|
الحزب الشيوعي والتحالفات الجديدة (وفرارية) الأيام الصعبة...! محسن صابط الجيلاوي
لم يبرع حزب عراقي في حب التحالفات كالحزب الشيوعي العراقي، فهو خارج من تحالف ليدخل في آخر، بل وأحيانا يتفاخر بوجود عدة تحالفات في علاقاته السياسية كما حدث أيام جود وجوقد في الثمانينات، حتى اختلطت علينا الأسماء وشكل وجدوى هذه التحالفات والصفقات السياسية وكذلك سرعة توقيتها والتوقيع على أوراقها (لتتفلش) ومضامينها لم تصل إلى القاعدة الحزبية التي كانت دوما ولازالت بعيدة عن صنع القرار رغم كل الترقيعات، المهم ليس في التحالفات بل في النتائج والتي بقراءة تاريخية كانت دوما بالضد من أهداف الحزب بل في سائرها كان هو الضحية الأولى..بعض الانهيارات كلفت دماء غزيرة كالتحالف مع البعث الفاشي وكذلك التحالف مع جلال الطلباني..فكلاهما ( التحالفان ) أنتهي بطريقة مروعة وعلى جثث الكثير من الشهداء الذين أنظموا إلى قائمة الدعاية السطحية للحزب كونه حزب( الشهادة) كأوراق سياسية تتراجع هنا أو هناك معتمدة على شكل الحليف وشكل دمويته تجاه أعضاء الحزب وشكل التغيرات السياسية وشكل الحاجة دون أن يُعطى أي تبرير لغزارة هذا الدم المسفوح...المهم تحالف وليذهب الشهداء إلى الجنة دون حقوق أو ذكر ولو بسيط في صحافة الحزب ومواقعه الإعلامية وكمثال ساطع شهداء مجزرة بشتآشان، مقابل ذلك هناك لعاب يسيل نحو القوي (الجلالي مثلا) تطلعا لجبهة جديدة توصل بعضهم إلى البرلمان، وجلال من الذكاء بحيث يعرف وزن المقابل لهذا شاح بوجهه عنهم في الانتخابات الماضية ليضعهم عراة أمام تحدي لا أعتقد أنهم سيجازفون به ثانية ليفضحهم نفوذهم الحقيقي والذين على أساس عكسه الواهم تم طرد وإقصاء الكثير من الأعضاء والكوادر ولأسباب تافهة تعبر عن غياب الديمقراطية وأي حيوية سياسية مع دعاية أن الخير وفير والحزب جماهيري يطرد الحواف الرخوة.... لقد كُتب الكثير عن ضرورة تجديد الحزب واليسار العراقي ولب المسائل المطروحة أن العراق يحتاج إلى جسد يساري منفتح، منتمي إلى العالم ومتصالح معه فكرا واسما وشكلا تنظيميا، وقد جاءت هذه الكتابات من أشخاص قريبين للحزب فكريا أو من شخصيات تؤمن بيسار تجديدي وكذلك من ناس مروا بتجربة الحزب المرة وتفحصوا التغيرات العميقة على الفكر الشيوعي وأطلعوا على جدل وديناميكية هذا العالم المتحرك في كل الاتجاهات...وبدل أن ينتبه الحزب إلى هذه الرؤى والتصورات لم نرى سوى الصمت وعدم المبادرة وكأن هذا لا يعنيه رغم الهزيمة القاسية في الانتخابات السابقة والتي كان من المفترض أن تحرك واقعا مريضا راكدا نراه ركز كامل جهده على إيجاد حلفاء جدد تُوصل بعض محبي السلطة في الحزب إلى قاعة البرلمان حيث النهب والفرهود، سؤالي ما لذي قدمه نواب الحزب في المرحلة السابقة، فالأكراد من الحزب كان نقاشهم ينصب على أطر قومية فقط ولم نرى حميد موسى أو مفيد الجزائري في نقاشات تدافع عن الجماهير وتفضح زيف النخب السياسية المتنفذة وهي كثيرة والحمد لله، مع غياب فاقع على مستوى الشارع...؟؟!كما أن سؤالي كيف تسنى لهم الرد على جلال وعلى تصريحات الجعفري وهي قراءة لما بين السطور بشكل ينم من خلاله ذلك الخضوع المستلب للقوي عبر ردود محببة ينضح منها ( الدلع ) والعتب الأبله وتشع من ثناياها روحية التزلف في حين لم نرى أي رد أو حوار على مئات المقالات والمداخلات والاطروحات الجادة التي كانت تناقش الواقع الداخلي للحزب ومشاكل اليسار وإيجاد تفاهمات تقرب سائر قوى الديمقراطية والتقدم في العراق وهي مقالات كانت مهمة لوضع الحزب العام ومعالجة إخفاقاته المتراكمة والتي بلا جدال أفضل وأكثر أهمية بكثير من تظهر بعض القياديين كصغار وهم يعتبون على الجعفري أو جلال لأنه غمزهم أو غبط حقهم هنا أو هناك، حتى أن أحد الكتبة في عتبه الفج تناسى أن بيد جلال الطاباني( صديق برزان ) تمت تصفية كوكبة كبيرة من الشيوعيين العراقيين... ما أريد قوله أن للحزب الحق في التفكير وإيجاد حلفاء لكن ليس أبدا على حساب المهمة الرئيسية التي كان يطالب بها الناس في ضرورة توحيد أو تقارب اليسار العراقي وتجديده قولا لا فعلا اللهم إلا إذا كان الحزب يعتقد انه خرج عن دائرة اليسار وأصبح حزبا يمينيا تقليدا وهذا ما أعتقد أن الحزب سينفيه جملة وتفصيلا....لهذا أرى أن الحزب خسر كثيرا في الإصرار على مواصلة العمل وفق الطرق التقليدية وعلى نفس الأفكار التي لا حضور لها في هذا العالم لهذا ستضعه في نظر الأجيال العراقية الجديدة المنفتحة على العلم والحداثة خارج أي واقع للتأثير والتفاعل، ونحن الذين لازلنا نطمح ليسار جديد يكون محطة متوهجة للإشعاع الفكري والثقافي والسياسي لا أعتقد أننا سندعوا شبابنا إلى أخذ الحزب الشيوعي بشكله الحالي على انه إطار مفترض أو واقعي ليسار نفاخر به ومستعد للأجابه عن الأسئلة المهمة التي يطرحها عالم اليوم...هؤلاء مجموعة تقود الحزب يبدو أنها لا تقرأ وان كتبت ففضيحة... لهذا أصبح الخيار من اجل النضال ليسار جديد يتطلب تجاوز هذا الجسد الميت والحوار مع عقول متفتحة تضع مهمة وجود يسار عراقي ناضج وشاب ومنفتح وديمقراطي يدافع عن قضايا المهمشين والمحرومين والطبقات الشعبية ويدعوا إلى ثقافة نقدية ويناقش كل الآراء والأفكار مهما كانت بلغة رصينة وجديدة مهمة عاجلة لا تحمل التأجيل...يسار يؤمن ببرنامج وطني للإنقاذ لا إلى يسار يقدم بعض مهمشي السياسة لكي يدخلوا عالم ( البوزات) كقادة سياسيين وأعضاء في البرلمان، فقد كان هناك الكثير في هذا البرلمان لا يهش ولا يربط، إنها لعبة القوي في الشارع، أفضل مئة مرة من برلماني مربوط من تحت، بل المهم السعي إلى فكر سياسي يحترمه الشارع ويتأثر به..ستبقى المسالة انك دخلت باسم القوي إلى دائرة القرار السياسي وليس نتيجة حضور سنده شارع يقف خلفك...التحالفات للضعفاء تقدم المسالة الأولى وهي وقتية وتُغيب الثاني ( التأثير ) الذي هو الأهم لمستقبل أي حركة سياسية تريد أن تصمد في صراع سياسي شائك... إن جماعة علاوي سيدخلون البرلمان وبذلك يكسبوا حليفا ( قويا- رغم أني لدي تحليل خاص عن فشل ذريع لقائمة علاوي هذه المرة ) جديدا ومقاعد وثيرة وحب النفخ ولكن حذار من قادم الأيام فعقول الناس تغيرت ولن ينفع حينها تسطير تبريرات عن هزائم محتملة، الأخطر في كل الذي يجري أني أرى قاعدة حزبية( ليست قليلة ) تشتم علاوي حتى قبل أيام وصامتة عن الأحزاب الكردية حيث الطموح بالتحالف معها واليوم أصبحت تقدمة منقذا، تلك قاعدة ( الريمون كنترول )عرفناها وتفنن في بنائها بعض قادة الحزب الشيوعي في ما يسمى المؤتمرات الحزبية، أقول تلك قاعدة حزبية لا تستحق أن تكون ضمن أي يسار أو حزب أو حركة تطلب التقدم والقرب من الناس والحقيقة فعمر الدجال قصير وما أكثرهم اليوم في عراق مريض حقا....لم يبقى في الساحة كما يبدو إلا (فرارية) الأيام الصعبة حيث النفخ وإقصاء الآخر وتسطيح أراء الناس هي أسهل الطرق، أولئك الذين تجنوا كثيرا على ماضي الرفاق الأنصار وقناعاتهم وعلى كل من يريد أن يثير جدلا مثمرا للبحث عن الأفضل ولكل من يكتب بتلك الحقيقة التي صقلتها أيام وساعات الخطر لكن يبدو (البيت بقى لمطيره طارت بيه فرد طيره )...هنيئــــاً!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |