الأساسية .
لقد تظافرت عوامل محلية وخارجية لتكبح ذلك الزخم الطبيعي للشعوب التي تنعتق من
انظمة مجرمة فاشية كنظام البعث، واقصد ذلك الحراك الجماهيري نحو اجتثاث رموز و
" وافكار " الدكتاتورية، كالتي حصل في اوربا مع النازية والفاشية، رغما انها لم
تتسبب بشكل مباشر بأرتكاب مجازر ضد شعبها، كالتي حصلت في الحالة الصدامية، حيث
دفنت تلك الأيديولوجيات ولم يعد لها تأثير طيلة عشرات السنين السابقة، بسبب
يقظة تلك المجتمعات المتحضرة بأتخاذها اجراءات دستورية وسنها لقوانين واضحة
تجعل من عودة تلك الأفكار الشاذه المجرمة امرا يقترب من الأستحالة، واية دعاوي
أو مجرد محاولات هنا وهناك للتمظهر ببعض سلوكياتها تعتبر حالات مستهجنة وتحاصر
وتعزل بفعل عقل جمعي تشكل بتظافر عوامل داخلية وخارجية " كتأثير الدول المجاورة
لألمانيا بأتجاه أجتثاث النازية .
أما في العراق لم تتوفر تلك العوامل الخارجية بأتجاهها الأيجابي، بل العكس،
ظهرت أرادات خارجية معيقة فغياب الديمقراطية في الكثير من دول المنطقة والخوف
من تهديد عدواها انظمة قامت على مبدأ الأستخلاف، اعتبرت احدى اسباب تقديمها
للبعثيين والظلامين دعما سياسيا ولوجستيا أدت لأدامة زخم ايذاءهم . أما السلفية
في بعض الدول المجاورة فالقضية عندهم ليست ارضا محتلة، فهناك اراضي محتلة في
الكثير من دول المنطقة . وانما تاريخ وفكر مهددين . المشكلة ليس زوال صدام
وانما معادلة اشراك كل مكونات الشعب في قيادة العمليةالسياسية وهذا يحطم
القاعدة التي قامت عليها عقيدتهم السياسية الأستبدادية وبعدها الطائفي العنصري
ذات الأ متدادات الأقليمية، ليكون الواقع العراقي الجديد بنظرهم ثغرة تقوض
أركان هيمنتهم التاريخية .
كانت لأرادة خارجية- داخلية، وأقصد بها الجانب الاميركي، ان تساعد في قلع البعث
بأنفسهم أو فسح المجال للقوى المناهظة للبعثية منذ ايام مجلس الحكم وحتى الآن
بتمكينها استخباراتيا وتسليحيا وسياسيا، لكنها فعلت النقيض من ذلك بالسماح
للبعثيين في تولي الملف الأمني وبقية تداعيات المشهد المأساوي اصبحت معروفة،
واعتقد ان السبب وراء ذلك الأحتفاظ بالورقة البعثية والتلويح بها لكبح جماح
التطلعات المشروعة . وحتى بعد الأنتخابات ووصول الشيعة الى القرار السياسي "
ولو غير المطلق" بسبب الأصرار من قبل الأمريكان الى عدم أجراء تطهيرات في وزارة
الداخلية للعناصر البعثية الصدامية المجرمة , مع أعتراف الجانب الأمريكي بحقيقة
تسللها الى الأجهزة الأمنية في الفترة النقيبية " أنظر الى مقالتنا ديمقراطية
الريموت كونترول حينها" وأخيرا وليس آخرى محاولة وزارة الدفاع بأبعاد كبار
الضباط الشيعة.
كل ذلك للحفاظ على توازنات أقليمية ودولية منحرفة تخدم الستراتجيات للدول
المعنية على حساب العراق واستقراره، ويعزز من هذا الرأي ما رأيناه من حرية
مطلقة لهيئة الضاري والدليمي وهيئة حوار الطرشان اللاوطنية، التي تصرح بشكل
واضح بضرورة مقاومة الأحتلال، وكم كانت تبرر عمليات الخطف والقتل التي كانت
تقوم بها فلول الصداميين، والسلفيين التكفيريين، بينما لاتحرك تلك القوات ساكنا
في القبض عليهم ومحاسبتهم . على كل حال كنا نقول بأن مشروع التحول الديمقراطي
هو مشروع وطني، ولايغير في ذلك اذا دعمته اميركا، بل حق على الشعب شكرهم على
ذلك، وعند وجود نوايا غير حسنة منهم تجاه مصلحة اغلبية الشعب، علينا ان نبقى
معها في دائرة تطابق المصالح، التي لاتعني بالضرورة تطابقا في النوايا، وان
نحاول بكل امكانياتنا تحييدها، بل التأثير الأيجابي بنوايا غير واضحة التشخيص
لنا بدرجة او اخرى، عن طريق اظهار الحكومة الحالية بأنها مطلب شعبي، لانتيجة
انتخابية فحسب ممكن لمعادلاتها ان تتغير كثيرا مع مرور الوقت وتبدل الظروف،
عندها تكون مصلحة الجانب الأمريكي الأبقاء على صداقته لأغلبية الشعب من خلال
التعاطي البناء مع ممثليه الحقيقيين على قاعدة المصالح المتبادلة .
الأرادة الأخطر داخليا التي أعاقت التحول الديمقراطي، ذلك الزواج الشيطاني بين
البعث العروبي الذي ارتدى القناع الطائفي السني طبعا كون التسنن من لوازم
العروبة عند الكثير من العرب غير العراقيين، وبين التيار السلفي بشقيه الداخلي
والخارجي، ليتحصن الجميع خلف سواتر "مذهب عموم المسلمين " ويرتدوا قميص طرد
المحتل الذي جاءت به جرائمهم وحماقاتهم وغطرستهم بحق اغلبية الشعب، الذي عومل
طول ليلهم الطائفي الشوفيني الطويل كتابع وليس شريكا في الوطن، هذا الوطن الذي
استعمروه، ثم تركوا بوابته مفتوحة اما القوى العظمى ليتواروا جبنا وخسة عن
الأنظار لشهور .
السؤال هو كيفية التعاطي الشيعي مع الظروف الدقيقة في الأيام القلية القادمة
ودحض المزاعم الطائفية من أجل تحييد الأدارة الأمريكية قدر الأمكان , وهل هناك
تدخل أيراني مزعوم , وما حجمه بالنسبة للتدخلات الفاضحة والعنجهية البغيضة
للآخرين . وماهي الخطوط الحمراء أمريكيا , وعراقيا في هذا الخصوص .
انتهى الجزء الأول
|