|
أدانها العراقيون شعبا وحكومة.. تفجيرات عمان أسقطت ورقة التوت عن قادة الإرهاب في العراق
عباس سرحان التفجيرات التي استهدفت المدنيين الأبرياء في عمان كشفت جملة من الحقائق التي سيكون لها أثر كبير على سير العمليات المسلحة في العراق على وجه الخصوص..وربما هي بداية النهاية للتنظيمات المسلحة التي تحاول تقويض العملية السياسية في العراق.. إلى وقت قريب كان معقل التعاطف العربي مع الزرقاوي يقع في الشارع الأردني، والفلسطيني والسوري، ورغم أن الحكومة الأردنية تحملت وزر هذا التعاطف سياسيا، غير أنها لم تتمكن من إيقاف شارعها عن التعاطف مع الزرقاوي الذي كان يقتل المدنيين العراقيين الشيعة بدم بارد، فيجد من يبرر له ذلك عبر شاشات الإعلام العربي انطلاقا من دوافع عديدة.. وحين يتعلق الأمر بسوريا ايضا، فهي كانت تدعم علنا ما يجري في العراق، ومثلها الموقف الفلسطيني.. وتشاء الأقدار أن يذهب ضحية الزرقاوي مخرج سوري معروف يختزن المشاهدون العرب له العديد من الإبداعات الفنية لعل أبرزها فلم الرسالة الشهير، كما يقتل في الحادث أيضا بعض المسؤولين الفلسطينيين.. إضافة بالطبع إلى المدنيين الأردنيين الأبرياء.. هذا الجمع العجيب بين ضحايا التفجيرات الانتحارية لشخصيات من ثلاث دول تصنف على أنها مؤيدة للأعمال المسلحة في العراق، أو على الأقل أن شارعها يؤيد تلك الأعمال، سيكون له أثر سلبي على وجود الزرقاوي وأثره وقوة بريقه.. وربما على الأعمال المسلحة برمتها، لأنها أماطت اللثام عن حقيقة الرجل الذي حاولت الدعاية الإعلامية لبعض الدول العربية أن تصنع منه أسطورة( يحمل هموم المسلمين ويدافع عن العقيدة المستباحة)..والذي وجد وهو يقتل رهائنه ذبحا بالسكين من يفتش في الكتب ويقلب الحجج ليجد له تبريرا دينيا وتاريخيا يخفف من صدمة المشاهدين جراء هذا العمل البربري. ولكن سقطت هذه المبررات وسيسقط من يحاولون الدفاع عن الزرقاوي أو أي عمل يستهدف المدنيين في العراق، لأن ما حدث في الأردن أثبت أن لاقيمة أخلاقية ولا دينية تضبط سلوك الجماعات المسلحة في العراق، وربما لا نجافي الحقيقة حين نقول أن هذه الجماعات أثبتت بشكل مؤكد أنها تفتقر أيضا لحس سياسي تدير به صراعها مع من تسميه بالمحتل و(الرافضة) في العراق، فالمنطق كان يقتضي أن يحافظ الزرقاوي على تأييد الشارع العربي له بحصر عملياته في العراق، وإن أراد ممارسة نوع من التكتيك الدعائي أو بعض الإيحاءات التي تحقق له مكاسب دعائية، توجب عليه تجنب المدنيين. ولكن بتفجيرات عمان أثبت الزرقاوي أنه يتخبط فكريا وسياسيا وعسكريا، واتسعت من حوله دائرة الرافضين له، سيما بعد انضمام أنصاره في الأردن وسوريا وفلسطين ممن صدموا بأحبتهم لهذه الدائرة، الأمر الذي يطوقه بعزلة شبيهة بتلك التي طوق بها صدام حسين نفسه في السنوات التي سبقت سقوطه.. ربما من جهة أخرى سيحقق هذا الانعزال والتقوقع الذي يصيب الزرقاوي فرصة كبيرة للحكومة العراقية كي تنفذ العديد من المهام العسكرية ضد قواعده دون أن يحدث ذلك ضجيجا اعتاد مؤيدو الأعمال المسلحة في العراق إطلاقه مع كل عمل تقوم به الحكومة العراقية بحجة أنه يستهدف طائفة أو شريحة من الشعب العراقي، وقد تكون عملية ديالى الأخيرة التي نفذتها الحكومة اغتناما جيدا لهذا الحدث.. الألق العراقي.. الرائع في الموقف العراقي أنه سارع للتنديد بالعملية الإجرامية التي استهدفت الأبرياء في الأردن وبشكل عفوي غير مدبر ولا منضوي تحت توجه سلطوي أو ديني، وهو بعكس ما درجت عليه الصحف ووسائل الإعلام والشخصيات الأردنية التي كانت تدعم عمليات القتل في العراق، وتتحجج لتبرير الفضائع التي ارتكبت بحق العراقيين.. لم يقم أي عرس رمزي للاحتفاء بالقتلة، ولم يتبن الشعب العراقي أي من أولئك الذين انتحروا وسط الأبرياء، وإن أشيع أنهم عراقيون، وربما أراد الزرقاوي من هذه الإشاعة غرضا دعائيا لإثارة الأحقاد والضغائن.. ولكن المهم في الأمر أن التعاطف العراقي مع عوائل الضحايا في عمان والأردن وسوريا كان قمة بحد ذاته وعكس الجوهر الناصع لهذا الشعب الذي لايعرف الحقد ويقدس الحياة..
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |