|
أطالب بعدم تنفيذ حكم الاعدام بالمجرم صدام حسين يحيى السماوي
كانت ساعة الحائط تبدو وكأن الصدأ قد أكل عقاربها فبدت كما لو أنها لا تتحرك، بينما نحن مصلوبون أمام جهاز التلفاز، نستجدي الزمن أن يركض مثل أرنب مذعور كي يحين وقت نقل مشهد سيبقى منقوشا كالوشم في ذاكرة التاريخ ... مشهد رؤية الديكتاتور صدام حسين داخل قفص الاتهام ... مثل هذا المشهد، كان أمنية الملايين ممن اغتال الديكتاتور أحلامهم وأمانيهم وشوه حياتهم ... وكان ثمة قلق آخر تتوغل مساميره داخل رؤوسنا خشية أن تتخذ الجهات العراقية المختصة قرارا بعدم نقل وقائع الجلسة ! ليست مبالغة اذا قلت أن وسادتي، ومنذ أكثر من ربع قرن، كانت الشاهد على ليالي الأرق الطويلة التي أمضيها كل ليل وأنا أقيم في خيالي محكمة للديكتاتور الذي كان ينظر للعالم من خلال فوهة مسدسه الشخصي ... فبدا لي كما لو أن أمه ولدته داخل مسلخ بشري وأرضعته دما وقيحا لا لبن الأمومة، حتى اذا استطاع في غفلة من الزمن السطو المسلح على السلطة، حول العراق الى مسلخ أو تابوت على هيئة وطن! **** من بين فضائلي - وهي قليلة - أنني أشعر بالغضب حين أعرف أن في العراق شخصا واحدا يكره صدام حسين أكثر مني ... ليس لأن نظامه الاستبدادي الدموي قد حولني الى " كيس ملاكمه " مارس به جلادوه في مديرية أمن المثنى والاستخبارات العسكرية وأمن الحدود هواياتهم الوحشية في " الرفس والصفع واللكم، والعض أحيانا " وليس لأن هذا النظام ترك لي شقيقتين أرملتين وشقيقين معاقين اعاقة دائمة، مع " دزينة " كاملة من أبناء العمومة والخؤولة الشهداء والمعاقين ... وليس لأنه حرمني من ممارسة مهنتي الجميلة وهوايتي كمدرس للغة والأدب العربي، عندما فرض علي العمل " رزاما ومفرق رسائل أو بائع طوابع " في مكتب بريد المثنى، حسب،انما، ولأن هذا النظام الديكتاتوري كان السبب في الكوارث والنكبات التي حلت بالعراق، بما فيها نكبة الاحتلال الراهن ... فالعراق الذي كان بمثابة " سلة الخبز " العربية، أصبح نتيجة سياسة صدام حسين، كما لو أنه صحن شحاذة وكهف فجيعة، على رغم كونه الأكثر تأهيلا من بين جميع بلدان المنطقة،لأن يكون حديقة الازدهار وبستان الرفاهية والأمان !! ومن بين فضائلي - وهي قليلة - أنني أكره السياسة الأمريكية كرها لا يضاهيه سوى كرهي لسياسة الفوهرر أدولف هتلر، لقناعتي أن السياستين، تريدان تركيع العالم أمام جبروتهما و تؤمنان ب " حق القوة " وتكفران ب " قوة الحق " ... أنا اذن أكره صدام حسين، وأكره في الوقت ذاته كل القتلة الذين يغلفون خناجر الاحتلال والمطامع الذاتية، بفراء وحرير التحرير ... ومع ذلك، فأنني أرفع صوتي عاليا مطالبا الحكومة العراقية ( في حال كونها صاحبة القرار السياسي - وليس الامبراطور جورج بوش أو الملك غير المتوج زلماي خليل زاد ) أطالب بعدم تنفيذ حكم الاعدام بالمجرم السفاح الديكتاتور صدام حسين، وسبب مطالبتي هذه، هو، الانتفاع من حياة الديكتاتور، على اعتبار أنه يمثل " ثروة وطنية " حسب ما جاء في تعليق لأحد " الكتبة " العرب الذين يعرضون خدماتهم للايجار ! ما سأقترحه، ليس سخرية، ولا تهويمة حالم ... لا يختلف عاقلان حول حقيقة أن العراق يشكو من دمار هائل بحيث تبدو إزاءه نكبة " تسانومي " كما لو أنها مجرد جرح بسيط أو خدش صغير في جسد صغير الوطن ... ومن واجب الحكومات، عند تعرض بلدانها للنكبات والكوارث المدمرة، استثمار جميع طاقات وامكانات بلدانها، بما في ذلك ثرواتها الطبيعية غير المستثمرة، لاعادة البناء ولدرء الآثار السلبية الناجمة عن تلك الكوارث والنكبات ... وتأسيسا على ما تقدم، فأنني أقترح تحويل صدام حسين الى مشروع استثماري عظيم الربحية، ومثل هذا المشروع لا يتطلب رساميل مالية عالية ... فكل ما يتطلبه المشروع، هو نصف طن من " النعال الاسفنجية " نوع " زنوبا أبو الاصبع "، وقفص حديدي، وبضعة موظفين يعملون كجباة وبائعي تذاكر . أجزم، أن عشرات ملايين المواطنين، عراقيين وايرانيين وكويتيين، ومن جنسيات أخرى، مستعدون لدفع " حفنة دولارات " مقابل ضرب الديكتاتور ب " نعال اسفنجي " على يافوخه ... بل أن كثيرين جدا، مستعدون لدفع مئات الدولارات مقابل " ترطيب وتمسيد " جبين الديكتاتور بنعل اسفنجي . وعلى طريقة الاعلان التجاري الذي ترفعه بعض المحلات، أعني الاعلان الذي نصه : " اشتر قميصين وأربح الثالث مجانا " فانه يمكن وضع اعلان مماثل نصه:" ادفع ثمن ضربتين .. وأربح ضربة ثالثة مجانا " أجزم، أن هذا المشروع، سيدر في حال تنفيذه، مئات ملايين الدولارات التي يمكن تخصيصها لأن نشيد في كل محافظة عراقية : مدرسة ودار حضانة ومكتبة عامة ومتنزها ومستوصفا " بيطريا " لمعالجة أولئك المرضى الذين ما زالوا يصفون صدام حسين بالشجاعة والوطنية وبأنه " فخر الأمة" وليس " الجبان " الذي اتخذ من الجرذ قدوة فأختار المقاومة من داخل جحره ومخبئه السري ... ومن فائض هذه الأموال، سيكون بالمقدور تشييد مستشفى حديث في كل مدينة عراقية، بسعة سريرية تزيد على عدد أعضاء قطيع ما كان يسمى ب " مجلس قيادة الثورة " و " القيادة القطرية " ... وعساني لا أبالغ اذا قلت أن هذا المشروع، سيعيد للخزينة العراقية بعض العافية، بعد أن نجح " المناضلون الجدد " في السطو على ما كان فيها من مليارات لم يتسن للسفير " بول بريمر " حملها معه ؟ !! قبل سنين، قرأت تحليلا بالغ الدقة كتبه أحد علماء السلوك البشري، توصل فيه الى نتيجة مفادها " أن صدام حسين كائن نادر يتمتع بجسد بشري ولكن بعقل حيواني متخلف " ... ووفقا لهذا التحليل الصائب والدقيق، فان صدام حسين يمثل الحلقة الأخيرة من سلالة موشكة على الانقراض، هي سلالة الديناصورات الديكتاتورية التي أنجبت نيرون وهولاكو وتيمورلنك وهتلر وسلوبودان وأمثالهم - غير أن صدام هو الأكثر سادية، لكونه الأكثر تخلفا عقليا منهم، ومثل هذا الكائن الخرافي، سينقرض في حال اعدامه، ولذا يتوجب المحافظة عليه ريثما تستكمل دراسته من قبل العاملين في مجالات الطب النفسي والطب البيطري ( وهذا الرأي ليس لي، انما لصديق له اهتمامات بالبيئة، اقترح أن يصار الى وضع الديكتاتور وبقية عصابته الوحشية، في " محمية " طبيعية داخل مسلخ، غير أنني لا أوافقه الرأي رغم وجاهته وسلامته، إذ أن مثل هذا الراي سيلزم الحكومة بتوفير الأعلاف المناسبة، في وقت الحكومة أحوج فيه الى الأموال اللازمة لاعادة اعمار العراق، خصوصا بعد أن نجح " المناضلون الجدد " بسرقة أموال الشعب العراقي ليقيموا امبراطوريتهم المالية في الخارج ) ؟ صديق آخر، اقترح أن يكون هنالك خصم بنسبة 50% للأطفال - وهو اقتراح يمكن الأخذ به، على عكس اقتراحه الثاني الذي كشف فيه عن قلة الخبرة في المجال الاستثماري ... فهو اقترح أن يكون ضرب الرئيس الضرورة بأحذية جلدية ماركة " باتا " ومن نوع " القبقلي " أو ب " بصاطيل " الجنود الذين أرغمهم الديكتاتور أن يكونوا وقودا بشريا لمحارقه العدوانية ... ومثل هذا الاقتراح سيؤدي في حال الأخذ به، الى تهشيم راس صدام حسين في أول ساعتين من بدء العمل في المشروع، في حين تفرض المصلحة الوطنية المحافظة على رأسه أطول فترة ممكنة لجني المزيد من الأرباح .. فرأس الرئيس " ثروة وطنية " على رغم كونه صندوقا لدماغ شديد التخلف . أما اذا أصرت الحكومة على تنفيذ حكم الاعدام، شنقا أو رميا بالرصاص - فانني موافق، ولكن على شرط أن يكون الاعدام رميا بالأحذية حتى الموت !
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |