|
شهادة المشتكي السيد أحمد الحيدري
زهير كاظم عبود
الشهادة التي أدلى بها المشتكي السيد أحمد السيد حسن الحيدري من أهالي الدجيل شهادة منتجة في القضية المعروضة امام محكمة الجنايات الاولى التابعة للمحكمة الجنائية العراقية العليا في قضية الدجيل ، وهذه الشهادة التي أدلى بها المشتكي بكامل حريته وبلغة فصيحة وواضحة ووفق صور جسدها حضوره طيلة مدة الحجز غير القانوني وعمليات التعذيب والتحقيق غير القانوني منذ عملية سميت حينها بتعرض المتهم صدام بالرصاص من مجهولين في ناحية الدجيل في العام 1982 بعملية الدجيل . هذه الشهادة تثبت انها من الادلة المقررة قانونا في أدانة المتهمين الذين ساهموا بتغييب سبعة شهداء – قسم منهم لم يبلغ سن الرشد – من عائلة المشتكي السيد احمد الحيدري . وقد أقترنت الشهادة التي أدلى بها المشتكي المذكور بشهادات اخرى ، بالأضافة الى القرائن والأدلة التي توفرت للمحكمة من خلال المستندات والوثائق التي توفرت لها ، أضافة الى الكلام الذي انفلت من المتهمين أثناء جلسات المحكمة ، والذي تم تسجيله ويمكن للمحكمة ان تستند عليه عند موازنة الأدلة المتوفرة للأدانة . والمشتكي المذكور يتمتع بكامل قواه العقلية بالأضافة الى شجاعته وحسه العراقي الاصيل ، فقد أدلى بشهادة للمحكمة كانت من أكثر الشهادات العراقية المكشوفة وضوحاً وفائدة في أنارة طريق الحقيقة والوصول الى قرار العدالة ، وكلنا ثقة من أن المحكمة التي أستمعت للعديد من الشهادات ستضع هذه الشهادة بعين الأعتبار لما لها من أهمية ودقة ، الا أن ما صدم المحكمة والمشاهدين في شهادة المشتكي السيد أحمد حسن الحيدري الوقائع التي كشفها المشتكي المذكور عن اعمال القتل والتعذيب والاغتصاب التي مورست باشراف رئيس جهاز المخابرات المتهم برزان التكريتي، كما شرح المشتكي للمحكمة رحلة العذاب التي مر بها سجناء الدجيل الباقون على قيد الحياة من خلال عملية النفي غير القانوني الى صحراء السماوة وكانت مياه الشرب عبارة عن مياه الآبار المالحة والخبز اليابس بالاضافة الى حرارة الشمس وقساوة البرد وأنعدام الخدمات والتواصل مع المجتمع البشري مما ادى الى وفاة العشرات من الاطفال والنساء وكبار السن في الصحراء القاحلة حيث دفنوا ، ودون ان تكون هناك محكمة أو قاض قابله المشتكي أو المنفيين من أهل الدجيل طيلة فترة حجزهم وأهله معهم ، كما أشار الى صور من العذاب الأنساني لايمكن أن تحدث في مجاهل الأرض ولا في المجتمعات الهمجية التي تعيش في العصور المظلمة والتي كانت تحدث جميعها في عصر الدكتاتور العراقي وتنفيذاً لأوامره حين كان رأساً للسلطة . وللفائدة فأن القانون لم يعتد بالصفة الرسمية التي يحملها المتهم كسبب معفي من العقاب أو مخفف للعقوبة ، سواء كان المتهم رئيساً للدولة أو رئيسا او عضوا في مجلس قيادة الثورة المنحل أو عضواً في قيادة حزب البعث البائد أو في عضوية مجلس الوزراء ، وكما لايجوز الأحتجاج بالحصانة للتخلص من المسؤولية الجنائية عن الجرائم المذكورة . كما لايعفى الرئيس الأعلى من المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها الأشخاص الذين يعملون تحت أمرته ، أذا كان الرئيس قد علم أو كان لديه من الأسباب مايفيد العلم بأن مرؤوسيه قد أرتكبوا هذه الأفعال أو كانوا على وشك أرتكابها ولم يتخذ الرئيس الأجراءات الضرورية والمناسبة لمنع وقوع هذه الأفعال . وفي حالة قيام أي شخص متهم بأرتكاب فعل تنفيذاً لأمر صادر من السلطة أو من رئيسه فأن ذلك لن يعفيه من المسؤولية الجنائية ، وحدد القانون على أن لاتشمل المتهمين قرارات العفو المرتكبة في هذه الجرائم والصادرة قبل نفاذ القانون . وثبت للمحكمة من خلال الأعترافات التي أدلى بها المتهم برزان أبراهيم والتي أكدها المتهم صدام حسين خلال العبارات التي انفلتت منهما أثناء جلسة المحاكمة أنهما المسؤولين المباشرين عن ألقاء القبض والتحقيق مع العشرات من أبناء الدجيل وأخضاعهم للتحقيق خلافاً للقوانين الأجرائية والجزائية المعمول بها في العراق ، بالأضافة الى قيام المتهم صدام بأصدار الأوامر بأخضاع مواطنين مدنيين الى التحقيق في جهاز المخابرات ومن ثم أعدامهما او موتهم أثناء التحقيق وعدم تسليم جثثهم الى ذويهم ، كما يؤيد اقوال المشتكي السيد أحمد الحيدري قرارات النفي التي تعرضت لها المئات من عوائل الدجيل الى صحراء السماوة القاحلة دون ذنب او سند قانوني أو قضائي ، ومن ثم الأمر الرئاسي الصادر في العام 1986 بأعادة قسم من هذه العوائل الى ديارها بعد أن قامت السلطة بأصدار الأمر الى المتهم طة ياسين رمضان بتجريف البساتين والأراضي الزراعية وتدميرها ومن ثم مصادرتها وحجزها دون قرار قضائي ودون أتباع الأساليب القانونية في التمليك ، وقد أعترف المتهم برزان أن التجريف والأستملاك كان مقابل تعويض مالي عادل وهو مالم يثبت للمحكمة ولاللواقع ، كما يمكن أعتبار كل تلك الدلائل قرائن تساندها شهادة النساء من عوائل الدجيل اللواتي تم الأستماع الى شهادتهن في المحكمة والتي أزالت العديد من التساؤلات واللبس لدرجة أن وكيل المتهم النعيمي أطلق كلمته التي أدان بها موكلية بقوله ( ياما في السجن مظاليم ) في الأشارة الى فداحة مالحق تلك النساء من ظلم من قبل المتهمين . وأثناء شهادة المشتكي السيد أحمد الحيدري الدجيلي تكشفت قضايا مهمة وأساسية تكون ذات فائدة كبيرة للمحكمة التي ضمنتها في الشهادة المدونة والمسجلة . بالاضافة الى الاقوال التي افاد بها المشتكي فان المحكمة ستعززها بالتقارير والكتب الرسمية والقرارات المنشورة او السريـــة المتحصلة في هذه القضية ولها ان تتخذها سببا للأدانة والحكم . وأجاز القانون في نص الفقرة ج من المادة 60 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 123 لسنة 1971 سماع المشتكي والمدعي بالحق المدني كشاهد وتحليفه اليمين ، علماً بأن قانون المحكمة الجنائية العليا أكد في نص المادة 16 على سريان قانون اصول المحاكمات الجزائية المشار اليه الأساس الذي تستند عليه المحكمة في أجراءاتها بالأضافة الى أستنادها الى قواعد الأجراءات وجمع الأدلة الملحقة بقانونها وتعد جزءاً لايتجزأ منه ومكملاً للأجراءات التي تتبعها المحكمة . أشار المشتكي السيد أحمد الحيدري في شهادته الى قضايا مهمة غير قضية الأعتقال التعسفي والعشوائي والكيفي والمخالف للقوانين والنصوص الدستورية الذي تم في قضية الدجيل ، فأنه يكشف عن فداحة التعسف والظلم المرتكب أزاء العوائل العراقية في نفيها وأبعادها الى صحراء السماوة القاحلة لفترة تراوحت بين 3- 4 سنوات في ظل ظروف وأجواء لايمكن أ، يتحملها البشر مما تسبب بوفاة العديد من هذه العوائل هناك خلال تلك الفترة مما يمكن أعتباره أخضاعهم عمداً لأحوال معيشية يقصد بها أهلاكهم الفعلي كلياً أو جزئياً ونقلهم الى مناطق نائية غير مسكونة قسراً ، كما تسبب التحقيق في وفاة العديد من العراقيين وعدم تسليم جثثهم الى ذويهم وأخفاء تلك الجثث بطرق مخالفة للضمير ، بالأضافة الى الحاق الضرر الجسدي بالأفراد من خلال حجزهم وحرمانهم من أبسط وسائل الحياة الضرورية وبما يخالف القواعد الأساسية للقوانين الدولية . لذا فأن الشهادة التي أدلى بها السيد أحمد الحيدري شهادة مهمة في جلسة علنية يوجب القانون تأمين الحماية له ولذويه من اهالي الضحايا وفقا لما يرد في قواعد الأجراءات والأدلة الملحقة بقانون المحكمة وعلى المحكمة أيضاً تضمين الضرر المادي والأدبي الذي طالب به المشتكين ضمناً في شكواهم عما أصابهم من ضررمادي ومعنوي بسبب أرتكاب تلك الأفعال وفقاً للقوانين المرعية .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |