مؤثرات الاستثمار الأجنبي في اقتصاديات الدول النامية
محمد الجبوري / بغداد
اصبح من البديهي ان الحديث عن الاستثمار يعني الحديث عن الشركات الاجنبية ودورها في الاقتصاد العالمي كونها الموجه الاساسي للنشاطات الاقتصادية الدولية، اذ عمدت الى تدويل الانتاج عبر تصدير رأس المال الصناعي الانتاجي بعد ان كانت هذه الاستثمارات تركز على الاستثمار في القطاع الاولي،
مع كل متطلبات” الاستثمار الجديد “ في المؤسسات المالية والمصرفية واتصالات وخدمات في اطار نقل الصناعة نحو الجنوب في اطار التخلص من الصناعات المتقادمة او الملوثة للبيئة والافادة من العمل الرخيص اي بمعنى التخلص من انخفاض الارباح بسبب تغيير التركيب العضوي لرأس المال الذي اعده” كارل ماركس “ عقبة امام الدول الرأسمالية لانخفاض الارباح التي تأتي من فائض القيمة المتآتي معظمه من العمل.
ان الشركات العالمية تضع اليوم خططها الانتاجية على المستوى العالمي، بعد ان كانت تكتفي بخططها التوزيعية، وانتقلت من المركزية العالية في الانتاج ولا مركزية التوزيع الى نظام عالي المركزية في الادارة والتنسيق ولا مركزية واضحة في الانتاج. وكانت سياسات الاصلاح المتمثلة في التخصيصية وتخفيف قيود الملكية والقواعد لاعادة استثمار الارباح وتشجيع تدفق الاستثمار الاجنبي وتقديم التسهيلات الى الشركات الاجنبية في مقدمة النصائح التي قدمها الصندوق والبنك الدوليان الى الدول النامية، وتقدم المناطق الحرة ومناطق تجهيز الصادرات مزايا قانونية وضريبية للمستثمرين متضمنة اعفاءات من الرسوم على المدخلات المستوردة وعلى اساس ذلك ارتفع المعدل السنوي للاستثمارات الاجنبية المباشرة لتلك الدول. ومثلت تلك الاستثمارات قوة دافعة للاندماج الدولي. اما بالنسبة للتوزيع الجغرافي للاستثمارات الاجنبية، فقد تركزت في جنوب شرق اسيا اذ ارتفعت فيها التدفقات ويعود السبب في ذلك الى الانخفاض الشديد للاجور في هذه الدول اقصد جنوب شرق اسيا.
وتظل تدفقات الاستثمار الاجنبي الى العالم النامي والى بلدان اوروبا الوسطى والشرقية، موزعة على نحو غير متكافئ ففي عام” 2001 “ حصلت اكبر خمس دول متلقيةعلى ما نسبته 62% من مجموع التدفقات الواردة الى البلدان النامية. اذ قدرت حصة الدول النامية خلال عام 2001 بحوالي” 225 “ مليار دولار 30% من اجمالي التدفقات، اما حصة افريقيا بلغت 5% والتي تركزت بنسبة 61% في انغولا ومصر ونايجيريا وجنوب افريقيا. في حين ازدادت حصة دول اميركا اللاتينية ودول البحر الكاريبي لتصل الى” 90 “ مليار دولار بنسبة”43,4 % “ من اجمالي التدفقات للدول النامية اما اسيا فقد بلغت حصتها” 51,6% “ وبما تقدر قيمتها بـ
” 106 “ مليارات دولار منها” 40 “ مليار دولار الى الصين لترتفع التدفقات الاستثمارية الوافدة اليها بنحو 4.7 مليار دولار عام” 2001 “ بسبب امكانات السوق الهائلة.
وبالرغم من ان الاستثمار الاجنبي يسهم في اقامة المشاريع وفي نقل الاجهزة والاصول الرأسمالية كما حصل في سنغافورة والمكسيك وماليزيا الا ان الاضافة المباشرة الى تكوين رأس المال الثابت المحلي تبدو محدودة. فضلاً عن ان اتجاه تلك الاستثمارات نحو المشاريع القائمة فعلاً وتم تغيير ملكيتها عبر عمليات الاندماجات والامتيازات بدلاً من الاستثمار في مجالات اخرى غير مستقلة فعلاً. ما يعني عدم تحقق تراكم صاف مباشر لرصيد رأس المال، وخلق اثراً تزاحمياً للاستثمار بدلاً من الاثر التحفيزي، فطالما لا توجد روابط مع الاقتصاد المحلي فان الصناعات الاجنبية في البلد النامي سوف لن تلعب دوراً تحفيزياً ولايمكن ان تكون صناعة مغذية، وهذه الحالة ليست جديدة وهي امتداد لكل الصناعات الاستراتيجية والمواد الاولية، لان حصول ذلك يعني ان جزءاً من مضاعف الاستثمار سوف يلعب دوره في الاقتصاد وهذا ما لاتريده البلدان المتقدمة، اذ ان المضاعف بكامله يكون اثره في الاقتصاد الام.