مجرد شك ..! يا سيادة الرئيس
هادي فريد
التكريتي
hadifarid@maktoob.com
ماذا لو وجه
السيد رئيس الجمهورية، جلال الطلباني، أو السيد رئيس
الوزراء،الدكتور الجعفري، نداء لكل المصابين العراقيين بأمراض
خطيرة، أو التي لا يمكن الشفاء منها أن يسجلوا أسماءهم، للحصول
منهم على معلومات، عن طبيعة أمراضهم وتاريخها، وما يعانون منها
حاليا، وما تلقوه من علاج، سواء أكان هذا قبل سقوط النظام أم بعده
؟ لا شك سيكون العدد كبيرا وهائلا، وخصوصا تلك الأمراض الناتجة عن
استخدام الغازات السامة، كما حصل في كوردستان العراق مثلا، أثناء
الحكم الفاشي، أو نتيجة استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب، سواء ما
نتج من استخدام تلك الأسلحة في الحرب مع إيران، وتحديدا في المنطقة
الجنوبية من العراق، أم أسلحة الدمار الشامل التي كان النظام يجري
عليها تجاربه، والتي أتهم بامتلاكها واستخدامها، أو نتيجة لتلك
التي استخدمتها القوات الأمريكية عند طرد النظام وقواته من الكويت
في حرب الخليج الثانية، .فجريمة النظام الساقط كانت مروعة فيما
أحدثته من أمراض راح ضحيتها الآلاف من العراقيين، ولا زال يعاني
منها الكثيرون، وكل هؤلاء الضحايا، من العراقيين، عربا وكوردا ومن
القوميات والطوائف العراقية الأخرى، فهل توفر لكل هؤلاء العلاج ؟
سواء أكان هذا قبل أو بعد سقوط النظام ؟ فقبل سقوط النظام، كانت
الجهات المعنية تقر بهذا الواقع وتعلق أسبابه ونتائجه على الحصار،
كذبا وبهتانا، وهذا مفهوم ..! إلا أننا بعد سقوط النظام، لا من قبل
قيادة الاحتلال ولا من قبل الحكومات العراقية \" الوطنية \"
المتعاقبة، لم نسمع أو نقرأ عن اهتمامات المسؤولين بهؤلاء الضحايا
المرضى، بل على العكس نقرأ في الصحافة، ونسمع من الجهات ذات
العلاقة، أطباء ومسؤولين، وكذلك تعايشنا مع مرضانا، كشف عن كثرة
الشكوى، من عدم الاهتمام مما يعانون منه، وقلة الرعاية وتدنيها،
وعدم توفير الأدوية، وتزايد حالات الوفيات، وهي نتيجة منطقية لهذه
الأسباب . كل ما تقدم لم يكن جديرا بالتفاتة من مدير مستشفى أو
طبيب، مثلا، ناهيك عن مسؤول أعلى منزلة، وهؤلاء المرضى الضحايا، هم
من الشعب العراقي، الذي يتكلم المسؤولون في السلطة باسمهم، وهؤلاء،
هم وعائلاتهم، من أعطوا الشرعية للحكم، عندما غادر المريض، بمرض
خطير ويصعب الشفاء منه، فراش مرضه، والمقعد، والمعوق، من ضحايا
القادسيات، نقلتهم عربات \" زبالة \" لمراكز التصويت، متحدين
الموت، ليعطوا الحكم وقيادته شرعية لم تنلها حكومة عراقية أو
عربية، لا من قبل ولا من بعد . أليس هؤلاء هم الأجدر بالإهتمام
والعلاج من مجرمين وقتلة، كل مرضانا وكل شهدائنا، هم من ضحايا
زنازينهم في الأمن العامة والمخابرات، وضحايا القبور الجماعية،
وأنفالات الكورد العراقيين ومختبرات أحواض التيزاب، وغيرهم كثر،
كلهم من ضحايا هؤلاء المجرمين الذي يتجاوب بعض المسؤولين لندائهم
\"من منطلق إنساني وحقوق الإنسان ..\" ؟ أليس الأجدى تقديم العلاج
والدواء والرعايا للضحايا، من هذا الشعب الجبار، فهؤلاء هم مفخرة
شعبنا، وليس المجرمين الذين أذلوا شعبنا، وشردونا في المنافي،
وأعاقوا تطورنا وبناء وطننا، عشرات السنين، ونحن بلد الحضارات وبلد
العقول، ونحن من يمتلك الثروات، إلا إننا لا زلنا نمتهن التسول في
موانئ غريبة، ولم يُعِدْ بعد المسؤولون، حاليا، حقوقنا المسلوبة
حتى الآن !
