|
قصور الرئيس وأموال العراق
زهير كاظم عبود
حين تم القبض على الرئيس البائد صدام في الحفرة الشهيرة ، عثر الجنود على صندوق يحتوي على ثلاثة ارباع مليون دولار ، تم التحفظ عليها وتقييدها ضمن محاضر الأوراق التحقيقية ، ولم تتم مسائلة المتهم المقبوض عليه عن مصدر تلك الأموال ، وكيف تم تسليمها له وهو في حالة الهروب والأختفاء ؟ وهل هناك أموال أخرى غير تلك الأموال وأين مكانها ؟ ولماذا هذه المبالغ بالدولار الأمريكي دون غيره من الأموال ؟ والعديد من الأسئلة التي لم تتطرق لها هيئة التحقيق المركزية . وقبل القبض على الرئيس البائد في الحفرة التي أتخذها مقراً رئاسياً مؤقتاً في أطراف مدينة الدور ، تم العثور على ملايين الدولارات في خربة من خرائب مدينة تكريت ، كانت متروكة يبدو أن أحدهم ضاقت به السبل فتركها على أمل ان يستعيدها في اقرب فرصة . وكان المقبور الأبن الأصغر للرئيس البائد قد أفرغ خزائن البنك المركزي العراقي من العملات الصعبة ، وتم التصرف بها لحسابه دون ان يتعرف احد لحد اللحظة مصير تلك المليارات من النقد الأجنبي ومصيرها، علماً انه تم العثور على كمية كبيرة من النقد الأجنبي مع المقبورين حين تمت ملاحقتهما والعثور على مكانهما بعد ان ضاقت بهما الدنيا على ما وسعت فتوجها الى الموصل ليحلا ضيفين ثقيلين على شخص من الذين تحملوا ظلماً وأساءة كبيرة من عائلة صدام الحاكمة . التصرف بالأموال العراقية وموارد البلاد بدأ مع اليوم الأول لتسلم صدام الرئاسة بعد ان أزاح سيء الذكر أحمد حسن البكر ، فقد ألغى الميزانية العامة للدولة ، أذ صارت الميزانية مكرمة يتم منحها للدولة والشعب من قبل صدام ، فقد سيطر وأولاده وعائلته على موارد النفط ، وأصبحت مطبعة النقد العراقي ملكاً شخصياً الى المقبور قصي ، ولم يعد أحد في العراق يعرف الأيرادات ولا الاموال التي تخرج أو التي يتم توظيفها خارج العراق سواء بأسماء شركات وهمية أو بأسماء شركاء ، القسم منهم من اكتنز ما بحيازته من أموال بعد ان سقط صدام وسلطته والى الأبد ، وبعض لم يزل بين بين . غير أن مايلفت النظر أن الأرصدة والثروات التي سجلها صدام باسمه او باسم عائلته لم يتم التحري عنها بشكل جدي وفاعل من قبل هيئة تشكلها الجمعية العامة لتخلص الى هذه الممتلكات سواء منها القصور والعقارات أو الشركات أو الحصص في الصحف والمجلات ، بالأضافة الى العمولات غير الشرعية التي كان صدام يمنحها لسياسيين عرب وأجانب ورؤساء عرب وأجانب ، أضافة الى مبالغ الرشى التي كان يغدقها من أموال العراقيين من أجل شراء الذمم والمواقف . وكانت صحيفة الشرق الأوسط قد نشرت خبراً عن قصور صدام خارج العراق في عددها الصادر في 6 أكتوبر يقول : (( أكدت مصادر عراقية في باريس لـ«الشرق الأوسط» التقارير الصحافية التي أفادت بامتلاك الرئيس العراقي السابق صدام حسين وعائلته قصرين بالغي الفخامة على الشاطئ الفرنسي على البحر الابيض المتوسط المسمى الشاطئ اللازوردي. ويقع القصر الأول على مرتفعات مدينة كان المعروفة بمهرجانها السينمائي السنوي الشهير وبفللها وفنادقها الفخمة التي يرتادها مشاهير العالم وبمجموعة الكازينوهات التي تحتضنها. وتقدر قيمته بعشرة ملايين يورو, وهو ذو صالون شبيه بقاعة المرايا في قصر فرساي التاريخي الشهير الذي سكنه لويس الرابع عشر وطردت منه الثورة الفرنسية خليفته لويس السادس عشر الذي تدحرج رأسه أمام المقصلة في ساحة الكونكورد. اما القصر الثاني فيقع في مدينة غراس المعروفة بأنها عاصمة العطور في فرنسا. )) . وبحسب المعلومات التي حصلت عليها إذاعة «أر تي أل» المسجلة في دوقية لوكسمبورغ والتي تبث بالفرنسية، فإن القصر الأول يقع على مرتفعات مدينة كان المعروفة بمهرجانها السينمائي السنوي الشهير وبفيلاتها وفنادقها الفخمة التي يرتادها مشاهير العالم خصوصا نجوم السينما والفن وبمجموعة الكازينوهات التي تحتضنها. وبحسب الإذاعة المذكورة، فإن مساحة قصر صدام في مدينة كان الواقع على تلة مشرفة على خليج كان، وفي المنطقة الراقية منها، تبلغ 600 متر مربع. والقصر المتروك منذ عام 2003، مزود بمسبح وتزينه الأعمدة الرخامية البيضاء ما يعني أن قيمته الحقيقية تزيد على عشرة ملايين يورو. وأفاد الصحافي الذي نجح في زيارته أن صالون القصر شبيه بقاعة المرايا في قصر فرساي التاريخي الشهير الذي سكنه لويس الرابع عشر وطردت منه الثورة الفرنسية خليفته لويس السادس عشر الذي تدحرج رأسه أمام المقصلة في ساحة الكونكورد.
وقصر
صدام في
كان
المهجور
منذ
سقوطه
وتم
تجريدة
من كل
مقتنياته،
مجهز
بغرفة
نوم من
الطراز
القديم
مطلي
سريرها
بالذهب
وبقاعة
حمام
يتوسطها
جاكوزي
حنفياته
من الذهب
ما يعكس
جنون
العظمة
الذي كان
يتحلى به
سكانه.
ويؤكد
صحافي أر
تي أل أن
موجودات
القصر
نهبت
تماما
على يدي
الحارس
العراقي
القريب
من صدام
الذي
اختفى
اثره منذ
مغادرته
القصر
عقب سقوط
نظام
الرئيس
العراقي
السابق.
هذين القصرين مثالاً على المنتجعات والقصور والأماكن التي أشتراها الطاغية من أموال العراقيين وعلى حساب مستقبلهم ودموعهم وعرقهم لغرض أن تتمتع بها عائلته ، وليستطيع ان يسد بها جوع الروح الذي بقي يلاحقه ولم يستطع ان يملأه من أموال العراق ، قصور وفيلات وشركات وأرصدة وأموال مستثمرة جميعها بحاجة لمتابعة أمينة وبحاجة لملاحقة جدية وفاعلة . ولذا يتعين على الجمعية الوطنية وهي تراقب الأيام القليلة لمحاكمة الرئيس البائد عن جريمة واحدة من الجرائم العديدة التي أرتكبها في العراق ، والتي لم يتحرك لها العالم المتحضر حينها ولا أستنكرتها منظمات حقوق الأنسان ، وهي جريمة قتل المئات من العراقيين في منطقة الدجيل ، وأزاء الأتهامات التي تخص جرائم الأبادة البشرية في العراق ، يتعين على الجمعية ان تتابع الحقوق الوطنية للعراق في الشركات والعقارات التي أشترتها بنات الرئيس البائد من الأموال العراقيةالمهربة ، حيث ان الوضع القانوني لايسمح لهن بحيازة الملايين من الدولارات لعمل وجود مصدر مالي غير الأستحواذ غير المشروع للثروة العراقية ، ولسبب السيطرة بشكلها غير القانوني على الأموال العراقية تم تهريب الملايين منها خارج العراق تحسباً للطواريء وهو ماحصل اليوم ، مما يوجب أن تتم الملاحقة والأستجواب عن مصدر هذه الأموال ؟ وكيف جرى تهريبها خارج العراق خلافاً للقوانين العراقية ، بالأضافة الى ضرورة تكليف من يتابع ويلاحق الشركات والجهات التي لم تزل تستغل الأموال العراقية التي هربها الطاغية بشكل غير قانوني ومخالف للمنطق ، والتي لم يتم الكشف العديد منها لحد الان . أن فضيحة كوبونات النفط غير بعيدة ، الا ان اللافت للنظر انها بقيت غافية وتم التعتيم عليها مثل غيرها من الملفات ، بعد ان قامت صحيفة المدى العراقية بنشر الأسماء مع كميات النفط التي أستلمها كل واحد ، وهي من جرائم الرشوة والأستحواذ على عمولات ونسب من العائدات ليس لها سند او اساس قانوني أو شرعي . أن الخسارة الفادحة التي مني بها الأقتصاد العراقي طيلة السنوات العجاف التي ملك بها صدام السلطة في العراق ينبغي أن تكون مثار أهتمام المعنيين في مستقبل العراق ، بأعتبار أن العراق بلداً منتجاً للنفط ، فأذا خرجت ثرواته وموارده في الحروب العبثية وعمليات تثبيت السلطة ، فلا يعقل ان تكون مديونيته بالشكل الذي ظهر عليه بعد سقوط صدام . وكانت صحيفة الحياة قد نشرت تصريحاً لوكيل وزارة الخارجية العراقية يقول فيه : (( وجود ظاهرة «العراقيين العرب» اسوة بظاهرة «الافغان العرب»، موضحاً ان «هناك عراقيين ارهابيين داخل العراق ينتقلون الى دول الجوار لضرب أمنها واستقرارها». وحذر من هذا «التطور» داعياً الى «التعاطي معه بمزيد من التضامن الأمني بين العراق ودول الجوار»، ومتهماً «أنصار النظام السابق بالتورط في تمويل العناصر الارهابية المصدرة من العراق الى الخارج، خصوصاً عائلة صدام حسين» التي وصفها بـ «الممول لعناصر ارهابية تتحرك داخل المدن العراقية ولها امتدادات في دول الجوار». وكان الناطق باسم الحكومة العراقية ليث كبة (أ ف ب) طالب في مؤتمر صحافي أمس الأردن بوقف نشاطات عائلة صدام قائلاً: «يؤسفنا القول ان هناك اعداداً كبيرة، ليس فقط من رموز النظام السابق، بل حتى من المشرفين على الجماعات الارهابية، موجودون في الاردن». وفي ما يتعلق بوجود افراد من أسرة صدام في الاردن، قال كبة: «انهم يقومون بدعم نشاطات سياسية واعلامية ويحاولون انعاش حزب البعث باستخدام اموال ضخمة». وأوضح: «من منظور الحكومة العراقية هذا العمل غير مقبول»، مؤكداً «حرص العراق على ان يحكم القانون بمصادرة الاموال ومعاقبة كل من يدعم الارهاب بأي شكل من أشكال الدعم». )) أن هذا التمويل والأسناد المادي لم يأت من فراغ ، ولم يكن نتيجة التبرعات المالية الشخصية ، وانما من الأموال العراقية المهربة والمكتنزة لمثل هذا الموقف ، ومن يتابع الأمور يجد ان الملايين العديدة من الدولارات تم تهريبها الى دول الجوار حين كانت الحدود والأمور سائبة ، وأن وجود هذه الأموال بشكلها الحالي لايتحدى العراقيين بسرقتها وأستثمارها وأستغلالها فحسب ، بل انها يتم استغلالها لقتل العراقيين وتخريب حياتهم ومساندة التنظيمات الأ{هابية وشراء الضمائر وتسويق البهائم المفخخة من العرب والأنفاق عليهم قبل أن يفجروا أجسادهم العفنة ويرحلوا بسرعة فائقة الى جهنم وبئس المصير . . وكان عدد من العراقيين المقيمين في ايطاليا نشروا طلبا موجهاً الى جميع المراجع السياسية في العراق يطالبون فيه الجهات المختصة بأتخاذ الخطوات لاستعادة اموال العراق التي سرقها عدي صدام حسين وطارق عزيز ووظفوها في ايطاليا ولديهم مخاوف حقيقية من ضياع هذه الاموال التي تقدر بالملايين او عودتها لتمويل الارهاب في العراق بدلا من عودتها الى وزارة الماليةالعراقية . وكانت مصادر مطلعة قد أكدت ان عملية واسعة بدأت لملاحقة ورصد مليارات الدولارات العائدة لعائلة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين والتي يعتقد انها وضعت في شبكة معقدة في شركات تعمل كواجهات وفي حسابات مصرفية سرية تمتد من بنما الى سويسرا والاردن، وهذه الأموال تم غسيل قسم منها فيما لم يستطع أن يتم تحويل القسم الاخر حيث بقي بأسماء الشركاء . وكان من بين الاصول العراقية، التي افلحت شركة كرول في تحديدها عام 1991، شركة واجهة تحمل اسم «مونتانا مانيجمنت»، بدت نموذجاً لعمليات شركات صدام. وعلى الرغم من انها كانت مسجلة في بنما، فانها كانت تؤدي اعمالها من سويسرا. وكانت مونتانا تمتلك حصة 8.4 في المائة من شركة «هاشيت فيليباتشي ميديا» الفرنسية للنشر، التي تصدر مطبوعات بينها «إيلي» و«كار اند درايفر» و«بريميير». كما انها كانت تمتلك حصة 2.5 في المائة في شركة «ماترا» الفرنسية التي تعمل في مجال تصنيع الكترونيات الصواريخ والدفاع. وتبلغ قيمة الحصص العراقية في شركتي هاشيت ماترا، والتي جمدتها الحكومة الفرنسية، حوالي 90 مليون دولار. وقال متحدث باسم هاشيت ان الشركة ستتعاون في تحويل حصص مونتانا الى الحكومة العراقية الجديدة ما ان تصادق الامم المتحدة على ذلك. ووفقاً لما ذكره يوليس كرول، مؤسس الشركة المتخصصة بالتحقيقات المالية، فان معظم استثمارات صدام كانت في بنما وسويسرا وفرنسا والمانيا وقبرص وبريطانيا وايطاليا. وقال كرول انه (صدام) «كان يعمل عبر شبكة من الشركات الاجنبية»، مضيفاً ان الاموال «يمكن ان تمر عبر ثلاثة اماكن قبل ان تصل الى حساب مجهول الاسم ، وفي استقراء للايرادات العراقية من العملة الاجنبية من خلال عمليات التهريب، اعد فوسيت «تقديراً معتدلاً» للاموال المتيسرة لعائلة صدام، والتي قال انها تتراوح بين 5 الى 10 مليارات دولار. الأموال العراقية التي سرقت من العراقيين طيلة فترة الحكم الصدامي كبيرة وتم تعدد اساليب توزيعها وسرقتها ، وعلى المختصين في البرلمان العراقي القادم ووزارة المالية وكل الجهات المختصة متابعة هذا الجانب قانوناً وملاحقة المستفيدين منها وأعادتها الى العراق .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |