|
أزمة الوقود مؤشر لضعف الأداء الحكومي
المهندس صارم الفيلي مرة ثانية نعود الى الغليان الشعبي الذي رافق زيادة أسعار الوقود، ليأخذ أتجاهات خطرة، بسبب عدم رضوخ المحافظات الجنوبية وبعض المحافظات الوسطى والشمالية لهذا القرار. وما رافقه من تهديدات وزير النفط العراقي بالأستقالة من منصبه أذا لم يتم العدول عن القرار. ان هذه التداعيات الدراماتيكية تؤشر سلبا على أداء التشكيلة الحكومية الحالية التي في طريقها الى التغيير في الأسابيع القادمة لنضع أيادينا على موضع الخلل المباشر،وهو غياب قدرة رأس الحكومة في قيادة الفريق الذي يترأسه ومدى أحكامه لقواعد العمل الجماعي. وفرض شخصيته عليهم وفق ما يسمح به الدستور وما تنبثق عنه من قوانين. لا ان يكون بعيدا عن صناعتها أو مبعدا لنفسه، وتاركا الآخرين ليتخذوا قرارات، غير مضمونة التطبيق كقرار زيادة النفط، ليكون هو بمنأى عن أحتمال تحمل مسؤولية فشل القرار شعبيا. أن هذا يعبر عن سلبية بنيوية في شخصية المتصدي في المركز المتقدم، تنعكس على الأستقرار العام في البلاد ونحن بصدد تشكيل حكومة الأربع سنوات وهي مدة طويلة جدا بمقاييس الواقع العراقي الذي يسري على رمال متحركة من الفتن الداخلية والخارجية. المؤشرات تتجه الى ألغاء قرار الزيادة لا عن قناعة أفرضتها الدراسات العلمية، وانما تحت ضغط الشارع العراقي المستاء وهو على حق كما بينا في المقالة السابقة، بسبب رفض المواطن في العراق الجديد لكل ما يحاك في الظلام، ليفرض عليه فجأة، كأمر واقع عليه التسليم به، لقد ولى ذلك العهد الذي كانت التحكم فيه بمعايش ومكاسب، بل أرواح الناس تجري بجرة قلم من "القائد الضرورة ". لنفرض رضوخ الحكومة للضغوط الشعبية في هذا المقطع الزمني، لنتساءل على ماذا أستند القرار، وكذلك قرار التراجع عنه. هل الى معايير علمية ؟ الجواب واضح بالنفي. ثم من حق الشعب ان يبحث عن ضمانات عدم تكرار هكذا مواقف، حيث انها لا تسهم في الأستقرار النفسي والمعيشي للعراقي. وتهدر الوقت والجهد والمال في حين نحن في أمس الحاجة لجميعها. أن انفاق الوقت دون توظيفه بالكفاءة المناسبة من قبل السياسي، لايختلف، بل أشد ضررا بدرجات كبيرة, من أهدار مماثل لأستخدام خامات لأنتاج منتج ما، لكن بؤدي أنخفاض الكفاءة الى زيادة نسبة التالف والعوادم في مخرجات العملية الأنتاجية. العراقيون بحاجة الى وزارة جديدة كفوءة ترسم الخطط العامة بروح العمل الجماعي، لا الأرتجال الشخصي. عندها تلزم كل وزير أن يدعم خطط بقية زملائه، نظرا للتشابك بين مهام القطاعات المختلفة والوزارات المختلفة. على من لا يستطيع تحمل هكذا مسؤولية أن يتركها لأقرانه وأخوانه في الأئتلاف الفائز. لشخص يدرك التداعيات الأجتماعية للقرارات قبل أصدارها، لتلافي الأخطار الناجمة عنها، وينظر في بادئ الأمر الى مسألة تخفيف تعرض الفئات الأجتماعية المتضررة للمعاناة المعيشية المتزايدة، بخلق شبكات حماية أجتماعية مسبقة لتوفير الحاجات الأساسية اللازمة لتأمين الحد الأدنى المقبول لمستوى المعيشة. يتم عبرها تثبيت دعائم الأمن الأجتماعي بتوفي مستلزمات الحماية والأمان للشعب عبر المؤسسات الحكومية. ونكتفي الآن بهذا.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |