طلعت الشمس على الحرامية

د. لميس كاظم

lamiskadhum@hotmail.com

 

سلم السيد بول فولكر، الذي كان يرأس وزير الخزانة الأميركي السابق، يوم الخميس، تحقيقه المستقل الى الأمم المتحدة، بشأن برنامج النفط مقابل الغذاء. أثبت التقرير أن حوالي أكثر من 2200  شركة عالمية وعربية قد تورطت في دفع رشاوي الى المعتوه صدام حسين، في فترة الحصار الجائر على الشعب العراقي، مما ساعده لتحويل 1,8 مليار دولار كرشاوي للتلاعب في العقود المبرمة مع الأمم المتحدة  لتصدير المواد اللاغذائية الى العراق. وقد جنى منها النظام المقبور ربحا أكثر من 11 مليار دولار. كانت العقود تبرم مع الشركات التي كانت دولها قد أعلنت موقفها الرافض للعقوبات الأقتصادية على العراق. إن هذه المؤسسات تنتمي لأكثر من ستين دولة كان أبرزها هي شركات سويدية وروسية وصينية وفرنسي وعربية.

 لم يقف المعتوة الصنم عند حد شراء ذمم الشركات بل تطاول الى شراء ضمائر شخصيات عالمية وعربية ذات شأن سياسي، ديني، علمي، أدبي وفني. إذ كان من بين المشمولين برعايته السخية، عدد كبير من الفرنسيين بينهم دبلوماسيون سابقون مثل سيرج بوادوفي وجان بيرنار ميريميه المتهمان حاليا في فرنسا ووزير الداخلية الأسبق شارل باسكوا ومستشاره بيرنار غييه ورجل الاعمال كلود كاسبيريه.  كما ورد في التقرير اسم رئيس منطقة لومبارديا الايطالية روبرتو فورميغوني ورجل الاعمال السويسري آلان بيوندا والسياسي الروسي فلاديمير جيرينوفسكي. جاء على رأس القائمة ، أسم  النائب البريطاني جورج غالاوي، المعارض الشرس للحرب على العراق، الذي حصل على قسائم نفطية من صدام حسين ل 18 مليون برميل. واوضح التقرير ان 11 مليون برميل نفط من مجموع القسائم منحت مباشرة الى و7 ملايين الى زريقات. كان غالاوي أكثرهم ملتوي ودفاعا عن سياسة الصنم.  كلمة حق تقال بحق هذا السياسي الأنكليزي، أنه أجاد دور المدافع عن جرائم الصنم وقد أغلق فمه بمئات الملايين من الدولارات التي لم يحلم أن تحققها شركاته لو عملت عقود من الزمن.

 كانت مكرمة الصنم، قصّر الله عمره، لم تقف عند هذا الحد بل أراد أن يغطي جرائمة النكراء بحق شعبه وحولها الى نصر مبين يتبجح به ويباركه خيرة رجالات الدين والسياسة والأعلام العرب. إذ حصل الكثير من القومجيين والعروبيين والفنانيين وأصحاب الأقلام الصفراء والأصوات النشاز، على قسائم من غنائم الكوبونات النفطية مقابل إن يذرفوا دموع التماسيح على أطفال العراق.  

كان من بين هؤلاء الضالة، أعرق الاعلاميين العرب، الذين لوثوا عقل القارئ والمشاهد والمؤمن العربي بحجج ومفاهيم غيبت الحقيقة الساطعة عن جرائم النظام الصنمي العراقي. فلم ينطقوا كلمة واحدة ضد جرائمه التي وثقتها كل وسائل الاعلام العالمية، بل تغاضوا عنها وأهملوا ذكرها، وحينما حان موعد الحساب راحوا يبرروا حق الصنم بالدفاع عن نفسه وحاربوا حقوق الشعب العراقي العادلة وهاجموا كل من يحاول أن يدين الصنم ويحاكم جرائمه النكراء. لقد برروا حق الصنم في الدفاع عن نظامة الدموي الذي أزهق أرواح أكثر من مليونين مواطن عراقي برئيء. 

كان هؤلاء الضالة العرب، يسخرون أقلامهم ليمجدوا حق النظام في المقابر الجماعية ويهلهلون بأصواتهم للمجازر في حلبجة والأنفال ويضهرون صورهم الأنيقة عبر الفضائيات ليعبروا عن تضامنهم مع حارس البوابة الشرقية الذي غيب مئات الأف من معارضيه. كانوا جميعا متفقين على نحر الجسد العراقي مقابل صكوك الغفران الذي كان يسخي عليهم أكبر الأصنام العربية.

 إنهم كانوا أوفياء لألهة الصنم، فقد تعالت أصواتهم وشحذت أقلامهم وكثرت مقابلاتهم التلفزيونية حالما شاهدوا صنمهم يتهاوى، يسقط من فوق صرحه في 9 نيسان 2003. كانوا يتباكون على بدموع حاقدة على الشعب العراقي.

 لقد مروا وقحين، صامتين، مرتشين على أكبر الجرائم العربية التي أرتكبت في القرن العشرين بحق شعب حاول أن يقول لا للظلم وسياسة كتم الأفوه وهم يعرفون إن الذي نفذها، هو حاكم عربي مسلم يحمل كتاب الله في ميمنه ويحمل مسدسه في ميسره ويصلي خمس أوقات بفرائض باطلة ويتوضى بدماء أبناء شعبه.

كان هؤلاء الضالة يوافقون على ديمقراطية الموت الجماعي للشعب العراقي مقابل أن يؤمن الصنم لهم مستقبلهم المهني. كان يملء فمهم  ببراميل نفطية تعط منها رائحة الأحتراق البشري.

لم يقفوا أو يخجلوا أو يتعبوا من خطاباتهم الرافضة لسقوط الصنم،  بل راحوا يشككوا في مصداقية العملية السياسية التي يحاول أن يمارسها الشعب العراقي. أعطوا الحق لأنفسهم للدفاع عن شعب رفض أن يتشرف بأصواتهم. تواقحوا للدفاع عن مجرم القرن العشرين بكل علنية دفاعا عن حقهم في الوجود.

  كانوا هؤلاء الضالة موافقين على زهق الروح العراقية البرئية وصامتين على القمع الذي يجري في بلدانهم. كانوا ديمقراطيين، إنسانيين، متباكين على ديمقراطية الموت الجماعي للشعب العراقي ورافضين لحق الشعوب العربية في تأسيس أنظمة سياسية رافضة لكل اشكال العبادة الوثنية. كانوا مرحبين بالوجود الأجنبي في بلدانهم لكنهم رافضين الأحتلال في العراق.

 لم يكتفوا بذلك، بل راحوا يستخدموا كل طاقاتهم ومواقعهم الأدبية والسياسية والدينية دفاعا عن أله هبل. إذ أنظموا الى الفضائيات العربية التي شكلها مجرمي الحروب والنفايات الوثنية من القطط السمان العراقية التي هربت بمليارات الدولارات الى الخارج. كان جل إهتمامهم هو وقف عجلة الديمقراطية في العراق. لقد حاولوا ويحاولون بكل ما أمتلكوا من قدرات أعلامية وأدبية أن يشوهوا صورة ما يجري في العراق ويلوثوا عقل المواطن العربي بجملهم القومية الكاذبة. كانت أقلامهم المفخخة تحاول أن تفجر العقل العربي البسيط بحجج واهية وكلمات باطلة مبطنة بالحقيقة الفاسدة. لكن نتائج الإستفتاء ابطلت حججهم.

 أثبت تقرير الأمم المتحدة، أن هؤلاء الصفوة العربية الضالة، مع بقية تجار الحروب هم، مرتشون، فاسدون، نزقون يبيعون أجمل الكلمات الأنسانية لمن يدفع لهم أكثر ويوفر لهم الرخاء المادي.  

 كلمة أخيرة أقولها بحق تلك الضمائر المأجورة التي لم تستفيد من  درس الماضي القريب الذي تجلى بسقوط أكبر وأخطر الأصنام العربية. فرغم هول الفاجعة عليكم لكنكم يجب أن تعوا وتعلموا بأن عهد تكسير الأصنام قد بدء وسيشمل الكثير من المعابد العربية الكبيرة التي تحتمون بها. لقد جاء طوفان كلكمامش الجديد اليكم بدون موعد وسيخرجكم من معابدكم، كافرين، متشردين، باحثين عن معابد وثنية جديدة تعبدون فيها أصنام جدد.

أنكم لن تنجحوا في أفساد العقل العراقي مستقبلا. فقطار الديمقراطية قد أنطلق من محطته الاولى وأسس دستوره الثابت وسينتخب حكومة عراقية، شرعية، وسيستمر في خطاه ولن يسمع نباح اصواتكم.

فالعراق القادم سيكون لأبنائه الأبرار، حرا، ديمقراطيا، برلمانيا ولا مكان لكم بيننا أيها الكهنة المشعوذون. أنا أتفق معكم بأن النظام العراقي الجديد قد أفسد عليكم حلمكم العربي الذي تبنون من خلاله أمجادكم وموقفكم على حساب تغييب العقل والجسد العربي.

 أننا في العراق قد نختلف أو نخطى أو نرتكب حماقات إنتخابية لكن لن نعود لعبادة الأصنام مرة ثانية. 

أن رائحة أقلامكم قد زكمت أنوف المواطن العراقي ولن يقبل بكل أحتجاجاتكم اللامشروعة في أعادة عجلة تأريخ العراق الى الوراء.

أننا لم ولن نبني مجتمعات عربية صالحة، برلمانية، ديقراطية، عادلة، في ضل وجود تلك الجوقة الأعلامية العربية، الفاسدة، التي تقلب المفاهيم وتسير الأحداث مهما كانت مؤلمة وبشعة لصالح صاحب القبضة الحديدية ودافع الصك المغري.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com