جنود امريكيون: إحراق الجثث على أنغام الموسيقى

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

 

كعادتها في مواجهة انتهاكات جنودها زعمت الولايات المتحدة انها فتحت تحقيقا في ادعاءات بقيام جنودها في أفغانستان بانتهاكات ضد أعضاء في حركة طالبان، بما في ذلك حرق جثث بعض المقاتلين. وجاء هذا الاعلان بعد أن عرضت احدى محطات التلفزيون الاسترالي شريطا مصورا يظهر جنودا أمريكيين يحرقون جثث قتلى من طالبان. ويظهر الشريط أيضا جنودا آخرين وهم يهينون مواطنين أفغان باحدى القرى المجاورة اعتُقد أنهم كانوا يدعمون أعضاء طالبان. وقبل أن تبث الشريط، حذرت المحطة التلفزيونية المشاهدين - خاصة المسلمين منهم - بأنهم قد يجدوا تلك المناظر مريعة.

وقالت المحطة ان الشريط جرى تصويره بواسطة المذيع ستيفن دي بونت في قرية غوبينز القريبة من مدينة قندهار بينما كان المذيع يرافق القوات الأمريكية.  ويظهر الشريط خمسة جنود أمريكيين يقفون على حافة مكان صخري، يرقبون جثتين تحترقان وقد بدت الأيدي والسيقان متدلية خارج النيران. كما يحتوي الشريط على مناظر أخرى مختلفة لجنود أمريكيين وهم يعزفون موسيقى صاخبة بدرجة عالية نكاية في نظام طالبان الذي كان يحظر الموسيقى. غير أن أكثر المناظر بشاعة تُظهر جثتين لشخصين يفترض أنهما أعضاء في حركة طالبان وقد سجيتا في اتجاه الكعبة بمكة قبل اشعال النيران فيهما. وأكد مراسل تلفزيون اس بي اس في تعليقه ان هذه العملية كانت ترمي الى تدنيس المعتقدات الاسلامية عن قصد. المذيع الاسترالي علق من جانبه على عملية الحرق بأنها ربما تمثل خرقا لاتفاقية جنيف حول معاملة العدو حيث تنص الاتفاقية على ضمان الاحترام الكامل للجثث.

وفي لقطات أخرى يظهر جنود أمريكيون وهم يقرأون رسالة قالوا انهم أذاعوها على سكان القرية من قبل. وتقول الرسالة: " انتبهوا يا أعضاء طالبان. انكم كلاب جبانة، فقد تركتم جثث مقاتليكم منكفئة على وجوهها تجاه الغرب لتُحرق وفررتم". وتضيف الرسالة المذاعة القول: " لقد جبنتم يا أعضاء طالبان عن استعادة جثث مقاتليكم، وهذا يثبت ما كنا نعتقده من قبل فيكم، وهو أنكم جبناء ككلاب الهوانم".

بين حين وأخر تظهر على السطح تجاوزات وجرائم أخلاقية يرتكبها المحررون ومبعوثو الديمقراطية من الجنود الامريكيين بحق السجناء او الخصوم او الابرياء, من ابوغريب الى جوانتناوموا الى استبدال صور القتلى العراقيين بصور خليعة على موقع إباحي على الانترنت وغيرهم من الامثلة المتعددة واخيرا ما عرضه التلفزيون الاسترالي من تصرفات حيوانية مفعمة بالسادية والتوحش في التعامل مع جثث القتلى والتمثيل بها والسخرية من المعتقدات الاسلامية. تكرار تلك الاحداث والتي تأتي عبر تسرب أشرطة او صور توحي بأن تلك التصرفات ليست استثناء او شذوذا بل هي على الاغلب السلوك العام والتصرفات الغالبة على أخلاقيات الجنود الامريكيين. فالكاميرات واجهزة الرصد ليست موجودة وبشكل دائم وحتى إن وجدت فإن إحتمالية تسربها ليست كبيرة, فمقاربة إحصائية لتلك الاحداث تشير على أنها سلوك عام وداء متفشي داخل صفوف العسكرية الامريكية. ومما يِؤكد هذا الاستنتاج هو سعي الادارة الامريكية الحثيث والحاسم لإعطاء الجنود الامريكيين الحصانة القضائية إن كان عبر الامم المتحدة او من خلال قوانين تسنّها قوات الاحتلال والحكومات المرتبطه بها كما حصل في العراق او إفغانستان. فلماذا الحرص الكبير على الحصانة القضائية للجنود إن لم تكن الجرائم الاخلاقية وسيلة من وسائل العسكرية الامريكية في السيطرة والهيمنة على الدول الواقعة تحت الاحتلال الامريكي؟

والادهى من ذلك في طريقة التعامل الامريكي الرسمي مع المعترفين والمُقرين من جنودها بإقترافهم لجرائم التعذيب والقتل والتنكيل وذلك بالحكم عليهم بأحكام مخففة تماما, ولعلها بذلك ترسل الاشارات التشجيعية للجنود الاخرين بالاستمرار والامعان في تلك التصرفات مع أخذ الحيطة والحذر من تسربها لوسائل الاعلام الا إذا إقتضت المصلحة الامريكية خلاف ذلك. وإذا ما حيدّنا التأثير الاعلامي في ما يثار حولنا من القضايا فإننا لا نجد بالتصرفات الامريكية في قتل المدنيين إن كان في العراق او في أفغانستان بالصواريخ والقاذفات ومزج أشلاء الاطفال والنساء والشيوخ بالركام والحطام والاستهتار بذلك الا انتهاك للحقوق والقيم والاخلاق يعادل إن لم يفوق ما نشره التلفزيون الاسترالي وأدى الى غضب إعلامي مزعوم من البنتاغون. ثم ماذا نسمي اتهامات صريحة صدرت مؤخراً من مسؤول دولي ضد القوات الامريكية بتجويع وقطع الماء عن المدن العراقية الرافضة للاحتلال ومخططاته.

لقد نشرت قوات جورج بوش ثقافة القتل والكراهية والعنف في العالم الاسلامي, ومما يزيد من بؤس تلك الرسائل الدموية واللانسانية والتي تقوم القوات الامريكية بعولمتها هو في الادعاءات البائسة والكاذبة للادارة الامريكية حول نشر الديمقراطية وإحترام حقوق الانسان وتقديس الحريات. 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com