من حق رئيس الجمهورية، السيد جلال الطلباني، باعتباره رئيسا لكل
العراقيين بما فيهم مجرمي النظام السابق، أن يتجاوب مع مناشدة مريض
يطالب بالعلاج، رغم جرائمه، فهذه حالة إنسانية تسجل له، ولكن، هل
سيتعامل السيد الرئيس، بالمثل، مع من يناشده من عامة العراقيين
الشرفاء ؟ وهل لو كان الجواب بالإيجاب سيكون هذا عن طريق وسائل
الإعلام ؟ ألم يكن هذا الموقف يستفز الشعب الكوردستاني العراقي،
قبل الشعب العربي العراقي، وهناك آلاف المصابين بحالات مرضية جراء
قصف حلبجة، وآلاف القرى العراقية الكوردستانية، بالكيمياوي وغاز
الخردل والأسيد، ولا زال الضحايا الكورد يعانون بصمت في كوردستان
العراق، وآلاف غيرهم في مناطق مختلفة من العراق ؟ برزان التكريتي
ناشد رئيس الجمهورية لإخراجه من السجن للعلاج، والسيد رئيس
الجمهورية تجاوب، بسرعة، مع هذه المناشدة من منطلق إنساني وعلاقات
تاريخية بين العائلتين، واحتراما لصداقته الشخصية، وهذا شأن خاص
به، فالمواطن، كائن من كان، له الحق في أن يقيم علاقات مع من يشاء،
والشعب العراقي غير معني، بهذه \" العلاقات التاريخية التي ربطت
عائلتيهما مع بعض \" كما لا شأن له بصداقات السيد الرئيس أكان هذا
الصديق برزان التكريتي أم غيره، إنما ما يعنيه هو مناشدة السيد
الرئيس ل \" دولة رئيس الوزراء لاستعمال صلاحياته لإخراج المواطن
برزان التكريتي من السجن وادخاله مستشفى للمعالجة من السرطان \"
والتجاوب السريع من السيد رئيس الوزراء الجعفري حيث قال \" سيلقى
برزان الرعاية الطبية كمريض بالسرطان حيث أن كل المحتجزين لهم الحق
في العلاج \" وليس هناك من يعترض على علاج الموقوف أو المحتجز،
ولكن كيف ؟ وأين ؟
السيد رئيس الجمهورية في مناشدته لرئيس الوزراء استخدم عبارات لا
تنم عن علاجه، لبرزان التكريتي، في داخل المستشفيات العراقية،
وإنما جعل المستشفى في حالته النكره، ( وإدخاله مستشفى للمعالجة )،
فهذا فيما يعنيه، ليس بالضرورة أن يكون العلاج في العراق، كما ليس
بالضرورة، أيضا، أن يكون خارج العراق، إلا أن ما يدعوني للشك بأن
العلاج سيكون خارج العراق هو عند المناشدة لرئيس الوزراء استخدمت
العبارة التالية المصاحبة للعلاج \" لاستعمال صلاحياته لإخراج
المواطن برزان التكريتي من السجن...\" فالعبارة صيغت بإحكام ف،\"
إخراجه من السجن \" تعني إطلاق سراحه،وسيكون العلاج خارج القطر،
وهذا ما تبادر إلى فهم السيد رئيس الوزراء الجعفري، وتداركه عندما
قال \" مع ترك القرار بخصوص وضعه القانوني للقضاء \" وهنا يحتمل
أيضا أن يطلق سراحه ضمن تكييف قانوني يلجأ إليه رئيس الوزراء لاحقا
..
هل هناك ما يدعو لهذا الإهتمام الزائد بالسيد برزان، وهناك الكثير
من المرضى من أعمدة النظام الفاشي، الموقوفين، ومن ضمنهم صدام حسين
نفسه، وربما، سيصابون بالسرطان إن لم يكن كذلك، فِلم لا يعاملون
بالإهتمام الذي يلقاه برزان ؟
لا شك إن برزان كان محل ثقة أخيه غير الشقيق صدام، على الرغم من
كثرة الشائعات التي تناولت العلاقة بين الأخوين، فالدم لا يصير
ماء، كما يردد القومانيون، وبهذا المبدأ يؤمن صدام وأخوه، فعندما
أُرسل برزان إلى سويسرا كممثل للعراق في منظمة الأمم المتحدة
بجنيف، كان يقوم بإدارة الأموال المنهوبة، البالغة عشرات المليارات
من الدولارات، وإيداعها في البنوك السويسرية وغيرها بأسماء
مستعارة، من ضمنها 5 % حصة كولبنكيان المصادرة، من شركة نفط العراق
المؤممة، إضافة إلى القصور والعقارات في مختلف الدول الأوربية، ولا
أحد يستطيع تحريكها أو استخدامها غير برزان الموقوف حاليا، والمحال
للمحكمة، فصدور الحكم عليه يعني ضياع هذه الأموال، وبما أن
المناشدة لم تشمل رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني لوحده، وإنما
شملت رئيس الولايات المتحدة جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني
بلير وغيرهم من الرؤساء والقادة عربا وغير عرب، حسبما ذكر موقع
الجيران الألكتروني، فمن هنا تتضح خيوط اللعبةـ الصفقة، فالسيناريو
والإخراج هو من إعداد ال ) C.I.Aمع الإعتذار لمن لا يؤمن بالمؤامرة
) والمطلوب هو أن يطلق سراح هذا المجرم والتمهيد لهذه الجريمة،
يأتي من العراق، بحجة مرض لا يرجى الشفاء منه .!
من مصلحة الشعب العراقي، أن يتعاون رؤساء دول العالم على إعادة ـ
وليس إعادة نهب ـ الأموال العراقية المنهوبة من قبل النظام
العراقي، قبل تدخلهم في مساعي \" إنسانية \" لإخراج المجرم للعلاج،
وبرزان التكريتي هو المفتاح لهذه الأموال، والشعب العراقي ليس
بحاجة للاحتفاظ برأس مجرم عفن كرأس برزان، فعنده منها الكثير،
ومبادلته بكل الأموال المنقولة وغير المنقولة في الخارج، التي
يعرفها هذا المجرم، أمر مقبول، ومتعارف عليه دوليا، يحقق للعراق حق
استرداد بعض ما نهبته هذه العائلة من أموال الشعب، و\" إخراجه
للعلاج \" ليس قبل أن يتسلم البنك المركزي العراقي كامل الحسابات
التي يديرها هذا الرأس العفن، وآنئذ لا تعنينا الصداقة الشخصية
والعلاقات التاريخية التي ربطت بين عائلتي السيد رئيس الجمهورية،
جلال الطلباني، وبرزان التكريتي .، فهذا شأنهما، وإن كان هذا أمرا
يهم الأكراد قبل العرب ..!
العودة الى الصفحة الرئيسية