|
تناقض تصريحات حركة الوفاق بخصوص الأستعراض العسكري يستغرب الكثيرون من أبناء الشعب العراقي الصابر سلوك الدكتور أياد علاوي في حضورة لأستعراض بعض الوحدات العسكرية . لأن هذا التصرف يعتر شاذا بمقاييس منظق السياسة الواقعية . فهو لا يعتبر قائدا عاما للقوات المسلحة , كذلك لا يمثل تلك القيادة وليست لديه أية صفة تنفيذية رسمية على المستوى السياسي والعسكري . وفي هذا الأطار يحق لنا كعراقيين أن نستنكر هذا العمل , دون أن نستغرب وقوعه من خريج لمدرسة البعث منذ السنين الأولى لتأسيسها . تلك المدرسة , أن جاز لنا أطلاق هذا التعبير عليها , كانت تعتمد على الأرث الهيكلي للجيش المستصحب باطلا منذ تأسيس الدولة العراقية في العشرينييات من القرن الماضي . تلك المؤسسة التي قال صدام يوما عنها " اننا نجحنا في جعل سلاحين مهمين منها وهما الجوية والدروع مغلقين على عناصرنا" . حيث لا يخفى على المتتبع للأحداث مركزية دور الصنفين المذكورين في أحداث الأنقلاب العسكرية المتتابعة لأيصال المجرمين الى السلطة لغاية التاسع من نيسان حيث سقوط صنم النظام . لا نسغرب عمل الدكتور علاوي هذا لأنه من تلك المدرسة التي تحاول ان تستحوذ على طاعة الجيش لا قلوب وعقول المواطنين للوصول الى السلطة والبقاء فيها , لمرحلة أخرى ضن آليات العملية الديمقراطية . أذا رأى الشعب صلاحيته في البقاء لأيفائه بالألتزامات التي قدمها على نفسه لحظة وصوله الى المركز القيادي , ونجاحة في تحسين الأمن والخدمات والقضاء على الفساد بجميع أشكاله والحفاظ على ثروة العراق لتكون للعراقيين " حصتي من ثروتي " لا أن تستخدم لشراء الولاءات السياسية الخارجية ورهن قدرات العراقيين ومكانة العراق بها . انه من الذين أختلفوا مع صدام لأسباب متعددة ليس من ضمنها أي أمر أيجابي يرتبط بمصلحة الأغلبية العراقية الساحقة . لأمور لاتخرج من أطار المصالح الشخصية وتقاطعها , أو توجس صدام منهم لسبب أو لآخر . حتى لو كان قد أرسلهم هو الى الخرج في مهمات أستخباراتية , مثل أختراق المعارضة العراقية حينها . من يلتقي مع الدكتور علاوي أذن ؟ - من تيقن من سقوط الجرذ بعد دخوله الى الكويت , ولذلك حركت الأنتهازية المتجذرة في أعماق هذا البعض " كونهم من حاملي فايروس البعث الذي لا علاج له" فكرة البحث عن بديل وهو الهرب والأرتماء في أحضان المخابرات الأمريكية , أوقل التعاون معها ومع ثلاثة عشر جهاز أستخباري آخر , كرقم قياسي معلن يحتفظ به الدكتور أياد علاوي . هل يؤمن فعلا الدكتور علاوي بالديمقراطية وآلية أنتقال السلطة بشكل سلس , وان يكون معارضا منصفا لمن يأتي بعده بل معضدا له أن لزمت المصلحة الوطنية ذلك ؟ الجواب : كلا , أن أقصى ما يذهبون أليه في هذا المفهوم , هو أنتاج تعددية زائفة توهب من حزبهم القائد , ورمزه التاريخي وهنا أشير لمفهوم الرمز , لا لمصداقة المتغير بتغير الأشخاص . تعطي لهم مقبولية مزيفة بعد أن يشركوا أحزاب أخرى أو دكاكين حزبية أو ديناصورات منقرضة لأشخاص أستهكلوا من عشرات السنين ليظهروا من جديد على ساحة العراق المكبلة أمريكيا بدرجة ما لحد هذه اللحظة , في الأجواء التي أنبعثت منها روائح الشبهات وأدخنة التآمر لعديد من الدول الطائفية وكان مشروع الأخضر الأبراهيمي أكثر المصاديق تجليا لها . لا يؤمن د. علاوي بالديمقراطية , حيث لم يطرق بابا للبعثيين الصداميين " من مثلث السلطة" الا وطرقه , بل وقف منتظرا عنده دون ان يجد بادرة تجاوب ولو صغيرة منهم , وماكان لرفض بنت الجرذ أستقباله , الا واحدة من الأدلة . لأنهم لا يتصورون أحدا وأن كان متعاطفا وضد أجتثاث البعث , أن يكون في السلطة , وهو خارج مثلثهم الدموي المعروف . وان ترحم على عفلق وأعادة الخطرين منهم الى المفاصل الأمنية المهمة ووضع كل أمكانيات العراق كرشى لملك الأرهاب في مملكة الأقزام , وزياراته المكوكية له لأخذ النصائح , ربما الأوامر منه . تاركا نحيب الثكالى من الأمهات وهن تحتضن أطفالهن المذبوحين , أو تبحثن بين تراب المقابر الجماعية عن عظام أبنائهن وبناتهن والدموع قد تحجرت على الوجوه المكتوية بنار شهر تموز حينها . ان د. علاوي لم يعترف بالخسارة الأنتخابية ويتقبلها بروح رياضية ولا بواقع التعددية التي نتجت عنها، وبالتالي رفض كعادة البعثيين الديمقراطية كآلية تتعاطى مع واقع الأختلاف في الأيديولوجيا والمواقف السياسية واساليب العمل واختلاف في التقديرات والقرارات التي تصدر وتقيمها على قاعدة المشروعية المتباينة في اتجاهاتها بتباين الأسس التي تعتمد عليها الأحزاب في تكوينها، ولم يقبل ان يكون معارضا منصفا، بل اعتمد الشطب على كل عناصر القوة في قائمة ألأئتلاف وبالخصوص تنظيماتها التاريخية، دون ان يعتمد نقدا ذاتيا لشخصه أو لأداء الوزراء المحسوبين عليه بانتمائهم لقائمته, او اشتراكهم معه في نهجهم البعثي المسخ، الفساد الذي نخر كل مفاصل الدولة في عهدهم ولازالت الملفات مفتوحة رغم هروب من هرب منهم، أو بقاء من بقى متسترا هذه المرة بتمثيل العهر المقاوم، أو الأستقواء بالعشائرية والمناطقية. لم يضع علاوي الصالح العام بتعضيدة للفائز في الأنتخابات انسجاما مع روح الديمقراطية التي لاتعني الأختلاف فقط، بل السعي ايضا للتلاقي مع الند السياسي أو المخالف السياسي على المشتركات خدمة للصالح العام، بعد الأعتراف بواقع الهزيمة، والأستعداد بشفافية ونزاهة لجولة أخرى مع عدم التخلي عن النقد الموضوعي من اجل التقويم، بل التعضيد عن طريق الأجتهاد في تقديم مشاريع تساعد الحكومة الحالية في اداء عملها خدمة للعراق ككل، لم يعمل ذلك بل عمل العكس تماما، بأتباع اسلوب المزايدات الرخيصة، وعزف تلك النغمة التي ترضي الجوار الطائفي، وكذلك الأدارة الأمريكية، واقصد هنا مهاجمة مايسميه الأسلام السياسي، الذي عمل معهم كل تلك الفترة المنصرمة، أو في ظلهم عندما كان وحركته من المغمورين للشعب العراقي. عمل ذلك تصريحا لاايحاءا فقط مستخدما منهجا تسقيطيا في البعد النفسي والمادي وصولا للتآمر، خاصة لاحقا, بعد ان لم تلبى شروطة التعجيزية للمشاركة في الحكومة. وكانت : الشرط الأول ألغاء قانون اجتثاث البعث وان تكون المحاسبة فقط للبعثيين الذين ارتكبوا جرائم. وهذا مضحك لأسباب كثيرة اولها ان كل انسان ارتكب جرما يجب ان يحاسب وليس الأمر محصور بنوع الأنتماء السياسي. ثم ان عملية الأجتثاث تشمل الدرجات العليا من تنظيم البعث التي لم يكن ليصل المنتمي اليها دون القيام بأعمال قذرة. مع عدم اعفاء الدرجات الأدنى أذا ثبتت أرتكابهم لجرائم. الشرط الثاني لعلاوي كان الأبقاء على المؤسسة الأمنية دون اجراء تغييرات عليها وان يتولى هو مسؤوليتها. ليكون البلد والمؤسسة السياسية رهينتين بيد البعثيين الذين كانوا ولازلوا لدرجة معينة يسيطرون على الكثير من المفاصل المهمة في وزارة الداخلية والأستخبارات مما عزز والى هذه اللحظة من الخروقات الأمنية التي أخذت في أحيان كثيرة أحجاما كارثية . وفي هذا الأطار لم ننسى محاولاته المستميته للألتفاف على نتائج الأنتخابات بطرق متعددة للبقاء كرئيس للوزراء . اننا لم نسمع في العالم بديمقراطية تشكل فيها القائمة الثالثة السلطة، الا أذا كانت ديمقراطية لايحكم فيها الا بعثي. وهنا تكمن اسباب محاولته السابقة لتأخير العملية السياسية للبقاء اطول فرصة في الموقع وألاظهار للآخرين بأن البعث وحده يمتلك القدرة والكفاءه والأهلية لممارسة السلطة من موقع القيادة " يقول البعض اننا بنينا العراق ونحن الرقم الصعب الذى لايمكن لأحد انكاره " وينسوا حجم الفضاعات التي ارتكبوها في ليل العراق الذي استمر لثمانين سنة. وفي ضوء كل هذه المقدمات الطويلة والضرورية , لانستغرب مايلي : أ- عدم أحترام الدكتور علاوي لناخبيه , بأبتعاده عن جلسات البرلمان وعن العراق , ليظهر لا حقا كرجل العراق المستقبلي إإ ب- عدم المصداقية في قوله للصحفيين "استأذنت حكومة الدكتور الجعفري وايضا المسؤولين في وزارة الدفاع" , وانه لم يتوقع أجراء أستعراض عسكري في هذه المناسبة . نقول له حجتك ضعيفة لأمرين : الأول : وانت تقول عن أستئذانك وعدم علمك بالأستعراض . هل عدم العلم يشمل من أستأذنتهم أيضا على حد قولك , أي يشمل الحكومة العراقية ووزارة الدفاع؟ الثاني: يتعارض قول أستئذانك مع تصريح مساعدك راسم العوادي بعدم وجود مانع قانوني لمشاركتك في الأستعراض متهما "الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء الحالي والدكتور احمد الجلبي نائب رئيس الوزراء بأنهما لا يعرفان شيئا في القوانين" إإإإ اللة أكبر أذا كان رئيس الوزراء ونائبه المحترمين لا يفهمون بالقوانين , فمن أستأذنت يادكتور علاوي من الحكومة العراقية أذن ؟ ولماذا تستأذن ؟ مادام نائبكم العوادي يقول لا يوجد مانع قانوني أمامكم من حضور الأستعراض العسكري ...إإإإ وأذا أستأذنت الحكومة على حد قولك غير المقنع , فلماذا أنتقدك رئيس الوزراء , ولماذا أعلان الدكتور الجلبي بأن مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة تحقيقية لمتابعة هذا الموضوع ؟ أن الديمقراطية التي تؤمنون بها يا دكتور علاوي ليست الا تعددية زائفة لا تختلف عن تعددية جرذ العوجة في بعض المقاطع الزمنية لحكمه .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |