رسالة اعتذار للأخ المناضل رياض الترك
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
هذا البيت من الشعر الذي قاله شاعر بدوي في مرحلة بداوة غارقة في القِدم يصّح أن نقوله أيضا لمن لمّا يزل بعد في مراحل البداوة السياسية,و الاقتصادية,والإعلامية.ولم يستطع أن يتقدم بوصة واحدة خلال دهر كامل من العنتريات ,والنوح على أطلال القومية ,ومحاربة طواحين الهواء.فبعد أن أفلس الشباب تماما,و"نفضوا" ,ولم يعد لديهم ما يقولونه على الأقل ليسعد نطقهم وقولهم ,وطريقة كلامهم وتوجههم للناس,حيث إن حالهم لم تسعد أي مواطن على الإطلاق.
وفي الحقيقة هناك الكثير من الناس ممن أخذوا على السيد "الدكتور"مدير المركز الإعلامي السوري بلندن أسلوبه ,وطريقة كلامه ,وحواره,وسطحيته,وفجاجته,ولامه على هذا الحوار العقيم والجاف.ولكن في الواقع إن الرجل معذور ,ولا يمكنه أن يكون إلا هكذا ,ولا يعرف أن يتصرف إلا بهذه الطريقة,وهو ابن بار لهذه المدرسة السلطوية التي خرّجت من أمثاله الكثيرين القابعين في مفاصل حساسة,والذين خلقوا هذه الصورة النمطية القاتلة عن سوريا.فهم وحدهم من يعرف كل شيء.وهم وحدهم الوطنيون الشرفاء ,وما عداهم "مخرفون", وجهلة,وخونة,رعاع.وهم وحدهم من يجب أن يتكلم ويمتلك ناصية الحوار,ويصادر مصير بلد وشعب بأكمله,ولو كان أحدهم بغير تلك المواصفات ,وتصرف بشكل مغاير ,لما كان هناك ,ولكان مكانه ربما على رصيف مقفر في إحدى القارات.هذه هي بضاعتنا ,وهذا الغيث من ذاك المطر,وهذا هو أحسن الموجود, فهل سنستورد لكم مدراء من سويسرا,والدول الاسكندنافية ليقوموا لنا بتلك المهام؟
ومن أراد أن يعلم السبب في الوضع الكارثي المتأزم الذي وصلت إليه الأمور على ما هي عليه هذه الأيام ,فما عليه سوى أن يتابع وجوه الإعلام السوري وبعضا من مسؤوليه الأشاوس ممن ساهموا بشكل أو بآخر,فيما آلت إليه الأمور من تدهور عبر خطاب متحجر,عقيم ,وبال.ولعل الحلقة الأخيرة في برنامج المستقلة حول سوريا الذي يديره الإعلامي السوري المتميز الدكتور محي الدين اللاذقاني ,ولا أدري لماذا يقيم جميع المتميزين السوريين خارج سوريا وإعلامها الكئيب؟وكان اللاذقاني يتهكم مرارا بدهاء وذكاء على الإعلامي الهمام الذي خرج عن طوره عدة مرات. فقد استضاف هذا البرنامج واحدا ممن يفترض فيهم أن يحسنوا صورة سوريا في الغرب ,فجاء ليشوهها ويحطمها ومرة واحدة وإلى الأبد. وحمدت الله أن أحدا من الأجانب الذين ذهب "لتنويرهم" وتثقيفهم لا يتابعه في تلك اللحظة ,وإن تابعه فمن المستحيل أن يفهم كلمة واحدة مما يقول,أو يعرف ما يريد بالضبط.لقد ظهر هذا الضيف عبوسا ,متغطرسا,قاطعا,حاسما ,واستبداديا,عصبيا ,محتكرا للوطنية,والشرف القومي ,ناعتا محاوره المعارض السوري على الطرف الآخر من الخط في دمشق بكل بساطة بأنه"واحد خرفان",هكذا بالحرف الواحد يشطب ,ويلغي ,وبجرة قلم, تاريخا كاملا لمناضل سوري قضى قرابة العقدين من عمره تحت الأرض وفي الظلام,في المناجم الثورية للرفاق .حيث أن عذاب الناس,وتضحياتهم,وآلامهم لا تعني لهم شيئا على الإطلاق.ولا يهم إن كنا نتفق كثيرا,أو لا نتفق في بعض من فكر هذا المناضل أم لا ,و مع ما يطرحه هذا المعارض أو ذاك ,ولكنه بكل الأحوال ليس مبررا لوصف الناس,ورميهم بأقذع الألفاظ.فإن أقسى ما يؤججهم ويثير عقيرتهم هو حوار العقل والمنطق الخالي من الكلام الفضفاض,وعندها فقط يصبح من المستحيل التحكم بالأعصاب.ويرفض أي وطني غيور أن يساء لابن وطنه بهذه الطريقة المتحاملة, وعلى الهواء, من قبل من أؤتمن على تحسين صورة بلادنا التي تعاني أسوأ الأوضاع.ولسنا في معرض مناقشة تلك الأفكار الميتة التي كان يجترها ,ببساطة شديدة, لأنها لا تستحق , ولا ترتقي لمستوى النقاش.ولا يمكن لعقل سوي أن ينحدر لسطحيتها,والتي تعتبر في الوقت ذاته إدانة كاملة لصاحبها الذي وصل به الحال إلى هنا لسبب بسيط جدا أنه لم يقرأ المتغيرات جيدا.
إن تحسين صورة سورية ,تلك المهمة الأصعب في هذا الظرف القاسي الذي تجتازه في هذه الأيام تتطلب نوعا خاصا من الرجال يؤمنون بالديمقراطية والحوار ,ويحترمون المواطنة ,وتاريخ الرجال,ويقدمون أفكارهم بسلاسة ويسر ,أمام ملايين الناس,وتكون لديهم رباطة الجأش وقوة الإقناع ,وترابط الأفكار,لا تلك النوبة الشديدة من العصبية والغضب والهوبرة والانفعال التي عشناها في تلك الساعات,ورمي التهم ذات اليمين وذات الشمال ,وتكفير الناس وطنيا وقوميا ,وإخراجهم من ملة المواطنة التي هي خاصية بعثية بامتياز. وبدت هذه المهمة,في الحقيقة, مستحيلة كما رأيناها على ذلك المنوال.وإن افتتاح مراكز إعلامية لهذه الغاية ينفق عليها من دم ,وعرق,وجهد فقراء سوريا ,أمرا في غاية العبثية ,وانعدام الجدوى,مع طراز من هؤلاء الرجال,إلا إذا كانت مهمته هي تشويه وجه سوريا ,فعندها سنقول له ,أجدت,وأحسنت وسنصفق له على هذا الإنجاز ,الذي ربما تعجز عنه دول ومنظمات ذات تنظيم عال.ولكن ,وفي نهاية اللقاء,تبين لجميع المتابعين في نهاية البرنامج من كان يقوم فعلا بالتخريف ,على أية حال.
وإذا كان طباخنا جعيص ,شبعنا "مرقة" يا.........شباب.
وربنا لاتؤاخذنا بما فعل بنا مدراء الإعلام بنا,إنك أنت الغفار التواب.