رامسفيلد وصندوق النقد وتشكيل الحكومة العراقية

 

المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com

عودة ثانية لتصريحات رامسفيلد في بغداد , وتلويحه بصندوق النقد الدولي وديون العراق الدولية , أذا لم تتشكل حكومة تكون للأرادة الأميركية دورا في تشكيلها , ربما تجاوزا على الأستحقاق الأنتخابي .

 سابقا كتبنا مقالتين عن الديون الكريهة على عاتق العراق , وخاصة الديون العربية والأجنبية التي ساهمت في أدامة ماكنة الموت الصدامية , وكذلك الأثراء غير المشروع له ولزبانيته , ومساهمة تلك الديون لتكريس التمييز بين مكونات الشعب.

 ثم ذكرنا في المقالة الثانية بأن معظم تلك " الديون " لم تكن ألا هبات لصدام تساعده في لعب الدور المشبوه الذي رسم له .

 ولا ننسى أن رامسفيلد كان بمثابة المستشار لصدام في تلك الحقبة السوداء .

 كما ان مستندات التحويل ليست دليلا على كون المبلغ المحول دينا " بتسكين الياء", بدون وجود قرائن تشير الى ذلك بوضوح والى شروط ومواعيد التسديد .

 لنعود الى موضوع مقالتنا هذه .

 أن العجز المالي الذي يحصل في ميزانية مدفوعات أي بلد ,لا يمكن أن يستمر لسنوات طويلة, مالم يسارع الى القضاء عليه , والا تحدث له أضرار أقتصادية بالغة.

 أما بالنسبة الى أميركا فالأمر مختلف .

 أذ أن أن هذا البلد ليس مضطرا أطلاقا للقضاء على عجز ميزانية مدفوعاته .

 بل النقيض هو الصحيح , فأنه يستطيع أن يتركه يتراكم لمدة طويلة للغاية , بتغطيته بنقده الوطني " الدولار الذي هو نقد شبه دولي" لأن كل دولة بحاجة اليه , بينما هي ليست بحاجة الى نقد دولة أخرى .

 وبالتالي فقط المصلحة الأميركية الداخلية هي السبب الوحيد في دفعها لتخفيض عجز المدفوعات .

 أما بقية الدول فعليها لفعل ذلك شراء الذهب أو العملة الصعبة , وكلا الخياران صعبان بدون وجود مصادر أضافية للدخل .

 أميركا تستطيع أن تصدر كميات أضافية من الدولارات دون الألتفات الى الأضرار الخارجية لهذه السياسة , وعلى البلدان الأخرى تدبير أمرها .

 وما تقلبات أسعار الدولار خلال السنين الماضية الى مؤشر لتلك السياسة .

 ثم هناك نماذج أساسية تاريخية دفعت أميركا ان تتلاعب بسعر عملتها ومنها في الأزمة العالمية الكبرى في الثلاثينيات وكذلك أزمة أرتفاع سعر الذهب الجنوني في نهاية الستينييات من القرن الماضي .

 الدولار لذلك بقي في مركزه كقاعدة لتحديد أسعار النفط أيضا , لما لها من أهمية عالمية قصوى.

 بجانب ذلك نرى صندوق النقد الدولي في الظاهر مؤسسة مالية الا أنه في حقيقته يعبر عن تحرك ياسي , "رافد من روافد السياسة الأميركية في العالم " ومرجع لكل المؤسسات المالية الأخرى مثل النوادي المالية والمصارف المركزية الكبرى .

 وما ساعد الدولار نوعا ما أيضا الودائع المالية الخليجية في البنوك الأميركية والتي تصل الى ما يقرب الى ألف مليار دولار.

 بجانب كل ذلك , فأننا نجد بالمقابل ان ظهور اليورو المدعوم بقاعدة الذهب , بالأضافة الى الأضطرابات السياسية التي تواجه أميركا نتيجة أستراتيجيتها الجديدة في العالم , كل تلك مؤشرات الى ان حجم المساحة التي يتحرك فيها الدولار لم تعد أمنة كالسابق مما أفقد اليورو صندوق النقد الدولي لكثير من صلاحيته .

 لما للدول الأوربية من تطلع للعودة العالمية الى قاعدة الذهب ثانية.

 أن عجز المدفوعات الأميركي بلغ 600 مليار دولار , ويتوقع الخبراء في ظل منافسة اليورو , والأنفاق العسكري الهائل لأميركا أنه بعد عشرة سنوات ستأتي كل ذلك على الميزانية الأميركية .

 أن عامل القوة الوحيد بيد أميركا هو سيطرتها على منابع البترول وطرق نقله , لا لحاجتها اليه , بقدر منع الآخرين كاليابان وأوربا من الحصول عليه دون المرور ببوابات النظم السياسية والمالية الأميركية .

 أما الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي , فأدت لنتائج كارثية لكثير من الدول التي تقيدت بحذافيرها كروسيا .

 بينما نجد دول أخرى نجحت أقتصاديا بتطبيق جزئي لشروط صندوق النقد , بما يتلائم مع حاجاتها المجتمعية الداخلية , الصين أبرز نموذج لذلك .

 أنها صراع أرادات , ولا يمكن للشعوب الا أن تملك بعدا مؤثرا فيها , والا النتائج كارثية .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com