|
سورية ـ أحكام على اوهام وداد عقراوي اصدرت محكمة امن الدولة العليا في سوريا احكاما بالسجن سنتين ونصف السنة بحق ثلاثة اكراد، اتهمت اثنان منهم بانتمائهم الى حزب العمال الكردستاني. دون اي مراعاة للقوانين والاتفاقات والبروتوكولات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي وقعت سورية عليها تأتي هذه الاحكام الثلاثة كباقي محاكمات المحتجزين الكرد والتهم المجهزة لهم. فطالب كلية الهندسة علي شفان حسن عبدو حكم بالسجن ثلاث سنوات وخفض الحكم الى سنتين ونصف بتهمة اضعاف الشعور القومي للامة واثارة النعرات الطائفية. كما حكم على عبد الرحمن علو ومروان شيخ داوود بالسجن خمس سنوات وخفضت العقوبة الى سنتين ونصف، بتهمة الانتساب الى جمعية سرية واقتطاع جزء من الاراضي السورية وضمها لدولة اجنبية. من الضروري والمهم هنا ان نأخذ كل قضية على حدى ولكن في نفس الوقت نناقشهم بصورة عامة. اولاً وقبل اي شئ يجب التذكير بعدم شرعية محكمة أمن الدولة التي استحدثت بموجب قانون الأحكام العرفية وحالة الطوارئ التي تعيشها سورية إثر الانقلاب العسكري في 8 آذار عام 1963عند استلام البعث للسلطة. قبل النظر في القضايا المذكورة اعلاه يتوجب الاشارة الى الانتهاكات التي تحصل في سوريا، فالمحاكمات الجائرة والتمييز والعنف ضد المرأة، وقانون حالة الطوارئ، وعقوبة الإعدام، والتعذيب وسوء المعاملة والتوقيف والاعتقال، والقيود المفروضة على الحقوق في حرية التعبير والاجتماع والاشتراك في الجمعيات، والتمييز ضد الكرد في سوريا ما هو الا غيض من فيض. الكل يعلم بانتشار التعذيب في المعتقلات والسجون السورية خصوصاً قبيل بدأ المحاكمات. خلال عام 2004 توفي 9 اشخاص اثر تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة اثناء احتجازهم لدى السلطات. على مر السنيين تمكنت منظمة العفو الدولية من اثبات استخدام 38 طريقة للتعذيب وسوء المعاملة ضد المحتجزين. وفق معايير منظمة العفو الدولية يعتبر التعذيب أمراً غير مقبولاً بتاتاً ويتوجب على كافة المحاكم عدم الاخذ بالأدلة التي تنتزع تحت وطأة التعذيب بأي شكل من الاشكال وفي اي حال من الاحوال، ولكن وبالرغم من ذلك يستخدم باستمرار هذا النوع من "الادلة" في المحاكم، وتصريحات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب لا يتم التحقيق فيها. المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تنص على: 1. تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي. وهنا يجدر التذكير بان حالة الطوارئ التي استمرت في سورية على مدى أكثر من 40 عاماً لا يبرر بتاتاً لجوء الحكومة للتعذيب لضمان احتفاظها بالكرسي. اللجان المعنية بحقوق الانسان تعافر منذ سنين وتقدم التوصيات للسلطات السورية ولكن الاخيرة لا تأخذ تلك التوصيات بعين الاعتبار واذا بالمشاكل لا تزال قائمة. التهمة التي وجهت الى علي شفان: "اضعاف الشعور القومي للامة واثارة النعرات الطائفية" تجعله حسب المعايير الدولية سجين ضمير* وفي هذه الحالة يتحتم على السلطات اطلاق صراحه بدون قيد او شرط حسب المعاهدات الدولية التي التزمت سوريا بتطبيقها. يعلم القاصي والداني بان التهم التي توجه للمدعى عليهم هي تهم بعضها باطل وبعضها مبالغ فيه والمحاكم السورية غير شرعية و لا يمكن اعتبارها ايضاً محاكم عادلة. فغالبية المحكومين في سوريا يتهمون مثل عبد الرحمن علو ومروان شيخ داوود بالانتساب الى جمعية سرية واقتطاع جزء من الاراضي السورية وضمها لدولة اجنبية، الا يوجد في سوريا من يرتكب "جرائم" اخرى؟ في اغلب دول العالم وعندما يتم القبض على شخص ما بتهمة ما يكون هناك العشرات او المئات ممن يقومون بالعمل نفسه او "ارتكاب الجريمة نفسها" دون العثور عليهم من قبل الجهات المعنية. لو كان 10% فقط من المحكومين او الذين تمكنوا من اقتطاع جزء من الاراضي السورية وضمها لدولة اجنبية قد حالفهم الحظ وفعلوا ذلك لكان الجزء الاكبر من الاراضي السورية قد تلاشى الان. في حال صحة هذه التهم فيحق لنا ان نستغرب من حقيقة كون الاراضي السورية لا تزال على حالها لا ينقصها شبر واحد، ولم نسمع بتغيير ما بشأن الحدود السورية مع دول الجوار! متى سيؤون الأوان لترجمة حقوق الإنسان إلى واقع ملموس في سورية وهل سيأتي ذلك اليوم في ظل الحزب الحاكم او الحزب او الاحزاب التي قد ستليها؟ فعراق اليوم ليس مختلفاً كثيراً عن عراق الامس! ايمكن ان يكون مستفبل سورية اكثر تفائلا من حاضره؟ للاسف لا ادري... بين هذه الفكرة وتلك ساظل هنا مستنكرة انتهاك سورية لحقوق الانسان ومذكرة للسلطات السورية بضرورة اتخاذ خطوات فورية من أجل التنفيذ الكامل للمعاهدات والصكوك الدولية، بما في ذلك القضاء على جميع ضروب التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وضمان تمتع جميع الكرد بالحماية الفعالة من التمييز وتمكُّنهم من التمتع بثقافتهم واستخدام لغتهم، والغاء عقوبة الإعدام التي تتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، والحد من القيود الواسعة المفروضة على الحق في حرية الرأي والتعبير وعلى الحق في التجمع السلمي، وممارسة التمييز والعنف ضد المرأة واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. *سجين الضمير هو كل انسان يسجن او يلقى القبض عليه او يتم تقييد حريته بشكل اخر بسبب انتمائه السياسي او الديني او بسبب ارائه او بسبب انتمائه القومي او جنسه او لون بشرته او لغته.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |