فوجئ المواطن العراقي البسيط بعد أيام قلائل من فرحته بأنجاز العملية الأنتخابية , بقرار مباغت عليه , من دون تمهيد على المستوى النفسي أو المادي بأن تكون زيادة المشتقات النفطية تأخذ طابعا تدريجيا , تتناسب مع المعونات الحكومية التي سوف تقدم لفقراء العراقيين تعويضا عن الزيادة الكبيرة جدا في أسعار المحروقات وما لها من نتائج سلبية مباشرة , وغير مباشرة . خاصة ونحن في فصل الشتاء .
نحن نعلم ان هناك آثار مترتبة على ديون العراق الكريهة " سبق أن أشرنا الى معنى الدين الكريه بمقالتين " من قبل صندوق النقد الدولي , وان فترة التأجيل التي أمتدت لسنتين على وشك الأنتهاء , لكن في المقابل فأن صندوق النقد الدولي يضع شروطا للأنفاق بالنسبة للدول التي عليها ديون تتضمن تقليص الأنفاق الحكومي , مع الأحتفاظ بمستوى معين لدخل الأفراد الأكثر فقرا خاصة في الدول التي تمتلك أمكان الغنى كالعراق .
نحن نعتقد ان الأجراء الأخير لا يشكل الا حلقة واحدة في سلسلة طويلة , عنوانها الأبرز هو الخصخصة في القطاع النفطي ومن هنا على القوى السياسية التي حازت على ثقة الشعب المظلوم , ان تقرأ الواقع بتأني مستعينة بخبراء في مختلف المجالات المتعلقة بالموضوع , وان تنقل الشعب الى مستوى المسؤولية . فأن شعبنا مستعد ان يعضد قادته الذين أنتخبهم, شرط ان يكون في الصورة , لا أن يفاجئ , وهذه مناسبة لأكرر فيها ما كتبته في الأيام القليلة الماضية بخصوص ان نتوفر على السلوك المؤسسي الذي ننهي به كل مايتعلق بالسياسة المطبوخة أو غير واضحة المقدمة والنتيجة أو المرتجلة نوعا ما , وبالخصوص ما يتعلق منها بحياة المواطن المباشرة أو ثروته الستراتيجية .
نحن نخشى سياسة النهب المكشوف وغير المكشوف لثروتنا في الأشهر والسنين القادمة من قبل كبار الدول وصغارها تحت عناوين الأستثمار , وجلب رؤوس الأموال وغيرها مما هو جيد , شرط ان تخضع لدراسات متأنية وشفافة من قبل خبرائنا وهم كثر داخل وخارج العراق , لأن فهم الوضع الراهن والآفاق المحتملة لتطوره يتطلب من كل العراقيين الخيرين أستقراء مايدور في ذهن " المحتل" , وقراءة متأنية للخطاب السياسي لبعض أوساط القوى السياسية العراقية , ان أهم تحدي أمام الوزارة الجديدة هو الحفاظ على قدر كبير من الموازنة بين حاجات المواطن البسيط وبين مصالح الأطراف الدولية المؤثرة بضغوطاتها المباشرة , والغير مباشرة مثل التلويح بمسألة " الديون الكريهة " . وهذا لايأتي الا عبر فصل ماهو حزبي عن ما هو مهني خاصة في الوزارات ذات الطابع الستراتيجي , وأعداد كوادر وفق الأسس العلمية المعروفة.
خوفنا ان يكون قرار زيادة مشتقات النفط ليس الا بالون أختبار , تمهيدا لقرارات أخرى تتصل بخدمات الماء والكهرباءوالحصة التموينية وغيرها.
والا ما معنى زيادة من جهة , ووعود بدعم من جهة أخرى , ان كان الدعم يتناسب مع الزيادة .
أما مسألة التهريب , بسبب فرق اسعار المشتقات النفطية مع أسعارها في الدول المجاورة , فهو واقع , وممكن التقليل منه بأساليب أخرى مثل ضبط الحدود , مع ان المبلغ المهدور لا يشكل قيمة أذا ما قورن بمعاناة المواطن البسيط .
وتسأل من الصعوبة في هذه المرحلة ضبط الحدود . نعم , لكن هناك حل أنتقالي بتوزيع كوبونات وقود لأصحاب المركبات , بغية تقليص
الهدر بسبب التهريب .
وهنا على الحكومة القادمة توضيح مفردات الديون على العراق , وبكل شفافية للشعب .
نحن نسمع دائما بأسقاط هذه الديون , وخاصة من قبل الدول الكبرى , دون ان نكون في الصورة من الشروط ألمرفقة بعملية الأسقاط أن وجدت إإإ.
نحن نخشى تكرار تجربة دول المنظومة الأشتراكية المنهارة بآثارها الأجتماعية السلبية المعروفة .
ونكتفي ألآن بهذا