عملاء إيران والقائمة العراقية الوطنية731 !

سهر العامري

aslam326@hotmail.com

 

افتتح عملاء المخابرات الإيرانية حملتهم الدعائية للانتخابات المزمع أجراؤها في العراق في اليوم الخامس عشر من شهر كانون الأول / ديسمبر القادم ، بالهجوم على الحزب الشيوعي العراقي ، وذلك بسبب من انضمام الحزب لقائمة الديمقراطيين العراقيين التي تشكلت في بغداد ، وبمساهمة من رئيس الوزراء العراقي السابق الدكتور ، أياد علاوي ، وليس بقرار منه على حد زعم هؤلاء الصغار السائرين في ركب الولي الفقيه القابع في إيران . ويبدو أنهم يهدفون من وراء حملتهم تلك منع الدكتور أياد علاوي من العودة لرئاسة الحكومة القادمة ، تلك العودة التي تحاول حكومة طهران ، وعن طريق عملائها في العراق ، منعها ، وبأية وسيلة كانت بما فيها قتل الدكتور أياد علاوي بمؤامرة سافاكية ، دنيئة كمثل تلك المؤامرة التي كشف فصولها لعلاوي نفسه جهاز من أجهزة المخابرات الغربية ، هذه الأجهزة التي يأكل عملاؤها ويشربون في أروقة الحكومة الإسلامية في طهران !
لقد ذكر الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل في كتابه : مدافع أية الله ، أن المخابرات الأمريكية ، وبما لديها من أتباع في إيران قد وصلت الى الحلقة المحيطة بالخميني نفسه ، وعلى هذا فأجهزة مخابراتية ، عالمية ، تملك مثل هذا الإرث الثر في بلاط الولي الفقيه لا يستعصي عليها أن تكشف عمليات القتل التي تطال العراقيين من قبل عملاء إيران في العراق ، وفي هذه المدينة أو تلك منه .
ومع ذلك أقول : إن هؤلاء الصغار يتجاهلون عن عمد التاريخ المجيد الذي سطره الشيوعيون العراقيون في حرصهم الشديد على صون العمل الوطني الديمقراطي التقدمي مع كل الفصائل الوطنية العراقية ، أملا في انجاز المهمات الوطنية الملحة التي يتطلع إليها أبناء شعبنا في العيش الحر الكريم ، وفي السيادة الوطنية ، وفي ظلال نظام ديمقراطي يصون حرمات الناس ، ويعبر عن إرادتهم تعبيرا حرا صادقا ، ومن خلال صناديق الاقتراع ، بعيدا عن الإكراه ، والتلويح بفتوى هذا المرجع ، وذاك المنبر .
لقد رفع الشيوعيون منذ السنوات الأولى لتأسيس حزبهم شعارهم العتيد الذي رسمه مؤسس حزبهم الخالد يوسف سلمان يوسف ( فهد ) ، والقائل : قوا تنظيم حزبكم ، قوا تنظيم الحركة الوطنية ! ذلك الشعار الذي ألقي الحزب مهمة تحقيق الجسيمة على جميع كوادره ، قاعدة وقيادات ، وفي كل مراحل العمل السياسي في العراق الحديث ، كما جسد شعاره الثاني ، القائل : الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان الرغبة الصادقة لكل الشيوعيين العراقيين ومؤازريهم في رسم طريق جلية يسير عليها شعبنا نحو غد أفضل ، وذلك من خلال حل أعقد قضيتين كان يواجههما إلا وهما : التسلط الدكتاتوري لنظم الحكم في العراق ، والقمع الشوفيني الذي كان يعاني منه الكورد في العراق ، وقد أثبتت ساعتنا هذه صحة الشعار ذاك ، رغم مرور سنوات كثيرة على ولادته ، ورغم عدم تحققه ولجملة من العوائق الداخلية والخارجية ، والتي لا مجال لشرحها هنا .
والشيوعيون ، بعد ذلك ، لا يريدون تحقيق عمل جبهوي على حساب مبادئهم ، أو على حساب مصالح كادحي وفقراء العراق ، فحين هتلك حزب البعث العراقي بنود اتفاق الجبهة التي قامت بينهم ، وبين الحزب الشيوعي العراقي عام 1973م ، بادر الحزب قواعدا وقيادة الى ترك الجبهة لصدام وعصابته ، رغم قساوة الظرف ، وقلة الناصر ، ورغم معارضة الأحزاب الشيوعية من أشقاء الحزب في بعض البلدان العربية ، وفي بلدان المعسكر الاشتراكي وقت ذاك ، ولم يكتف الحزب بذلك بل أصدر وثيقة تاريخية قيمت سنوات الجبهة من نشاطه السياسي بما تستحق ، وذلك في أول مؤتمر عام يعقده في خيمة على ذرى كردستان العراق ، وبعد عودته للعمل السري ، وتحت تساقط قنابل طيران المجرم ، صدام حسين .
وعلى هذا يمكنني القول إن الشيوعيين العراقيين هم أول الدعاة الى العمل الجبهوي الوطني في تاريخ العراق الحديث من بين جميع الأحزاب والحركات السياسية العراقية ، كما أن السيد علاوي لم يكن هو الذي دعا الشيوعيين للانضمام للقائمة الانتخابية المعروفة باسم : القائمة العراقية الوطنية ، وبرقم 731 ، وإنما كان الحزب الشيوعي العراقي قد دعا منذ شهور خلت الى تشكيل قائمة انتخابية تضم كل القوى المؤمنة بإرساء أسس نظام يقوم على أسس ديمقراطية حقيقية ، يعمل في الوقت نفس على تطبيع الوضع في العراق وإزالة الاحتلال الجاثم على صدره ، وليس على أسس متخلفة تقوم على الطائفية والعنصرية ، هذا الأسس التي عفا عليها الزمن ، وتجاوزتها البشرية في الأمم المتمدنة ، والمتقدمة حضاريا على العراق الآن .
لقد كان سعي الحزب هذا في تشكيل تلك القائمة قد جرى قبل الانتخابات البرلمانية في السنة الماضية ، تلك الانتخابات التي أتت بحكومة المحاصصة الطائفية والقومية التي بات فيها محافظ مثل محافظ محافظة بابل ، المحسوب عليها ، يستجير بمراجع النجف عما لحق محافظته من ظلم وحيف من حكومته ذاتها.
لقد عمل الشيوعيون العراقيون قبل جريان انتخابات السنة الماضية بكل جد وإخلاص من أجل قيام تكوين ديمقراطي في قائمة انتخابية واحدة ، ولكن جهودهم تلك لم تكلل بالنجاح ، مما اضطرهم للنزول بقائمة منفردة ، هي اتحاد الشعب ، وعلى نصاعة هذا التاريخ يكون الشيوعيون العراقيون هم من دعوا الدكتور علاوي للانضمام الى قائمة الديمقراطيين الوطنيين العراقيين التي ثابر الشيوعيون بكل إخلاص من أجل انبثاقها كبديل تقدمي ينبذ الطائفية والتعصب ، ويضع أسس البناء الصحيح للعمل الديمقراطي العصري القائم على أساس التنافس الحر النزيه بين الأحزاب ، والحركات السياسية العراقية ، مثلما هو الحال في بلدان العالم المتمدن ، وليس على أساس التنافس والتناحر الطائفي المقيت ، والاحتراب الفئوي والجهوي المريض ، أو على أساس الفتايا التي تحرم على الناخب العراقي شيعيا أكان أم سنيا الإدلاء بصوته بحرية ، وبشكل حضاري ، وليس أساس أراء نفر محدود يضمهم مجلس يدعى : مجلس صيانة الدستور ، مثلما هو حاصل في إيران الآن ، ذلك المجلس الذي يمسك بيده كل أوراق العملية الانتخابية الى أن يفرغها من معناها الحقيقي بتدخلاته في شؤون المنتخبين والمقترعين على حد سواء ، وفي مخالفة صريحة حتى لأفعال الإمام علي عليه السلام ، والمسلمين الأوليين ، فقد جاء أهل الكوفة للإمام علي وهو في النزع الأخير سائلين : أنبايع للحسن ؟ قال : لا أأمركم ولا أنهاكم ، وانتم أعرف .
وبعد كل ما تقدم ، لن تضر الشيوعيين العراقيين ضارة من وجودهم وعلاوي في قائمة واحدة ، وإن ما يطبل له عملاء المخابرات الإيرانية في العراق من أن علاوي كان بعثيا ، فهو حجة عليهم وليس لهم ، فكثير من كوادر الحركات الدينية الشيعية العراقية كانت في صفوف حزب البعث سواء كان هذا قديما حيث كان السيد محسن الحكيم يستقبلهم كأولاده كما يقول السيد حسن العلوي ، وحديثا حيث كان السيد الشهيد محمد باقر الحكيم ، وهو في طهران من إيران ، يرد على منتقدي سياسة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في ضم أعضاء شعُب متقدمين في درجتهم الحزبية من تنظيمات حزب البعث العراقي الى صفوف المجلس الأعلى بقوله نصا : ( ماذا تريدونني أن أفعل وشعبكم أصبح كله بعثيا ! ) وهو يشير بذلك هنا الى سياسة القسر التي كان يوجب فيها صدام المجرم على العراقيين الانضمام الى صفوف حزب البعث .
يضاف الى ما تقدم أن حركة الوفاق الوطني بمقاعدها الأربعين في الجمعية الوطنية ! هي ليس حزب البعث العربي الاشتراكي ، وعلاوي كان مثل غيره من العراقيين البعثيين الذين قتلهم صدام ، أو عرضهم للقتل ، وأخذا بقولة محمد باقر الحكيم تلك تكون تهمة الانتماء الى حزب البعث التي تشهرها دوائر المخابرات الإيرانية عن طريق أجهزة الأعلام الرسمي للدولة الإيرانية ، أو من خلال عملائها في العراق بوجه كل عراقي وطني غيور يرفض تدخل إيران في شؤون بلده ، ما هي إلا تهمة باطلة تشابه تهمة معاداة السامية التي تلصقها أبواق الدعاية الإسرائيلية بكل من يحاول التعرض لسياسات الدولة العبرية .

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com