سيـّاف البعث ذاته

بلقيس حميد حسن

رئيسة المنظمة العراقية للدفاع عن حقوق الإنسان في هولندا

balkis.h@wanadoo.nl

قد لا يعرف إخواننا العرب ما معنى "  أبو طبر" . ذلك السيـّاف المرعب  الذي خبرته رقاب الضحايا من أبناء العراق  كمجرم ادخل الرعب والهلع إذ  يقتل بآلات حادة غريبة وبأساليب لا يعرفها ابشع الشاذين من القتلة , " أبو طبر" وعصابته التي  نفذت الذبح العشوائي  بعوائل عراقية  بأكملها , صغارا وكبارا  وهم نيام في بيوتهم , وكم قتل وعاث فسادا, وكم  زلزل  بيوت بغداد  و تستـّرت حكومة البعث عليه آنذاك  فهي التي خلقته وأطلقته  لـِيـُدخل الخوف والصمت على كل ما يجري في العراق , وهو باكورة جرائم حكومتهم الرسمية كحزب حاكم عام  1968.

إن كثيرا  من المحللين السياسيين والإعلاميين ورجال السياسة العرب , يهزؤون بنا  حينما نقول أن اغلب العمليات الإرهابية التي تتفجر اليوم  في العراق , هي من صنع بقايا البعث الحاقد على  كل ما هو خير للعراق  وأهله , ولولا تعاونهم مع الإرهابيين لما استطاعوا تنفيذ ما ينفذونه يوميا من انفجارات وموت مستمر .  وينعتنا إخواننا العرب  بنعوت ما انزل الله بها من سلطان , فنحن أما خونة مع الأمريكان لأننا نريد أن يـُبنى  العراق على يد حكومة ديمقراطية منتخبة مثل أي شعب متحضر بالعالم أو  يصفونا بأننا نتمسك بتاريخ زال ولم ننظر للمستقبل حينما نردد مقولة البعثيين  الذين هددوا  انهم سيجعلون العراق خرابا بدون حكمهم ..

ان الوضع في العراق يؤكد هذا يوميا , فالمسؤولون في عصابة  البعث لازالوا يبثون بياناتهم باسم عزة  الدوري وسواه , يقتلون هنا , ويخطفون هناك , أويراهنون على حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس , فينظمون قتلا للشيعة لإبادتهم , وقتلا للسنة ليخلقوا الأحقاد ويشعلوا نيران الطائفية , و ليدمروا بالتالي  كيان الدولة ويشيعوا الفوضى , وهمهم الأول هو إسقاط  الحكومة الجديدة ..

 وهاهم , يطلبون من حلفاءهم القدماء العرب , و حتى من كبار السياسيين منهم, التدخل للصلح والعودة مرة أخرى بالحكم ليعيدوا الكرّة في الرعب الذي زرعوه سنينا وقتلوا النسل والزرع والحرث.

 هاهم البعثيون أدلاء  للأغراب الإرهابيين من مغفلين  وجهلة وهاربين من بؤس حيواتهم وحكوماتهم وضغوطات مجتمعاتهم المغلقة , يهرعون لمقابلة حور العين في مقتلنا وتخريب بلدنا , وها بقايا البعث يهيئون لهم المأوى ويمنحونهم المال والسلاح , وما يفجرون به أجسادهم لتقتل أبرياءنا ...

وأسال هنا من يعتقد ببراءة  البعث من جرائم القتل الوحشي للعمال والأطفال والمسافرين ورجال الشرطة  من العراقيين , ويبرئهم من اختطاف رجال العلم والأدب  والسياسة :

هل  يستطيع الإرهابي  الغريب , وفي ظرف طوارئ  كظرف العراق اليوم أن يعيش بسهولة,  و يستقر ببلد لا يعرفه  سريعا وينفذ بأهله ما يريد من جرائم , لو لم يكن له دليلا ومساعدا هناك من أهل البلد الذي عرف شعابه  ؟

واسألهم أيضا هل أن المسافر الآتي عبر الحدود يستطيع أن يحمل معه الآر بي جي والصواريخ الكبيرة والأسلحة الثقيلة ؟

وأين ذهبت أسلحة الجيش العراقي الذي كانوا يتباهون به كرابع جيش تسليحا ونظاما؟ الجيش الذي ترك  بغداد مفتوحة على مصراعيها  للأمريكان وبلا أدنى مقاومة ؟ ثم أين ذهبت أموال العراق وبلايـيـنه وكيف فرغت البنوك ؟ والأكثر من ذلك مَن دفن الملايين من أهل العراق التي تملأ عظامهم أرضنا جنوبا وشمالا ؟  هل لابد لنا من تسجيل كل هذه الجرائم بحق مجهول ليكون البعث بريئا ونتصالح معه؟

 عجبا !

ألا تشكل كل هذه الأسئلة أي شك يؤدي إلى دليل جرمي عند من يتباكى على صدام وعصابته ؟

 لابد أن يعرف الأخوان العرب ,إن أحدا منهم لن يستطيع أن ينزع الشوك من قلوب أهل العراق الذين ذاقوا مرارة الموت اليومي بعيونهم وقلوبهم وأعمارهم , ما لم يدين جرائم البعث ويعترف  بها كأكبر جرائم مرت بالتأريخ الإنساني. فزيارة الأمين العام للجامعة العربية وسواه من السياسيين  العرب الذين يتوهمون إصلاح ذات بين عراقية غير موجودة عند أهل العراق لكنها موجودة في أذهانهم فقط,  فمعركتنا ليست معركة بين اخوة,  إنما بين قتلة وشعب مستباح , فكيف المساومة على حساب الحقيقة ودماء الضحايا ؟

ألا  يكون الأجدى  بهم أن يصلحوا أولا ما أفسده البعث بين أهل العراق وإخوانهم العرب  الذين دافعوا ويدافعون عن قتـلتـنا , رغم أن محاولتهم  لن تعيد الملايين التي قـُتلت, ولن ترجع لنا عراقنا الجميل كما كان,  لكن اعترافا صريحا واعتذارا عن مواقف ساهمت في الإمعان بمجانية القتل الذي قامت به عصابة البعث , واتخاذ موقف واضح ومحدد مما يجري من انتهاك لحياة العراقيين اليوم تحت مسميات كاذبة عديدة, يتخفى وراءها مجرمو البعث كالمقاومة  وسواها ,  قد يكون كفيلا ببناء علاقات أخوية حقيقية  بين العراق وبقية البلدان العربية الأخرى, فجراحاتـنا لا يمكن مداواتها بالتي كانت هي الداء ......

 

 



 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com