مَن هو حارث بن ضاري ومَن هي "هيئة علماء المسلمين"..؟؟

أحمد الخفاف

Alkhafafahmad@yahoo.com

 

 من الظواهر الشاذة التي برزت على الساحة العراقية بعد سقوط نظام الطاغية صدام ظهور تيارات دينية سلفية طائفية ذات نمط فكري مشوّه تمارس أعمال غريبة عن الإسلام ولا تنتمي إلى مرجعية تاريخية معروفة للعراقيين. من هذه التيارات تيار سلفي اصطلح بتسميته "هيئة علماء المسلمين".. وهي جماعة غريبة ظهرت فجأة على الساحة العراقية منذ عامين ونصف تقريبا دون خلفية واضحة لها، أي بعد مضي سبعة أشهر من الإطاحة بنظام الديكتاتور في العراق.
وقد أثار انبعاث الهيئة السلفية العراقية الجديدة جدلا واسعا من قبل شرائح المجتمع العراقي حول ظروف تأسيسها الغامضة, وارتباطاتها المشبوهة، وبرامجها المجهولة، وسياساتها وممارساتها الإرهابية في الساحة العراقية، وتناول الكتاب والباحثون "الهيئة" بالنقد والتحليل حيث نشرت نتاجاتهم الفكرية في صفحات المواقع العراقية في شبكة الإنترنت وكذلك بعض الصحف العربية لاسيما الخليجية منها.
ومن خلال جولة سريعة في صفحات شبكة المواقع العراقية وبعد قراءة متأنية لمقالات كتبت وكذلك تعليقات وتحليلات نشرتها بعض الصحف العربية الصادرة في المهجر، يمكن للمراقب أن يلمس مدى الغضب المُحق الذي بات الكثير من الباحثين والكتاب يبدونه تجاه "هيئة علماء المسلمين" ومخاوفهم من أن تقدم الهيئة صورة مشوّهة تماما عن فريق من المسلمين في العراق وهم إخواننا السنة وذلك عبر ممارسات هذه الهيئة لاسيما بعد أن لعبت دورا موازيا في عمليات إجرامية تخريبية كبرى كاختطاف الأجانب ومواطنين عراقيين وذبحهم وكذلك المساهمة بشكل فاعل في احتضان ودعم الإرهابيين والمرتزقة العرب ومساندة أعمال التفجير والتخريب والاغتيالات في البلاد إعلاميا وسياسيا وروحيا بحيث تحولت إلى غطاء طائفي يتستر به الإرهابيين التكفيريين الوافدين من خارج العراق.
وقد تراوحت التعليقات التي نشرت بين ناقد لممارسات "الهيئة" وبين ناقم ومتهجم عليها لاسيما بعد انزلاق معظم أعضاء الهيئة سواء أمينها العام الشيخ حارث بن ضاري أو نجله مثنى والذي يلقب بالأصفر وكذلك مشايخ وزارة الأوقاف الصدامية السابقة كالشيخ بشار الفيضي والسامرائي والكبيسي والإرهابي عبد الله الجنابي في ممارسات يدينها الشرع الإسلامي الحنيف ويستنكره العالم أجمع وهو تشجيع أعمال خطف الأنفس البريئة والتفاوض مع الجهة التي يعود إليها هؤلاء المخطوفين لإطلاق سراحهم مقابل فدى مالية أو مكتسبات سياسية تتصل بالمساومة على الحكم والسلطة في العراق الجديد، وكذلك مساندة المخربين التكفيريين العرب وعصابات البعث ليعيثوا في العراق الفساد قتلا وتخريبا، وكل ذلك يهدف إلى خلق واقع جديد على الأرض يضمن مكتسبات سياسية وإعلامية تتصل مباشرة بتعزيز موقف "الهيئة" في أية مفاوضات محتملة حول مشاركتها في الحكومة الجديدة مستقبلا!!
ولكن كيف انطبعت وترسخت صورة "هيئة علماء المسلمين" في أذهان العراقيين وبعض العرب لاسيما بعد بروز نجم الهيئة مرادفا لعمليات اختطاف الأجانب الجبانة والتي مورست بوحشية بحق الكثير من الرهائن العراقيين والأجانب عربا وغربيين وآسيويين وكذلك التفجيرات الدامية في شوارع مدن العراق وبحق طائفة الشيعة خصوصا؟؟.. سؤال ينبغي على الهيئة نفسها أن تجيب عليه من خلال ما كتبه الكتاب تعليقا على ما يجرى في العراق منذ عامين وحتى يومنا هذا.
لقد تفتحت قريحة الكتاب العراقيين وغيرهم عندما ملئت قلوبهم قيحا وألما من "الهيئة" حيث أخذوا يتفننون ويتسابقون في شرح الأوصاف وتبيين النعوت الذميمة والصفات القبيحة التي يعتقدون أنها باتت ملتصقة بالهيئة التصاق الوليد بأمه! وأخذ آخرون يسهبون بالشرح والتفصيل بممارسات الهيئة التي رأوا أنها أصبحت هيئة مرادفة للإجرام اليومي في ساحة العراق المستباحة. وقد تعددت النعوت والصفات التي أطلقت على الهيئة وجلّها تدخل في خانة الإدانة والاستنكار لممارسات قامت بها "الهيئة" بموازاة قضية اختطاف المواطنين الشيعة وقتلهم على الهوية ومباركتها قتل المدنيين تحت شعار "مقاومة المحتل" مما حدا بالعراقيين أن ينظروا بعين الريبة إلى الأهداف والوسائل والنَفَس الطائفي المريض التي تتبعها الهيئة لفرض نفسها على الواقع السياسي المضطرب في العراق.
ولعل من أبرز الأسماء والنعوت التي أطلقت من قبل بعض الكتاب تهكما على "هيئة علماء المسلمين" هو "هيئة علماء المسلّحين" وذلك للتعاون الوثيق بين الهيئة والمسلحين الخارجين عن القانون الذين جلبوا الدمار لمدن العراق ومنها بغداد والفلوجة والقائم والرمادي وتلعفر وبعقوبة وديالى، كما أطلقت أيضا على الهيئة اسم "هيئة علماء المخربين" وذلك للدور المساند الذي تعلنه دوما الهيئة لما يسمى بـ "المقاومة العراقية" والتي تأخذ على عاتقها أعمال القتل والتخريب في مدن العراق.
ويمكن للمتابع أن يرى أسماء أخرى نعتها كتابها للهيئة وهي: "هيئة علماء الملثمين" وذلك لمباركتها علنا عصابات الملثمين المجرمين.. و"هيئة علماء البعثيين" لأن أهداف الهيئة تتحقق عن طريق الحزب القائد (حزب البعث الملعون) وأن أعضاءها هم من حملة الدكتوراه!! التي تمنحها جامعة صدام للعلوم السلفية المعروفة بشروط قبولها لطلبتها وخاصة الشرط الأساسي بالانتماء لحزب البعث.. وسميت الهيئة كذلك بـ "هيئة علماء الخاطفين" لتأييدها عمليات الخطف والغدر الجبانة.. وكذلك سميت بـ "هيئة علماء القاتلين" و"هيئة علماء الذابحين" و"هيئة علماء الإرهابيين" وكلها مسميات وجدت أرضية حقيقية على أرض الواقع لإطلاقها على الهيئة. ولعل وصف الهيئة بـ "هيئة الخطف والتفخيخ" مثالا جيدا على ما آلت إليه ممارسات الهيئة بحق العراق وشعبه الجريح..
وقد يرى المتابع لعشرات المواقع العراقية والقارئ للصحف الخليجية ومنها الصحف الكويتية أوصاف أخرى للهيئة لا تقل تهكما من التي أطلقها العراقيون، مثل: "هيئة علماء الناطقين باسم الإرهاب" و"هيئة علماء اختطاف الأجانب" وكذلك "هيئة علماء قطاع الطرق".!!
وهناك كتاب آخرون نعتوا الهيئة بنعوت ساخرة انطلاقا من لهث أعضائها وراء الدعاية المجانية وسعيهم الحثيث لإجراء مقابلات إعلامية طنانة مع الفضائيات العربية كالجزيرة والعربية وأبو ظبي والشرقية فأطلقوا عليها اسم "هيئة علماء الفضائيات".!!
وآخرون ربطوا سوابق بعض أعضاء الهيئة بالنظام المخابراتي البعثي البائد وأطلقوا على الهيئة اسم "هيئة علماء المخابرات". وأوردوا نعت "الرفيق" عند إدراج أسماء مشايخها.. فنجل حارث بن ضاري هو الرفيق مثنى حارث الضاري، ولقب بـ "الأصفر" لنفثه ريح طائفية صفراء يعادي من خلالها العراق الجديد والعراقيين ويعتبر الزرقاوي المجرم مجاهدا في سبيل الله!!.. وسمي أيضا بـ "الكذاب ابن الكذاب" الرفيق مثنى الضاري حفيد ابن العاص.. وأطلق لفظ الرفيق على أعضاء الهيئة ولذلك جاءت تسمية الرفيق محمد عياش الكبيسي.. والرفيق عبد السلام السامرائي وهكذا دواليك..

ورفض أحد الكتاب أن يوصف علماء الهيئة بأنهم مسلمون لأفعالهم المنافية لروح الإسلام،  فأطلق على الهيئة اسم "هيئة علماء المتأسلمين" ومنح أمينها العام لقب "حارث الشر والرذيلة والعار". وقال كاتب آخر خلال تعليقه على ممارسات الهيئة أنها "هيئة الغدر والتفخيخ" وذلك للسجية المتأصلة في أعضائها وهي الغدر.. وأما التفخيخ فلأنها تحرض على تفجير السيارات المفخخة وتعتبرها من أعمال المقاومة المشروعة حتى وإن كان ضحاياها عراقيون مدنيون مسالمون.
وشبّه كتّاب آخرون أفعال الهيئة بأعمال عصابات المافيا فأطلقوا على الهيئة اسم "هيئة مافيا الإرهابيين". إلا أن متابعين للشأن اليومي العراقي أطلقوا على الهيئة اسم "هيئة الكذب والدجل" لأنها ومنذ اليوم الأول الذي عرفت فيه على الساحة العراقية كشفت إن الأساس الذي قامت عليه هو الكذب والدجل ولأنها كذبت كذبا فاضحا بشأن عدم تواجد أي من المرتزقة العرب الإرهابيين في مدن المثلث!! وقال أحد ضحايا البعث أن الهيئة هي "هيئة مكافحة اجتثاث البعث" وذلك لموقفها العلني والوقح لحل أي لجنة تعني باجتثاث البعثيين في أجهزة الدولة حيث تدعو دوما إلى عودة أزلام البعث المجرمين إلى مراكز الدولة.!!

كما تبنى مثقفون أسماء جديدة للهيئة تنطلق من احتضان الهيئة للتكفيريين العرب الذين تسللوا إلى داخل العراق واستقروا في مدن المثلث، فسموها: "هيئة علماء المخربين العرب" و"هيئة علماء المقاتلين العرب" و"هيئة حماة التكفيريين".

 ووصف أكاديمي عراقي الهيئة بأنها "هيئة علماء البغي والسوء" وذلك بسبب سكوتها على الجرائم البشعة بحق أبناء العراق وبغيها على الشعب واشتراكها الفعلي بجرائم قذرة ترتكب كل يوم بحق العراقيين والتي هي امتداد لعمليات الأنفال ومجازر حلبجة والمقابر الجماعية ومجازر جنوب العراق.

 ويقول باحث سني متخصص في التنظيمات السلفية المسلحة العراقية التي نمت بعد سقوط النظام أن الهيئة هي في الواقع "هيئة جهلاء المسلمين" وتحدى أن تكون الهيئة تمثل أهل السنة في العراق وقال..إذا كانت تمثل السنة فإنني براء من السنة وإذا كان ما يسمى بعلماء السعودية الذين يفتون ويباركون قتل العراقيين هم من السنة فأنا بريء من السنة وإذا كان أي سني في العراق يعتدي ويقتل أي عراقي بحق او بدون حق فإنني بريء من السنة وأقول إن مذهبي هو مذهب الرسول.

ووصف ناشط عراقي متابع لممارسات الهيئة أن الهيئة هي "هيئة قوى الشر والظلام " لأنها حسب وصفه الجناح السياسي لهذه القوى وهي المسئولة عن كل الدماء التي سالت في العراق والتي طالت أطفال ونساء الشيعة منذ سقوط نظام الطاغية والى اليوم.

 وكتب إعلامي عراقي مرموق أن الهيئة باتت "هيئة أشياخ قتلة" و"هيئة التواطؤ مع الإرهاب" تعيق عمل الحكومة سلفا وتتفاوض مع الإرهابيين ثم تقوم بتهريبهم إلى سامراء أو بعقوبة أو الرمادي ..وقال هذا الإعلامي العراقي في مقال له إن حارث بن ضاري وجماعته ينبغي أن يأمر القضاء العراقي بحبسهم على ذمة التحقيق في جرائم وقعت للمدنيين في منطقة المدائن وإجراء تحقيق شامل معهم، ليفضحوا التفاصيل التي يعرفونها عن الرهائن والخاطفين، لأنهم إدعوا أنهم أرسلوا وفدا للوساطة وأنه ليس هناك خاطف ومخطوف، ولكن رئيس الجمهورية يعلن العثور على عشرات الجثث الطافية في النهر.!!

وكتب عراقي شريف كان موظفا بسيطا في وزارة الأوقاف الصدامية أن الهيئة هي "هيئة وعاظ القائد المنصور بالله" ويقصد أنهم وعاظ المجرم صدام، مضيفا القول أن الهيئة هي "هيئة علماء الحملة الإيمانية"!! ومؤسسها البعثي عزت أبو الثلج. ويتفق الكثير من العراقيين إلى القول إلى أن الهيئة هي هيئة علماء "وزارة الأوقاف الصدامية" وقد يكون هذا الوصف أكثر الأوصاف دقة لأنها تتطابق تماما مع الواقع..

ومن الأوصاف الدقيقة التي وصفت بها الهيئة، هو "هيئة علماء السنّة" فقط دون أن يمتد جناحها إلى المسلمين الآخرين.. ولكن الكثير من المتابعين من أهل السنة رفضوا القبول بأن الهيئة هي هيئة علماء تمثل أهل السنة جميعهم وعارضوا هذه التسمية، وقالوا أن الهيئة تمثل نفر من رجال دين صدام فقط وهي تمثل اليوم نفسها دون غيرها من أهل السنة، وأن سنة العراق لديهم من يمثلهم، وهذا الرأي قد يكون أكثر الآراء صوابا حول التسميات التي أطلقت حتى الآن على "هيئة علماء المسلمين".

 وهكذا انطبعت صورة ما سمي بـ "هيئة علماء المسلمين" في أذهان العراقيين بعد أن انخرط أعضائها في أعمال وممارسات تناقض روح الدين الإسلامي تماما وابتعدت عنه بُعد المشرق عن المغرب، وتحولت إلى ماكنة عمياء تحرض على قتل أبناء الوطن الواحد وذلك بعد أن استقوت بالمرتزقة التكفيريين العرب الذين جلبتهم من صحاري السعودية وقفاري اليمن ووديان بعث الشام.. إن العراقيين يشعرون اليوم أن "الهيئة" وتوابعها من التنظيمات البعثية والتكفيرية تختزن في داخلها مخزونا عنيفا من الحقد والكراهية بحق شركائهم في الوطن من الشيعة والأكراد وسائر والأقليات الأخرى ويتحسسون أن "الهيئة" ستكون قطعا الشرارة التي ستدمر العراق وتلهب الأرض تحت أقدام العراقيين في قادم الأيام من تاريخ العراق المعاصر وسيكون لسان حالها تجاه العراق كوطن "عليّ وعلى أعدائي يا رب".. ولكنها بالقطع ستكون هي ومن مشى ورائها الخاسر الأكبر في معادلة العراق المقبلة وإن غدا لناظره لقريب..!!

 العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com