|
رد لابد منه / (الحب ما منع الكلام الألسنا)، ماذا قبل وماذا بعد؟ وداد فاخر* / النمسا
الإلحاح المستمر من العزيز نيازي (أبو لارا) في الرد على المتسائلين حول قراري السابق بوداع الكتابة والسياسة، زاد من الضغط على الجرح النازف الذي أحاول جاهدا إيقاف هدر الدم المراق منه، من كرامتي وماضي السياسي الذي اعتز به كعراقي ناوئ السلطات الدكتاتورية المتعاقبة، وغرز نصل كلماته الحادة بخاصرة البعث العنصري الفاشي . ومن فاته استشهادي ببيت الشعر الذي يقول (قد بدلت أعلى مساكنها سفلا ... وأصبح ’سفلها يعلو) أعيده هنا للتأكيد على المرارة العالقة في دمي منذ لحظة سقوط صنم العوجه في 9 نيسان 2003 لحد يومنا هذا . فقد ’سرقت فرحة سقوط الدكتاتورية من قلوبنا، وتهنا وسط متاهات ملتوية غريبة، وضعنا وسط هرج ومرج السياسة الهجينة التي خططها لها دعاة (الصبر مفتاح الفرج) . وأقول للعزيز (ابو لارا) بأنه لم يدخل الخوف قلبي يوما ما حتى أجفل أو أخاف من احد كائن من كان، وأنا اردد دائما مقولة إمام المتقين علي (أنا لا أخاف إن وقع الموت عليَ أو وقعت’ عليه) فالحالتان سيان لدي، إضافة إلى انه لم يبق من العمر بقية أخاف عليها . وقد وجدت نفسي غريبا وسط جمع ينظر لي دائما بريبة وحذر كوني اجهر بقول الحق ولا أخاف لومة لائم، وأقول الحق ولو على نفسي عملا بقوله جل وعلا (إن الله لا يستحي من الحق) . وما كنت أظن أن اطعن من الخلف ومن قوى احسبها ضمن قوى وطنية ولمرتين، مرة عندما تم التواطيء مع آخرين من خارج اللجنة ضدي وبعلم الجميع للتحريض على تقديمي للمحاكمة لفرية اختلقها (صديق) كان يصف كتاباتي بأنها (شخبطة على نشرة حائط مدرسية)، ومرة أخرى عندما أقصي وداد فاخر لوحده من جملة عدد هائل من الموظفين المنتقين للعمل في اللجنة الانتخابية في مكتب النمسا من جميع الأحزاب العراقية المشاركة في السلطة لسبب لا اعرفه للآن ومعظمهم جاء لاقتسام الكعكة التي توزعها المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات في مكتب النمسا ومن جميع الأحزاب بينما عرضت أنا فقط أن أشارك في هذا العمل الوطني بصورة متطوع وبدون أي أجر . وكنت أحسب أن هناك تقدير وتمييز يحصل في اختيار أي شخصية عراقية للعمل في السلك العام يدخل في اولوياته جهادية الفرد ومقدار ما قدم للوطن من جهد وتضحيات، بينما لم أر في معظم الذين تم اختيارهم للعمل في مكتب المفوضية من شاركنا اعتصاماتنا وتظاهراتنا السابقة في فيينا أيام الدكتاتورية الفاشية، أو حتى شارك في احتفالاتنا الوطنية وندواتنا . ولكن الكثير منهم كان يشارك وبحماس إذا كانت هناك حفلة ورقص وغناء على مجرى المثل القائل(على حس الطبل ’خفنْ يا رجليه) . ولم اعرف للآن كيفية ظهور شخصية عراقية كنبت شيطاني هو ومساعده في إحدى الجمعيات العراقية في النمسا كمساعد رئيسي لمكتب المفوضية في النمسا هو ومن (رضي عنهم سيادته)، وقد شاركت هذه الشخصية المذكورة بحماس سفير صدام السابق في النمسا ووزير خارجيته بعدئذ ناجي صبري الحديثي في تشكيل (جمعية الأطباء النمساويين من اصل عراقي في النمسا) بالتعاون مع (مناضلي حزب البعث) في فيينا أيام سلطة وعز الدكتاتورية الساقطة . وقبله(كافأتني)(الحكومة الوطنية العراقية) المنتخبة بأن أعادتني للوظيفة ولكن بالدرجة الوظيفية التي كنت عليها قبل 27 عاما عندما تركت الوطن شابا، ورجعت إليه شيخا بعد مشاق الغربة والترحال من بلد إلى بلد مع ملاحقة فلول البعث لنا في كل بلد تطأه قدماي مع جمعي المؤلف من أم العيال التي ظلمتها طوال عمر الزوجية معي في الحل والترحال، والذراري الذين كانوا يرجعون صفا أو صفين في كل بلد تطأ أقدامنا ترابه وبراتب ضئيل جدا لا يتناسب وما قدمناه للوطن العزيز بينما يغرف البعض من خزينة الدولة ماشاؤوا، فأي مكافأة هذه التي قدمت لي ولأمثالي ممن كرس كل عمره من أجل مقارعة الدكتاتورية ومحوها من الوجود؟ . ولماذا يراد منا نحن فقط من الذين أفنوا زهرة شبابهم من أجل عزة ومنعة وطننا أن نظل في عوزنا وحاجتنا للدول المضيفة، بعد أن تركنا كل ما نملك في وطننا وضاع منا كل عمرنا، لأننا وكما قال شاعرنا نردد كما قال (دعيني للعلا أسعى ..... فإني رأيت الناس شرهم الفقير) . فخيرات بلدنا هي خيراتنا التي حرمنا منها جميعا زمن الدكتاتوريات المتعاقبة (فإن الماء ماء أبي وجدي) ونحن أحق به من غيرنا ممن نهبوا خيراته وتجاوزوا عليه وجاؤوا الآن لابسين لبوس الوطنية بعد أن بدلوا جلودهم الوسخة التي كانوا عليها، وامسكوا بمقاليد السلطة من جديد وتركونا مرة أخرى في موقع المتفرج دون أن تبدر من (الحكومة الوطنية) للآن أية بادرة تنم على حرصها على إنصاف المهجرين والمهاجرين الذين لا زالوا للآن يقاسون من ألم الغربة ووحشتها . فالعراق يكتظ بمساحات فارغة من الأراضي الأميرية التي يتوجب توزيعها ضمن ضوابط وقانون على المهجرين والمهاجرين ووفق شروط معينة وبعيدا عن المحاصصة الحزبية والهيمنة السياسية وهي خطوة أولى لجذب المهاجرين وعودتهم للوطن فجلهم ممن لا يملك سنتمترا مربعا في وطن آبائه وأجداده، ويستحق أن يكافأ على تغربه وتشرده . ومن يفكر باسكاتي عن طريق الضغط والتهديد باللجوء للمحاكم سوف لن يرى من وداد فاخر إلا ما لا يتوقعه، وستفتح ملفات وتثار تهم متعددة ولن يوقفها عند ذلك كائن من كان فعندها ستكون المواجهة وجها لوجه، وستمتلأ صفحات الانترنيت بحقائق بعد أن ينفض الغبار عن ملفات كنا نتمنى حرصا على الوحدة الوطنية أن تظل مقفلة . لأنه يخطا تماما من يظن أن وداد فاخر هو أصغر رقم في المعادلة السياسية في النمسا لا بل هو أثقل وزنا من كثيرين فانا موقن تماما إن هناك خلفي ملايين العراقيين الذين ضحيت من أجلهم وخسرت كل مباهج الحياة بسببهم، وقد شاهدوا على صفحات الانترنيت من وقف إلى جنبي ومن وقف إلى جنبهم . فقد كان هناك جمع طيب من الكتاب والقراء والمواقع الذين اثبتوا حبهم للعراق والعراقيين من خلال الموقف الرائع العراقي بالتضامن مع عراقي يتعرض لهجوم ظالم من بقايا شراذم البعث الذين يتعكزون على أموال العراقيين المسروقة، بغية ملاحقة كاتب مثلي همه ملاحقة ومطاردة الإرهاب وفضح كل الداعمين والمروجين له، وكلي أمل بأنهم سيكونون معي في أي موقف قادم يتطلبه تقديم الإسناد لي . كذلك فأنا أوجه ندائي للحكومة النمساوية لكي لا تكون النمسا ساحة تصفيات سياسية بحجة اللجوء للقانون، لأن تصاعد مثل هذه التصرفات سيجر الجميع مستقبلا للصدام حتما، ويترك المجال واسعا لانتقام الظالم من المظلوم، وبذلك يترك المجال للمظلوم للتصرف الكيفي عند وقوع الظلم عليه عن طريق التجاوز . وللحكومة العراقية أن تعي مقدار تهاونها وعدم جديتها في محاربة الإرهاب وملاحقة الداعمين له، الذي يجب أن يكون أساسا ضمن اولوياتها، وضمن نشاطات كوادرها في الخارج بالتعاون مع الحكومات الأجنبية . وألا ما فائدة ذهابنا لمراكز الاقتراع وانتخابها؟!. مرة أخرى أعود فأذكر عزيزي (أبو لارا) وأقول له (ما كلما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)، وسيظل وداد فاخر ذاك الذي عرفته يحمل شجاعة وصلابة العراقيين مهما عظمت المحن، فقد كان لي في كل بلد وطأته قدمي قصة مع البعث وفلوله المجرمة،فقد تعرضت للتهديد والتصفية والجرجرة للمحاكم، فلماذا لا أتمها هنا في النمسا وتكون الخاتمة كما يتمنى غلاة البعثيين سجنا مريحا في بلد الديمقراطية؟.
حكاية تستحق الذكر : يقال إن كسرى انوشروان العادل وصل مع جيشه إلى مكان ووضع الترحال، وبدأ المكلفين بالطبخ عملهم، ثم اكتشفوا نفاذ ملح الطعام من عدتهم، ونظروا فكان قريبا منهم مكان لتجميع الملح، فطلبوا أذنا من كسرى بجلب ما يحتاجونه من ملح الطعام لإضافته لطعامهم، وصدر أمر كسرى بعدم مس الملح الموجود في ذلك المكان، ولما تحجج البعض بأن ما سيأخذونه هو كمية صغيرة جدا لطعامهم لا تؤثر على الكم الهائل الموجود، رد كسرى قائلا : لقد بدأ الظلم صغيرا ثم كبر .
* شروكي من حفدة ثورة الزنج وبقايا القرامطة مستعد للنزال حتى لو ترك في الساحة لوحده، ولسان حاله يقول (ربي السجن أحب إلي)
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |