|
صدام وميلوسوفيتش .. والرهان الخاسر صاحب مهدي الطاهر / هولندا
عندما سٌؤل صدام من قبل القاضي العراقي الذي يتراس المحكمة الجنائية العراقية التي عقدت مؤخرا في التاسع عشر من الشهر الجاري ان يبين هويته الشخصية حاول المجرم ان يتهرب من الاجابة المباشرة وعندما ألح عليه القاضي اجابه من انتم ؟ انني لا اعترف بهذه المحكمة ولا بمن شكلها!! هذا التصرف يذكرنا بالتصرف الذي اقدم عليه الدكتاتور الصربي ميلوسوفيتش ادبان محاكمته امام محكمة لاهاي الدولية منذ بضعة سنوات حيث بادر في بادء الامر الى رفض الاعتراف بالمحكمة الدولية واعتبرها بانها شكل من اشكال الهيئات او المنظمات الدولية التي تديرها الادارة الامريكية والتي تخدم مصالحها القومية بطريقة او باخرى واصرعلى انه يرفض التحدث الى هذه المحكمة او تخويل محامي للدفاع عنه الا انه بعد الجلسة الثانية عاد واعترف بالمحكمة وبدا يتعاون معها بشكل ملحوظ حيث وافق ان يكون له محامي يدفاع عنه وان يقطع صومه بالتكلم والحديث الى المحكمة بعدما تاكد جيدا ان الامر ليس بهذه البساطة التي يعتقد فهو سواء اعترف بالمحكمة ام لا فالامران سيان اذ ستواصل المحكمة عملها وستستمع الى الشهود وتتاكد من الوثائق والبراهين التي تدينه وبالتالي ستصدر حكمها بحقه،لكن المفارقه ان صدام قد قبل ان يخول محامي للدافع عنه وبالتالي فهو اعترف جزئيا بشرعية المحكمة فمن المعروف ان المحامي بصفته المهنية عمله ينحصر داخل رحاب المحاكم الشرعية الرسمية فان هو حضر امام محكمة للدفاع عن موكله فهو اقرار من جانبه بشرعية تلك المحكمة وبما ان صدام قد قبل بان يوكل عنه ذلك المحامي فهو اقرار ضمني من قبله بشرعية هذه المحكمة ،الحقيقة الاخرى التي غفلها صدام ولاسباب نفسية محضة لا يدرك انه يقف الان امام محكمة بصفته متهم وان لهذه المحكمة سلطة قانونية تقف وراءها سلطة تنفيذية ممثلة بدولة محترف بها دوليا بمقتضى قرارات دولية فضلا على انها جاءت كنتيجة لانتخابات حرة ديمقراطية مارسها الشعب العرقي شهد الجميع بنزاهتها وشفافيتها وبالتالي فان قرارت هذه المحكمة نافذة قانونيا ودستوريا فماذا يزيد اذن او يقلل اعتراف صدام بشرعيتها او من عدمها ما دامت ان قراراتها سوف ترمي به وراء القضبان لما تبقى من عمره او تعجل عليه بالاعدام؟ ويبدو ان من اشار على صدام بهذه النصيحة لفه النوم العميق حين رفض ميلوسوفيتش بالاعتراف بالمحكمة الدولية واستيقظ حين مثل صدام امام المحكمة الجنائية العراقية فتقطعت عنه حلقات السلسلة الواصلة بين الدكتاتوريين اذ لا يعلم بما وصل اليه امر ميلوسوفيتش حيث اذعن صاغرا وتعاون فيما بعد مع المحكمة دون قيد او شرط وان المحكمة الدولية قد اصدرت حكمها بحقه.ان من الملفت للنظر حقا ان يبادر بعض المتقولين من سياسيين واعلاميين وحقوقيين عرب للطعن كذلك بشرعية المحكمة العراقية وان يطالبوا ان تتولى المحكمة الدولية في لاهاي محاكمة صدام بدلا من المحكمة العراقية !! وهنا نتسال هل ان محكمة لاهاي اصبحت بين ليلة وضحاها شرعية حسب وجهة نظرهم ؟ ام ان هذه المرحلة والتي تشهد سقوط الدكتاتوريين بالجملة لها سمة مميزة الا وهي الطعن في شرعية كل محكمة يمثل امامها الدكتاتوريين؟ انني على ثقة كاملة ان صدام في الجلسات القادمة للمحكمة سوف يسلك المنحى نفسه الذي سلكه نظيره ميلوسوفيتش حين يقتنع ان ليس له من سبيل الا ان يعتبر نفسه كاي متهم حقيقي يقف امام محكمة شرعية خلف القضبان يدافع عن نفسه ويصرخ ويتوتر ويتعصب حد الغثيان وقد يبكي حد الاغماء.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |