السيادة وقوات الاحتلال ..!

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

الكثير من الكتاب والمثقفين ، عندما يكتبون عن القوات الأمريكية في العراق ، لا يصفونها بقوات محتلة ، إنما يحاولون أن يعطوا صورة وردية عنها ، خصوصا بعد أن تغير اسم هذه القوات إلى \" قوات دولية متعددة الجنسيات \". هذه التسمية لم تغير من الواقع شيئا ، فلا زالت القوات الأمريكية ، تنتهك سيادة العراق ، حيث إدارة قواتها العسكرية ، والسفارة الأمريكية ، تسكن القصر الجمهوري عنوان السيادة الوطنية العراقية ، وهذا ما يستفز مشاعر كل العراقيين ، والسفير الأمريكي له القول الفصل ، ويتدخل في شؤون البلد ، الصغيرة والكبيرة ، وما يقوله ينفذه المسؤولون وهم صاغرون ، وزراء وزعماء أحزاب وقيادات سياسية ودينية .
كل ما كانت تمارسه قوات الاحتلال وقياداتها ، عندما دخلت العراق قبل ما يقارب الثلاث سنوات ، ُيمارس اليوم ولم يتبدل شيء جوهري بالمرة ، إنما تبدلت بعض الوجوه ، وبعض وسائل وأساليب الحكم فقط ، نتيجة لتغير الواقع المرتبط بتغيير نهج وقناعات الإدارة الأمريكية في واشنطن ، وتخبط سياساتها في إدارة الصراع العراقي ، للوصول إلى حل ونتيجة أفضل لما تعاني منه قواتها في العراق ، ليس لتحقيق مصلحة الشعب العراقي ، بل لتحقيق حل أفضل للمأزق الذي هي فيه ، ومحاولة لأن تظهر نجاحا في مهمتها ، أمام شعبها الذي بدأت تتنامى معارضته لسياسة حكومته التي ما عادت قادرة على تحقيق أهدافها في المنطقة وفق ما هو مخطط له من قبل ، فإدارة الاحتلال والقيادة السياسية الأمريكية ، غيرت ولا زالت تغير من مواقفها وأساليب تعاملها مع القوى السياسية العراقية ، وفق ما تقتنع به قيادة هذه القوات من وسائل لحسم الأمر لصالحها ، إلا أن النتيجة واحدة ، تخبط في الحلول ، وبالمقابل ، هيمنة كاملة على القرار السياسي العراقي ، أما ما أطلقته من شعارات الديموقراطية ، وإقامة الحكم الديموقراطي البديل للحكم السابق ، وتسليم السيادة الكاملة للعراقيين ، وحق العراقيين في إدارة شؤونهم ، فهي شعارات زائفة ، يكذبها الواقع ، لإرضاء غرور الساسة العراقيين المتشدقين بالحرية والديموقراطية ، ولامتصاص حقد وكراهية الشعب العراقي المتزايدة والمتنامية للقوات الأمريكية ، نتيجة التدخلات السافرة في شأنه الداخلي ، وعدم احترام رأي الحكومة ، باستشارتها على الأقل ، في اتخاذ الكثير من القرارات التي تخص البلد ، والتي هي من صميم سيادة العراقيين وحقهم في معالجة أمور تخصهم ، وتخص النظام السابق وأركانه ، فإطلاق سراح عراقيين معتقلين ، لدى القوات الأمريكية وعلى أرض عراقية ، من وزراء ومستشارين مختصين بابحاث اسلحة فتاكة ، وتهريبهم خارج العراق ، دون علم الحكومة والجهات المسؤولة عن اعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة ، يعتبر هذا بكل القيم والمفاهيم خرقا للسيادة العراقية ، وإدانة سافرة للنهج الذي تمارسه الإدارة الأمريكية في العراق . مرة أخرى ، إن إطلاق سراح متهمين بقضايا تخص الشعب العراقي ، بهذا الشكل المهين ، ودون محاكمتهم عن الجرائم التي ارتكبوها ، لا يعتبر فضيحة لجريمة تهريب مجرمين ، ترتكبها القوات الأمريكية فقط ، وإنما تدخلا فضا في الشأن العراقي ، وخرقا لمبادئ الحرية والديموقراطية والسيادة التي تتمشدق بها إدارة بوش ، تسعى لنشرها وتطبيقها ، ليس في العراق لوحده ، وإنما في منطقة الشرق الأوسط كله . كان بود العراقيين أن يسمعوا احتجاجا من حكومتهم ، فهذا ليس شأنا حكوميا تتقبله أم لا ترضى عنه ، إنما هو تعد صارخ وتجاوز على حقوق الشعب العراقي كله ، وبكل المقاييس يعتبر إهانة للشعب وتجاوزا على حرية قراره ، واعتداء على كرامته الوطنية ..فهل نسمع احتجاجا رسميا من الحكومة بهذا الشأن .؟ وهل يستدعي السيد رئيس الوزراء ، الدكتور إبراهيم الجعفري ، السفير الأمريكي زلماي خليل زاد ، ويبلغه احتجاج الحكومة العراقية على سوء التصرف المسيء للشعب العراقي الذي قامت به القوات الأمريكية . وهل سيحتج السيد عبد العزيز الحكيم على هذا التصرف ، باعتباره زعيما لأكبر تكتل سياسي ، ويقود مظاهرة مليونية احتجاجا على انتهاك السيادة العراقية ..أتمنى أن أرى ..! وهل سينتهي هذا الفعل عند هذه الجريمة فقط .؟أم إن هذا جس نبض ، ومراقبة لردة فعل الحكومة ، سيتبعه تهريب لآخرين ..؟


العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com