مع من نتصالح ومن ترى نسامح؟!

 

سمير سالم داود

alhkeka@hotmail.com

 

البعض الذين عملوا وبحماس منقطع النظير, كل ما في وسعهم, طوال الشهور القليلة الماضية, لضمان عودة المئات من كوادر العفالقة في المافيا الصدامية الى مواقعهم في مختلف أجهزة الدولة, يحاولون هذه الأيام, إضفاء الشرعية على هذه الجريمة( إعادة كوادر المافيا الصدامية) من خلال الترويج لسالفة عفا الله عما سلف ..والمسامح كريم, بالترافق مع طرح ما يسمى بمشروع ( المصالحة) الوطنية...الخ هذه الأفلام !

لا أريد ولا يمكن أن أريد, أن تسود شريعة الغاب وروح الانتقام, أتمنى أن الواحد يغمض عينه ثم يفتحها عن واقع مختلف جذريا, وخاصة في المناطق التي مازالت, تعد قلاع علنية للعفالقة, حتى بعد مرور اكثر من عام ونصف على سقوط رئيس العصابة صدام!

أتمنى لو أن رب العباد (ينزل)  مطر خاص, لتنظيف جميع العفالقة الأنجاس في العراق, من كل قذارتهم على الصعيد الفكري, ويطهر نفوسهم من الحقد والكراهية ضد الشعب العراقي! أتمنى أشياء كثيرة, ويمكن أكثر مما يتمناه, دعاة عفا الله عما سلف ...ولكن...ولكن, كل هذه الأماني والتمنيات والأحلام, كانت وستبقى, مجرد تعابير جميلة للغاية, عند تسطيرها على الورق, ولكنها للأسف الشديد, في اللحظة الراهنة, وعلى المدى المنظور, مجرد كلمات وخريط, بدون معنى على أرض الواقع !     

كيف يمكن الحديث, مجرد الحديث عن المصالحة مع العفالقة, قبل المباشرة بالعمل حتى في إطار الحد الأدنى, بما يؤدي أو يساعد على تفتيت (مافيا العفالقة) وتشتيت قواها, بعد عزلها ومحاصرتها, لغاية رضوخ من يتبقى متمسكا بفكر هذه العصابة, للواقع الجديد, واقع التعددية وحق تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع, وفي عراق ديمقراطي فيدرالي, يقوم في وجوده على احترام حقوق الإنسان !

كيف يمكن تحقيق كل ذلك؟! وكيف يمكن القضاء نهائيا على المافيا العفلقية, وضمان عدم عودتها للتحكم من جديد بمصير العراق والعراقيين؟!

هذا ما يجب مناقشته, وهذا ما يجب التوقف عنده, بدلا من مواصلة ( جريمة) إعادة العفالقة الأنجاس الى مواقعهم علنا وجهارا وبشكل محموم, ومن ثم اليوم محاولة ( إضفاء الشرعية) على هذه ( الجريمة) من خلال الترويج اليوم لما يسمى بمشروع المصالحة الوطنية!

كل ذلك يستحق عمليا الدراسة والبحث, من جميع المناهضين حقا للعفلقية الهمجية, خاصة وأن حلوين الجهامة من جماعة ماما أمريكا وزعاطيط  الانترنيت من ربع هلو بوبي, وجميع المناضلين الحوك في فيلق صدام الإعلامي أيام زمان, لا يعنيهم كثيرا التوقف عند هذا الموضوعة بالمناقشة, طالما أن سالفة المصالحة مع العفالقة,لا تتعارض مع حصولهم على المعلوم من المتقدم من المواقع....الخ, وبالتالي تراهم  لا يعرفون ما هو أكثر من ترديد سالفة تجربة المصالحة في جنوب أفريقيا, دون تقديم ولو توضيح صغيرون عما يدعوهم, لمثل هذه المقارنة الغبية مع تجربة المصالحة في دولة جنوب أفريقيا تحديدا, وليس ألمانيا بعد سقوط النازية, أو تراهم يعتبرون حشه كّدركم حزب البعث مو حزب فاشي؟!*

ولماذا الهروب وتقليد الاخرين أساسا, هل من الصعب علينا أن نفكر, ونتواصل الى الصيغة المناسبة للتعامل مع مافيا العفالقة,  وانطلاقا من الواقع العراقي أولا وعاشرا, دون تجاهل تجارب الشعوب الأخرى ( ألمانيا, إيطاليا, اليابان) بعد القضاء على الفاشية والنازية, وكذلك تجربة جنوب أفريقيا بعد القضاء على النظام العنصري....الخ

وعمليا مصير جميع المحاولات للتعامل مع مافيا العفالقة, سوف تنتهي حتما الى الفشل, إذا جرى تجاوز  واقع التجربة المريرة للعراقيين من ضحايا نظام العفالقة الهمج, جراء جرائم وبشاعات لم تحدث قط في أي بقعة أخرى من العالم, ومارستها عصابة مافيا وبمنتهى الهمجية طوال أربعة عقود من الزمن.

بتقديري الخاص, أن من الغباء حقا, تجاهل حقائق الواقع وبعد ما يزيد على عام ونصف من سقوط صدام, وتحديدا التعامي عن أن عصابة العفالقة, مازالت تملك مقومات التحرك بالاعتماد على الذات داخل العراق, بالاستناد على نظام عمل مخابراتي + الأموال+ السلاح + قنوات الدعاية والتحريض, كما تملك مقومات الدعم على النطاق العربي وبشكل خاص من عفالقة الشام بالاستفادة القصوى من الحدود المشتركة بين هذه المنطق وسوريا وبالاستناد على تخلف الوعي وسيادة الأفكار والقومجية والسلفية على نطاق واسع في أوساط الرأي العام العربي.

و....ذات الشيء يمكن  كما أن دولة العفالقة في الخارج, وخاصة في الدول الأوربية, لاتزال تملك المقومات والقدرة المطلوبة لمواصلة دعم العصابة العفلقية في الداخل, على الصعيد السياسي والدعائي وتجنيد الإرهابيين إضافة الى ضمان الدعم المالي بالاعتماد على الأموال المودعة في حسابات خاصة في البنوك الأجنبية, والتي يجري ومن سنوات توظيفها في مجالات مختلفة, ومن بينها المئات من شركات الاستيراد والتصدير, التي تساهم في زيادة رصيد العصابة من الأموال من جهة, وتساعد من جهة أخرى على التغطية على نشاطات عناصرها وتحركاتهم من جهة أخرى, ويكفي أن نشير على سبيل المثال الى أن المرتزق شاكر الخفاجي عميد مرتزقة صدام في أمريكا, تحول وبعد سقوط النظام الى العمل التجاري لتعزيز التعاون بين الشركات الأمريكية والعراقية على صعيد الاستيراد والتصدير, وليت الأمر فيما يتعلق بهذا المرتزق, يقتصر وحسب على التجارة, هناك ما هو أسوء ويتعلق بالعمل في أحد أخطر ميادين العمل الإعلامي في عراق ما بعد صدام حسين!!**

السؤال: لماذا إذن يجري تجاهل كل هذه الوقائع والمعطيات, والعبد لله لم يتوقف سوى عند خطوطها العامة وحسب, وبحيث يتصاعد ومن جديد الحديث عن المصالحة الوطنية, والتي كفيلكم رب العباد لا تعني ولا تستهدف سوى إضفاء الشرعية على عودة العفالقة الأنجاس لممارسة دورهم من جديد على الصعيد السياسي, وفي ظل اختلال خطير في توازن القوى وحيث لا يزال الطرف الأمريكي يلعب الدور الأساس على صعيد الوضع العراقي؟!

العراقي الذي عاش على حافة الحياة في ظل واحد من أبشع الأنظمة الدموية في العصر الحديث, بحاجة الى السلام بحاجة أن يعيش مثل سائر البشر الأسوياء...يفرح ..يضحك أو يحزن ....أو حتى يموت وهو يعرف أن سيتم قبره ومن سيحضر عزاءه .....

لا أحد يريد حرمان ولو عراقي واحد من فرح العيش بكرامة...لا أحد يريد وليس من حق أحد بالمطلق الدعوة الى مصادرة حق الناس في التعبير والعمل السياسي ....الخ بديهيات حقوق الإنسان, ولكن ذلك لايمكن بالمطلق أن يشمل العفالقة الأنجاس, لان العفلقي لا ينتمي أساسا لعالم البشر!

ومن الغباء, منتهى الغباء, التصور أن ذلك يتعلق فقط , بكوادر هذه العصابة من وحوش الأجهزة العسكرية والمؤسسات القمعية المختلفة, وإنما سالفة أن ( العفلقي مو بشر)  حقيقة تشمل حتى كوادر العفالقة في ميدان العمل الثقافي, ومن يطالع كتابات وشتائم نجوم فيلق صدام الإعلامي, في الصحف وقناة الهجع والمجع والمواقع الصدامية...الخ وسخريتهم من الذين امضوا العمر في النضال ضد نظام العفالقة الهمج, يدرك أن العفلقي وبعد 35 عاما من العمل في المافيا الصدامية, تحول فعلا الى ( شيء) لا ينتمي الى عالم البشر, سوى على صعيد الشكل والمظهر الخارجي, هذا على الرغم من أن شكولات البعض من هولاء العفالقة,  ممن شاهدة بالصدفة ووجوههم الكريهة في قناة الهجع والمجع, تحولوا حتى على صعيد الشكل, الى شيء, من الصعب توصيفه بالكالمات, وبصراحة تحولوا الى (فد شيء)  ما أدري شنو, ولكن (شيء) يبعث فعلا على الشعور بالتقزز!        

و....يا كل مناضلي الطبعة الأمريكية المحسنة من حزب العفالقة, ويا كل كوادر ماما أمريكا وجميع مناضلي : هلو بوبي, العراقي لم يناضل من أجل أن تغير صدام وأبو الثلج والجزراوي وجم واحد من زربان عصابة المافيا, وإنما من أجل تطهير العراق من رجس العفلقية, باعتبارها أساس الشر, كل الشر, لان العفلقية تعني الفاشية والشوفينية والطائفية , وبالتالي المطلوب قطع الطريق على عودة البعث العفلقي, وتجفيف مستنقع الفكر الفاشي الشوفيني الطائفي, مهما ارتدى العفالقة الأنجاس, من لبوس ومهما تفننوا في اختيار الأقنعة ومساحيق التجميل! ***

بالعراقي الفصيح: يا أولاد القحبة لا تلعبوا بمشاعر الناس ..وعواطفهم ....نحن جميعا نريد وطنا تسوده المحبة وشريعة الديمقراطية....لا أحد يريد المزيد من الموت والقتل...ولذلك ..لذلك بالأساس, علينا أن نغلق كل الطرق, ونوصد جميع الأبواب, ونعمل كل ما نستطيع,  من أجل أن نمنع عودة العفالقة الأنجاس للتحكم من جديد, بأسيادهم من العراقيين!

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com