علاوي وسيناريو الانقلابات

أيوب قاسم

تجربة أكثر من عامين منذ سقوط النظام البائد هي غنية لكل متابع ومراقب يستطيع بسهولة وضع كل شخصية سياسية تحت مجهر الدراسة والتحليل وقراءة أفكارها، ويبدو أن شخصية الدكتور إياد علاوي في العراق الجديد هو أكثر من يدور حولها الجدل في الأوساط السياسية حين يشبهها بعض المراقبين بشخصية عبد الرحمن النقيب أول رئيس وزراء عند تأسيس الدولة العراقية عام1921م مع تماثل كبير ولربما تطابق في مهمات الرجلين السياسية وعلاقاتهما الرصينة مع مركز القرار الدولي وكونهما الأفضل والأقرب إليه من بين مئات الشخصيات السياسية، ولا احد ينكر الإرادة الأمريكية في تعيين الدكتور أياد علاوي رئيسا للوزراء في ثاني حكومة بعد سقوط النظام وانبساط أياديه سياسيا وماديا أكثر من غيره ونظرته للعراق الجديد والتي تختلف عن نظرة أقرانه من أقطاب المعارضة العراقية حيث المصالحة الودية مع حزب البعث فكرا وأشخاصاً وانعدام أية حساسية فكرية وسياسية وحتى أخلاقية تجاهه، حيث شهدت فترة رئاسته للحكومة فرصة ذهبية تنفس فيها حزب البعث عميقا واستعاد الكثير من قواه وتخلص من المساءلات القانونية عبر التوغل إلى المؤسسات الحكومية إلى درجة حصد الدكتور علاوي أكثر من أربعين مقعدا في الجمعية الوطنية وأكثرها من جعبة البعثيين الذين يشكلون له قاعدة شعبية جيدة بعدما وجدوا فيه الملاذ الآمن والمدافع الحقيقي عن عودتهم الى الحياة السياسية، فضلاً عن نجاحه في إحراق الورقة السياسية القوية لخصمه (اللدود) الدكتور الجلبي عند مراكز القرار في واشنطن.

لقد برزت مفارقة جديدة يلفها الكثير من الغموض والضبابية في حياة الرجل قبل أيام وهو الذي لا يتمتع بصفة حكومية باستثناء كونه عضوا في الجمعية الوطنية حين زار قطعات عسكرية في بغداد وتم استعراض الجنود وإلقاء خطبة لهم رغم معارضة الحكومة على ذلك، ووفق تعبير الدكتور الجعفري بان ذلك محاولة لتسييس القوات المسلحة في موسم الدعاية الانتخابية، الأمر الذي يضع الحكومة تحت طائلة اختبار مدى قدرتها في مواجهة مثل هذه الخروقات الخطيرة، لذلك يرى بعض المراقبين إن هذه الزيارة التي لم تتم إلا بإرادة أمريكية ترسم تساؤلات عن أهدافها وتوقيتها ويعزون ذلك الى أنها محاولة لإقلاق الحكومة وتذكيرها بسيناريو الانقلابات العسكرية التي أطاحت بأنظمة الحكم عبر إرادة خارجية، فيما يعتقد البعض إن علاوي أقدر شخصية يمكن أن يلقي العصا أمام عجلة الحكومة الحالية أو إعاقة سيرها حين تحاول الميل عن سكة الرغبة الأمريكية، والحد من النفوذ المتنامي للإسلاميين ابتداءا من قمة الهرم السياسي إلى اصغر مؤسسات الدولة ممن يصطبغون بصبغة الاسلاموية بشكل جلي، والتلويح بأن عربتهم السياسية معرضة للتهشيم في كل لحظة تشعر بها واشنطن خطرا ولو بنسبة ضئيلة على استراتيجيتها في العراق والمنطقة، فضلا عن التلميح بأن أية محاولة لتهميش رجالات واشنطن الأقوياء بنظرها عن دائرة المعادلة السياسية تعني تعرض مسار الحكومة إلى كل الاحتمالات الواردة بما فيها خلط الأوراق السياسية.

إن زيارة علاوي للقطعات العسكرية في مطار المثنى المحصن من قبل القوات الأميركية وما سبقتها من تصريحات نارية ضد حكومة الائتلاف هي في القراءة الأولية لا تخرج عن دائرة الدعاية الانتخابية غير الموفقة لمواجهة القائمة الأقوى (555) والتي ستبقى كذلك في الانتخابات القادمة وستشكل الحكومة كما يتوقعه المراقبون، إلا إن القراءة العميقة للحدث ترسم أكثر من علامة استفهام عن الدور السياسي الغامض الذي يضطلع به علاوي المدعوم أميركياً كما هو المؤكد لدى المراقبين والذي يعيد إلى الأذهان الانقلاب الأبيض لعام 1979م ومحاولة استخراج صورة استباقية للوجه العسكري لطموحاته، فهل يعيد علاوي سيناريو الانقلابات من تحت عباءة الانتخابات؟

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com