سقيفة محتملة لتهميش الشيعة (3)
أستقبلت معظم الأوساط العراقية والشعبية
بالخصوص قدوم وفد الجامعة العربية الى العراق واجرائه سلسلة من اللقاءات مع بعض
الأطراف العراقية بهدف اقناعها لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية, بفتور واضح, فيما
استهجنت أطراف أخرى أهداف الزيارة المعلنة وهي اجراء "المصالحة" أو التمهيد
لمؤتمر مصالحة مزعومة شكلا , أما مضمونا فهو مؤتمر مشابه للطائف اللبناني .
محذرين وملوحين بحدوث حرب أهلية ان لم تتم الأستجابة لمبتغاهم .السؤال هو ماذا
يراد من المؤتمر المزعوم والمصالحة الظالمة بين الضحية والجلاد والمذبوح
والسكين تمهيدا لعودة البعث الصدامي المجرم .
لنأتي الى ذكر بعض الأمور على شكل نقاط :
أ- الهدف الرئيسي لهم هو عقد مؤتمر يتمخض عنه حالة مشابه للوضع اللبناني , حيث
أقنع الشيعة هناك وهم يمثلون أكثر من 30% من الشعب اللبناني , أي أكبر طائفة ,
بمجلس النواب فقط , بعيدا عن السلطة التنفيذية المتمثلة برئاسة الوزراء
والجمهورية . انهم يريدون أن يسقطوا هذه الحالة على الوضع العراقي متجاوزين
أختلاف الظروف , فعندنا يمثل الشيعة أكثر من ستين بالمئة وأكتفوا مع ذلك بنصف
الوزارات , ثم بأقل من النصف , وتقاسموا السيادية منها مع السنة الكورد والسنة
العرب كما ان ظهر تداخل حتى على صلاحيات رئيس الوزراء من قائمة الأئتلاف
العراقي الموحد التي حصلت على الأغلبية لتكتفي فقط بسلطة تنفيذية لتظهر بعدها
ان هذه السلطة , حسب تفاسير البعض غير كاملة إإ, أذا كان الأمر كذلك فلماذا
تنازل الشيعة عن رئاسة الجمهورية وعن رئاسة مجلس النواب ؟ وعن أكثر من نصف
الوزارات وغيرها ليحصلوا على رئاسة وزراء تجب عليها مشاركة الآخرين عند أخذها
للقرارات . هل هذه قسمة عادلة ؟ ان كانت لا , فلماذا يعترض المعترضون من داخل
العراق , وتتدخل الجامعة العربية الخرفة , وهي لاتجرؤ ان تعمل وتتصرف نصف هذا
مع الصومال وموريتانيا ؟
وهنا نتذكر مقولة اللبناني الشيعي هاني فحص قبيل الأنتخابات العراقية , متجاوزا
لمعاناة الشيعة العراقيين ومقابرهم الجماعية وملايين مهاجريهم ومهجريهم , ذلك
التصريح الذي كان لسان حاله ان شيعة العراق كشيعة لبنان عليهم ان يثبتوا بأنهم
ليسوا طلاب حكم وأن يراعوا المحيط السني العربي وان لا يتجاوزوا على القانون
الذي يتحكم به , وهو ان يحكم العراق سني عربي , رغم أكثريته الشيعية , وكأننا
تبع لشيعة لبنان ولأختيارات شيعة لبنان ولظروف شيعة لبنان إإإ.
ماهو جذر هذا المنطق؟
ب- الجواب أن العرب غير العراقيين يعتقدون بأن العراق أقطاعا طائفيا للسنة
العرب بالولادة والوراثة هؤلاء الذين يتحركون فيه بنسق واحد من التفكير السياسي
واللهجة المحلية والتماثل التضاريسي وما ينتج عنها من صفات فكرية وانفعالية
متقاربة , متمتعين بشعور زائف بالتفوق على الآخرين أملتها ظروف الهيمنة والقمع
التي مارسوه تجاه معظم العراقيين لقرون عديدة . بالأضافة للعوامل الأقتصادية
والطائفية والنفسية التي ذكرناها في سلسلات سابقة من المقالات .هؤلاء أرسلوا
بهائمهم البشرية لتعاون عصابات البعث الأجرامية لأستعادة ملكا مفقودا أقيم على
جماجم الضحايا , كل هذا يسير بشكل متوازي و ستراتيجية الرفض للعملية السياسية
مع الأستمرار في وضع مطالب سياسية غير منتهية , على طريقة أقتل وفاوض وأخذ ثم
كرر كل ذلك لأخذ المزيد ثم المزيد من التنازلات .بهدف وضع الآخرين أمام خيارين
لا ثالث لهما وهما , أما القبول
بالأمر الواقع المفروض بالقوة وبشروطهم المجحفة بحق الشيعة , وأما القتل و
الأبادة الجماعية !! .
ج- هل يمكننا ان نطمئن من الذي تتحكم به بنى شعورية ولاشعورية صنعتها قرون من
اسلام السلطة وعقود من ممارسة الشمولية والأقصاء المستندة الى اسلام دموي بني
على نصوص انتجت الكراهية , وعروبة طائفية وشوفينية واستغراق عميق في ذهنية
المؤامرة والأنغلاق واعتماد معايير مشوهة للقيم والتخلق بأخلاق المطففين الذين
يكيلون بأكثر من معيار ليصوروا موقف الشيعة بالمطواطئ زورا وبهتانا في حين
يغضوا الطرف عن انبطاحية رموزهم السياسية والدينية في الحاضر والماضي , هل يمكن
الأمان من أدمغة تلوثت بالولاء لصدام والزرقاوي وعدم التبرئ من يزيد وكل قتلة
وسفاحي المسلمين ؟ .
واضرب هنا مثالين تاريخيين لنوضح بهما بأنهم لم يخرجوا من سجونهم النفسية
والعقلية وبقي القياس على المشوه هو الحاكم والموجه لهم في الفكر والسلوك.
أنهما تلخصان فهمنا لمنظومة التفكير الأنتقائية للقوم, يظهر مصداقه بخلق
المطففين الذين يوزنون بموازين تخدمهم , وبمكاييل مزيفة مسبقا تزيد من ثقل وزن
غنائمهم . تعتبران كمؤشر وجذر لأستصحاب القوم لتلك البنى الفكرية المشوهة .
انها السنة المطلقة لذاك الذي حكم في حياته , وبعد موته على أمة كاملة
بالأبتلاء بأرادة التسلط والطغيان.أرادة من يريد ان يكون فوق النص " فوق
القانون" .مايراه حسنا فهو حسن و مايراه سيئا فهو سيء بغض النظر عنمخالفته للنص
القراني وقد سار على هذه السنة من بعده سلاطين وأمراء و حكام "عموم المسلمين "و
حتى هذا اليوم , هنا أنظر أيها القارئ الكريم الى عنوان المقالة,لحسبان تاريخ
الفكر وممارساته لهؤلاء المنتمين لهذه المدرسة وأقصد بها مدرسة قطع الرؤوس التي
ابتدأت من الستة الذين أختيروا , وبخبث, لأنتخاب خليفة بشرط ان تقطع رؤوس
المعترضين الذين لم يحصلوا على اغلبية أو لم يكونوا في صف شخص محدد من الستة
حتى لو كانت الضحية رأس الأمام علي (ع) . وقبلها أمضاء ما هو مخالف للعقل
والشرع لمجرد رغبة هذا الرجل الذي أراد تبرأة منافق معروف من تهمة الزنا , رغم
شهادة شهود عدول بينهم من قلد , بضم القاف , بنيشان " الصحبة " لاحقا. لهذا نجد
أحفاد القوم أو السائرين على سنة القوم , ممن أختطفوا تمثيل أحبتنا السنة العرب
العراقيين الشرفاء المتشربين لثقافة المدن والحواضر وأعني بها تقبل الآخر نفسيا
وسلوكيا , بعيدا عن المزايدين والمعربدين والمهددين لغيرهم على شاشات التلفاز
وفي خطب مساجد الضرار ,خوفا من صحو فجر عراق الحرية والمساواة على قاعدة القيمة
الأنسانية المجردة من الملاحق الأخرى .لهذا ترى العقلية البدوية الوهابية
المنطلقة من تلك السنة " بضم السين" ترفض الأنتخابات , وترفض الدستور , وترفض
كل شئ , خشية من ان يكون للشيعةدورا في مستقبل العراق يتناسب مع حجمهم وثرواتهم
الثقافية والمادية . وتسمح لنفسها في ذات الوقت في سن وفرض وأملاء مايتبنونه هم
وما يوافق مصالحهم وأهوائهم , لتصل الوقاحة بهم بعيدا لحد مقايضة صدام بأعمالهم
الأرهابية.
د- هنا أستيقظ "ضمير" عمرو " بزيادة الواو" موسى من نوم طويل , وجامعته الهرمة
, بعد ان تركوا العراقيين سنينا طويلة قبل سقوط هبلهم , وثلاثين شهرها بعده في
وسط النسيان والهجران ,من أجل تدافعهم وتزاحمهم على المال السحت , وكابونات
النفط , بينما أستمر الدم العراقي ينزف وهو أعزل , وجسده يترنح من الجوع في
سنين الحصار الظالمة , تركوه وهو يذبح الآن , وحيدا أعزلا الا من عشقه للحرية
وسعيه لرسم صورة مستقبل , مختلف, مشرق , يسبح في فضاءات الأنسانية الرحبة. فقد
أجتمعت الأوباش من الطائفيين العنصرين كي يرسلوا لنا مبعوثهم , رغم مشاركتهم في
دمار العراق بمساندتهم للبعث الصدامي في مختلف المجالات , لتحل عليهم لعنة اللة
سبحانه وتعالى , أو تحل علينا لعنة العراق ان لم ندافع عنه بعقولنا ومواقفنا ,
بل أظافرنا وأسناننا , ان لزم الأمر للوقوف كالبنيان المرصوص لعدم تكرار سقيفة
ثانية .
السؤال ماهي خطط وآليات سقيفة عمرو موسى , وما أعددنا لها من دفاعات لحماية
حاضر ومستقبل العراق؟
أنتهى الجزء الثالث
|