|
كونوا للعراق ظلا ظليلا ولا تكونوا عليه غلا ثقيلا!
نضير الخزرجي يحق لكل كيان عراقي شارك في انتخابات منتصف كانون الاول – ديسمبر 2005، ان يسجل ملاحظات عدة على سير الانتخابات سلبا او ايجابا، ولكن المحصلة النهائية دالة على ان عملية ديمقراطية شوروية ثالثة جرت خلال عام في عراق ما بعد نظام صدام حسين، كانت علامة فارقة في سجل الحياة السياسية لشعب العراق، التواق الى الحرية والانعتاق من أغلال الاستبداد وأرسان العبودية. واذا كان للانتخابات من ميزة، فانها تكشف معادن الناس، وتظهر رقعة التأييد الجماهيري التي يتمتع بها كل كيان سياسي، دينيا كان او ليبراليا او علمانيا، قوميا كان او طائفيا، وهي في الوقت نفسه تجلي معالم الخارطة السكانية للعراق من زواياها الدينية والعرقية والمذهبية، فعملية الاستفتاء التي شارك فيها سنة العراق بشكل فاعل واحجم عنها شطر غير قليل من الشيعة والاكراد، أبانت عن نسبة المشاركة السنية في عملية الاستفتاء التي جاءت قريبة الى معظم الإحصائيات السكانية الذاهبة الى اكثرية شيعية وأقلية سنية عربية بنسبة أقل من عشرين بالمئة من مجموع سكان العراق. ولما كانت المشاركة كاشفة عن حقيقة النسب السكانية، فان البعض من القيادات العراقية رفض القبول بالارقام التي خرج بها الاستفتاء، وهو ما كان متوقعا لان هذا البعض الى الان يرفض القبول بالامر الواقع الذي عليه الخارطة السكانية العراقية من أغلبية شيعية وأقلية سنية يجمعهم قاسم المواطنة والمشاركة في بلد الأنبياء والأوصياء والصالحين وأرباب المذاهب الإسلامية. ويتكرر الامر في انتخابات منتصف ديسمبر – كانون الأول 2005 حيث سجلت نسبة اصوات سنة العراق في بغداد العاصمة بنحو ثمانية عشر بالمئة، وهي النسبة الحاكية عن ديموغرافية العاصمة حيث يشكل الشيعة في بغداد نحو 82 بالمئة. وتأسيسا على ذلك فليس للكتل المشاركة في الانتخابات الاعتراض على هذه الارقام والدعوة الى اجراء انتخابات ثانية في بغداد تحت مدعى التزوير او الطعن بنزاهة ومصداقية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لان النسب جاءت متطابقة بشكل عام مع الديموغرافية المذهبية في بغداد، مع ملاحظة ان سنة بغداد كما في العملية الديمقراطية الشوروية الثانية، ساهموا بشكل فاعل في حين احجمت قطاعات ليست بالقليلة من شيعة بغداد عن المشاركة، فينبغي والحال هذه الاعتراف بالمكونات الحقيقية للشعب العراقي وعدم القفز على الحقائق، لانه من الصعب جدا اعادة عقارب الساعة الى حكم الطائفية السياسية، وحتى لو اجريت انتخابات اخرى في بغداد او في عموم العراق، فانه من المستحيل تغيير النسب السكانية للعراق، لا سيما وان الانتخابات الاخيرة اصطف فيها العراقيون في اطر مذهبية أو عرقية، أظهرت جانبا كبيرا من الخارطة الديمغرافية العراقية. فما جرى في الانتخابات من خروج كتل وأسماء لامعة ودخول اخرى كانت غائبة او مغيبة في العملية السياسية منذ التاسع من ابريل- نيسان العام 2003 ومحدودية حظوظ اخرى، انما هو واقع ينبغي للكل الخضوع له والتسليم به، بلحاظ ان اعضاء مجلس النواب هم وكلاء الامة، واذا امتنعت الامة عن انتخاب بعضهم، فهذا من حقها، وليس من حق الكتل والقوائم الانتخابية الاتكاء على تاريخها ونضالها في اخذ ما لم يولها الناخب رأيه وتوكيله. ولعل من أجلى مصاديق الشورى والديمقراطية والقبول بالرأي الآخر، هو ان تتقدم الكتل الخارجة من حلبة السباق الانتخابي وبشفافية وروح رياضية، بعظيم امتنانها للشعب العراقي الذي هبّ الى صناديق الاقتراع متحديا السيارات المفخخة والاجسام المتمنطقة بأحزمة الموت، وان تبارك للكتل التي نالت مقاعد في مجلس النواب كثيرة او قليلة، وان تبدي تأييدها الكامل للحكومة التي ينتخبها الشعب العراقي عبر وكلائه في مجلس النواب، وان تكون الكتل الصغيرة في داخل مجلس النواب وخارجه ظلا للحكومة تسدد خطاها وتظهر لها عيوبها، وتتحرك في اطار بناء العراق وخدمة الشعب العراقي، لان العراق اليوم عراق شوروي ديمقراطي، فان لم يحالف الحظ كتلا او انحصر عنها قليلا، فان السنوات الاربع تمضي، وعندها متسع من الوقت لاظهار قدرتها في خدمة الشعب، وهذه القدرة تتأتى من خلال الممارسة السياسية السليمة الى جانب السلطة التنفيذية، ذلك ان من أولى لبنات اعادة الطمأنينة الى قلوب الناس وتفعيل الخدمات الاجتماعية والانسانية، وكسب رضى العباد بعد رضى رب العباد، ان تتكامل الكتل خارج قبة مجلس النواب مع التي في داخلها في عملية بنائية طردية، أي ان تكون للسلطة التنفيذية ظلا ظليلا ولا تكون عليها غلا ثقيلا، فتخسر ويخسر العراق الكثير. استذكار: في مقالة سابقة استعرضت فيها كتاب سفير السلام العالمي الدكتور صاحب الحكيم (أربعة آلاف امرأة في بلد المقابر الجماعية)، اقترحت على وزارتي التربية والتعليم العالي القيام بوضع نصب تذكاري للشهداء في كل مدرسة واعدادية وكلية يستذكر فيها الاساتذة والطلب الجدد، من سبقهم من أقرانهم من ضحايا نظام صدام، وارسلت المقالة مع الاقتراح الى دولة رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري، ووعد مجلس الوزراء خيرا كما في الرسالة الجوابية التي تسلمتها في العشرين من ديسمبر- كانون الاول 2005، حيث جاء فيها: الى المواطن نضير الخزرجي (كاتب المقال)... نهديكم أطيب التحيات ... اشارة إلى اقتراحكم المقدم إلى فخامة رئيس الوزراء الموقر، والمؤرخ في 18/12/2005، نود اعلامكم سيتم مفاتحة وزارة التربية والتعليم بخصوص انشاء نصب تذكاري للشهداء من الطلبة والاساتذة. مع التقدير مجلس الوزراء- دائرة شؤون المواطنين. (انتهى) ان رد مجلس الوزراء العراقي بمثابة عامل دفع لوزارة البلديات ومديريات البلدية في كل محافظات العراق لان تستذكر شهداء العراق وسكان المقابر الجماعية وحلبجة والاهوار والأنفال، بتسمية كل شارع ومحلة وزقاق باسم شهداء من يسكن الشارع او المحلة او الزقاق، واذا تعدد الشهداء في الشارع الواحد او الزقاق الواحد فيعمد الى اقامة نصب تذكاري في كل محلة أو دائرة سكانية، وان تقوم كل عائلة شهيد بوضع اسم شهيدها عند مدخل الزقاق او فوق باب الدار، حتى يتذكر الداخل الى الزقاق او الدار شهيدها، وان يعمد الى الاحتفال سنويا عند النصب التذكاري للشهداء، فالأمة الحية تعيش على انفاس شهدائها وذكراهم، وتموت بموت اسمهم ورسومهم.
الرأي الآخر للدراسات – لندن
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |