|
ماوراء الدعابات السياسية .. ماذا جاء يعفل عمرو موسى في كوردستان؟؟ فينوس فائق / هولندا
يقال أن دعابات السياسيين تخفي وراءها بعض الجد وربما الجد كله، تخفي الكثير من الدلالات والمعاني والإشارات، هي ليست ألغاز، وإنما معاني داخل معاني، فأخيراً تكرم عمرو موسى وزار العراق، بل تكرم وزار كوردستان، لكن ليته ما فعل، وهو لم يصب عين الحقيقة بل أعماها حين قال أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي، فأنا أقول له : في بعض الأحيان أن لا تأتي أصلاً أفضل من أن تأتي بهذه الطريقة .. فقد جاء ليطلق دعابة سياسية ذات مغزى عميق ويحمله التأريخ لعمرو موسى في أرشفة أخبار التلفزة، حين قال وجواباً على سؤال أحد الصحفيين الكورد عندما تفوه بعبارة الدولة الكوردية، وقال عمرو موسى مقاطعاً السيد مسعود البرزاني أثناء المؤتمر الصحفي الذي تابعناه بكل آذاننا وحواسنا : (اللي حيتكلم عن الدولة الكوردية منفطروش النهاردة) أي (من يتكلم عن الدولة الكوردية لن نسمح له بتناول طعام الإفطار هذا اليوم)..لا أدري بأي نية جاء عمرو موسى إلى كوردستان ويأي إنطباع تركها ؟ هل بتصور عمرو موسى أن قيام دولة كوردية تحتاج إلى موافقة عمرو موسى؟ وهل أن الكورد بكل هذه السذاجة بحيث أنهم وبعد رجوعهم إلى داخل الخارطة الكوردية أن يعدوا شريط الدولة الكوردية ويسمعوا عمرو موسى ويطلبوا منه أن يتوصط لدى المجتمع الدولي لكي نحصل عليها؟ كنت أتوقعه على قدر أكبر من الدبلوماسية والكياسة السياسية في الإجابة علة مثل تلك الأسئلة.. فهو حتى أنه لم يتنازل ليسمي صدام بالمجرم عندما سؤل عن محاكمته، حيث قال: أنه يتابعها لأنها شيء جديد في العالم العربي، في حين أنه لم يعلق فيما إذا كانت محاكمة عادلة، وهل أن صدام يستحق هذه المحاكمة أم لا.. توقعت من عمرو موسى عندما وصل أربيل أن يطلب زيارة إلى مزار الشهداء البارزانيين المؤنفلين الذين تم العثور على رفاتهم ونقلهم قبيل وصوله إلى كوردستان بأيام قلائل، وأن يطلب أن يقرأ الفاتحة على أرواحهم ولا حتى أنه واساهم في مصابهم، على الأقل إحتراماً لأهل البيت الذين هو في ضيافتهم والذين أصابهم الحزن بالعثور على قبر جماعي آخر قبيل أيام، حتى أنه لم يتنازل ويزور حلبجة التي زارها كولن باول وأغلب الساسة الأوروبيين والأمريكان، خصوصاً وأن رئيس البرلمان الكوردستاني طلب منه أن يزورها.. كم كانت خيبتي كبيرة عندما وقف عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية بكل قامته وهو في مقام رئيس دولة، لا بل أعلى من رئيس دولة، فهو رئيس الجامعة التي تضم تحت لواءها كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وقف وإعتبر كوردستان الجنوبية جزءاً من الوطن العربي، هذا الشيء الذي كان له صداه الكبير بين الأوساط السياسية والصحفية الكوردية، التي تم تأويلها بشتى المعاني والدلالات، وأكد على نظريته الخاطئة رأساً على عقب ودافع عنها داخل البرلمان الكوردستاني حين قال بالحرف الواحد أن كوردستان العراق ليست جزءاً مهماً من العراق فقط وإنما جزء مهم من الوطن العربي، هذا التوجه الشوفيني البحت الذي عانينا ومازلنا نعاني منه حتى الساعة، رغم كل التغيير، حيث مازلنا نتعرض إلى التجاهل وفي عقر دارنا وبكل ديمقراطية، لذلك أكرر، ليتك لم تأت أصلاً يا عمرو موسى إلى كوردستان من أن تأتي وتهيننا في عقر دارنا على هذا النحو، لكنني هذه المرة لا ألقي العتب واللوم على عاتق عمرو موسى لوحده، ألقيه على عاتق مضيفه من السياسيين الكورد حكومة وبرلماناً.. تمنيت لو كنت موجودة في قاعة البرلمان الكوردستاني ودافعت عن كوردستان وكوردية كوردستان وكم هي كوردية، وكيف أن جدران هذا البرلمان بني من دماء شهداء حلبجة وضحايا الأنفال، وجدرانه تلك تقف على أعمدة من عظام الشهداء الأبطال والثوار البيشمركة الكورد، فهي بذلك ليست عربية كما يريد أن يصبغها عمرو موسى وإنما كوردية وتلك الأرض التي وقف عليها عمرو موسى كوردية وتتكلم الكوردية وحتى جبالها كوردية ولو نطقت لتكلمت بالكوردية.. أنا لا أرى اي أهمية تذكر في زيارة لرئيس الجامعة العربية إلى كوردستان على هذا النحو المشين والمهين، فهو جاء ليقول أن دستور العراقي باطل وأن كوردستان ليست كوردية وإنما هي جزء من الوطن العربي، جاء عمرو موسى إلى كوردستان وترك وراءه همزاً ولمزاً سياسياً وتأويلاً لكلامه وأجوبته المقتضبة وذات المعاني الواسعة على أسئلة الصحفيين، ورحل حتى دون أن يقرأ الفاتحة كمسلم على أرواح الشهداء الكورد..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |