افرحني....ابكاني..اغضبني

علي ماضي

alimadhy67@yahoo.com

 

لا شك في إن محاكمة الرئيس العراقي المخلوع طاغية العصر، حدث تاريخي مهم في حياة العراقيين.لأنّه يشكل ضربة قاضية للطغاة و الجبابرة في هذا البلد، ويطوي صفحة اقل ما يمكن إن نصفها به كونها مأساوية.هذا من جانب، ومن جانب أخر تمثل المحاكمة ضربة قاضية للخوف الذي ترسب في شخصية الفرد العراقي منذ أمد ليس بالقصير.
أفرحني إن يقدم هذا الشعب المظلوم محاكمة عادلة لجلاديه، ليشذ عن قاعدة (فاقد الشيء لا يعطيه)، كما أفرحتني حيادية القاضي وهدوء أعصابه، وهو ابن حلبجة والأنفال.تلك المأساة التي يندى لها جبين البشرية، وتكفي ليس لمحاكمة صدام فحسب، وإنّما تكفي دليل إدانة للضمير العالمي الذي لاذ حينها بصمت عجيب.
أبكتني كثيرا مأساة أهالي الدجيل، عذبوا، قتلوا، وسلبت أموالهم، استبيحت نساءهم، أي جبروت هذا الذي لم يرحم الطفل الصغير؟! أو يرق قلبه للشيخ الكبير !أو يعطف على المرأة الضعيفة ؟!
وأية عقيدة تلك التي تحول ألإنسان إلى غول ؟!هوايته القتل والتعذيب !
اذكر عبارة من فيلم الرسالة لملك الحبشة بعد طول جدلا ونقاش، يقول فيها للمسلمين المهاجرين:(ليس بينكم وبين ديننا أكثر من هذا الخط).أما انتم يا أهل الدُجيل،و يأهل كلّ المظلومين في العراق فليس بينكم وبين كربلاء أية خطوط، فكربلاء ليس حكرا لأشخاص وإنّما ملك المظلومين في كل زمان ومكان.
أغضبني إن لا أرى في قفص ألاتهام بجانب هذا النتاج القذر (صدام وأعوانه) للمجتمع العراقي، عاداتنا وتقاليدنا ومورثنا الديني الخاطئ، هذه التركة التي كانت وما تزال سببا رئيسيا في نتاج مثل هذه الدرنات.
فالإنسان في البلاد ألإسلامية وخصوصا بلدي العراق ليس بحاجة إلى أكثر من حديث نبوي أو نص قرآني،ليتحول إلى غول ،لا يتوانى لحظة ليحرق ألأرض ومن عليها طلبا في مرضاة الله ،كما يفعل التكفيريون الآن.
قبل أسابيع قتلت قوات التدخل السريع وبدم بارد في المدينة التي أعيش(جنوب بغداد) شابا عراقيا، حاول الهرب، بعد إن قاوم ألإعتقال بشكل غير مسلح.فأطلقت النار عليه أصابته بجروح بليغة، تركته ينزف، والأتعس من ذلك أنها أطلقت النار على عجلة كانت تقله إلى المستشفى، مات متأثرا بجراحه.
شاب أخرى أدخلته قوات الطوارئ المكلفة بحماية أحدى دور العدالة إلى أحدى غرفها أوسعته ضربا حتى الموت، أو ليس هذا موتاً مطابقا لمعاير البعث الصّدّامي المقيت ؟ موت مشيعا بصمت مخيف يشبهُ تماما صمتنا أيام الطاغية الملعون.فلا مجلس المحافظة ،ولا مؤسسات المجتمع المدني ،ولا جمعيات حقوق ألانسان حركت ساكنا.
وإنني أتسائل لماذا نحاكم صدام على جرائم مازلنا نمارسها بهواية؟او لسنا نحاكم صدّاما لكونه كان يقتل النّاس بلا محاكم ؟يعذبهم دونما رحمة ؟ أين نتائج التحقيقات في قضية سجون الجادرية؟او ليس هذا استخفافا بالشعب ؟! أولسنا نحاكم صداما لأنه أستخف بشعبه؟ لو إن 10%مما يحصل في بلدي ألآن يحصل في أحدى الدول المتحضرة، لقامت الدنيا ولم تقعد.
هل تذكرون لماذا قامت ثورة السود في لوس أنجلس في منتصف الثمانينات من القرن المنصرم؟ لأن الشرطة ضربت واحدا من المواطنين السود ضربا وحشيا ولا إنساني.
متى يفهم النّاس في بلدي إن ألاختلاف في العقيدة ،لا يُخرج الآخر من دائرة ألإنسانية!
متى يفهم الناس في بلدي إن الحرية والكرامة لا تأتيه معلبة، وفقا لمقاسه.وان الحرية والكرامة وحقوق ألإنسان تأتي نتيجة لدفاعه المستميت ،واستنكاره، وشجبه لكل الممارسات اللآانسانية ضد بني ألإنسان، بغض النظر عن عنوانه الديني، أو المذهبي، أو القومي ؟.
 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com