مطلوب الكشف عن أسماء البعثيين الذي سيحضرون مؤتمر القاهرة

أحمد الخفاف

Alkhafafahmad@yahoo.com

 

مؤتمر ما يسمى "بالمصالحة والحوار" وكما يحلو للبعض تسميته بمؤتمر "الوفاق الوطني" والذي سيعقد يوم السبت المقبل تحت رعاية الجامعة العربية وأمينها العام عمرو موسى الأشعري في العاصمة المصرية  أثارت الكثير من الاعتراضات والاحتجاجات من قبل أطياف واسعة من المكونات السياسية والحزبية وقطاعات واسعة من الشعب تشكلت الأغلبية الكبرى منها.

 وقد تناول الكثير من القادة السياسيين وزعماء الأحزاب والكتل السياسية وكذلك أركان الحكومة العراقية الحالية وعلماء الدين ورجال الإعلام والمهتمين انعقاد المؤتمر باعتباره موضوعا حيويا لا يقل أهميته عن مسألة إسقاط النظام الصدامي البائد ذاته وتشكيله منعطفا خطيرا في مسيرة نظام العراق الحر التعددي الديمقراطي الفدرالي الجديد.. وقد انقسم الشارع العراقي حول المؤتمر المزعوم عقده في القاهرة إلى أغلبية كبيرة معارضة له وأقلية بسيطة مساندة له.. ولا نريد الخوض في ماهية الطرفين وتوجهاتها السياسية لوضوح الأمر بشكل كبير.. ولا نريد هنا أيضا الخوض في ماهية الجهة التي تساند انعقاد المؤتمر وتشجع عليه والتي ارتبط مصيرها بمصير النظام البائد لظنها أنها  خسرت مواقع كثيرة بعد سقوط نظام الطاغية يوم انهيار الصنم في 9 نيسان، ولكننا نود أن نركز هنا على أمر في غاية الأهمية والخطورة في هذه العجالة وإن يكن هذا الكلام قد تأخر قليلا بعض الشيء، وهو عدم اتخاذ أي موقف حازم وحاسم من قبل المعارضين للمؤتمر وقبولهم لعقده على مضض قبل أن يعرفوا أسماء الذين سيشاركون في المؤتمر من الطرف الآخر ونقصد هنا البعثيين أو من سيمثلهم.. ويبدو أن هناك ضغوطا أمريكية مورست على المعارضين للتوجه إلى القاهرة والجلوس وجها لوجه مع جلاديهم للتفاوض معهم وبدء المفاصلة النهائية على كعكة العراق و"بيش تبيع وبيش تشتري" من دون أن يعرف المعارضون للمؤتمر بمن سيلتقون ومن سيفاوضون ومن سيحاورون ومع من سيتصالحون وكأنهم أشباح وأرواح..!!

 قد يكون للقادة العراقيين الحق في الاجتهاد في موافقتهم على حضور المؤتمر وذلك تطبيقا لباب "سد الذرائع" أو "سحب البساط من تحت الأرجل" أو "الضرورات تبيح أحيانا المحظورات" وهلم جرا من المبادئ التي يمكن أن تكون بوصلة للمجتهد في علم السياسة ولم لا؟.. أليست السياسة هي "فن إنجاز المستحيل وتمكين غير الممكن" على أن الأمر الذي يمكن أن يؤخذ عليه في هذا الجانب هو حضور قادة الأحزاب السياسية الوطنية وأعضاء الحكومة إلى المؤتمر دون علمهم المسبق من هي الشخصيات التي تمت دعوتها أو التي ستحضر المؤتمر.. وهذا هو بيت القصيد. ويبدو أن السيد إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء كان واضحا جدا عندما قال بصراحة خلال تصريحاته الأخيرة إننا لا نريد أن نفاجأ في المؤتمر بمن سيحضره من فلول البعث الصداميين أو قادة الإرهابيين القتلة الذين يسلخون الشعب العراقي كل يوم في شوارع العراق.. ولكنه استدرك أن ذلك لو حصل فسيكون لكل حادث حديث ولكن.. لا نريد أن نصل إلى ذلك المأزق الصعب بعد أن يسقط الفاس بالراس..

 إن الشعب العراقي يطالب قادته أن يعرفوا مع من سيجلسون؟ ومع من سيفاوضون؟ ويطالبون الكشف عن أسماء البعثيين الذين سيحضرون مؤتمر القاهرة قبل انعقاده وقبل توجه الوفود إلى العاصمة المصرية. على أن لا يمكن الاكتفاء التصريح بأن قادة العراق الوطنيين لا يريدون المفاجئات أثناء انعقاد مؤتمر القاهرة بل كان الأجدر أن تطلب الحكومة العراقية وقادة الأحزاب الوطنية والإسلامية التي ستشارك في المؤتمر بقائمة تتضمن أسماء ممثلي الجهات والأحزاب من الطرف الآخر الذين سيحضرون المؤتمر وكذلك بيان انتماءاتهم السياسية. ويبدو أن عدم طرح هذا المطلب من قبل أركان الحكومة العراقية وقادة الأحزاب والكتل السياسية قد يعود لسببين.. إما أن الموضوع فاتهم برمته وأنهم تجاهلوا ذلك نسيانا أو لمصلحة معينة.. أو أنهم قبلوا بالمؤتمر بصيغته المبهمة الحالية بعد أن تم ممارسة الضغط عليهم وذلك بغية إنجاح المؤتمر بأي شكل من الأشكال والتي يبدو أن الأمريكان أكثر المتحمسين له وذلك للوصول إلى صيغة توافقية بين أركان الحكم العراقي الجديد وبعض من بقايا الحكم البعثي البائد الذين يتزعمون ميليشيات بعثية وتكفيرية وعصابات مسلحة تقتل الشعب جهارا ليتسنى تهدئة الوضع في العراق وإيجاد مخارج للموقف المتأزم وبالتالي التفرغ قليلا لتنفيذ سائر بنود الأجندة الأمريكية في المنطقة..

 وبين الضغط الأمريكي المزعوم لدعم مشاركة القوى السياسية في البلاد في مؤتمر القاهرة من جهة والإرادة الوطنية لقادة الشعب العراقي وزعماءه السياسيين والروحيين في عدم المشاركة من جهة أخرى تبقى مسألة الكشف عن أسماء وهوية الشخصيات التي ستحضر مؤتمر المصالحة في القاهرة قبل انعقاد المؤتمر ضرورة ملحة ينبغي حلها سريعا وذلك قبل أن تتسارع وتيرة المفاجئات غير المرغوبة قبيل وأثناء انعقاد المؤتمر وبعده لكي لا نشهد مسرحية "أشعرية، عاصيّة" محبكة أخرى كما شهد المسلمون تحكيما مريعا بين الأشعري وعمر بن العاص في صفين وتكون نتيجتها الخيبة ومزيد من التفرق والتشرذم بين أبناء الصف الواحد المعادي لمجرمي حزب البعث وعصابات القتلة الصداميين.

 وفي غياب أي مطلب عراقي سواء على مستوى الحكومي أو الشعبي أو الحزبي من الجامعة العربية وعرابها أبو موسى الأشعري حول ضرورة الإعلان مسبقا وقبل انعقاد المؤتمر بأيام عن قائمة بأسماء البعثيين أو الصداميين الذين سيحضرون مؤتمر القاهرة سيكون باب المفاجئات مفتوحا على مصراعيه ليدخل المؤتمر كل من هب ودب من فلول البعث المجرم أو القتلة الصداميين أو قادة التكفيريين بدعوى المصالحة.. وعلى ضوء هذا التصور فقد يشارك بعثيون من أركان النظام البائد في المؤتمر باعتبارهم أعضاء في حزب البعث.. ولا ينبغي أن نفاجأ مثلا لو حضر ناجي صبري الحديثي وزير خارجية النظام الساقط أو مهرج السيرك الإعلامي محمد سعيد الصحاف أو ديناصور البرلمان الصدامي سعدون حمادي أو قرقوز السياسة الصدامية الخارجية محمد الدوري أو عبد الله الجنابي زعيم القتلة التكفيريين أو حتى مندوبين عن أبو مصعب الزرقاوي أو محامين عن صدام وأركان حكمه المعتقلين أو ممن بقى في سلة مهملات النظام العفلقي والذين تستروا بغطاء وطني وتنقبوا بنقاب الوطنية ولكنهم مشاريع سكاكين بعثية وصدامية مغروسة في خاصرة العراقيين.. فهل سنشهد مفاجئات مؤلمة في مؤتمر القاهرة فيما يتعلق بحضور وجوه لديناصورات البعث الغابرة أم أن جيل جديد من عصابات البعث الصدامية ستتزاحم على كراسي المؤتمر الأمامية لتربك المشروع الوطني العراقي ولتزيد الطين بلة وتخلط الأوراق خلطا مريبا.. وحينها سيكون مصير العراق كشعب ووطن على كف عفريت.

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com