|
من أجل وعي انتخابي - 1 باسم السعيدي / بغداد مقدمة تتقدم الديمقراطية في عراقنا العزيز رويداً ، ربما ببطء لكنها بخطى ثابتة نحو تأسيس مجتمع ديمقراطي ، وبعيداً عن المآخذ والأخطاء التي حدثت في الانتخابات السابقة فأننا بصدد تعزيز الوعي الانتخابي للناخب العراقي الذي سيدلي بصوته في 15 – كانون أول من هذا العام . ما لا يمكن إغفاله بحال هو السبب الذي جعل كل منّا يدلي بصوته ، أو أن لا يدلي بصوته في الانتخابات الماضية . فالطائفية أحد مظاهر تلك الانتخابات ، ووصمت بهذه الوصمة بناء على اعتبارات عدة أهمها :- 1 - دعوة علماء الدين من الشيعة بضرورة الاشتراك في الانتخابات . 2 – دعوة علماء الدين من السنة بضرورة عدم الاشتراك في الانتخابات . وبين هذه الدعوة وتلك ضاع صوت الناخب الذي تمت ( خندقته) رغماً عن ارادته في هذا الخندق أو ذاك . والصحيح أن في الأمر خلط كبير ، استغله أعداء العملية الديمقراطية من أجل تشويه صورة الناخب . فالناخب البسيط الذي لا حظ له من الاطلاع على أدبيات المرحلة ، والتعمق في دراسة الوضع السياسي العراقي - وأنا أزعم أنهم قليل جداً – ذهبوا الى ما أراد منهم علماء الدين ، فمنهم من قاطع ، ومنهم من اشترك ، بناء على تلك التوصيات . الا أن واقع المجتمع العراقي المثقف والمطلع والذي يصفه البعض ( بأنه الشعب الوحيد الذي يتكلم جميع أبناءه بالسياسة) ، قرر سلفاً الاشتراك ، أو المقاطعة ، حتى لو ذهبت المرجعيات الدينية الشيعية والسنية الى خلاف ما ظهر منها . والسبب هو أن هنالك انقسام واضح بين أطياف الشعب العراقي حول ما جرى بعد 9/4/2003 . فالذي ينظر الى أن (المقاومة) هي الحل الوحيد ، راح يبرر ما تقوم به (المقاومة) من جرائم وحشية أساءت الى مصطلح المقاومة ، وبشرت بـ (وطنية) دموية ندعوها مجازاً (وطنية) ، وهذا النفر كان ينظر دوماً الى الحل السياسي على أنه عمالة للمحتل ، وأنه تعاون معه لايمكن القبول به تحت أي ظرف ، ولا مجال للتعامل معه ومع من يتعامل معه الا بالبندقية والدم والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ، وهذا الصنف من أفراد المجتمع العراقي كان قد إتخذ سلفاً موقفه من الانتخابات على أنها (بدعة أميركية) وانها تبرير لبقاء الاحتلال وأن من يذهب الى صندوق الاقتراع ليس سوى خائن يجب قتله من أجل تحجيم فرص نجاح الديمقراطية والتي يعتبرها نجاحاً للارادة الأمريكية . بينما نظر الآخرون وغالبيتهم من الشيعة والكرد على أن الانتخابات حقيقية وليست زائفة ، وأن خيار الديمقراطية والقرار بالاشتراك فيها والدفاع عنها هو المبرر الوحيد الذي يجعل الهدف من كل تلك الدماء التي سفكت على مذبح الحرية خلال العقود المنصرمة ، والسنتين المنصرمتين من عهد ما بعد صدام ، كل ذلك لا يمكن القبول به بدون هذا الهدف النبيل وهو الديمقراطية ، وأن لا يمكن تبرير القبول بتقديم كل تلك الضحايا الا من خلال التقدم الديمقراطي الى الأمام ، ونظر هؤلاء على أن البقاء للقوات متعددة الجنسيات مهما طال فلن يكون الا وجوداً مؤقتاً ، لان الدول المشاركة لا تمتلك حدوداً برية أو اشتراك بمياه اقليمية لها مع العراق وعلى هذا الأساس فليس وجودها الا وجود مصلحي يمكن انهاءه في الوقت الذي يتعارض مع مصلحة الوطن . إذن فالناخب العراقي كان يعي أن اصراره على الاشتراك في الانتخابات أو مقاطعته لها يعني موقفه من :- 1– مسيرة الديمقراطية في العراق . 2– دماء ضحايا الديكتاتورية ، والارهاب . 3– الارهاب المستشري في العراق ، وان التهاون في انجاح العملية الديمقراطية تهاون مع الارهاب والقتل أو المقاومة كما يسميها المقاطعون . والنتيجة أن من ذهب الى صناديق الاقتراع كان من دعاة العملية الديمقراطية الجارية ، ومن قاطع فانه ليس من دعاة (هذه الديمقراطية) وربما لديه طموح نحو بناء العراق الديمقراطي الا أن هذه العملية ليست بمستوى الطموح بسبب الشبهات التي أثيرت حولها . والشيء الآخر الذي حدا بكل ناخب أن يحث الخطى يوم 30/1/2005 نحو مراكز الانتخاب هو كتابة الدستور الجديد للعراق ، فهي الفرصة الأولى في المنطقة (مذ خلق الله الأرض ومن عليها) . ومن هنا يمكننا أن نتفهم الالتفاف الانتخابي نحو القوائم الرئيسية ، ولا أستطيع أن أتجاهل أن انتخاب القوائم تم على أساس (عقيدي) وربما طائفي أو عرقي ، وكل ذلك بناء على عقدة لا يمكن لها أن تضمحل بين ليلة وضحاها ، فمرارة فقدان ضحايا الحروب المتكررة والعمليات العسكرية الانتقامية في الجنوب والشمال والقبور الجماعية والأسلحة المحرمة ما زالت مرارتها في فم الموجوعين ، وصورها القاسية مازالت ماثلة في أذهان الناس لم تبرحها بعد ، لذلك سعى كلٌّ الى انتخاب القائمة التي يعتقد جازما بعدم تهاونها في وضع الضمانات بعدم تكرار تلك المآسي ، تلك الضمانات التي رأيناها في الدستور والتي وصفها البعض بأنها (تمزيق لوحدة العراق) ، والحقيقة التي لا يمكن انكارها أن وحدة العراق على الطريقة القديمة هي التي جعلت من الميسور للقوات الأجنبية دخول العراق ، ولولاها لربما لم تفكر أمريكا ولا بريطانيا أو حلفائهما في احتلال العراق . إذن فإننا امام وعي عراقي تمخض عن موقف من العملية السياسية أو العملية الديمقراطية لا مثيل له بين الأمم ، وكان كل ما رأيناه خلال الأعوام الماضية مبرراً من قبل وجهة نظر أصحابها . والآن بعد أن أُقِرَّ الدستور ، نحن أمام انتخابات برلمانية جديدة ستقرر الوجهة التي سيتوجه اليها العراق خلال السنوات الأربع القادمة ، ومن أهم إيجابيات المرحلة المنصرمة وما يعد تقدماً ستراتيجياً في العملية الديمقراطية هو دخول الجهات التي قاطعت الانتخابات ، ودعت الى المقاطعة ، دخولها الى الانتخابات القادمة ، وهذا إن دلَّ على شئ فانما يدل على أن المقاطعين آمنوا بالعملية الديمقراطية وآلياتها ، وأن طريق المقاطعة (ربما ) فُهم خطأ من قبل المشتركين على أنه ميل نحو تأييد الارهاب ، والآن أصبح كل ذلك خلف ظهورنا ويجب عدم الالتفات اليه . وتتطلب المرحلة القادمة منا فهم متطلباتها ، وبالتالي فهم البرامج الانتخابية لكل جهة ( ونتوقع أن تكون البرامج للكيانات السياسية بمستوى الطموح) ،فإذا فهمنا كل ذلك كنَّا قادرين على أن ندلي بصوتنا للأكثر نضجاً بين تلك البرامج بعيداً عن الانتماء الثقافي (دينياً أو عرقياً أو طائفياً) .والنقاط الملحَّة (التي سنذكرها لاحقاً) يجب الوقوف عندها طويلاً قبل أن نقرر الى من سنصوت !!! ولا أنوي أن أكون وصياً أو قيماً على صوت الناخب فاني أرى وعياً جمعياً عالياً (كما ذكرت آنفاً) . أهم النقاط :- 1. الموقف من تعديل الدستور . 2. الموقف من التشريعات الضرورية التي ستتبنى شرح ما قرره الدستور وتركه للبرلمان القادم ليضع حدوده الأساسية . 3. فلسفة حل مشكلة الارهاب أو العنف المسلح(الملف الأمني) . 4. البرامج الكفيلة بتطوير الخدمات الأساسية على أسس سليمة وعلمية وليس على أساس شعارات طنانة لا تسمن ولا تغني من جوع . 5. معالجة ملف الفساد الاداري والذي أصبح عبئاً ثقيلاً يعطل عملية الاعمار . 6. الملف الاقتصادي والبطالة والمحسوبية والرشوة في التعيينات بالوظائف الحكومية . 7. النظرة العملية للوجود الأجنبي على أرض العراق . 8. تنويع مصادر الدخل القومي وعدم الاعتماد على النفط. 9. ملف تسليح الجيش العراقي والقوة الجوية وعدم الاعتماد على القوات متعددة الجنسية في هذا الموضوع . 10. علاقة العراق بدول الجوار ، وعقد تحالفات ستراتيجية معها تضمن عدم الاعتداء وعدم تدخلها في الشأن العراقي الداخلي في حال انسحاب القوات متعددة الجنسية وخصوصاً في مكافحة الارهاب الدولي . 11. علاقة العراق بالدول المتقدمة وعقد اتفاقيات تعاون سياسي واقتصادي وعسكري (معاهدة دفاع مشترك) في حال تعرض العراق الى غزو من دول الجوار (خصوصاً ايران وتركيا اللتان لا تخفيان تطلعاتهما وأطماعهما وعدائهما للعراق أو لمكونات عراقية محددة) . 12. إحياء ملف (الدول المانحة) واعطاءها التطمينات اللازمة على أن تلك الأموال لن تكون عرضة للتبديد من خلال الفساد الاداري . 13. السعي الحثيث والمحموم الى غلق ملف التعويضات المتعلقة بذمة العراق واسقاط الديون . وسنعرض بالتفصيل ن شاء الله الى تلكم النقاط لتبيان ضرورة التعرض لها ضمن الحملات الانتخابية ورأي الشارع العراقي (النخبوي والاعتادي) في تلك النقاط .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |