|
إلى الأستاذ وداد فاخر: هذي ديار سُعَيْدَى تزل أَمَمٌ! علي آل شفاف "شط المقام بسعدى وانتهى الأمل"؟ * * * هيهات, ما انفك حبل الوصل يتصـلُ! هذي ديار سُعَيدَى لم تزل أَمَـــــمٌ * * * فلا تَظُنَّنَ وهما أنهم رحــــلوا فَإن رَمَتكَ يدُ الأقذار[i] في مِـــحَنٍ * * * فاْعْتَدَّ بالصبر ما ضاقت بك السبـلُ هــذي رعاديدهم ترتدُّ خاســـئةً * * * فاشحَذْ يراعك وافضح خِزيَ ما فعلوا أنت الشريفُ الذي يأبى مخاونــةً * * * فاشمخ بأنفك واسمُ كلما انخذلـــوا إعلم أيها العراقي الأصيل! أن العراق بحاجة ماسة إلى كل يراع عفيف كيراعك, وإصبع شريف كإصبعك. واعلم! أننا كلما قرأنا مقالا لك, وللشرفاء من أمثالك ـ اتفقنا مع تفاصيله أم لم نتفق ـ أحسسنا بأن العراق منتصر بكم؛ وأن أذيال البعث المجرم وهمج التكفير, إلى نصب وخسف وخيبة وخسران. نعم أيها المكافح بالقلم! والمنافح باللسان! إنك من الثلة الخيرة التي قررت أن تنتصر للمظلوم, أيا كان توجهه. فلم تمنعه ميوله الفكرية والسياسية من نصرة أخيه, وإن خالفه في منهجه, وباينه في مسلكه. تلك هي شيمة الأصلاء. واعلم أنني عندما صنفت (شيوعيينا) في مقال سابق, ذكرت "فئة الأصلاء" الذين لم يتخلوا عن هويتهم, فلم يكونوا يوما أخوة لـ "نتاشا" أو غيرها, وقد حضر في ذهني ـ حينها ـ أنت وأمثالك من الأصلاء؛ كالشاعر فالح الدراجي, والكاتب سمير سالم داود, وأمثالكم؛ من الذين وضعوا العراق ومضطهديه نصب أعينهم, وقرروا منازلة الطغاة الطغام, والمجرمين اللئام, حتى اللحظة الأخيرة. لقد تحملتم الكثير . . ولا عجب! فالعراق يستحق منكم ومنا ومن جميع الشرفاء ذلك, لكي لا يترك لمصاصي الدماء والخيرات. إننا جميعا ـ في هذه الأيام الفاصلة ـ مدعوون إلى رص الصفوف, والتعالي على الجروح والآلام. إنني إذ لم أكن مطلعا على معاناتك عن قرب, إلا أنني أعرف ـ تماما ـ كيف يتآمر خبثاء البعث والجريمة؟ وكيف تأتيهم الأموال التي سرقت من جيوب فقراء العراق, لتنمو وتربوا في بنوك أوربا والدول العربية ـ إياها ـ التي تتباكى اليوم على حصتها الطائفية في العراق؟! وأعرف ـ أيضا ـ كيف يتصرف بها أذيال الخيبة هؤلاء, على منهج سيدهم (الجرذ), في شراء الضمائر والأقلام والمواقف, في محاولة لاستعادة ماض لفظته أفواه العراقيين, وتقيأته أجوافهم؟ إنني إذ أتوسم فيك مراجعة أمرك, ومناورة نفسك؛ أدعوك إلى أن لا تحرم وطنك وقراءك من مناصر صلب, ومدافع شجاع, ويراع شريف, وضمير حي. فسعدى سوف لن يشط بها المقام. لأن العراق في القلب, مهما بعدت المسافات. واعلم أن الفوضى التي تعيشها (بصرتنا), هي تداع طبيعي لسنوات حصار وتجويع ـ بائع الوطن ـ "صدام" للجنوب وللبصرة خصوصا. عقابا لدورها في انتفاضة الشعب العراقي. فمثلا كانت مخازن المواد الغذائية البصرة ـ في التسعينات ـ فارغة طوال أيام الشهر, ولا تأتيها هذه المواد إلا قبل يوم واحد أو يومين من توزيع (الكمية). فحاول هذا الطاغية أن يمسخ شخصية الفرد العراقي والجنوبي خصوصا والبصري على الأخص. كان الراتب الشهري لأغلب الموظفين لا يكفيهم إلا ليومين أو ثلاثة أيام من الشهر, مما يضطر ـ أغلبهم ـ إلى أن (يستخلصوا) قوت أبنائهم وعوائلهم من دوائر الدولة, بأي طريقة كانت, سواء بالسرقة أو بالرشوة أو غيرها, تحت سمع وبصر أجهزة الطاغية, التي لا يهمها أن يأكل الناس بعضهم بعضا. المهم ـ عندهم ـ هو بقاء الطاغية مستقرا على كرسيه. لذا فإنني لا أرى ما يدور في البصرة خصوصا, والعراق عموما, إلا تداعيا طبيعيا لما عاناه الناس في تلك الفترة, وسيحتاج الأمر بعض الوقت لإصلاحه, وإعادة بناء الشخصية العراقية الطيبة الخيرة. فالأمر يحتاج إلى حكمة وشدة ـ في نفس الوقت ـ من الحكومة المقبلة, وستسير الأمور ـ إن شاء الله ـ إلى خير . . وإن بعد حين. أخوكم علي آل شفاف [i] بالدال المعجمة.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |