|
إگلوبنا انطرت يمهداوينه * * * * * زمر مأجوره تلفق علينــــه زمر مأجوره يبو عباسها * * * * شيل المطرگه وكسر راسها شيل المطرگه وخلها تصير إبير * * إبير مظلم والحيايه ادوســها هذه الأبيات من قصيدة* شعبية للشاعر الشعبي العراقي المعروف ، وإبن مدينة الجبايش ، مجيد جاسم الخيون الأسدي ، كنت أنا قد حفظتها عنه منذ كانت سني لا تزيد عن ثلاث عشرة سنة ، وقت أن كان دوي محكمة الشعب يملأ الأجواء من العراق ، ووقت أن كانت الناس ، كبارا وصغارا ، تحتشد مساء فيه أمام المذياع في هذه المقهى وتلك ، وكلها تنتظر بفارغ من صبر الصوت القادم عبر الأثير من ذاعة بغداد ، هاتفا : محكمة ! كانت كل الجموع تلك تحبس أنفاسها ، وتلقي بآذانها صاغية له ، وبدافع من رغبة شديدة ، تجتاح النفوس ، وبشوق عارم ، يشدها الى صوت رئيسها البطل ، العقيد فاضل عباس المهداوي ، هذا المقدام الذي بصق بوجوه طراطير البعث ، وجند المخابرات الأمريكية في دار الإذاعة العراقية ساعات انقلابهم الأسود في شباط من عام 1963م ، هاتفا بصوته المدوي في وجوههم ، وهم يطلقون عليه رصاص الغدر والخيانة : يحيا الحزب الشيوعي العراقي ! ما كان للبروسفور الأمريكي ، ليث كبة ، أن يقف مثل موقف المهداوي هذا أبدا ثم أبدا ، وهو الذي كرع من كؤوس قاتلي الشعوب ما شاء له أن يكرع ، بعدها منوا عليه أن يكون ناطقا باسم حكومة أمريكية ، هزيلة ، نُصبت في بغداد ، مدعية ، زورا وكذبا ، أنها هي التي تقف وراء قيام محاكمة صدام التي شاهدها الناس قبل أيام قلائل من كتابة أحرف مقالتي هذه ، مع العلم أن جل الشعب العراقي يعلم أن تلك المحكمة قامت بإرادة الأمريكان وليس بإرادة أي طرف آخر غيرهم ، لكن الناطق باسم الحكومة الأمريكية في بغداد ، البروسفور الأمريكي ! ليث كبة ، راح يكذب على الناس في العراق جهارا حين قارن بين محكمتهم الديمقراطية ! التي تغيب عنها الشهود خوفا من القتل ، والتي راح محام من محاميي الدفاع عن المتهمين فيها ضحية لانعقاد أول جلسة من جلساتها ، وها هي أمريكا ، ونتيجة لقتل المحامي سعدون الجنابي ، تقرر الآن نقل تلك المحكمة الى خارج العراق ، مثلما نقلت المحطة التلفزيونية السويدية الرابعة القريبة من أوساط الرأسمالية الأمريكية ذلك ، وقبل أن تسمع حكومة الجعفري ، وناطقها الرسمي ، ليث كبه ، بهذا الخبر الذي يُزيّف كل إدعاآتهم من أن حكومتهم هي التي كانت وراء إنعقاد الجلسة الأولى لمحكمتهم الديمقراطية ! التي راح ليث كبه يفاخر بها ، وبنفس لغة التلفيق التي جاء عليها الشاعر مجبد جاسم الخيون الأسدي منذ ما يزيد على أكثر من خمس وأربعين سنة ، وذلك حين فضل كبه هذا محكمة الأمريكان التي عقدوها لمحاكمة صدام والمجرمين من على شاكلته ، على محكمة الشعب العراقية التي حاكمت خونة الشعب العراقي من مجرمي حكم نوري السعيد ، أولئك الذين باعوا مقدرات الناس في العراق للدول الغربية مثل بريطانيا وامريكا ، تماما مثلما يبعيها تجار السياسة اليوم من مثال البرسفور الأمريكي هذا ، والذين ستعقد لهم محاكم أمريكية في المستقبل إن هم تمرود على أسيادهم في البيت الأبيض كتمرد صدام عليهم . لقد كانت محكمة الشعب التي يحاول رجال أمريكا في العراق الآن الحط من قدرها بعد هذه السنن الطويلة ، هي محكمة الشعب العراقي بحق وحقيقة ، وليس هي محكمة المهدواي كما يدعي الأدعياء اليوم ، فالشهود في محكمة الشعب حاضرون ، مقدرون ، يخرجون من قاعتها دون وجل وخوف ، ويدلون بشهاداتهم عن رغبة وصدق مشاعر ، وحب عظيم من أجل اظهار الحق ، ومثلهم كان المحامون يترافعون فيها دفاعا عن موكليهم بكل حرية ، وليس تحت حراسة الحراب الأمريكية ، مثلما عليه حال محكمة أمريكا في العراق اليوم . يضاف الى كل ذلك أن محكمة الشعب كانت تستمد شرعيتها من القانون العراقي ، ومن دعم الناس الكبير لها في العراق ، هؤلاء الناس الذين كانوا يجدون في لغة رئيسها البطل ، فاضل عباس المهداوي ، لغتهم التي يجب أن تقال للمجرمين ، الطغاة ، فقد كان العراقيون يهتفوا لمحكمة الشعب تلك من هذا المكان القريب ، أو ذاك البعيد ، كانت أصواتهم المدوية ، العالية تأتي من داخل العراق ، ومن خارجه ، تدعو رئيسها أن يتحدث حديثهم ، وينطق بلغتهم ، فمن منطقة نائية عن العراق ، وهي منطقة ( إعجيرش ) من دولة الكويت الحالية ، كان باعة الاغنام وتجارها من العراقيين يهزجوا بأصواتهم العالية : ( إعجيرش نزلت قطعة من السوفيت إتكلم يا المهداوي إتكلم )* كانت أصواتهم البعيدة هذه تطرق آذان رئيس المحكمة ورفاقه ، مثلما تطرق سماع المتهمين أنفسهم ، وكلما لامس حديث المهداوي شغاف قلوب العراقيين الذين عانوا الظلم والجوع طويلا من جراء تسلط عملاء الانجليز عليهم الذين عاد بعض من أحفادهم للحكم في عراق اليوم ، كانت الناس ترد بمزيد من الأهازيج ، ومن هناك من إعجيرش الكويتيه : اليوم الكون إتكون باسم المهداوي ! = = = = = = = = = = = = = = =
* ألقى الشاعر قصيدته هذه على مسامع بعض من طلاب متوسطة الجمهورية واعدادية الناصرية ودار المعلمين الذين تحلقوا حوله في مقهى شرّاد من شارع الجمهورية ، والمقابلة لسراي الناصرية ، وكان كاتب الأسطر هذه من بينهم . ** أخذت خبر تظاهرات العراقيين المقيمين في الكويت عن أخي الذي كان يتاجر بالاغنام ما بين العراق والكويت إذ ذاك الوقت .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |