هل يحتاج العراق إلى قائد عسكري أم مفكر اقتصادي؟

 حميد الهاشمي

أكاديمي عراقي مقيم في هولندا

h.hashimi@lycos.com

ونحن على مقربة من صناديق الاقتراع بلغت مسيرة العملية السياسية في العراق مرحلة متقدمة، متفوقة بذلك على الوضع الأمني الذي مازال متوترا، والوضع الاقتصادي الذي يسير متعثرا. ولا شك أن تعثره هذا ناجم عن التوتر الأمني الذي يعيق التقدم فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

والحال هذا فان العراقيين والمتابعين لشانهم يتساءلون عن الاختيار المصيري الذي ينتشل العراق من أزمته هذه، خاصة في ظل تنوع الاختيارات التي عكستها الكتل والقوائم الانتخابية العراقية المسجلة لدى المفوضية العليا للانتخابات المزمع إجراؤها في الشهر الأخير من هذه السنة 2005.

فقوائم الانتخابات العراقية القادمة منها الليبرالية المعتدلة والليبرالية العلمانية والمذهبية والقومية وهكذا.

وعلى رؤوس بعض هذه القوائم رجال دين ومذهبيون وقوميون متعصبين، وعسكريون سابقون متمرسون أو بإمكانهم أن يلعبوا هذا الدور، ومفكرون ورجال اقتصاد وتكنوقراط وغيرهم.

 وفي ظل وضع العراق الحالي فان السؤال المحوري هو من الذي يختاره العراقيون؟ أو بالأحرى من الذي يحتاجه العراقيون؟

هل هو الرجل العسكري القوي الذي يقضي على الإرهاب أو يقوضه؟ أم رجل الاقتصاد الذي يحسن وضع البلد ويرفع المستوي المعيشي للمواطن العراقي ويزيد من وتيرة تنميته ليقلص الفجوة بينه وبين العالم المتقدم وفقا لإمكانات العراق والعراقيين؟ أم رجل قومي يربط البلد أو أقليته بمنظومتها القومية؟ أم رجل دين أو رجل مذهب يؤدي الدور نفسه مقارنة بالقومي؟ أم غير هؤلاء؟ ولعل اختيار رجل السياسة يأتي بالمرتبة الأخيرة في هذه الخيارات؟

علما أن الخيارين الأولين أي )رجل الاقتصاد والرجل العسكري(، هما الخيارين المشتركين الذين يوحدا كل العراقيين تقريبا بغض النظر عمن يمثلهما من حيث المبدأ، بعكس الخيارات القومية والطائفية لأنها فئوية.

ربما يختصر الكثير من المثقفين هذا الطرح أو هذا المطلب وبشمولية اكبر بما يسمى "الكارزما" أي القائد الملهم الذي يلقى حضورا وهيبة ويجمع الشعب حوله منقادا بطاعة عمياء. وقد ناقشنا هذا الموضوع سابقا زاعمين تهافت هذه المقولة، حيث يغيب الشخص الذي يحمل هذه المواصفات خاصة في هذا العصر، كما "يغيب" الشعب الذي يعطي طاعة عمياء وتبعية لأي كان، خاصة إذا ما كان يتكون من تنوع اثني وثقافي. [1]

واقعا أن حاجة العراقيين الآن ودائما هي مناهج العمل التي تضمن لهم الأمن والأمان وتوفر لهم الخبز وترفع من مستوياتهم المعيشية وتزيح عن كاهلهم ثقل السنين العجاف القريبة التي مروا بها. وللبرامج والخطابات والأجندات التي توحدهم، أو تقنعهم بالوحدة التي لا تأتي على حساب احد مكونات الوطن العراقي، وتنبذ العنف بنفس الوقت، وتلك التي تنفذ برامج اقتصادية تلبي طموحاتهم.

فالعراق بحاجة إلى كل من الرجل العسكري الحازم والمفكر الاقتصادي الذي يرسم سياسة البلد الاقتصادية والى السياسي والمفكر والمهندس والجندي والعامل والمواطن الحريص على المصلحة العامة قبل المصلحة الشخصية، كي ينفذوا تلك البرامج التي تشمل الجميع ولا تهمش طرفا منهم.

 إذا البحث عن المشروع وليس عن أشخاص والتصويت لمشروع وليس لأشخاص، هو ما يجب أن يكون خيار العراقيين، وهذا البحث يتم في برامج وشعارات وخطب ومسلك الكتل والقوائم الانتخابية التي أعلنت جميعها أن الخيار السلمي هو الحل الأمثل للعراقيين لإبقاء بلدهم موحدا وحرا وهو السبيل لازدهاره وان الورقة الانتخابية هي السلاح لحل التخاصمات.

ومن هذا المنطلق، فان على الكتل الانتخابية أن تكون صريحة وواضحة في مناهجها وبرامجها وخطبها من اجل الاقتراب أو التطابق مع هذا الهدف والإجابة على هذا السؤال كي تحظى بنسبة كبيرة من اختيار العراقيين في استحقاقهم الانتخابي القادم.

 


 

[1] راجع مقالتنا المعنونة " العراق ومقولة الكاريزما"، المنشورة في جريدة السياسة الكويتية:

 http://www.alseyassah.com/alseyassah/opinion/view.asp?msgid=3903

 

 

العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com