|
محرمات أنتخابية - أرهاب المصطلحات من مشاكلنا الأجتماعية والسياسية خلال الفترة السابقة , هي عدم فهم لدور الدين في المجتمع وبالتالي في السياسة . علما اننا تطرقنا سابقا الى عدم تعارض الأسلام مع الديمقراطية واوضحنا هذا المفهوم في مقالات سابقة . لكن مشكلة البعض انه لا يدرس الدين الاسلامي في مضمونه الثقافي ليحكم عليه بطريقة موضوعية وليدرس مقارباته العلمية في شتى نواحي الحياة التربوية والسياسية وحتى الدبلوماسية , ناهيك عن البعد الروحي الذي يعطي الأنسان المؤمن أتزانا في علاقاته الأجتماعية وفي نظرته للطبيعة والكون والحياة بأمتداداتها الدنيوية والآخروية . بل ينظر الى الدين كأنتماء مغلق لا علاقة له بأي موضوع . بل يتعدى ذلك بأستخدامه لأرهاب المصطلحات ضدالأسلاميين الشيعة بالخصوص . علما أن ألمصطلح هو من وضع اهل العلم المتخصصين به أو من وضع وتقرير العرف , وخاصة في الأمور ذات البعد الأنساني , وهنا استخدم مصطلح العلم الأنساني مقابل العلم الصرف كالفيزياء أو العلم التطبيقي كالطب والهندسة . ان قيمة اية كلمة تتمثل في محتواها الفكري لنذهب هنا الى دلالتها , مقابل الدال الذي هو مرادف للمصطلح . تجد تفاوتا في العلوم الأنسانية بدرجة أو اخرى من جهة تطابق الدال على المدلول , عندها يستخدم ذوي الأختصاص ملحقات لهذا المصطلح بغية التوضيج وتجنبا من الألتباس قي الوقوع في خطورة انحرافها عن قيمتها المتمثلة بدرجة عطائها الفكري , كي لا تضمحل أو تموت , بمعنى ان تفرغ من الغاية المقصودة التي لازمت واضعيها لتتطابق أو تقترب من ملامسة واقع فرض ايجادها أو اشتقاقها , ولا ننسى خطورة هذا الموت المصطلحي بمعنى انحرافه , أو ليصل الى مستوى مدلول ضدي للمعنى الذي وضع من اجله . لنأخذ العلمانية كمثال, هل تعني فصل الدين عن الدولة ؟ عندها يكون هذا المصطلح غير موقوفا على الملحد أو اللاديني بل يشمل المؤمن ايضا القابل لهذا الشرط، أم المقصود بها الغاء المقدس كفكرة أو نسبيته، وهذا يضع معتنقها بالضد من الأديان، فترى بعض اللادينيين " مع احترامنا لكل انسان يحمل فكر " يعلمون بمخالفة مايحملوه مع ماهو سائد في المجتمع لذلك كحيلة دفاعية أو كمحاولة بالطعن بالحالة الأسلامية الأصيلة قد حاولوا في السنين الماضية أختطاف لفظة العلمانية وتجييرها لصالحهم، متناسين ان الأسلام هو دين الحرية، وهذا لايشمل بطبيعة الحال " المتشددين من التكفيريين السلفيين ", كما لاينطبق ايضا التعريف الثاني للعلمانية " نزع المقدس " على اصوليي اليسار فهؤلاء لهم مقدساتهم ايضا في ما يشمل المادية الديالكتيكية والتاريخية وكذلك في طرق المعرفة، وكمثال انكارهم ماهو ليس ضمن نطاق المشاهده والتجربة , كما انكر الأتحاد السوفيتي السابق على هذا الأساس ولسنين طوال الخوض بالباراسايكولوجي ليلتفتوا اخيرا الى خطأ توجههم . وهولاء يخفون بالطبع مفاهيم الأرتيابية والتشكيك بالخالق سبحانه وتعالى ,مع ذلك فقد أنفتح الأسلاميون عليهم رغم ألأفلاس السياسي الذي كانوا عليه " أقصد أفلاس الملحدين" دون أن يبعدوهم بتهمة الألحاد . فيما يخص مبدأ فصل الدين عن الدولة قد يبرع العلمانيون في الغرب نسبيا في الدفاع عنه , لأن تجربة المعسكر الغربي مع المؤسسة الدينية كانت دموية تاريحيا , مما حملهم على اليأس من أمكانية التعايش بدون "العلمانية ", هذا لم يوجد في تجربة الأسلام المحمدي العلوي الأصيل "لا أسلام السلطة الجائرة تاريخيا", التي كان الدين وسيلة للرقي الفردي والأجتماعي فيه, وأستخدموا السياسة كوسيلة لأدارة شؤون المجتمع في دائرة العدالة . وفي ضوء هذا يحصل العكس في بلادنا حين نبعد الدين عن السياسة، لأن دعوة السياسيين لفصل الدين عن السياسة عندنا ليس غايته خدمة مصالح الناس بعيداً عن عقائدهم ومذاهبهم, كما يفترض أنه حاصل في الغرب, بل الهدف من ذلك هو استئثار السياسيين بحقوق الأديان والمذاهب وتقاسم حصص اتباع هذه الأديان والمذاهب لمصالحهم الخاصة تحت عناوين سياسية. بل يتعدى ذلك الى تسخير الدين السلطوي الوعظي في خدمة الحكام الجلاوزة . ليصبح لهم رجالات دين يزينون ويضفون الشرعية المزيفة لحكمهم . لنصل الى نتيجة مناقضة لمنطلق هؤلاء السياسين "العلمانيين ", وهو أستخدام منحرف للدين في خدمة سياستهم الظالمة, بالمقابل أبعادا للدين الحقيقي بحجة فصل الدين عن الدولة . وشهدت السنين الماضية ايضا احتكارا من قبل البعض لمصطلح الديمقراطية وابعادها عن الأتجاة الأسلامي السياسي لطعن هذا الأتجاه بأنه لاديمقراطي, وهنا علينا ان نفكك هذا المصطلح وما يقصد به، هل المقصود القبول بالتعددية والنقل السلمي للسلطة وآلية الأنتخاب وهذا هو الشائع في أذهان عامة الناس، واذا كان هذا هو المقصود فلا يمثل الأسلام نقيضا للديمقراطية بل الدكتاتورية هنا هي المقابلة للفظة الديمقراطية, وبهذه الحالة يمكن ان نجد علمانيين دكتاتوريين وهم كثر , ويسار دكتاتوري وايضا " اسلام أو اسلاموية دكتاتورية "، كما نجد في المقابل أسلام ديمقراطي وعلمانية ديمقراطية ويسار ديمقراطي . عندها يكون مصطلح الديمقراطية غير قابل للأحتكار من قبل أية جهة الا بتطابق افعالها ومضمون المصطلح , علما ان هذا المعيار كان غائبا وبشكل ملحوظ في الأتحاد السوفيتي السابق وكل الأنظمة الماركسية , بل نجد مصداق هذا المضمون ولدرجة مقبولة في حالة عراق اليوم حيث التنظيمات والأحزاب الأسلامية وهي في مقدمة السلطة تبدي انفتاحا ملحوظا, وربما زائدا في بعض الأحيان "لامس حد التفريط بمصالج المستضعفين" ،على الآخر الشارك بالوطن المختلف على صعيد الفكر والتوجه . نجد آخرين قد نزعوا معاطفهم الأيديولوجية ليرتدوا معطف الليبرالية دون ان تتمثل سلوكياتها فيهم بشكل مقبول بحيث بقيت شكلا بلا مضمون, ونحن نعلم ان اليبرالية تعني النظر في مسائل ألأختلافات الفكرية , كما ينظر المرء الى الأختلاف في الأذواق, اي افراغ الأشياء من شحنة الأيديولوجيا, كيف ينجح هؤلاء البعض وقد قضوا معظم سنين اعمارهم وسط الصراعات الفكرية التي شهدتها الساحة العراقية والعربية, فتجدهم في منعطفات السجال الحادة قد تخندقوا لاأراديا واخذوا اتجاها طرفيا, والبعض الآخر من سياسي الصالونات حاولوا ايضا ادعاء اللبرالية لنجدهم سريعا قد تخندقوا مع متطرفي القوم كالباججي مثالا . وكذلك يحاول البعض أستخدام أرهاب المصطلحات ضد الأسلاميين الشيعة , بأدعاءات الوطنية , وكأن الأسلامي غير وطني متناسيا أن مصطلح الوطنية يحتاج الى قرينة . فتارة تطلق على الجغرافية , وأخرى على الأيديولوجيا السياسية وثالثة على التدليل المعاكس لمعنى آخر . وللتفصيل مثلا كانت تطلق في زمن المرحوم عبد الكريم قاسم للتفريق كمعاكس لماهو قومي ناصري من المؤيدين للوحدة الأندماجية مع مصر كالطائفي عبد السلام عارف . وقد أطلقت في أحيان أخرى كمقابلة للفظة العميل فكان تصنيفا أنتسابيا, كانوا يقولون هذا وطني والآخر عميل . المشكلة ان الأسلاميين في مؤتمرات المعارضة العراقية قبلوا بأطلاقها على القوى غير الأسلامية من باب التمييز ليس ألا , فأصبحنا نسمع حينها بالقوى الوطنية والأسلامية , وكأن الأسلامي غير وطني إإ . واجد ان أنوه هنا من هذا الأستخدام " أقصد الوطني" يجب أجتنابه من قبل الجميع , فكلنا عراقيون أذا كنا أسلاميين أو قوميين أو علمانيين , شرط أن نكون في خدمة العراق أولا وأخيرا. والمصيبة الأكبر أصبح مصطلح الوطنية محتكرا من قوى ولدت من رحم البعث المجرم , ونشأت في أجواء مريبة تنبعث منها روائح الشبهات وادخنة التآمر وهي مستعدة لبيع الوطن للآخرين كما فعل صدامهم ثمنا لبقائه في السلطة .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |