السعودية وقناتها العربية وناكوزي والعليان والحافظ

 

علي آل شفاف

Talib70@hotmail.com

  

في البدء لابد لي أن أقول: إننا نطمح إلى حكومة قوية, صارمة, تحارب القتلة بلا هوادة, تجتث البعث من عروقه وأصوله, تطبق حقوق الإنسان على من لم يتعد على حقوق الإنسان ـ فقط, وليس على أعداء الإنسانية. جريئة في خطواتها.

إننا نطمح إلى حكومة تطبق (الفيدرالية) بكل جرأة, وبلا تردد, لأنها الضامن الوحيد لوحدة العراق. ودستور لا يوزع القرار بين عدة جهات, فتتخلخل قوته, ويبدو ركيكا, فيهون عراقنا في أعين الآخرين.

ولا أرى مصداقا حاليا لها. لذلك علينا ـ عمليا ـ قبول أفضل الموجود. أو من سيعطي الضمان الأقوى لعدم عودة البعث. ومن يعطينا ضمان لذلك, هو كتلة برلمانية قوية, لذلك أجد في الائتلاف خيار مرحلي مطلوب, وعلينا تقويته. وعلينا أيضا فرض بعض الشروط عليه إعلاميا ـ كرأي عام ـ من أجل التصويت له, لكي يتجاوز أخطاء المرحلة. وربما لي عودة قريبة لهذا الموضوع.

 أعود إلى موضوعنا الأساسي, فأقول:

 (دشنت) السعودية حملة الانتخابات العراقية بدخولها طرفا, عن طريق أبرز أداة في جناحها الإعلامي وهي "قناة العربية". لقد أصبح التوجه الطائفي لهذه القناة ومن ورائها جليا وواضحا, بحيث أنها مستعدة لمناصرة جميع القوائم ـ بلا استثناء ـ ضد الائتلاف العراقي الموحد ( كانتماء, وليس كفكر أو عقيدة سياسية, والفرق كبير وبَيّن وجلي). ترى السعودية في نجاح الائتلاف نهاية (لحق إلهي) طائفي, عاشه العراق لقرون كثيرة, مليئة بالاستعباد والقهر والإذلال للشيعة. الأمر الذي حتم عليها أن ترمي بكامل ثقلها لمنعه, بكل الوسائل. ابتداء من إرسال همج التكفير, والحرب السياسية, وانتهاء بالحرب الإعلامية؛ التي بدأت دخول مراحلها العلنية, وإن لم يكن ما قبلها سريا تماما.

 إن قناة "آل سعود" هذه بدأت بحملتها مباشرة بعد التصريحات سيئة الصيت لسعود الفيصل, والتي اعترف فيها بمشاركته في قمع انتفاضة الشعب العراقي عام 1991, ومن ثم دفن مئات الآلاف من أبنائنا في المقابر الجماعية.

 لقد بدت حلقة يوم الاثنين (07. 11. 2005) من برنامج "من العراق", لمقدمها (الذي يجيد تطبيق تعليمات أسياده) "إيلي ناكوزي" معدة سلفا, لغاية واحدة (فقط), هي مهاجمة الحكومة العراقية الحالية, والائتلاف العراقي الموحد, ومحاولة تعليق كل العيوب والمشاكل على أكتافهما, بل وتسقيطهما. 

حيث بدا ذلك واضحا, ابتداء من الاختيار غير المتوازن لضيفي الحلقة. الذين لم يبدءا هجومهما على الائتلاف, إلا بعد استثارة المقدم لهما, بأسئلة من نوع "يقول أو يرى الكثيرون أو يرى الكثير من العراقيين أن الحكومة عاجزة, أو فشلت فشلا ذريعا, وأن الوضع الأمني يسير من سيئ إلى أسوأ" وما شابه. هذا الجر الإعلامي الذي أصبح معروفا عند الجاهل والعالم على حد سواء.  فقدم بذلك لمن يريد أن يهاجم, مما جعل وزير التخطيط في حكومة "علاوي" ينسى نفسه, وينسي أيام حكومته التي لا نزال نعاني من ويلاتها. بدأ سيلا من التزييف والخداع ـ كنت أربأ به عنه, وكان لي فيه رأي آخر ـ وكذلك سيلا من النقد غير الموضوعي وغير الواقعي, حتى صور لنا حكومته السابقة, كأنها جنة ونعيم مقيم!! وكأن العراقيين نسوا تلك الأيام القريبة جدا, بآلامها ومعاناتها.

 لن أناقش هنا ما قاله "خلف العليان", فهذا وأمثاله أوغلوا في الطائفية إلى أعمق أغوارها. فكان كل كلامه طائفيا, وليست هنا المشكلة فله ذلك, فقد يكون مقبولا منه إذا ما صدق وقالها بصراحة. لكنه يتكلم ويتصرف بها, ويزعم أنه هو وجماعته هم الوطنيون, ويلصق بالآخرين شتى الأوصاف!! فيقول ـ مثلا ـ ما معناه : "إن تجمعنا هو لجمع شمل السنة العرب", ثم يقول ما معناه: "إن الفرق بيننا وبين الآخرين أننا وطنيون, بينما الآخرون طائفيون وقوميون أو عنصريون (ويقصد الائتلاف والتحالف, وقد سماهما)". وأمثال هذا الكلام مما لا يستحق الوقوف عليه أو رده.

 لكني أعود إلى ما قاله "الدكتور مهدي الحافظ", الذي أبان أن جاذبية الكراسي قد تفقد أشد الدمثين اتزانه. وكأن "حافظ مهدي" لم يخرج توا من حكومة أزكم فساد الكثير من وزرائها الأنوف, وقامت بإعادة القتلة والمجرمين من الزمرة البعثية إلى المرافق المهمة للدولة, فكانوا خير عون للإرهابيين المجرمين والقتلة الصداميين. حتى وصل الاختراق إلى مكتب رئيس الوزراء "علاوي" نفسه.

 فهل نسي "مهدي الحافظ" أن العمليات الإرهابية كانت تجري في معظم محافظات العراق أيام حكومته, ولم تكن هناك محافظة آمنة تماما باستثناء المحافظات الكردية الثلاث. وها هي أغلب محافظات العراق ـ اليوم ـ آمنة, باستثناء محافظتين معروفتين. وبعض أطراف بغداد؟ 

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن بغداد كانت كلها غير آمنة, حتى في قلبها. فقد سيطر الإرهابيون على شارع حيفا, وعاثوا فيه الفساد, وقتلوا وأعدموا أمام الكاميرات. وها هو شارع حيفا, ونحن في أيام حكومة الجعفري آمنا, بل لعله آمن شوارع بغداد؟ وأن شارع المطار كان أخطر شارع في العالم في أيام حكومته. وها هو أيام الجعفري آمنا مستقرا حتى لا نكاد نسمع له خبرا؟  

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن طريق اللطيفية وما قبلها وبعدها كان يسمى طريق الموت. ولم يكن يجرؤ أحد على المرور به وشهد المئات من الضحايا الأبرياء الذين قتلوا على الهوية. وها هو اليوم شبه آمن وقد سيطرت قوات مغاوير الداخلية عليه تماما. فلم يستطع الخائبون إلا الضرب غيلة ثم الفرار ولا يمر عليهم بضعة أيام إلا وهم في قبضة العدالة؟

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن الموصل كانت محتلة تماما من قبل الإرهابيين المجرمين والبعثية في أيام حكومته, وهي الآن من آمن محافظات العراق؟

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن النجف وكربلاء كانتا تأنان من أعمال التفجير والقتل والتخريب, وهما الآن آمنتان مطمئنتان, وفي قبضة الحكومة العراقية, وقد خرجت منهما القوات الأجنبية تماما. كما هو الحال في السماوة, والبصرة على الطريق؟

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن وزير دفاع حكومته قرر اقتحام مرقد أمير المؤمنين (ع) بعد أن عجز عن حل الخلاف مع الصدريين بصورة مرضية, وبعد أن قدم هؤلاء كل التنازلات المطلوبة لموفق الربيعي, لو لا تدخل السيد السيستاني.

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن علاقات حكومته كانت "على حديد ساخن" مع كل من الكويت وإيران, حتى كاد يوصلنا خرق زميله وزير الدفاع إلى حرب جديدة مع إيران, من أجل عيون جهات معروفة (كأن لم يعتبر مما جرى لصدام وكيف تخلت هذه الجهات عنه). وعلاقاتنا اليوم مع إيران والكويت على أفضل ما يكون. وكذلك مع الأردن التي غيرت تماما (رسميا أو ظاهريا على الأقل) موقفها الداعم للإرهابيين أيام حكومته؟

  هل نسي "مهدي الحافظ" فساد الكثير من وزراء حكومته باعتراف رئيسها, الذي أعلن أنه أحال قسم من ملفات بعض الوزراء إلى هيئة النزاهة. وسرقة المليارات التي كشفتها الوثائق, ناهيك عما لم يكشف بعد.

 هل نسي "مهدي الحافظ" أزمة الكهرباء أيام "أيهم السامرائي" الذي لم يفعل شيئا للتخفيف من معاناة العراقيين, كما هو حال وزير الكهرباء الحالي, وكلاهما مقصر في ذلك. فلا مجال للمزايدة على الرغم من عدم سماعنا بمن يشكك بنزاهة الوزير الحالي على عكس السابق.

 هل نسي "مهدي الحافظ" أن وزير إسكانه لم نكد نعرفه لو لا بعض المكالمات التي يلح فيها المهندس "مظفر" في برنامج "الإعمار" في قناة الفيحاء. بينما نرى أن وزير الإسكاني الحالي في حركة مكوكية حول المحافظات يفتتح مشروعا إسكنيا هنا, وأخر هناك, وطريق سريع في مكان آخر.

 هل نسي "مهدي الحافظ" الفوضى التي كانت سائدة بين وزراء حكومته, وتضارب التصريحات بينهم. حتى ضاع على الناس رأي الحكومة في كثير من القضايا, وحتى اضطر أخيرا "علاوي" لتعيين ناطق باسمه.

 أنا هنا لا أنزه حكومة الجعفري عن الخطأ والتقصير, ولكنها أفضل من حكومة علاوي ـ بكل تأكيد. كما أنها أكثر انسجاما وانسيابية في العمل, وأكثر مصداقية مع الشعب. على الرغم من أنها واجهت هجمة طائفية شرسة من كثير من الدول التي وقفت مع "علاوي", والتي تريد اليوم اسقاط حكومة الجعفري بكل وسيلة.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com