|
مشتريات الاسلحة العربية...صفقات ام صفعات؟؟ ياسر سعد / كندا
بين وقت وأخر تتصدر الاخبار عالميا واقليميا انباء عن صفقات اسلحة بعشرات المليارات من الدولارات لتسليح وتحديث جيوش عربية. وسرعان ما يتم توصيف تلك الصفقة بصفقة القرن, ولعل من حق المرء ان يتساءل هل القرن المقصود هنا ببعده الزماني ام بإستحقاقاته العقلية. ذلك لإن مردود تلك الصفقات على الدولة والمجتمع سلبي للغاية وفيه من تضييع المقدرات الاقتصادية والامكانيات الشرائية ما يشبه تماما اللعب بالقمار وعلى مستوى خيالي. فالاسلحة التي تُشترى لا تستخدم على الاغلب وبعد سنوات وربما اشهر من التخزين تتحول الى خردة قد تحتاج الى ميزانية حتى يتم تفكيكها والتخلص منها. أضف الى ذلك ان شروط الشراء لا تتيح للمشتري او تسمح له ببيع اسلحته الا بإذن البائع وموافقته. ترى كيف تكون احوالنا على المستوى العلمي والتصنيعي والتقني إذا كان ربع او حتى عٌشر ما أُنفق على مشتريات السلاح قد بُذل وأستثمر في مجالات البحث العلمي ولإنشاء بنية تحتية علمية قادرة على مجاراة المنافسة في الاسواق العالمية والوصول الى حد الاكتفاء الذاتي في كثير من المجالات المختلفة عوض الاعتماد على الاستيراد والبقاء القاتل ضمن دائرة الاستهلاك المؤدي الى حتمية التبعية. نحن نعيش في عالم سريع التطور, ربما يكون الثابت الوحيد فيه هو التغير, وفيما تحولت قضايا التجسس بين القوى العالمية في جانب كبير منها الى ساحة التجسس العلمي والتقني. فبمقدار ما يكون تقدم دولة او امة في المجال العلمي والتقني يتقدم دورها وتتعزز مكانتها على الساحة الدولية تأثيرا ونفوذا. مع كل ذلك وبالرغم منه فإن ما يُنفق في غالبية الدول العربية الثرية منها والفقيرة في مجالات البحث العلمي يكاد لا يذكر على الاطلاق خصوصا إذا ما قورن بما انفق وما يزال على تكديس السلاح شراءا واستيرادا. المبالغ التي أُنفقت على تسليح الجيوش العربية تعتبر خيالية في كل المقاييس والمعايير وبالرغم من كل ذلك فإنك تجد تلك الجيوش مترهلة وعاجزة تماما عن صد عدوان او دعم حليف. فلا المعاهدات العربية فيما يتعلق بالدفاع المشترك وما شابه ذلك يتم احترامها او التقيد بها, وحين يتهدد بعض الدول العربية خطرا سواء كان واقعا او موهوما فإنه تسارع للإستنجاد بالدول الكبرى طالبة منها الغوث والعون. وهنا يأتي السؤال المؤلم: لماذا إذا كانت تلك النفقات ولمن ولماذا تعد الجيوش الجرارة وتنشأ الكليات الحربية وتعقد الدورات العسكرية؟ مهمة الجيوش العربية او غالبيتها العظمى على ما يبدو تنحصر في حماية الانظمة الحاكمة والمشاركة في الاستعراضات العسكرية في الاحتفالات الوطنية او التي تسمى بذلك, كما من الممكن ان تستخدم في حل النزاعات الحدودية وبشكل محدود مع الدول العربية الاخرى. اما الغاية الاساسية من صفقات الاسلحة فهو على ما يظهر لتوزيع العمولات على الشخصيات المتنفذة في المؤسسات الحاكمة ولدعم اقتصاديات الدول الكبرى حتى توفر هي الاخرى الدعم السياسي والدولي للانظمة الحاكمة مع تحصينها من دعوات الاصلاح والديمقراطية المزعومة. لو طبقت في بلادنا ديمقراطية ولو كانت عرجاء فإني اكاد أجزم بأن أي من صفقات الاسلحة والتي تتم مع الدول المتشدقة بالدعوة الى الديمقراطية ما كان لها تنعقد او تُنجز. من المؤسف ان الكثير من الدول العربية تعاني من قصور واضح في الخدمات الاساسية لمواطنيها وتشتكي من ترهل فاضح في بناها التحتية المتآكلة فيما تنفق المليارات على اسلحة لن يتم استخدامها على الارجح. لقد آن الاوان لان يتكلم مثقفوا الامة ومفكروها رافضين وبشكل جلي تبديد ثروات الامة وتدمير مقدراتها مما يهدد حاضرها ومستقبل اجيالها القادمة وان يسموا الاشياء بأسمائها. ان المليارات والتي تنفق على شراء السلاح لا يليق لها ان توصف بصفقات القرن ولكن بجرائمه الاقتصادية والتنموية.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |