|
الدكتور أياد علاوي .. هل هو حقا حصان طروادة للبعثيين..؟ أحمد الخفاف
لا جدال في أن أكبر المخاطر التي تحدق بالعراق الجديد في المرحلة الراهنة هو عودة عصابات حزب البعث المجرمة إلى سدة الحكم بأي شكل من الأشكال.. ولا جدال أيضا أن الاحتلال يشكل حالة مؤقتة في العراق يزول بزوال أسبابه.. ولا جدال في القول أن الخطر الذي يكمن للعراق كشعب ودولة ونظام هو بالتأكيد يأتي من جانب البعثيين ومَن يروج للمصالحة معهم.. ففتح أي ثغرة لمافيات البعث المجرمة للتسلل إلى مفاصل الدولة والتحكم فيها في العراق الجديد يعني زوال جميع المكتسبات التي حققتها عملية قصم ظهر أعتى الدكتاتوريات في المنطقة العربية يوم سقوط نظام الطاغية في 9 نيسان.. ولا جدال أيضا أن حزب البعث وخلال مسيرته المشؤومة وهيمنته على الحياة العامة في العراق طيلة عقود من الزمن شكل أكثر الفترات سوادا وظلما في تاريخ العراقيين وأن أي توجه من قبل أي كان لإرجاع هؤلاء الشراذم إلى الحياة السياسية هي خيانة للشعب وطعنة مؤلمة بخنجر مسموم في خاصرة العراقيين. إن هناك ثمة شكوك بأن المخاطر التي أشرنا إليها يمكن أن تأتي عبر بعض الساسة العراقيين الذين لا يرون حرجا بعودة عناصر البعث إلى سدة الحكم تحت عناوين براقة ويافطات عريضة كتحقيق المصالحة الوطنية والوفاق الوطني.. ومن أبرز هؤلاء الساسة الدكتور أياد علاوي رئيس حزب الوفاق.. ومع احترامنا وتقديرنا الفائق لشخص الدكتور علاوي إلا أننا لا نراه مؤهلا للقيام بدور رئيس الوزراء المقبل في حال فازت قائمته في الانتخابات البرلمانية المقبلة بأغلبية تؤهله لتشكيل الحومة وإن كنا نستبعد ذلك تماما وذلك بسبب الآثار القاتلة التي نجمت عن الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها الدكتور علاوي خلال مسيرته القصيرة في رئاسة الحكومة العراقية السابقة والتي انطبعت سلبا في ذاكرة العراقيين حيث يعاني منها حتى يومنا هذا.. إن الدكتور علاوي وخلال فترة حكمه القصيرة جدا تصرف وكأنه في سباق مع الزمن لإعادة وجوه بعثية تجاوزها الزمن إلى سدة الحكم وذلك بغية مسكها بزمام الأمور ولتؤسس لمرحلة ما بعد صدام.. وقد شكل هذا التوجه تهديدا كبيرا لمجمل العملية السياسية في العراق في مرحلة ما بعد سقوط الصنم.. وأوضحت الأيام مدى فداحة الأضرار التي تحملها عموم الشعب وكذلك مؤسسات الدولة الأمنية والخدمية والعسكرية وجميع قطاعات الدولة جراء تنفيذ سياسات بعثيين اخترقوا على عجل أجهزة الدولة المختلفة حيث قدموا كافة أشكال الدعم للإرهابيين من مخابرات ومعلومات وحتى التآمر ضد الوطن واغتيال الوطنيين الشرفاء. إن توجهات وسياسات الدكتور أياد علاوي ورغم احترامنا الكبير لشخصه أساءت إلى سمعته السياسية كرجل دولة، فقد جربه الشعب العراقي خلال تسلمه لمقاليد الحكم في الفترة السابقة وتم اختباره وكذلك اختبار وزراءه وفريقه المحيط به، ويعلم الجميع ماذا فعل الدكتور وكيف تصرف وزراءه وكم ألحقوا من الأضرار بالبنية السياسية في البلاد وكم نهبوا من أموال الدولة والشعب.. ومازالت قضية الاختلاسات المالية العظمى تطارد وزير دفاعه حازم الشعلان وسرقات وزير دفاعه، ودعم وزير كهربائه المحموم أيهم السامرائي لقتلة الشعب من عصابات الإرهاب البعثسلفي..!! وقد أظهرت أحداث الأشهر القليلة التي تسلم الدكتور أياد علاوي السلطة خلالها أنه لا يستطيع أن يحكم البلاد بعيدا عن دائرة البعث، وهذا بحد ذاته ناقوس خطر ينبغي دقه للفت الأنظار إلى ما يجري الآن من تحالفات مشبوهة أو ما سيجري في المرحلة المقبلة من تاريخ العراق المعاصر.. إن تجربة العراقيين المأساوية مع حزب البعث الدموي وكذلك الويلات التي تحملها الشعب من جراء حكم العفالقة في العراق رسخ في ضمير العراقيين وثبت في ذاكرتهم أن البعثيين بكافة صنوفهم بمتطرفيهم ومعتدليهم بخيّرهم وشريرهم هم لصوص حكم وسراق دول، لا يهمهم مصير الوطن ولا مصالح المجتمع بل هدفهم الاستيلاء على مصادر ثروات الشعب ولو بالحديد والنار.. هؤلاء مع الأسف يحومون اليوم حول الدكتور أياد علاوي تارة باسم قوميين عرب وتارة أخرى باسم التكنوقراط وتارة أخرى باسم العلمانية واللبرالية وهذه النعوت يستخدمها البعثيين اليوم كغطاء سياسي للعمل المقبل ولكنها في الواقع تصب جميعها في النهاية في خانة البعث المنحل. مَن مِن العراقيين بات لا يعرف طبيعة حزب الوفاق الذي يتزعمه الدكتور أياد علاوي العضو القيادي السابق في حزب البعث العربي الاشتراكي والذي نكل بشرفاء العراق واضطهد القوى الوطنية وطارد القوى الإسلامية إبان السبعينات.. ومن من العراقيين لا يعرف من يحيط بالدكتور أياد علاوي ومن كانوا في وزارته في الماضي القريب.. إن من يتصور أن الدكتور علاوي بعيد عن مدرسة البعث فهو مخطئ.. إن ارتداده على الحزب وانقلابه عليه في الثمانينات جاء بسبب الهيمنة الشخصية للطاغية صدام على مسيرة الحزب واحتجاج علاوي لم يكن أساسا مبنيا على مبادئ البعث الشوفينية بقدر ما كان احتجاجه على قيادة الفرد للحزب والتي باشرها صدام وحيداً.. إن الدكتور علاوي ظل وفيا لمبادئ حزب البعث وهو يعتقد أنه الوريث التاريخي والشرعي للحزب وما التصريحات والأحاديث التي يلقيها والإشارات التي يعطيها سوى تأكيدات على مدى ارتباطه الوثيق برفاق الأمس من البعثيين كأيهم السامرائي وزير كهرباءه وحازم الشعلان وزير دفاعه وفلاح النقيب وزير داخليته وإن كان هؤلاء ممن تضرروا من القيادة الفردية للحزب في عهد الطاغية صدام. إن من يتصور أن الدكتور علاوي المدعوم بالأطر البعثية التي تؤطره والتي يعتمد عليها في تحركه السياسي قد خرج خروجا كليا من سجن البعث فهو واهم.. فالدكتور مازال على ذمة البعث ويفاخر بعضويته فيه وما فتئ يتحدث عن وجود بعثيين شرفاء وبعثيين خيرين.. وإذا كان من يقصدهم هم على شاكلة وزراءه السابقين فهؤلاء بينوا للعراقيين مدى مساندتهم ودعمهم للإرهابيين البعثيين ممن يسمونهم "بالمقاومة" وما فضائح اختراقات يأجوج البعث ومأجوج الصداميين في أجهزة المخابرات والدفاع والداخلية ووزارات أخرى والأجهزة الأمنية في زمن حكومته إلا دليل على مدى ارتباط رجال الدكتور بالحرس البعثي القديم.. يخطئ من يتصور أن الدكتور أياد علاوي هو رجل قوي تحتاجه المرحلة الراهنة في العراق الكسيح.. فقد أثبتت الوقائع والأحداث التي حصلت أثناء حكومته أنه صفّهُ مخترق اختراقا فاضحا في اضعف الإيمان ويمكن القول متعاونا تعاونا وثيقا مع عناصر البعث في أقوى الإيمان وإن كان قصد صالح العراق كما يفهمه هو!!.. فهو صاحب نظرية إعادة البعثيين إلى مفاصل السلطة ومراكز صنع القرار وتمكينهم من التحكم في مقاطع الدولة الحساسة في العراق الجديد وذلك مقابل وقف ما يسميه هو "المقاومة" يسانده في ذلك كل الجهد السياسي والعسكري والأمني والدبلوماسي والإعلامي الأمريكي الذي يبدو إنه لا يبخل بأي مسانده لهذا التوجه. لقد حصلت الاختراقات الأولية لفلول البعث إلى جسد العراق في زمن حكومة الدكتور أياد علاوي ولو لا إصرار الدكتور على إدخال شراذم البعث إلى مفاصل منظومة الحكم الجديد لم يكن يحصل ما حصل من موجات جرائم التفجيرات البربرية والاغتيالات الطائفية التي ارتكبت بحق شخصيات وطنية ودينية على الساحة السياسية. إن كل ما يعانيه العراقيون اليوم هو نتاج السياسيات والممارسات الخطيرة التي اتخذها الدكتور علاوي أثناء فترة حكومته القصيرة.. وإذا كان الدكتور يريد بعد الفوز بالانتخابات البرلمانية فيما لو تحقق له ذلك ولقائمته تشكيل حكومة من خليط قومي بعثي فينبغي أن نقرأ على العراق السلام ونقول للعراق الديمقراطي التعددي الفدرالي عليك السلام لأن ديدان البعث ستنخره من الداخل وتفتك به كما فتكت به أول مرة قبل أربعين عاما. لقد باتت قصة "حصان طروادة" حديث الساعة للعراقيين.. فإنهم يتبادلون الحديث بالقول أن هناك هيكل سياسي لإطار متضخم على شاكلة "حصان طروادة" الخشبي المعروف اسمه أياد علاوي والخشية أن يدخل من بقى من الرفاق السابقين في حزب البعث إليه حيث سيختفون فيه حتى يدخلوا الجمعية الوطنية الجديدة وفي لحظة من لحظات سبات نواب الشعب سيستلون سيوفهم ويشرعون خناجرهم ليغيروا على صرح العراق ويسلبوا الوطن كما سلبوه أول مرة وليتبروا العراقيين تتبيرا.. أن من أكبر المخاطر المحدقة بالعراق اليوم هو الترويج لمقولة أن المرحلة القادمة في العراق تحتاج إلى رجل قوي كأياد علاوي وكأن علاوي أثبت للعراقيين أنه خلال فترة حكومته أوقف الإرهاب ومنع الفساد الإداري أو كافح التدهور الأمني وعالج الانزلاق السياسي أو أزاح الكابوس التكفيري الذي يجتاح البلاد وأصلح الوضع الاجتماعي والمعيشي لطبقات الشعب المحرومة وأمن لهم أبسط الحقوق. إن الذين يريدون أن يمنحوا أصواتهم للدكتور أياد علاوي والرجال الذين يستعين بهم والذين باتوا معروفين من هم، بلا شك إنهم مخطئون ذلك لأن قفز علاوي إلى الحكم معناه عودة البعث إلى السلطة دون مجاملة أو جدال.. فليفكر الناخبون ألف مرة قبل أن يمنحوا أصواتهم لعناصر بات الجميع يعرف توجهاتها وسياساتها المستقبلية.. الصوت في الانتخابات النيابية المقبلة أمانة في أعناق كل عراقي شريف يسعى إلى حياة كريمة وبناء عراق ديمقراطي فدرالي تعددي بعيدا عن رياح البعث وعفونة البعث ووساخات البعث وقذارة المنتمين إليه. نناشد كل عراقي شريف أن يفكر مليا قبل أن يمنح صوته للدكتور أياد علاوي والقوائم المشابهة لها من حيث انتماءاتها البعثية العفلقية والصدامية المعروفة للجميع.. إن هناك أحزاب وجبهات وتحالفات وقوائم عراقية وطنية نظيفة يعرفها العراقيون أيضا نذكرها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر كقائمة الائتلاف العراقي الموحد وكذلك قائمة المؤتمر الوطني بقيادة الدكتور الجلبي وقائمة حزب الأمة بقيادة الأستاذ مثال الآلوسي وغيرها عشرات القوائم من الوطنيين العراقيين الذين لم تتلطخ أيديهم يوما بدماء شعبنا الجريح. إن الرجل القوي للعراق والذي يروجون له لا يعني أن يكون رئيس الوزراء المقبل عنتريا في تصريحاته وعنجهيا في مواقفه.. أو أن يقطب تقاسيم وجهه ليبين بأنه حازم في الكلام وحاسم في المواقف.. بل هذه الأوصاف لا تدل على شيء سوى على هيئة كاريكاتورية لأي مسؤول يريد أن يظهر خلاف ما يبطنه فهو بهذه الهيئة لا يخيف أحدا ولا بإمكانه أن يبعد شرا عن العراقيين بل أن الرجل القوي المناسب للمرحلة المقبلة للعراق هو من يتخذ مواقف حازمة إزاء تغلغل عصابات البعث الغادر إلى مفاصل الدولة بكافة أشكالها ويتصدى لأية محاولة من شأنها إرجاع مافيات البعث إلى سدة الحكم بدعوى تحقيق المصالحة الوطنية ويضرب بيد من حديد كل مشاريع التخريب في البلاد مستعينا بدعم الشعب ومساندة قوى الجيش والتأييد السياسي من قبل المرجعيات السياسية والدينية. إن من يعتقد أن الدكتور أياد علاوي ينتمي إلى مدرسة التشيع أو هو مهتم بمصالح الشيعة ويسعى لضمان حقوقهم في حاضرهم ومستقبلهم فهو مخطئ خطأ كبيرا.. أنه بصراحة رجل علماني وإن استعان ببعض الرجال من ذوي العمائم السوداء.. إنه ينتمي إلى المدرسة القومية ذات الخلفية البعثية ولا ينبغي أن نحمل الرجل أكثر مما يحتمل فنقول مثلا أن علاوي يُحسب على التشيع السياسي فالرجل يقولها بصراحة بأنه علماني قومي ذات خلفية بعثية ولا دخل له بالإسلام فخطه خط ليبرالي ليست فيها مساحة للدين أو الشريعة أو القيم الإسلامية ومثله كمثل الصحاف والزبيدي وحمادي مع فارق هو أن هؤلاء دعموا نظام الطاغية صدام ووقفوا بجانبه ولكن علاوي انشق عن صدام ولم ينشق عن البعث..!! إن الدكتور أياد علاوي هو بالتأكيد ليس الرجل المناسب للمرحلة المقبلة للعراق. لا هو ولا الكادر الذي يحيط به البديـل الذي بإمكانه أن يحل القضايا المصيرية العالقة في ساحة العراق المتشابك فقد جرب الشارع العراقي خطط دولة الرئيس علاوي في الفترة السابقة ولم يحصد منها سوى الدمار والتخريب والانهيارات الأمنية ونهب الأموال وسرقة ثروات الوطن، فهل سيُجـَرّب المُجـَرّب مرة أخرى؟؟ سؤال سيجيب عليه الشعب في منتصف ديسمبر المقبل في أخطر مقطع من مقاطع تاريخ العراق العريق..
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |