الشهداء والقتلة والحكومة ..!
هادي فريد
التكريتي
hadifarid@maktoob.com
أصدر المكتب السياسي للحزب
الشيوعي العراقي يوم 22 تشرن ثاني تصريحا صحفيا يعلن فيه استشهاد
اثنين من رفاقه ، أثناء تنظيم فعالية انتخابية في مدينة الثورة ،
استهدفتهم زمرة حقودة ، قامت بقطع الطريق المؤدي إلى مقر الحزب ،
وقتلت الرفيقين ، وغطت انسحابها بنيران عشوائية من أسلحتها ،
وُُيَحمل التصريح الجهات الحكومية مسؤولية عدم توفير الحد الأدنى
من الحماية ..هذا بإيجاز ما صرح به الحزب الشيوعي عن جريمة استهدفت
قتل رفاقه في أحد مقراته بمدينة الكادحين ، مدينة الثورة . ليس
غريبا أن يكون الحزب الشيوعي مستهدفا من قبل القوى الظلامية
والرجعية ، العنصرية والطائفية ، إنما الغريب أن لا يكون كذلك ،
وشهيدا الحزب في هذا اليوم لم يكونا أول من استشهد ، ودفع حياته
ثمنا لمبادئه وأفكاره الوطنية ، ولن يكونا آخر من يستشهد ، ويروي
أرض الرافدين العطشى ، للمبادئ الوطنية الصادقة والحقيقية ، فلقد
سبقتهما قوافل من الشهداء الشيوعيين ، عمدت دماؤهم الزكية دروب
النضال وأنارتها لكل عراقي وطني . فالجريمة ، هي جريمة حقد وكراهية
على هذا الحزب ، وهي إذ تقترف في مثل هذا الوقت الذي يتهيأ فيه كل
العراقيين لخوض معركة انتخابية ، فلأن مرتكبوها والآمرون بها
يعرفون جيدا أن الوقت لم يعد لصالحهم نتيجة زيف ادعاءاتهم وجرائمهم
المروعة بحق الشعب ، ولابد من القيام بعمل يرهب الجماهير ويحد من
نشاطها وتعاطفها مع هذا الحزب الذي خبروه وعرفوه ، بأنه معهم وإلى
جانبهم ، ليس في وقت الرخاء والسلم ، بل في اصعب الأوقات وأردأها ،
لم يبخل بتضحية وفداء ، من اجل العراق وشعبه ، ومهما عزت وغلت
التضحيات.،.فقتلة سعدون هم نفسهم قتلة الرفيقين عبد العزيز جاسم
حسن وياس خضير حيدر ، والأسباب هي هي لم تتغير ، وطنيتهم وحرصهم
على وطنهم والدفاع عن مواطنيهم ، وهي عين الأسباب التي استشهد من
أجلها الرفاق قادة الحزب ، فهد وسلام عادل ..والمئات من رفاق
ومناضلي الحزب الشيوعي ، فهو عن حق وجدارة ،حزب شهداء الشعب
العراقي الوطني ، رغم أنف كل المتربصين به ، وكل من عاداه ، وكل من
اضطهده وغدر به ، كل هؤلاء ، وعلى مر العصور والأزمان ، كان مصيرهم
مزبلة التاريخ ، وسيلحق بهم من ينتظر ، واليوم رغم تكاثر الأعداء ،
مافيات و ميليشيات ،وآخرون ، تعددت وتشابكت أهدافهم وأغراضهم ،
لقهر هذا الصرح أو إزاحته عن الطريق ، فلن يحققوا هدفهم ، ونقول
لهم أخطأتم العنوان ، فالحزب باق وسيبقى مرفوع الراية . \" باق
وأعمار الطغاة قصار.\".
الاغتيالات والقتل العمد ، في البيوت أو المحلات العامة كثرت
وتعددت ، والسلطة تقف موقف المتفرج ، وفي أحسن الأحوال تعلن عن عدم
معرفة هوية الضحية وكذلك الجناة ، وإن عرفت هوية الضحية يبقى
الجاني مجهولا . الكثير من المواطنين يعطون أوصافا هي للشرطة ،
والبعض الآخر يتهم المليشيات الإسلامية ، بدر أو جيش المهدي ، إلا
أن وزارة الداخلية تنفي دائما ما يقوله المواطنون ، والنفي هذا لا
يرفع التهمة عن وزارة الداخلية وأجهزتها ، فهي مسؤولة عن حفظ الأمن
وحياة المواطن ، والمتسبب في فقدان الأمن وكثرة الجرائم المرتكبة
يوميا ، هو دمج المليشيات بالشرطة ، إلا أن أوامرها وتعليماتها
تصدر من قيادات هذه المليشيات التي تتربع على قمة مراكز السلطتين ،
التشريعية والتنفيذية ، وهذا ما حصل في محاولة اغتيال مدير شرطة
النجف ، الجزائري ، وقتل ولديه ، وحصل مثل هذا في محافظة البصرة
وفق ما أعلنه محافظها ، من أن المليشيات الطائفية هي وراء الكثير
من الاغتيالات والسرقات وتهريب السلاح والمخدرات ، التي حدثت في
المحافظة ..فإن استطاع وزير الداخلية السيد باقر صولاغ ، أن يقنع
البعض بما يحصل من قتولات واغتيالات أنهم أشخاص مجهولي الهوية
والفاعلين كذلك ، فكيف يقنعنا بأن ما حصل ـ يوم 22 تشرين ثاني
الحالي ، وهو نفس اليوم الذي تم فيه اقتحام مقر الحزب الشيوعي
العراقي في مدينة الثورة ـ من أن اغتيال مدير دائرة المرور العام
اللواء مهدي قاسم ، وكذلك مدير معمل البطاريات راضي إسماعيل عبود ،
وهما من الشخصيات الرسمية المهمة ، أن هذه الجرائم لم تكن من عمل
المليشيات الطائفية التابعة لوزارة الداخلية ؟ كل الجرائم من هذا
النوع تتم وفق منهج وبرنامج عمل طائفي ، تنفذه أجهزة خاصة ، ترتبط
مباشرة بقيادات عليا من الأحزاب الطائفية ، تتمركز في السلطة وفي
الجمعية الوطنية . فالسيد عادل عبد المهدي نائب الرئيس يقول \"
الحكومة هي الوحيدة التي تستخدم السلاح ، واستخدام العنف ليس حق
يعطى لأي كان ، هذا حق تتمتع به سلطة شرعية ..\" إذا كان ما يقوله
السيد النائب صحيحا ، وهو فعلا واقع ، فلم إذن لم تبادر الحكومة
وتتحمل مسؤليتها وتعاقب هؤلاء القتلة الذين يستخدمون سلاح الدولة
لقتل الأبرياء ، لا لجريمة سوى عدم إيمانهم بما يؤمن به قادة
الائتلاف والمليشيات الطائفية ورئيس الوزراء ووزير داخليته ، الذي
يتستر على الكثير من الجرائم الحاصلة لمناوئيهم من القوى السياسية
، ومن ضمنهم رفاق الحزب الشيوعي الذي تم اقتحام مقرهم بالأمس .
فالسيد بيان جبر صولاغ وزير الداخلية يعترف صراحة \" مسؤولية حفظ
الأمن والدفاع عن البلاد هي مسؤولية الحكومة وهي الجهة الوحيدة
المخولة بحمل السلاح ..\" إذا وزارة الداخلية بالذات تتحمل مسؤولية
كل دم يسفك ، إن لم تشخص الجهة التي ارتكبت الجريمة ، وحتى الآن لم
يكشف عن الكثير من الجرائم التي حصلت في أسبوع مضى ، وليس في أشهر
ماضية ، وهذا ما يدلل أن وزارة الداخلية والمليشيات التي بإمرتها ،
هي الجهة الوحيدة التي تقوم بتصفية الخصوم السياسيين ، وخصوصا أن
الانتخابات على الأبواب ، وسمعة الائتلاف الطائفي تتدهور يوما بعد
آخر ، ليس نتيجة لعدم قدرتها على حفظ الأمن فقط ، وإنما لفشلها من
توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة اليومية للمواطن ، وهذا ما
أعلنته مرجعية السيد علي السيستاني ، فمن منطلق الفشل وخيبة أمل
الجماهير فيهم ، يمارسون إرهابا أسودا معمدا بالدم ، على عموم
المواطنيين والمناوئيين من أجل أن يعودوا مرة أخرى للتحكم بالبلاد
والعباد ، وهذا لن يكون ، فالمواطن بحاجة لمن يرفده بالأمن والسلم
والحرية ، وتلبية احتاجاته المعاشية ، وتوفير مستلزمات حياته
الضرورية ، من ماء وكهرباء ووقود ، والعناية بعائلته وأطفاله
وحمايتهم من القتل وشرور المليشيات التي استشرى داؤها ، فإذا كانت
الحكومة هي الداء ، فمن أين للمواطن دواء..؟!
العودة الى الصفحة الرئيسية