ممارسات الفساد الاداري و اثره على أعادة أعمار العراق

محمد الجبوري / بغداد

mohammedd50@yahoo.com

 

الفساد في العراق سواء على نطاق الادارة او السياسة او الاقتصاد ليس بظاهرة حديثة اذ تمتد جذوره الى الحكم العثماني ولكن السجال حوله لم يظهر إلا حديثا" خلال العقدين الماضيين ويتخذ الفساد الاداري خصائص واشكالا" متنوعة ومتعددة كالرشوة واستغلال النفوذ والثراء غير المشروع

والاختلاس والتزوير وتعيين الاقارب والمحاسيب بوظائف لايستحقونها والغش والتبذير وهدرالمال العام والاستيلاء على اموال الغير ومصادرتها.  حماية الاقارب من طائلة القانون والتهرب من الضربية وتزوير الانتخابات ... الخ بمعناه العام يرتبط الفساد بمفهوم الشر . اما الفساد الاداري فيعرف بأنه سلوكيات منحرفة لا اخلاقية يمارسها بعض الموظفين الحكومين داخل الجهاز الاداري وخارجه وتؤدي الى صرف ذلك الجهاز عن اهدافه المرسومة لصالح اهداف شخصية سواء كان ذلك باسلوب فردي او جماعي منظم (1) اما موسوعة العلوم الاجتماعية فقد عرفته بسوء استخدام الموظف الحكومي لسلطته من اجل تحقيق منافع خاصة من خلال قبوله الرشاوي لكن هذا التعريف يستبعد الرشاوى بين مؤسسات القطاع الخاص لان الرشاوى هنا تصبح وسيلة من وسائل المنافسة اللاسعرية لجذب الزبائن وتحقيق اقصى الارباح الممكنة شأنها في ذلك شأن الوسائل الاخرى للمنافسة اللاسعرية كالاعلان وتحسين نوعية السلعة..

اولا: مفهوم الفساد الاداري
  وهناك مفهوم اخر للفساد الاداري يتمثل بحصيلة تراكمية لمسارات ومخلفات سلبية جاءت نتيجة للخلل التنظيمي وسوء استخدام الموارد الاقتصادية وانخفاض الكفاءة في الاداء والانتاجية والروتين المعقد والاعمال الورقية وعدم استخدام الوسائل الحديثة في الحفظ وانجاز المعاملات سواء في مؤسسات القطاع العام أ و الخاص.
-1-
ثانيا: العلاقة بين الفساد الاداري والشفافية
هناك علاقة عكسية بين الفساد الاداري والشفافية فحين تتواجد الشفافية ينحسر الفساد والعكس صحيح.. من حيث المعنى هما على طرفي نقيض .. الفساد هو غياب القيم الاخلاقية والضوابط التي تحكم السلوك البشري .. ففي ظل الفساد يكمن الغش والخداع والتحايل والطرق الملتوية والكذب والسرقة والرشوة واستغلال السلطة واخفاء الحقائق والعمل في الظلام والضبابية ... الخ.
اما الشفافية فهي الكشف عن كل شيء وهي في المجتمع الديمقراطي حق من حقوق المواطنة وواجب من واجبات السلطة الادارية امام الناس والراي العام ومنظمات المجتمع المدني .
وحين تتوفر الشفافية تقوى عملية المحاسبة والمساءلة . الشفافية ليست هدف بحد ذاته بل وسيلة للمساءلة فعلى سبيل المثال عندما تعلن الدرجات الوظيفية لدائرة حكومية ما في الجرائد ووسائل الاعلان الجماهيرية مع عددها وشروطها ومعاييرها ... الخ
ويتنافس عليها الافراد وفقا" لما ورد في الاعلان فذلك يمثل الشفا فية ولكن حين يتم التعيين بلاأعلان وفي السر وعبر الكواليس فذلك هوالفساد الاداري .. ان الفساد الاداري يقوض تطور المجتمع ويفسد السياسة والاقتصاد في حين تقوض الشفافية الفساد الاداري وبالتالي تتحقق التنمية الحقيقية في المجتمع .
ثالثا": انواع الفساد الاداري
يمكن تقسيم الفساد الاداري من حيث سلوكية الانسان وارادته الى نوعين:-
1 ـالفساد الاداري اللأاخلاقي:- وهو السلوك الاداري للموظف الحكومي الذي يستغل منصبه بطريقة غير مشروعة للحصول على مكاسب شخصية ..  ويسود هذا النوع من الفساد الاداري في اغلب بلدان العالم لاسيما بلدان العالم الثالث وبلدان المنظومة الاشتراكية سابقا" التي تحولت الى اقتصاد السوق والتي على التوازي انتقل الفساد فيها من النوع العرضي الى النوع المنظم ..  وفي العراق بدأ هذا النوع من الفساد يقوى في الدوائر والمؤسسات الحكومية منذ بداية التسعينات حين فرضت العقوبات الاقتصادية على العراق ..  ان ظروف الحصار وما نجم عنها من مستويات فلكية في التضخم قد ساهمت في انحراف الموظف عن قيم الوظيفة العامة واخلاقياتها والتي هي من المعايير المهمة للحكم على مدى رقي او تخلف المجتمع ..ان انحراف الموظف عن قيم الوظيفة العامة سيؤدي الى التهرب من المسؤولية وعدم الاهتمام بمصالح الناس وتتحول نظرته اليهم من اناس يطلبون حقاً الى اناس يطلبون شفقة .. وبذلك تصبح الوظيفة لمثل هولاء الموظفيين وسيلة للتسلط والسيطرة والكسب الغير مشروع ينظرون اليها كوسيلة لتشريف انفسهم وليس العكس.. وانطلاقا" من الضعف الذي اصاب اخلاقياتهم يمارسون الفساد الاداري بكافة انواعه ومن اكثر الممارسات شيوعا " :

-2-
أ- التعامل بالباطن مع المجهزين من خلال لجان المشتريات .
 ب- التعامل غير النزيه مع المقاولين لتنفيذ مشاريع المناقصات مثل كشف اسرار المناقصة او التلاعب بالذرعة وغيرها .
ج- تنبيه المراجعين بطريقة او باخرى انه يريد مكافاة معينة لقاء انجاز خدمة مشروعة .
د- اخذ عائد معين مقابل تقديم خدمة غير مشروعة ..
  ان انزلاق الموظف الحكومي في الفساد الاداري يلحق اضرارا" اجتماعية بليغة في المجتمع . والضرر الاجتماعي هنا لايقتصر على الذين يأخذون الرشوة وانما تمثل الى اولئك الذين يقدمونها ..  فالذي يقدم رشوة لتحقيق خدمة مشروعة مستعد لتقديم رشوة لانجاز عمل غير مشروع ايضا" .. فيكثر الراشون والمرتشون معا" وتصبح هذه الظاهرة نمطاً سلوكياً عاماً ومعياراً اجتماعياً مقبولاً حتى لو ان المجتمع ظل يدين هذا السلوك رسميا" .. وهنا يصبح الفرد امام ثلاثة خيارات : الاول التمسك بالاخلاق وبالطريقة النزيهه في العمل رغم تدهور احواله المعيشية والثاني اللجوء الى الانحراف والتضحية بالامانة مقابل المحافظة على وضعه المعاشي والثالث اللجوء الى العمل الاضافي داخل وظيفته او خارجها للاحتفاظ بامانته ومستواه المعاشي (2 ).
 ولقد ادركت الحكومة العراقية الحالية مخاطر الانحراف الوظيفي وعملت على تحصين موظف الخدمة العامة وجعله نزيها" من خلال الزيادات الدورية في الرواتب وربطها بمعدلات التضخم وهذا ماحدث فعلا" في مؤتمر المفوضية العامة للنزاهة / تموز 2005 فصدر سلم جديد للرواتب يطبق في ميزانية السنة المالية الجديدة ..
2- الفساد الاداري :- وتقصد به ذلك الفساد المفروض على الموظف يمارسه لا اراديا" بحكم ظروف البيئة المحيطة وتتمثل بالنقاط الاساسية التالية :
أ- ترهل اجهزة الدولة وغياب التوزيع الامثل للقوى العاملة
ب- غياب المقاييس الموضوعية لقياس الاداء والانتاجية .. اذ اعتمدت الكثير من مؤسسات الدولة مقاييس مالية مظهرية  (الربحية / العائد المالي ) المطلوب هو العمل على خفض الكلف في الاداء والانتاج
ج- المعاملات والروتين الورقي المعقد  (كتابنا وكتابكم ) وغياب الاجهزة الحديثة لأنجاز المعاملات كالحاسبات والبريد الالكتروني وغيرها .. ولقد أدت هذه المظاهر الى تصاعد معدلات البطالة المقنعة وانخفاض في معدلات الانتاجية وفي معدلات العائد الاستثماري للمشاريع مما دى الى الهدر والضياع في الموارد المادية و البشرية في القطاعات الانتاجية وتحميل كاهل الدولة لتغظية جزء كبير من النفقات

العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com