على رسلكم . . يبقى ابننا

 

علي آل شفاف

Talib70@hotmail.com

نفس المخطط . . نفس الدول التي ساهمت في إجهاض انتفاضة الشعب العراقي الغراء في عام 1991 . . نفس الوجوه الظالمة المظلمة التي ساهمت في حفر المقابر الجماعية التي دفن فيها فلذات أكبادنا من خيرة شباب الوطن . . كأن التأريخ يعيد نفسه . . وقد قال "حكيم إياد وخطيبها": "في الغابرين الأولين من القرون لنا بصائر" . . وقال من هو خير منه ومن كل البشر: "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين" . . فويل لمن لم يعتبر.

أعادت تلك الوجوه المتوحشة المتلبسة بظاهر بشري كَرّتها لتفعل فعلتها وتقبر العراق الجديد في مهده ولتعيد له سلطة مجرمة آثمة تجرع شعبنا البائس من كأسها الويلات والمصائب لعقود كثيرة. 

ما فتئت هذه الوجوه تبحث عن جسر تعبره إلى حيث أودع وليدنا الجديد لتئده في مهده . . لم تحر جوابا . . ولم يَعيَ منطقها . . ولم يكل لسانها . . فالساحة تغص بمن يروق له أن يكون هذا الجسر . . لكن ـ بالتأكيد ـ ليس كل واحد من هؤلاء يستطيع فعلا أن يكونه.

 إن ما يقوم به الدكتور "أياد علاوي" ـ جهلا أو عمدا ـ من دور خطير في شق الصف المعادي للبعث والواقف سدا منيعا لقبر كل المحاولات البائسة للبعثيين والصداميين للتغلغل والنمو والانشطار داخل جسد الوليد العراقي الجديد . . يعتبر انحرافا خطيرا وحساسا في مرحلة أكثر خطورة وحساسية.

لا ندري ـ وقد تساءلنا من قبل ـ هل أن الدكتور "علاوي" يعي النتائج المترتبة على فعله هذا؟ أم أن بريق الكرسي قد أودى ببصيرته؟!

لا نعني ـ هنا ـ حقه في الترشيح والقيام بدور سياسي ما, فهذا الحق مكفول له ولغيره في العراق الجديد . . لكن الذي نعنيه هو: سعيه العلني والصريح والدؤوب في إعادة البعث إلى العراق. تحت دعوى أن هناك بعث صدامي وآخر غير صدامي . . قد يجوز هذا التصنيف في لجنة مثل "لجنة اجتثاث البعث", لغرض المحاسبة القانونية, حيث يستثنى من لم تتلطخ يداه بدماء الشعب العراقي . . أما لغرض الدخول والولوج والتغلغل في مناصب الدولة المهمة والأقل أهمية . . فهذا أمر خطير. إذ يعد فرصة ـ ساذجة وغير مبررة ـ تمنح لنهاز فرص معروف, طالما جُرِّب عبر العقود الماضية, وقد استغل أبسط فرص التغلغل ليعيد تنظيمه ويعشش في بنى الدولة المهمة والحساسة . . ومن ثم يتسلق كرسي الحكم.

إن على كل عضو بعثي ممن لم يرتكب جريمة مباشرة, مسؤولية أخلاقية في عدم التقديم لأي منصب في الدولة لكونه جزء من نظام أباد الشعب وبدد الثروات وكسر وأذل الجيش الذي يمثل عزة الوطن وكرامته مرات عديدة . . فحري بمن هذا شأنه أن يدس أنفه في التراب خزيا وعارا وشنارا. إن أي مسؤول يحترم نفسه, في أي دولة من الدول النامية فضلا عن المتقدمة يقدم استقالته عند حصول أي خطأ بسيط . . فكيف بهزيمة فاضحة, لجيش عزيز أذله جهل وحماقة قادته . . إنه العار بذاته, وهذا لوحده كان سببا كافيا لقيام الانتفاضة, ناهيك عن باقي الأسباب! وقد كنا نتوقع من أغلب الضباط أن يتركوا الجيش بعد هزيمة الكويت المذلة, لكن ضباط البعث ـ كأسيادهم ـ أذلاء جبناء, يخافون سوط سيدهم الأذل . . ولا يعرفون الشجاعة إلا أمام الشعب الأعزل . . "أسد علي وفي الحروب نعامة".

هؤلاء الذين استأسدوا على شعبنا البائس بعد ذلهم في الكويت ـ عينهم ـ الذين رأيناهم إلى جانب باقي التشكيلات العسكرية الصدامية الكارتونية يتراكضون ويتساقطون ـ نصف عراة ـ على ضفاف "دجلة", التي لن تنسى لهم هذا الفزع والجبن أما دبابتين أمريكيتين . .

أليس من العار على مثل هؤلاء الجبناء الأذلاء أن يطالبوا بعودتهم إلى الجيش العراقي العزيز, بعد أن أذلوه وأخزوه وكسروه مرة بعد مرة؟!

بأي وجه . . ولأية غاية . . تطالب ـ أنت وأمثالك ـ يا دكتور "علاوي"  بإعادة هؤلاء الجبناء الأذلاء وفيهم ـ علاوة على ذلهم ـ مجرمون كثر؟ . . أليسوا هم أنفسهم من أعدم الآلاف من العراقيين تحت مزاعم الهروب من "الجبهة", وقد هربوا ـ هم أنفسهم ـ  وفروا عنها ليدخلها أعداءهم؟ . . هل تريد جيشا يستأسد على فقراء الشعب, وينبطح أمام أي تهديد أو عدوان خارجي؟ . . إنك تعلم جيدا هذه الحقيقة, لكنك اخترتها رغم معرفتك رأي أغلبية الشعب العراقي فيها.

 هل كان الدكتور "الجلبي" أكثر منك ذكاء, عندما عرف ماذا يريد أبناء شعبه, فتكلم بلسانهم,  واستظل بهم, فحموه ساعة محنته ـ المخالف له والموافق ـ إذ كان أهل البصرة ـ حينها ـ على استعداد أن يقاتلوا دونه ولا يسلموه, أيام حكومتك؟ وقد عولت أنت على غيرهم, فهل أن هؤلاء مغنون عنك شيئا دون شعبك؟ وهل سيصوتون لك في الإنتخابات القادمة بدلا منه؟!  وهل أن أموالهم وقنواتهم الفضائية وصحفهم التي تسبح (بمدحك) بكرة وعشيا, ستنفعك دون أهلك وأخوتك وأبنائك, الذين تعرفهم, وتعرف طموحاتهم وآمالهم, وتعرف مدى الغصة التي تملأ قلوبهم مما فرطت في حقوقهم, وتجاوبت مع أعدائهم الذين ـ وطالما قلتُها ـ سيستحلون دمك, وستكون ضحية لهم طال الأمد أم قصر؟

 نعم . . أقولها . . وبغصة . . أنك وإن عققت ـ بهذا الفعل ـ أهلك إلا أنك تبقى أبن المظلومين المغبونين عبر العصور . . ولكي تتأكد من ذلك! جرب أن تخالف رأيهم في قضية ما . . لتكتشف ـ وأنت العربي ـ أن لك أبا فارسيا أو جدا هنديا أو سلالة صينية . . ولن تشفع لك دعوتك القومية . . مهما تهالكت في الدفاع عنها . . ولطالما فعلوها من قبل! . . فلا تغرنك حاجتهم لشق الصف, أن يمدحوك نفاقا! . . وهم من قد قلدك من قبل شتى ألقاب الخيانة والعمالة . . فلا  تجعل نفسك سببا في مرحلة جديدة من الظلم . . لا بد أن يمسك نصيب منها.

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com