إشاعة (ثقافة الإتجاه المعاكس) الأمريكي

د. علي ثويني

thwanyali@hotmail.com

وصلني نداء من موقع مازالت سمعته طيبه بالمقارنة مع مواقع أبدلت جلدها وتلونت تكرارا، ودجلت وأستلمت "المقسوم" من هنا وهناك، وأمست مثل أحزاب الدكاكين في بيروت إبان الحرب الأهلية اللبنانية،تحارب مع من يدفع، حتى أمسى النأي عن تصفحها راحة للبال،و تذكرها  مدعاة إزدراء  حتى في أقبح الأمكنة(بموجب المثل العراقي).

الشخصية المقصودة في النداء كان نوري المرادي كونه يروج للعنف من السويد، ويراد أن يقف المثقفون حياله، وإيقاف موقعه، أو طرده أو عدة مطالب خلاسية لاتفهم منها إلا الوعيد والثبور، وسطور من النقد اللاذع والتهكم على أشخاص ومواقع ثقافية، والكل هنا  أستل سيفه يزبد ويرعد منكلا بمن لايروق له .وما النداء برمته إلا طرقا إبليسيا يراد منه إبتزاز وتنكيل باشخاص وجهات .

كل ذلك معقول، لكن ما لفت نضرنا الديباجة العوراء المصاغة بأسلوب (ثقافي) على سجية (الدعاية غير المدفوعة الثمن) بحسب عرف قناة الشرقية، حيث روجت في البيان لسفير زيباري في ستوكهولم المدعوا أحمد بامرني، الذي نطلع يوميا على سيرته عن كثب، فلو كان في فيينا أو لاهاي لتجشمنا البعد ونأينا عن إبداء الرأي، لكن سفارته التي أنزل عنها العلم العراقي عنوة ،تبعد حفنة محطات بالباص عن بيتي.

لم أترحم يوما ولم أرتضي أن يترحم أحد على ايام البعث الكلحاء، لكن بامرني هذا جعلني والعراقيين نترحم على سعيد الصحاف الدجال والحديثي وكل الأوغاد، بعدما أشاع عهرا في ما يدعى جزافا ( سفارة العراق) ،وأعلنها مقاطعة كردية مغلقة، لايدخلها (إلا المطهرون). ثم جعل بينه وبين الناس حواجب، ووظف مرتزقة وعتاة من غلاة البيشمركه ثم سعى لأستقطاب أصحاب المأرب(القومية) كي يبيض صفحته الكلحاء.

قابلني قبل أيام صديق يدعى أسعد الخزرجي، ولاحظت آثار ندب وجروح بليغة على وجهه. فتساءات أن حصل له حادث سيارة، كوني أستبعدت أن يكون قد أعتدى عليه أحد في بلد مثل السويد يحرم فيه المساس اليدوي بالناس.فأخبرني بأنه تعرض للضرب المبرح على يد جلاوزة السفارة بإيعاز من السفير والقنصل، حيث خرجوا له وأدخلوه عنوة أمام مرأى ومسمع الجميع وتجمعوا عليه بحدود العشرة أشخاص ،ونلكلوا به مثلما كان يفعل البعثيين بأعداء (الحزب والثورة). والرجل يحمل معه (ضبارة) من الشرطة والطب السويدي تؤكد الأمر، بعدما أعتبر الشرطة أن الأمر حدث داخل أرض (عراقية) أي داخل السفارة وليس من حقهم التدخل في الأمر، ويمكن الشكوى في وزارة الخارجية وليس لديهم سلطة. وهكذا أخذ الأمر مجرى بيروقراطي خبيث، اضاع حق الرجل بعد أن (بسطه) الأشاوس البيشمركه، مثلما كان العراقيون (ينبسطون) أيام البعث.

لو تسأل القاصي والداني عن سفارة زيباري في ستوكهولم، فإنهم سيستغيثون لك ويشكون الجور والظلم والإستهتار والإبتذال. فثمة مسوخ من المرتزقة وبقايا البعثيين والمعينين على أساس المحاصصة الحزبية والطائفية الضيقة، تمترست داخل السفارة ،وفتحت لها كوة (عالية) لايطأها المسن وقصير القامة، لايستقبلوا الناس بالحسنى، ولايتكلموا معهم إلا إزدراءا، وإستنكافا وعلياء .

وهكذا ومن أجل تكملة مسار الدجل( القومي) الموروث، دعى مجموعة ممن يدعون أنفسهم (مثقفين) لأصدار البيانات التي تروج للسفير وتوجهاته (الحضاريه والثقافية)، وبأن (سعادته) يستقطب الثقافة العراقية، و نشهد شخصيا على أنه لم يوجه دعوة لأي مثقف عراقي حر،وشاهدنا كيف أهمل الوفد الرياضي العراقي في الصيف الماضي، ولم يحترم وفادتهم ،بعدما تسائل على المكشوف (هل ثمة أكراد في الوفد) فأخبروه بالنفي، فقال أعملوا لهم (عزيمه) وأصرفوهم مثلما أتوا، ولا أريد أن أراهم بعدها.

هل يعقل أن هذا الرجل يروج (لثقافة عراقية) ويستقطب المثقفين، وكأننا نعيش في المريخ وليس على بعد أمتار من قلعته الحصينه، التي أمست وكرا للوباء الجديد ، تشيع الإرتشاء والمحسوبية والمنسوبية، وتصنع لها بطانة من اللاعقين المدجلين.. وكأننا عدنا إلى أيام (الريس حفظه الله ورعاه) وكأن غربتنا الثلاثينية، قد تكللت بجهالة هؤلاء  الذين لم ولن يمثلونا مثلما كان البعثيون يوما ما.

 كل تلك الفضائع لاتكفي كي (تمكيج) وتطلى بالمساحيق. ومن أجل ذر الرماد بالعيون، وتشتيت البصر ، فقد عاجل رهط مايدعون (مثقفين) لأخراج بيانهم ضد نوري المرادي ، مستغلين فرصة إستهتاره، لكيل المديح للسفير المنبوذ. وهنا ننوه على أن موقفنا يبقى سلبي من المرادي هذا حينما أستغل في الإعلام للتنكيل بالعراق الجديد ،متنكرا لمواجع وطنه واهله، لكن هذا لا يعني إلغاءه، على طريقة (المثقفين) أياهم، حينما يدخل الأمر في مقاصد خبيثة.و نذكر هنا بأن الوقف السلبي من المرادي كان مرجعه رفضه  للطروح القومية التي يتبناها القوميين الأكراد (كونه فيلي) وكذلك رفاقه الشيوعيين الذين توجوا نضالهم الأخلاقي السبعيني بالتحالف مع أياد علاوي.

ثمة مسعى خبيث  لأشاعة ثقافة التسقيط ،التي بشر بها الأمريكان في (الإتجاه المعاكس) وسوقوها على يد المرتزق فيصل القاسم، والتي هي إستمرار لثقافة أحمد سعيد ومحمد سعيد الصحاف المبنية على الدجل. وإذ نعتبر أن إسقاط الآخر لا يمكن أن يكون بالتهجم على شخصه كما هو أسلوب (المثقفين) اياهم، ولكن بمحاورته ورد الحجة بمثلها، والرد الحضاري والأخلاقي.كل ذلك جعل (المثقفين) وعلى رأسهم (بارمرني) (المثقف جدا) الذي أثقلت كاهله المثالب وسوء السمعة أن يسقطوا المرادي (قوميا).

لك الله ياعراق، حينما أنحدر بك الناس إبان العهر العفلقي إلى الدرك الأدنى، واليوم يكمل (المثقفين) إياهم، مامكث من بصيص أمل بإنعتاق وإحياء الأخلاق  العراقية المسترسلة من عمق التاريخ.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com