الدكتور الجعفري... بــــعيــون مصريــه...

عادل الركابي

adil19611@hotmail.com

 

كنت قد زرت العراق قبل فترة وفي طريق العوده الى امريكا كانت محطتي الاولى امستردام حيث مكثت بها ثمان ساعات وبعدها ننطلق عابرين المحيط الى بلدي الثاني امريكا وصادف ان جلس بجنبي شخص عربي الملامح والسحنه حياني بتحية بالانكليزي واجبته بالانكليزي ايظا وجلس بقربي وعندما انطلقت الطائره بدقائق سئلني اين وجهتي قلت له الى امريكا قال امقيم بها او مسافر للنزهة قلت له ان ايام النزهة انتهت يوم جاء حزب البعث الى العراق وقتها عرف انني عراقي وبدأنا نتحدث بالعربية وعرفني بنفسه انه من مصر وذاهب الى امريكا بمأمورية تخص دولته وقال انه يعمل مترجم في الجامعه العربيه لم اقف كثيرا عند وظيفته في الجامعه لمعرفتي المسبقه بالجامعه ومن يقف ورأها تحدثت مع صديقي المصري كثيراً وبكل الاتجاهات لان المسافه التي قطعناها اكثر من عشر ساعات وهذه المسافه كافيه لكي نتحدث عن كل الامور تحدثنا عن تاريخ السينما المصريه وعن ارهاصات الدراما المصرية وتفوق الدراما السوريه وعن مواقف بعض الفنانين من القضية العراقية وذكرنا موقف الفنان (بضم الفاء) محمد صبحي والشحروره رغده التي لا يحلو لها المنام الا بحضن ابو عدي وتطرقنا الى كل الامور من احتلال الجولان والاسكندرونه مروراً بقتل السادات وتأمين قناة السويس وخسائرنا وانتكاساتنا المتلاحقه امام( القطر الشقيق
اسرائيل) وعن مواقف الاردن وقطر وبعض الدول التي ترفع علم اسرائيل في عواصمها وبالتاكيد كان جل حديثنا ينصب على العراق وما حدث به بعد سقوط جرذ العوجه فتحدثت معه قائلا ان اغلب الشعب العراقي هو مع سقوط جرذ العوجه ولكن هناك اخطاء كبيره ارتكبت من قبل قوات المتعدده والحكومه العراقية مما نعكس هذا على نبض الشارع الذي كان يطمح ان يتخلص من العبودية والطائفية بزمن نظام البعث الفاشستي هنا قال لي انك تتكلم عين الحقيقه قلت له انا انقل نبض الشارع العراقي وهمومه اليوميه ووجدت ان الرجل يريد ان يبحث عن الحقيقه ولا يرغب بحديث او جدال بيزنطي كما يسميه احد الاصدقاء عندما يكون جدلا بين اثنين الغايه منه الجدل فقط .
وقتها قال لي الرجل انك فعلا تتحدث بكلتا العينين عن العراق قلت له وهذا امر طبيعي تجده عند اي عراقي شريف يحب وطنه وتطرقنا الى مواضيع اجتماعية اخرى مثلا تربية الاولاد ومدارسهم وكيف نعلمهم لغتهم الام وكيف نعودهم على حب الوطن والدين .. الخ.. انتهت العشر ساعات دون ان نشعر بملل الطريق واخذت رقم هاتفه في امريكا ومصر ونزلنا في واشنطن على امل اللقاء ثانية اذا قدر الباري عزوجل اخذت طائرة اخرى لكي اصل الى ولايتي وهو اتجه الى خارج المطار موودعاً مني بكل المحبة والتقدير وبعد يومان من وصولنا اتصلت به وتحدثنا قليلا واستمرت الاتصالات بيننا الى ان جاء يوم عودته الى مصر وهاتفته بعد يوم من وصوله الى القاهره متحمدا لله على سلامته واستمرت الاتصالات بيننا بين الفينة والفينة وكنت قد اتصلت به بهذا العيد ابارك له والى عائلته على امل ان نكرر ذلك مرة اخرى ولكنني تفاجئت انه يتصل بي ولكن هذه المره ليس هناك اي مناسبة لا في امريكا ولا في مصر استغربت مكالمته هذه المره قبل ان ابادره السؤال قال لي هل تابعت المؤتمر تذكرت حينها انه مترجم فوري في الجامعه العربيه قلت له نعم وعليك ان تغلق الهاتف الان لكي اطلبك انا لانني اريد التحدث معك حول هذا المؤتمر ولا احب ان اثقل عليك بمبلغ المكالمه قالها لي باللهجة المصريه(اخص عليك يارجل) وبدا يتحدث قائلا: انت تعلم انني مترجم منذ عشرون عامافي الجامعه العربيه واكاد اجزم لك انني اقدم مترجم بالجامعه وقد مرت على هذا الراس الكثير من الرؤساء والملوك والسلاطين وكنت اترجم كلامهم الى الوفود الاجنبيه التي تحضر الجامعه وهذا السر لم اعرفه ابدا!!! المهم كنت مترجما وهذا عملي ومن خلال الممارسه اصبحت لدي خبره كبيره جدا ليس بالترجمه بل بالرؤساء العرب وكلماتهم وهتافاتهم ووصل بي ان اعرف ان الرئيس الفلاني سيقول هكذا بخطابه اليوم وفعلا يحدث هذا وبعض المرات اترجم قبل ان يتحدث لاننا حفظنا مايقولون منذ سنين وعن طريقة عمله يقول الاخ المصري: عندما يبلغوننا ان هناك مؤتمرا او اجتماع في قاعة الجامعه يعطوننا اسماء الذين سوف يحضرون هذا الاجتماع ان كانوا روؤساء ام اقل من ذلك فنذهب الى الارشيف لكي نطلع على كلماتهم السابقه لكي ننشط الذاكره وفعلا يكون حديثهم مشترا وبنفس الاسلوب وكنا نعاني جدا من الوفد العراقي لانه دائما يشتم ويهرج بمفردات لا نعرفها نحن المصريون وهذه مشكله بالترجمه وعندما بلغنا هذه المره ان هناك مؤتمرا للعراقيين الفرقاء كنا قد اعددنا انفسنا جيدا لمعرفة اصحاب الكلمات فاخبرونا ان هناك كلمة للرئيس حسني مبارك والامين العام للجامعه والرئيس الطالباني والدكتور الجعفري واشرف قاضي واخرون قلت انني والحديث الى الاخ المصري انني لم اسمع جلال الطلباني من قبل يتحدث العربيه فاستعنت بدكتور صديق لي من الكرد المقيمين منذ زمن بالقاهره فقال لي ان الاخ جلال يتكلم العربيه جيدا قلت له لاضير من ذلك ولكنني اريدك بجنبي خلال كلمة الرئيس جلال ربما يتحدث بضع كلمات كرديه قال حاضر ساكون معك وكذلك استعنت باحد الاخوة الذين يجيدون اللغة الافغانيه لانني اعرف ان اشرف قاضي افغاني وقد بلغونا انه سوف يتحدث بالعربية فقلت ربما الرجل ايظا يتحث بلغته الام وبهذا احسست انني تسلحت بسلاح جد قوي ولن اخذل الجامعه اليوم بالترجمه وعند انطلاق المؤتمر كانت كلمة الامين العام وكلمة الرئيس حسني مبارك امامي وعندما اعتلى المنصه الرئيس جلال الطلباني وبدا يتحدث التفت لي صاحبي الكردي وقال انه بلبل بالعربيه فهززت له راس مؤكدا ذلك وعندما تحدث اشرف قاضي حدث نفس الشئ ولكن عندما تحدث الدكتور الجعفري والكلام لازال الى الاخ المترجم : اقسم انني منذ عشرون عاما بهذا المكان لم اسمع هكذا كلام شفاف وكلام رصين وقد كنت انظر الى الرجل وهو يتحدث بطلاقة وبعربيه فصيحة ومستندا الى ايات القران الكريم مما دعاني ان ارمي مايكرفون الترجمة الى زميل يجلس بجنبي وانطلقت محلقا مع كلام السيد الجعفري رغم قصر المده ولكنه اختزل العراق ماضيا وحاضرا وتحدث وكأنه الوحدوي الوحيد بهذا العالم وكم تمنيت ان يستمر هذا الرجل بهذا الكلام التي لم تسمعه الجامعة العربيه منذ تأسيسها وكم تأسفت عندما انهى كلامه الرائع وقتها قلت لا خوف ابدا على العراقيين وعروبتهم من اليوم مادام هناك امثال الدكتور الجعفري ورفاقه فنم قرير العين ياشعب العراق فقد جاءكم هذا الرجل الذي من صفاته الحميده انه يخاف الله ورسوله الى هنا انتهى كلام الاخ المصري وشكرته جدا على كلامه ونكران ذاته وكم انا فخور بهذا الكلام ولكنني فاجئته حينما قلت له كلامك جد صحيح ولكنني لن انتخب الجعفري فقالها هذه المره ايظا بالمصري( ليه ياراجل دا الجعفري كويس اوي) قلت له هل نسيت اننا بزمن الديمقراطيه الجديده فضحك الرجل وودعته وقلت له ان هذا الكلام سينشر قال دون ذكر اسمي قلت لك هذا ياصديقي المنصف وتحية الى كل منصف شريف وقف مع الشعب العراقي...
 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com