مبارك والاحتماء بشارون

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

الاسلوب الامثل لمواجهة التهديد الامريكي للانظمة العربية بالاصلاح والديمقراطية كان في تقدم تلك الدول والحكومات صوب الدولة العبرية والتوجه نحوها وإليها. منذ اشهر خلت رأينا ودا مصريا مفاجئا نحو "إسرائيل" دشنه إطلاق سراح عزام عزام الجاسوس الاسرئيلي ومن ثم الدعوة الى قمة شرم شيخ. مما ادى بوضوح وجلاء الى انخفاض بالنبرة الامريكية الاصلاحية تجاه مصر بل واكثر من ذلك فقد نالت مصر ثناءا وتقديرا من الادارة الامريكية على لسان مبعوثتها للمنطقة كاترين هيوز والتي أشادت بالخطوات الاصلاحية في مصر. وسمعنا من اكثر من مصدر عن التفهم الامريكي للقرار المصري بإقصاء الاخوان المسلمين عن الساحة السياسية وعدم الاعتراف بهم والترخيص السياسي لحركتهم. 

 النظام المصري في حرج كبير وفي ازمة خطيرة أفرزتها نتائج الانتخابات البرلمانية في مصر وما رافقها من تجاوزات خطيرة من النظام وانصاره من اعتداءات على الناخبين الى اطلاق أيد البلطجية والزعران على المرشحين المعارضين وانصارهم بمراقبة قوات الامن وتشجيعها وتؤاطها. مخالفات النظام سُجلت ووثقت بالصوت والصورة من خلال اجهزة الاعلام العالمية والتي كانت حاضرة وبقوة مما ادى الى إعتداءات بالجملة من اعوان النظام واجهزته الامنية وبشكل مشين على الاعلاميين ومصادرة كاميرات الكثير منهم وتوقيف بعضهم وبشكل تعسفي. النظام المصري والذي تفاجأ باداء الاخوان في الانتخابات ان كان من حيث الاصوات اوالحضور الجماهيري الكبير والذي تصدى للبلطجية وحد من تأثيرهم أجبر الحكومة على التدخل وبشكل فظ لإنجاح مرشحي رموز الحزب الوطني والذي تعرضوا لهزائم منكرة في الليل ليصبحوا على فوز كاسح في مواجهة مرشحي الاخوان. ومما زاد من حراجة وصعوبة الموقف الحكومي الوقفة الصارمة والشجاعة لقطاع عريض من القضاة المصريين والذي أعلنوا وبوضوح عن مخالفات كبيرة وشائنة إقترفتها الحكومة في العملية الانتخابية في مصر.

لمواجهة تداعيات ما يجري ولإستباق اية إنتقادات امريكية او غربية اعلامية كانت ام سياسية لجأ الرئيس مبارك للوصفة السحرية وللدواء الناجع, التقرب من الدولة العبرية والتزلف لقيادتها. فالنفوذ الاسرائيلي الكبير على الادارة الامريكية وعلى قطاع عريض من الاعلام العالمي من مسلمات وبديهيات عصرنا السياسية. فجأة وجدنا الرئيس المصري حسني مبارك يكيل المديح والاطراء على المتورط بمأساة صبرا وشاتيلا واحد كبار صناع المعاناة الفلسطينية  والغارق حتى أُذنيه في الدم الفلسطيني قاتل احمد ياسين على كرسيه المقعد والاعداد الكبيرة من قيادات وكوادر الشعب الفلسطيني. ففي مقابلة صحفية مع صحيفة ايه.بي.سي الاسبانية نشرت يوم الاحد الموافق  27/11/2004 قال مبارك ان رئيس الوزراء ارييل شارون هو السياسي الاسرائيلي الوحيد القادر علي تحقيق السلام مع الفلسطينيين. واضاف مبارك, شارون من بين كل السياسيين الاسرائيليين هو الوحيد القادر علي تحقيق السلام مع الفلسطينيين. واضاف لديه القدرة علي اتخاذ قرارات صعبة والالتزام بما يقوله وتنفيذه.  مبارك يحاول تقديم نفسه بعد الانهيار الشعبي الكبير لحزبه ورموزه كصانع للسلام مع الدولة العبرية, وكأنه يريد التذكير بأن البديل عنه هم الاسلاميون والذين قد يهددون مصالح اسرائيل ونفوذها في المنطقة. الاشادة بشارون والثناء عليه من غير مناسبة لا يمكن فهمه الا بمحاولة النظام المصري الاستقواء بالنفوذ الاسرائيلي الدولي في مواجهة الافلاس المحلي والغضب الشعبي.

العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com