|
كافؤهم بالكباب والجبن الدنماركي..إنهم قتلة الفقراء وعمال المسطر وذباحي الصغار!! عباس سرحان
أثيرت ضجة إعلامية بعد مداهمة موقف لاعتقال الإرهابيين في مدينة بغداد تابع لوزارة الداخلية.. كثر الضجيج وصار كل يغترف من ساقيته ثم يفرغ ما في دلوه على رأس وزارة الداخلية.. صار الجميع من دعاة حقوق الإنسان.. القتلة وقادة التنظيمات الإرهابية ومهندسو عمليات اختطاف الأجانب وقاطعو الرؤوس والمدافعون عنهم.. كلهم دعاة حقوق إنسان.. كل هؤلاء امتطوا جياد الحرية وامتشقوا سيوف العدل ونزلوا ساحة الدفاع عن الإنسان الذي انتهك حقوقه رجال الشرطة العراقية.. ولم يقف البعض عند هذا الحد بل سارع لتجيير هذا (المكسب) الدعائي لصالحه، فقال إن المعتقلين من السنة، وإنهم اعتقلوا على الهوية.. وكالعادة عزف المرجفون والقتلة ومروجوا الكراهية على الوتر الإيراني، فأدوات التعذيب إيرانية.. والمحققون إيرانيون..ولا ندري كيف يحقق الإيرانيون مع العراقيين وبأي لغة، ولماذا تستورد أدوات التعذيب ـ إن كانت هناك أدوات تعذيب ـ من إيران، طالما بإمكان الشرطي أن يعذب المعتقل بأي وسيلة كانت.. على م يضحك هؤلاء، وإلى م يصرون على انتهاج هذا المنطق الأعوج الذي لن يوصلهم إلا إلى الانحدار والسقوط في نظر العراقيين وفي نظر جميع المنصفين في العالم، فالإفتراءات ماكانت ولن تكون وسيلة لتحقيق الغايات إلا عند المفلسين الذين أضاعوا الخيط والمخيط كمايقول المثل العراقي.. طوال السنتين الماضيتين قتل الزرقاوي وأتباع البعث عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء.. ولكن لم نسمع صوتا من التي بحت في اليومين الماضيين بينما أصحابها يلطمون رؤوسهم أسفا على انتهاك مزعوم لحقوق بعض القتلة والإرهابيين الذين ساهم بعضهم بقتل المدنيين بالجملة.. في دول العالم المتحضر كما يحلو للبعض تسميته أبعد أشخاص من العرب على الشبهة من دول توطنوا فيها لسنين، وسجن آخرون، ولم يحدث في تلك الدول ما يحدث في العراق من فضائع، ولا أحد بالطبع يستطيع أن يلوم أي دولة تتخذ إجراءات لحماية مواطنيها وأمنها الوطني..أما في أميركا التي كانت سبب الضجة الأخيرة في العراق فيعاني كثيرون من انتهاك حقوقهم، هذا فضلا عن قيام الجيش الأمريكي بانتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع في مناطق عديدة كأفغانستان والعراق، فلماذا يراد من الحكومة العراقية أن تقبّل أعين القتلة وتمسح على ظهورهم وتكافؤهم بالكوكا كولا والكباب والجبن الدنماركي.. لماذا يجب أن نتغاضى على أكثر من 100،000 شهيد سقطوا على يد الإرهابيين والبعثيين خلال السنتين الماضيتين، فضلا عن الجرحى.. في أي مكان من العالم يمكن أن يحدث هذا؟.. في ظل حكومة الدكتور علاوي وبينما كانت أجهزة الدولة مخترقة حتى النخاع قتل ثلاثة أشخاص من منظمة بدر تحت التعذيب، فلم تحدث ضجة كالتي حدثت خلال اليومين الماضيين.. لم تطالب صاحبة نصب الحرية علاوي باحترام حقوق الإنسان، ولم تُبح الأصوات إياها منددة بالحادث.. فمن هم الطائفيون، ومن هم المنافقون الذين يدعون احترام حقوق الإنسان في مكان ويصبحون من أبشع القتلة في مكان آخر.. من هم باعة التصريحات في سوق الفضائيات وأجهزة الإعلام الرخيصة، ومن هم حماة العراق والحريصون على استتباب الأمن، الذين يتتبعون الإرهاب من بيت إلى بيت، فيمرغون أنفه بالوحل؟. من العجيب أن تختار قوات أميركا هذا الوقت لإثارة هذا الغبار.. فهل أرادت أن تجعل من الحكومة العراقية كبش فداء لتتخلص من الضغوط الإعلامية التي تتعرض لها بسبب استخدامها الفوسفور الأبيض في الفلوجة، أم أنها أرادت أن تضعف حكومة الجعفري لأسباب تتعلق بالانتخابات المقبلة.. البعض رأى في الموقف الأمريكي هذا محاولة لإعطاء تطمينات لآخرين قبل مؤتمر القاهرة، بهدف الإيحاء أنها تقف في منتصف المسافات مع الجميع. وأيا كانت المبررات والأهداف وراء هذه الزوبعة المفتعلة، فإن الشعب العراقي قادر على قراءة المواقف بشكل جيد، كما أن وقوف أمريكا ضد قائمة الإتلاف هو من الحسنات التي سيؤدي حتما إلى تزايد شعبية هذه القائمة، لأن الأداء الأمريكي في العراق لم يمكن أمريكا سوى من كسب أعداء جدد على الدوام، ويبدو أن أعداها في الفترة المقبلة، هم الفقراء والمسحوقون وضحايا النظام البائد الذين حاربتهم أمريكا في يوم ما، وها هي تعيد الكرة بأسلوب آخر، والذين سيصوتون لقائمة الحكومة الحالية لأنها أنج أداء من الآخرين..
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |