|
سقيفة محتملة لتهميش الشيعة (2)
في هذا الجزء نحاول ان نفكك وبعجالة ثلاثة مواقف أو محاور، أميركا, أيران والجامعة العربية. ان معظمنا يعرف جيدا بأن الأدارة الأميركية لم تقم باحتلال العراق أو أزاحة صدام عشقا بالعراقيين، وانما من أجل تحقيق مصالحها بالدرجة الأولى، وكم قال البعض العكس لتجدهم يصابون بخيبة أمل أمام تصريح لمسؤول أمريكي أو موقف لا يتناسب مع أمنيات هؤلاء الأشخاص أو هذه الفئة أوتلك، وكان أبسط وأقرب مثال هو أبداء البعض بخيبة أملهم عندما سمعوا معارضة أميركية لا تتناسب مع تطلعاتهم للدستور العراقي القادم،وذهب البعض من هؤلاء أبعد لبساطتهم ليقولوا ان أميركا أنقلبت علينا ونكثت بوعودها لنا، كالسابق. على الجميع ان يدرك ان السياسة الأمريكية ليست جمعية خيرية، ولا ناديا لأصحاب النوايا الطيبة، لكن، قبل كل شئ، وفوق أية قيمة، انها قائمة على قاعدة المصالح الأقتصادية والسياسية بعيدا عن روح الصداقة أو العمالة أو اية أعتبارات أخرى. ومن يعتقد غير ذلك سيجد في يوم من الأيام تنهال علية ومن الأمريكان انفسهم صفات السذاجة والحمق والغباء. هذا لا يعني أن نبعد الجوانب الذاتية التي تميز الأدارة الأمريكية الحالية، اننا لا نطلق الذاتية هنا على الذات المفردة، بل الدائرة الأكثر اتساعا منها، لتصل الى الذات الممثلة لجماعة ضيقة، مع تباين مدى شدة انطباق هذا التعريف حتى على اعضائها، اقصد اعضاء هذة الجماعة، أو الفئة التي يطلق عليها المحافظون الجدد في اميركا ويتقدمهم المستر بوش الأبن وكذلك رامسفيلد. ونحن نذكر هذا الجانب كي لانشطب نهائيا عليه لصالح مطلقية المصالح التي ذكرناها ، فالتاريخ ايضا زاخر بأمثلة تؤيد فكرة دور الشخص أو حتى مزاجه، أو عواطفه في التسبب في انعطافات حادة ابتداءا من دوائرهم الضيقة، ومرورا بمجتمعاتهم، وانتهاءا بدولهم. يطلقون عليهم المحافظون الجدد، وهم اصوليون، رغم ان هذا المصطلح يدل على معان كثيرة ومتباينة، سابقا, ولحد الآن،كنا نطلقها على من يعتمدون علم اصول الفقة، وهي اداة المجتهد في استنباط المستجدات الفقهية، ومقابلها، مع درجة من التبسيط السلفية، أو الذين اغلقوا باب الأجتهاد لمئات السنوات من غير المنتمين لمذهب أهل البيت (ع)، وربما اطلقت اي الأصولية حتى للتمييز عن الأخباريين. وفي المسيحية تطلق على الذين يعتقدون في اتجاههم الفكري مايتميز بالجذرية والأصالة. لكن دعنا نخرج من تاريخية هذا التعريف، لنعرفه سياسيا، هنا تطلق على من يدعي تطرفا احتكارا للحق، الذي يؤدي بدوره الى تخوين الآخر تمهيدا لأقصائة، بل تكفيرة، وعندما تقترن كل هذه الخطوات برؤية دينية مشوهة، هنا تكتمل اركان العمل الأرهابي، ليصبح قتل الآخر نوع من السعادة المزيفة، والأنسجام الداخلي المريض، عندها يتم التركيز على الحياة بعد الموت لا على الموت نفسة، هكذا نرى بعدا من الأرهاب الذي يتجة ضد الشيعة، لتصبح تهمة التشيع كافية كي تكون عملية قتلهم حلالا وسفك دمائهم مستباحا، بل اصبحت عملية قتلهم مبعث فخر وغبطة لشارعهم الطائفي الشوفيني ولعلماء الوهابية. كما يطال ذلك ايضا ابرياء من جنود الأميركان. كما هناك اصولية سياسية بأن نقسم العالم الى قسمين، خير وشر، ان هذه الحدية والطرفية، لا التطرف, في الأيديولوجيا السياسية، عند الفئة الأخيرة واقصد بهم الأصوليون السياسيون، لا الأرهابيين فاطعي الرؤوس، تجد لها ايضا صدى في الموقف الشخصي، الكلمة مقدسة والموقف السياسي ايضا مقدس عندما ينطلق من انسان، دون ان يتراجع عنها حتى لو ثبتت عدم صحتها أو نسبية خطأها، وسوء عواقبها. وفي هذا الأطار يمكن أن نفسر اصرار الرئيس الأميركي على عدم الألتفاف على بعض الأنجازات التي حصل الشيعة عليها في الأنتخابات الماضية رغم انها لم تكن منسجمة مع التطلعات الأمريكية " مقالتنا قبل نصف عام عدم وجود بعثيين=عراق جديد" ، رغما عن تآمر من تآمر على التشيع من بعض دول الجوار الطائفية، بأستخدام اسلوب الترجيف والتخويف من هلال شيعي محتمل، بالتعاون مع قيادات عراقية كانت حينها في المقدمة من مغبة اشراك المهجرين والمهاجرين العراقيين القادمين من ايران، وكان يقال بأن " هؤلاء الأيرانيون قدموا لزيادة الثقل الشيعي في الأنتخابات ". ان موافقتها أو عدم التفافها على نتائج الأنتخابات لم تكن مع ذلك مطلقة وقد أوضحنا كيف "في الجزء الأول " تدخلت الأدارة الأمريكية في صلب تخصص وزارة الداخلية الحالية في بعض الجوانب. كانت تريد ان توازن بين الأستحقاق العراقي الأنتخابي " كي لا تتشوه نظرة العالم الى مشروعها " للأصلاح في المنطقة التي تتراجع عنه تدريجيا وحالة قبولها بالأنتخابات المصرية الهزيلة نموذج واضح" " بينما محاولة تشكيكها بأفرازات الأنتخابات الأيرانية التي شاركت فيها الأغلبية من الناخبيين، وكانت بمرحلتين، ورغم الشفافية التي كانت محل أعتراف كل الأطراف الدولية لا لشئ الا لأنها في ظل ولاية الفقية، لا ولاية حسني مبارك مدى الحياة، ولا ولاية حكام السعودية المتخلفين، الذين لهذا الوقت يناقشون أمكانية دخول المرأة للأنتخابات وحتى قيادتها للسيارةإإ. على كل حال فللة في خلقه شؤون، ثم نقول انها السياسة. لو تخلت أيران عن فلسطين، أو على الأقل وافقت على ماتمضي به الأدارة الفلسطينية ومعظم الأدارات العربية، أو انها غضت الطرف عن هذه القضية الخاسرة وابتعدت عنها. لوجدنا أيران نموذجا للأصلاح في المنطقة، تقيس الأدارة الأمريكية علية, على أية حال فذلك شأن أيراني ولادخل لنا فيه، الا بقدر تأثيره في الحالة الشيعية العراقية، وفق المنظور الأمريكي. ان أمريكا تكون خطرة على شيعة العراق أذا رأت وبالمطلق أن الديمقراطية أفرزت ما يعتبر حسب معايـيرها تجاوزا لخطوطها الحمراء، لتـنقـلب على مشروعها الديمقراطي في العراق، لتـتحول من جديد إلى ديكتاتورية مخففة بجلود ديمقراطية، ولو مستعينة مجددا بدكتور. علاوي الذي جاهد للبقاء رغم خسارته للأنتخابات وبأساليب ودعاوي متعددة سوف نذكرها في مقالات قادمة متخصصة لهذا الغرض. وهنا على الشيعة العراقيين أن يفهموا أمريكا وبدبلوماسية مكثفة لضيق الوقت, ولأفراغ الجهدوالطاقة في خدمة مشروع المستضعفين " مايلي أ- ان الشيعة العراقيين قد أختاروا النظام الديمقراطي التعددي، الذي لا يتضمن وضع فيتو على غير الأسلاميين لتمنعهم من المشاركة في العملية السياسية وهذا يختلف تماما عن مبدأ ولاية الفقيه، ذلك لخصوصية التركيبة الطائفية في العراق بالمقارنة مع أيران، وان المرجعية العليا المتمثلة بالسيد علي السيستاني لا تذهب الى الولاية المطلقة " ولاية الفقيه المطلقة " وان هذا لضمان كاف لتبديد مخاوفكم، ثم هناك الدستور المقترح التعددي الذي يضمن للأسلامي أسلاميته وللعلماني علمانيته، بل يذهب أبعد من هذا كثيرا عندما يعطي الأفراد الحق في أختيار القانون الذي يرضيهم في الأحوال الشخصية، وهذا غير موجود في معظم الدول العربية والأسلامية، فأية ضمانة أكثر من كل هذا تريدونها؟. ب- أن ألتفاف أمريكا على مشروع الأغلبية الشيعية الذي هو مشروع عراقي،وبالنظر لما ظهر من الشيعة من مرونة منقطعة النظير في موضوعة الدستور، وأبدوا انفتاحا كاد ان يلامس حد التفريط بحقوق الطائفة مراعاة للوحدة الوطنية، ومبادرة سخية بأتجاه انصاف الآخرين من العراقيين الى أبعد الحدود. فأذا قلنا البادئ بالظلم أظلم، كذلك نقول ان البادئ بالتآزر والتناصف هو الأعدل والأكثر انصافا، وهذه لصالح الشيعة العراقيين الذي يرجون ان تحفظ لهم من أخوانهم في الوطن قبل أن تقيم أيجابيا من الأميركان. نقول ان أية مقابلة لهذا الأحسان بالأساءة سوف يعزز من تأثيرات جهات شيعية أخرى تنظر الى الأمر من زاويتها الخاصة المذهبية أكثر من هم وحدة العراق، وهذا وقوده مشاعر الأجحاف وخيبة الأمل التي ستشعر بها الجماهير الشيعية. ج- ان يتم توصيل رسالة واضحة الى الجانب الأمريكي، مفادها أمكانية حدوث أعتصام مدني شامل من البصرة الى بغداد، بل تشمل كل شيعة العراق، أذا ما شعرت مرجعياتهم لضرورة الدعوة لهذا الأجراء كأظهار لرفض عملية الأنقلاب على النهج الديمقراطي التعددي في العراق. د- وقبل كل ذلك يجب ان يوصل قادة الشيعة الى الأميركان بأن مذهبنا كما يعلم العالم ليس أرهابيا، ولا يعتمد العنف في حل المشاكل بل وكما تعلمون نحن الضحايا الأبرز للعمليات التكفيرية الأرهابية، ونحن نريد أن نكون معكم من أجل قضايا الحرية والعدالة وقضايا الأنسان كله، لأن ديننا القائم على الرفق والمحبة يعلمنا أن نعمل على مواجهة الآخرين لنربح صداقة شعوبهم ، فالله يقول( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة أدفع بالتي هي أحسن فأذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). وعلى ضوء كل هذا، أين تكمن الخطورة هل في أيران أم في الكثير من الدول العربية التي ساعدت صدام؟ وماهو الفرق بين مفهوم التدخل وبين مفهوم النفوذ ان وجد، وماهي درجات ومصاديق المفهومين في الواقع العراقي. وماذا يريدون من طائف عراقي؟ وهذا نتركه ان شاء اللة للجزء القادم. انتهى الجزء الثاني
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |