أغرب قرارات الجمعية

 

 

زهير كاظم عبود

تناخى شعب العراق متحدياً الأرهاب والنداءات المسعورة التي اطلقها أذناب صدام وذيول التنظيمات الأرهابية  والعواء الذي اطلقته صحف وفضائيات وصفحات انترنيت مسمومة وصفراء  في أفشال أنتخاب أول برلمان عراقي حقيقي تحت أسم  الجمعية الوطنيةالعراقية ، ليسجل العراق ولأول مرة أنتخاباً حراً فريداً من نوعه بأنتخاب جمعية وطنية مؤقتة .

وأكتمل نصاب الجمعية التي ضمت كل أنواع الطيف العراقي ، وجميع أعضائها يحملون الهم العراقي ، ويعرفون بعمق مكامن الوجع العراقي ومايعانيه أبناء العراق من ظلم ووضع أنساني متردي لم يتحسن بالرغم من سقوط سلطة الدكتاتور منذ أكثر من سنتين ، بالأضافة الى تكاثر السكاكين الأجنبية منها والعربية ، وأستقواء شوكة الأرهاب والتكفير السلفي وأنتشار مجموعات القتل والسلب  والتبرقع بلبوس الدين لأشاعة الفرقة والطائفية والمذهبية بين العراقيين بقصد أشعال فتيل الحرب الطائفية ، وفوق كل هذا أنتشار ظاهرة سرقة المال العام وشيوع ظاهرتي الأحتيال والنصب في دوائر الدولة العراقية التي لم تصحو من أمراضها الصدامية بعد .

ففي ظاهرة لم تكن منتشرة بمثل حجمها اليوم  في العراق أنتشرت ظاهرة السرقات التي يرتكبها  المسؤولين من أموال وزاراتهم ودوائرهم ، والرشوة من العقود والأتفاقيات التي تبرم مع دوائرهم  ، غير أن اغرب ما يلفت النظر عدم وصول أسماع العراقيين الى أن  متهم واحد من هؤلاء المسؤولين تمت أحالته على التحقيق ومن ثم المحاكمة العادلة لنعرف القرار العادل  ، لم يعرف اهل العراق أن متهما بنزاهته تم توقيفه ومحاكمته لنعرف الصدق من التدليس  والنزيه من المتلطخ ، ولنعرف نتائج وعقوبة هذا الفعل المشين في هذا الظرف العسير الذي يمر به العراق .

وأنتشرت ظاهرة تبادل الأتهامات بين الوزراء و المسؤولين بالسرقة ووصل الأمر أن يتم نشر الأتهامات قبل التأكد من صحتها في الصحف والفضائيات والأنترنيت ، وأن لادور قطعاً الى لجنة النزاهة المختصة بهذا الأمر أو الى القضاء العراقي صاحب الولاية .

وليس جديداً أن تصل الأمور بالأتهامات الى أعضاء في الجمعية الوطنية بقصد التسقيط أو رد الفعل أو بقصد النهش وقطع الطريق على الأنتخابات القادمة وتنافس القوائم والسياسيين .

وبقيت كل القضايا التي نسمع بها نائمة ومغطاة لاتتحرك ولايتم معرفة الناس بها ، وأخفيت العديد من هذه الأتهامات والقضايا ، وتم تناسيها وسد الاذان عنها وبقيت الناس في حيرة من أمرها وهي ترى العجب العجاب .

وكانت الجمعية الوطنية قد عقدت جلسات عديدة بثت اغلبها من الفضائيات العراقية وأستمع الجمهور الى الحوار والنقاش الذي جرى بين الأعضاء ، وأستمع الجمهور الى الطروحات والمقترحات التي قدمها الأعضاء ، كما قامت الجمعية بتسمية لجنة لأعداد مسودة الدستور أستعانت هذه اللجنة بمعارفها وبمن يتطابق معها سياسياً  حصراً لكتابة هذه المسودة خوفاً من أن يتسع المجال للمختصين في كتابة الدستور ويدلوا بدلوهم أو يمكن أن ينافسهم في مخصصاتهم المالية الكبيرة ، فتم أستبعاد أسماء عديدة منها على سبيل المثال لاالحصر  البرفسور نوري الطيف وهو فقيه من فقهاء القانون الدستوري في العراق  ، وتم أستبعاد الدكتور فلاح أسماعيل حاجم وهو أستاذ القانون الدستوري في جامعة موسكو ، وتم أستبعاد الدكتور سامر الناصر أستاذ القانون الدستوري في جامعة القديس بطرس بمدريد  ، و غيرهم العديد من رجالات القانون العراقيين ، ومع كل هذا فقد أشبعت المسودة بمقترحات وتعديلات الخيرين لتخرج بصورتها الناقصة على أمل ان يتمكن أهل العراق من أنهاء النقاط التي بقيت مثار أختلاف في المستقبل القريب وتعديلها وتقويمها  .

غير أن اغرب ما قامت به الجمعية من قرارات المقترح الذي تمت دراسته بسرية وتم حجب ظهور المناقشات على الجمهور هو أن تقرر الجمعية تخصيص راتب تقاعدي كبير لكل عضو من أعضاء الجمعية مقابل مدة الستة أشهر التي قضاها في ( الجمعية المؤقتة ) بعد أنتهاء المدة المقررة للجمعية العامة بأنتخاب مجلس النواب العراقي  ، وأن هو الا أثراء على حساب جوع ومحنة العراقيين ، وأن هي الا فرصة النهش مع كل الحزن والأسف التي تخالف الموقف الوطني المسؤول ، وأن هو الا موقف ينضح بالسلبية وأقتناص الفرص بقصد الربح على حساب الأمانة .

تخصيص راتب تقاعدي لكل عضو من أعضاء الجمعية دون وجود خدمة في الدولة العراقية تصل لحد  سقف الزمن المحدد في القوانين ليس له محل في القوانين لا الوطنية ولاالدولية !!! وتخصيص راتب تقاعدي لكل عضو من اعضاء الجمعية الوطنية عمل مخالف للمنطق والعدالة يوجب أن يتعرف شعب العراق على من قدم هذا الأقتراح وقام بتسويقه  أمام  الجمعية ؟  ومن ساهم في أن يصير قانوناً يتم العمل بموجبه ؟  وأن يتعرف اهل العراق على العقلية التي تعمل في الظلام من أجل منفعتها قبل أن يكتمل شفاء   جراح العراق وأن يتعافى الوطن وقبل أن تشبع الناس وتهدأ النفوس .

الأحزاب الوطنية مطالبة الوقوف بحزم أزاء هذا الموقف والقرار ،  وفضح  كل من يريد الأثراء على حساب شعب العراق .

نضع أمام أنظار مجلس النواب الجديد الذي سيتم انتخابه بعد أيام ، ونضع امام جميع القوائم والكتل السياسية أن تتعاهد وتعطي كلمة الضمير للعراقيين أن يكون من  اول مهامها ألغاء هذا القانون وأن يتم التعامل مع أعضاء الجمعية السابقة ومع أعضاء مجلس النواب وفقاً للقوانين السارية .

وأن يتم العمل بمزيد من الشفافية والأخلاص لبناء دولة القانون والدستور من خلال الالتزام بالتطبيق القانوني السليم وأحترام القوانين ،  والسعي بمثابرة وأخلاص لبناء دولة الديمقراطية والفيدرالية ، وأن يكون عضو الجمعية والبرلمان نموذجاً في العطاء والتضحية والأخلاص  والقدرة على البناء .

تخصيص راتب تقاعدي لعضو الجمعية يشكل أحباطاً كبيراً للفقراء من أهل العراق الذين لم يزلوا دون سقوف تأوي اطفالهم من برد الشتاء وحر الصيف ، وألماً لمن خدم الدولة أكثر من 30 سنة ولم يزل يركض في أروقة التقاعد والدولة ليسد رمق اطفاله بلقمة حلال ، وحزناً كبيراً للجماهير التي لم تزل تشكو من افتقار للخدمات والضروريات من الحياة  .

أن تبوء مركز النيابة ليس منًة يمن بها أحد على شعب العراق ، فهو تكليف شرفي وأعتباري يتشرف به المواطن العراقي ليمثل أخوته ضمن برلمان أو جمعية أو مجلس طوعاً وتبرعاً دون أن ينتظر مغنم أو ربح .

الموقف الوطني يوجب أن يتم ألغاء القرار المذكور ، والموقف الوطني المسؤول يستوجب على المعنيين مراجعة القرار المذكور والرجوع عنه  والغاءه من التنفيذ  خدمة للعراق الديمقراطي والفيدرالي .

 العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com